مسؤول حكومي: قرار البنك المركزي ضرورة للحفاظ على الاقتصاد من تداعيات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "الغرف المخفية" تُفضح فساد الحوثيين وتُجبرهم على بيع "ذهبهم" بأبخس الأثمان!    ناغلسمان يعلن مشاركة نوير في ودية اوكرانيا    منظمة التعاون الإسلامي تدين محاولات الاحتلال الاسرائيلي تصنيف وكالة "اونروا" منظمة إرهابية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    شبكة مالية سرية لتبييض الأموال وغسلها والتحكم بمفاصل اقتصاد اليمن    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مهالك الاستقطاب
نشر في الخبر يوم 31 - 10 - 2012

حين قصَّت المعلمة المنتقبة بعضا من شعر تلميذتين في إحدى مدارس الأقصر قامت الدنيا ولم تقعد، وصارت صورة الضفيرة بعد القص تظهر في الصحف المصرية يوما بعد يوم، أما سيل الأخبار والتعليقات التي تابعت الموضوع واستهجنته فلم يتوقف طوال الأيام العشرة الماضية.. وقد توالت تلك الأصداء بعد معاقبة المعلمة بالخصم من راتبها والنقل من وظيفتها، إلى جانب الفضيحة التي لاحقتها من كل صوب.
إلا أن الأقصر شهدت بعد ذلك حادثا أكثر جسامة لم يكترث به الإعلام ولا حرك شيئا من غيرة كتيبة المثقفين مفتوحة الأعين باتجاه واحد. ذلك أن أحد الناشطين الشبان (تقادم الخطيب) المعيد بكلية آداب المنصورة، كان ذاهبا لقضاء العيد مع أسرته في الأقصر، فاستوقف كمين للشرطة السيارة التي استقلها مع آخرين.
وحين احتج على المعاملة غير الإنسانية التي تعرض الجميع لها، فإن ضابط الشرطة استكثر احتجاجه وخصه بوجبة ضرب شديدة الوطأة.
وتولى هو وزميل له تهديده وإهانته وتلفيق تهمة حيازة المخدرات إليه.
ثم نقل إلى قسم الشرطة ليتكرر معه مشهد الاعتداء البدني واللفظي الفاحش. وحين قال للضابط إن ثورة حدثت في البلد من أجل كرامة الناس، فقد كان الرد إن الثورة وقعت على شاشات التليفزيون، ولم يكتف الضابط بإهانته، وإنما خص أمه بسباب استخدم فيه عبارة بذيئة.
وهذه معلومات نقلها تقادم إلى بعض زملائه في الجبهة الوطنية للتغيير وأوردها زميلنا الأستاذ وائل قنديل في «الشروق» يوم الجمعة الماضى 26/10.
ليس لديَّ تحفظ على معاقبة المعلمة التي قصت شعر التلميذتين، كما ذكرت من قبل، لكن السؤال الذي ينبغي أن نفكر في الإجابة عليه هو: لماذا حظيت واقعة قص الشعر بالاهتمام الإعلامي المبالغ فيه، في حين لم يكترث الغيورون بواقعة إهانة ركاب الحافلة واعتداء ضابطي الشرطة بالضرب والسب على الأخ تقادم الخطيب؟ وللعلم فإن الجريمة الثانية أفدح من الأولى.
ذلك أن تصرف المعلمة المنتقبة يحسب عليها وحدها. وقد تصورت بأنها بما فعلته تريد خيرا للتلميذتين (أغلب الظن أنها كرهتهما في الحجاب)، أما تصرف ضابطي الشرطة فهو يدين الجهاز بأكمله، فضلا عن أنهما تعمدا إهانة صاحبنا وإذلاله وتلفيق تهمة له. الأمر الذي يعني أن تصرف المعلمة جريمة فرد وقعت بطريق الخطأ.
أما تصرف الضابطين فهو جريمة متعمدة مع سبق الإصرار تعبر عن سلوك شائع في المؤسسة الأمنية.
لقد عوقبت المدرسة بما تستحق، أما ضابطا الشرطة فلم يحاسبا على ما أقدما عليه، فيما نعلم. وكل الذي حدث أن مدير الأمن حاول إقامة صلح بينهما وبين المجني عليه، الذي أحسن حين رفض الصلح وأصر على أن يدلي بأقواله أمام النيابة بخصوص الموضوع.
المقارنة بين الحالتين تستدعي ملاحظتين هما:
* إن استنفار الإعلاميين والمثقفين للتنديد بسلوك المعلمة وتجاهلهم لما أقدم عليه ضابطا الشرطة لا تفسير له سوى أن شريحة الإعلاميين والمعلقين أصبحوا يقدمون الصراع الأيديولوجي على كل ما عداه، بما في ذلك محاولات إهدار قيم النظام الجديد الذي ننشده. كما لو أن أقدم معلمة منتقبة على قص شعر تلميذتين رفضتا ارتداء الحجاب جريمة لا تغتفر، أما إهدار كرامة المواطنين على يد ضباط الشرطة فأمر لا يستحق النظر. بكلام آخر فإن تصفية الحسابات مع كل من ينتسب إلى الإسلام، بإدانته وفضحه، مقدمة عندهم على حق المواطنين في الكرامة والاعتبار.
الأمر الذي يعني أن تسجيل النقاط واحتساب الأهداف على الخصم الأيديولوجي، يرجح على حماية القيم الإيجابية التي يراد إرساؤها في ظل النظام الجديد.
وهو ما عبرت عنه في وقت سابق حين قلت إن كراهيتهم للجماعة صارت مقدمة على محبتهم للوطن.
إن علاقة الشرطة بالمجتمع تحتاج إلى إعادة صياغة، بحيث يشكل احترام كرامة المواطن ركنا أساسيا فيها. أدري أن سياسة قهر المواطن وازدراءه التي استمرت عدة عقود لن تتغير بين يوم وليلة، وتحتاج إلى وقت طويل للعدول عنها.
كما لا يشك أحد في أن احترام الشرطة واستعادتها لهيبتها أمر لا غنى عنه، لكن الشرطة يجب أن تدرك أن احترام المواطن أمر لا غنى عنه أيضا، وأن الثورة قامت بالدرجة الأولى لاستعادة كرامة الوطن والمواطن. وإذ أقر بأن تصحيح تلك العلاقة يتطلب بعض الوقت، إلا أن بدء خطوات التصحيح أمر لا يحتمل التأجيل. في هذا الصدد فهناك خطوتان ضرورويتان يتعين اتخاذهما على الفور.
الأولى محاسبة الضابطين اللذين أهانا ركاب الحافلة واعتديا بالضرب والسب على الأخ تقادم. وحبذا لو وقعت عليهما عقوبة مماثلة لتلك التي أنزلت على معلمة الأقصر ليكونا عبرة لغيرهما.
إلى جانب محاسبة الضابطين، فيتعين على وزير الداخلية أن يصدر تعليمات واضحة وحازمة بمنع التعذيب واحترام حقوق المواطنين وكراماتهم، أفهم أن ذلك كلام مسجل فيما يدرس لطلاب كلية الشرطة، وفي خطب الوزير ومساعديه، لكن ذلك الكلام لم يوقف الاعتداء على حقوق المواطنين في الأقسام والسجون، لأنه لم يؤخذ على محمل الجد، فضلا عن أن القيادات الأمنية هي التي كانت تأمر بالتعذيب والاستنطاق بكل السبل.
إن استمرار الاستقطاب في مصر، يدفعنا بقوة لأن نمضي بعيدا على طريق الندامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.