كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    لجنة الدمج برئاسة الرهوي تستعرض نتائج أعمال اللجان الفنية القطاعية    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مالم يحسب حسابه الزعيم.
نشر في الخبر يوم 16 - 04 - 2015

أثبتت الحقائق منذ العام2011م أن أمور كثيرة ليس بمقدورنا القيام بحصرها، لم يحسب حسابها الزعيم، اليوم حين نتأمل الحقائق التي تكشفت لنا خلال الفترة الأخيرة، بشأن الدولة ونظام الحكم في اليمن، نجدها حقائق مفجعة، يمكن الإشارة إلي بعضها فيما يلي:
كشفت ثورة فبراير2011م أنه لا يوجد في اليمن نظام ولا قانون، وأثبت انقلاب الحوثي في21سبتمبر2014م أنه لا يوجد جيش، وأثبت غزوا الحوثي إلى عدن، بأنه لا يوجد ما كان يُعرف بالحراك الجنوبي، الذي ظهر منذ العام2007م، وقبل ذلك أثبت خليجي20في العام2010م الذي أقيم في عدن، أنه لا يوجد قاعدة، فكلاهما (القاعدة والحراك) أدوات بيد الزعيم يحركهما كما يريد، وأثبتت محاولة اغتيال صالح في القصر الجمهوري في يونيو2011م أنه لا يوجد أمن في اليمن، وعلاجه في المملكة أثبت هو الآخر، أنه لا يوجد نظام صحي، وأثبتت الأموال التي يستثمرها في الخارج60مليار دولار، أنه لا يوجد ثقة للإستثمار في اليمن، وأخيراً: أثبتت عاصفة الحزم، أنه لا يوجد أبسط قدرات ومقومات الدولة الدفاعية، ولا يوجد أي مخزون إستراتيجي، من السلع الضرورية والهامة للمواطن، توقعاً لأي كارثة، سواء طبيعية أو عسكرية قد تحل بالدولة.
في اليمن على سبيل المثال: لا يوجد مخازن إستراتيجية للدولة، للمواد الهامة والضرورية، التي تعد من أساسيات مهام الدولة تجاه مواطنيها، لمواجهة الأزمات المختلفة أو الحروب، أو غيرها من الظروف المحتملة، مثل: (المواد الغذائية، الدواء، المشتقات النفطية، الطاقة، وغيره من أساسيات عيش المواطن) لا يوجد من ذلك شيء في اليمن، أتحدى أي وزير لوزارة التجارة والصناعة طوال فترة عهد الزعيم، أن يكون لديه إحصائية حقيقية عن الاستهلاك الشهري للشعب اليمني لأي مادة من المواد، بل أذكر مرة أن أحد الوزراء حين وجه إليه أحد صحفيي الخارج، سؤالاً عن المخزون الاستراتيجي اليمني، أجابه الوزير بكل وضوح لا يوجد، وحين تعجب وأعاد السؤال بطريقة أخرى، كيف تخططون للمستقبل، أجابه بالمثل اليمني (مابدي بدينا عليه) لذلك لم تفكر الدولة بإيجاد مخازن استراتيجية لأي مادة من المواد الضرورية لحياة المواطن.
أمور كثيرة متعلقة بالشأن الداخلي وحياة المواطن، لن يكون بمقدور أحد أن يُحصي الأمور التي لم يحسب حسابها الزعيم، طوال فترة حكمه، مهما كانت ذات أهمية بالغة في حياة وبقاء المواطن اليمني، لكن وبطريقة مغايرة، يمكن أن نحصي ما حسب حسابه الزعيم، خلال فترة حكمه الممتدة لأكثر من33عاماً، حيث جعل تركيزه منصباً فقط على ثلاثة جوانب هي:
1-أخذ أكبر قدر من أموال هذا الشعب.
2-الترتيب والتخطيط وإعداد العدة، لمواجهة حتمية مع الشعب، إذا طالبه يوماً بالرحيل .
3-البقاء في الحكم أطول مدة ممكنة، ومن ثم توريث الأمر إلى أسرته.
ومن هذا المنطلق فقد وجد بأن المخاطر التي قد تقوض مملكته أمرين:
الأول: المخاطر الخارجية.
الثاني: المخاطر الداخلية.
ويوم أن بدأ الأمر يستتب للزعيم، بعد صيف 1994م نظر إلى هذين الأمرين فأوجد لهما حلولاً، غير أن هذه الحلول تنطلق دائماً من المبادئ التي يؤمن بها، ويفهمها كزعيم.
في مفهوم زعماء العصابات يوجد قانون مفاده أن (الحق هو ما يريده القوي) ولأنه يفهم هذا القانون جيداً فقد جعله منطلقاً لتكوين مملكته الخاصة والحفاظ عليها، والتعامل مع الخارج، فعلى المستوى الأول وهو الخطر الخارجي، وكونه يرى ذلك الخارج قوياً: فقد قدم له كل ما يتمناه، وبالغ في إكرام ذلك الخارج، باعتبار أنه الحق الذي يطلبه القوي، ابتداء من المملكة السعودية، ثم عمان، حين تنازل عن الأراضي اليمنية، بأفضل مما كان يتوقع الخارج(السعودية وعمان) أما الولايات المتحدة الأمريكية، راعية النظام العالمي الجديد، التي تعد الأقوى بلامنازع، فقد كانت مطا لبها تمثل الحق بعينه، بل هو كل الحق، لذلك فقد بالغ أيضاً في إكرامها، حين فتح لها الأجواء اليمنية على مصراعيها، ثم قال لها (إضربي كما تشائين وسأقول أنا الذي ضربت) حسب تسريبات ويكيليكس.
في المقابل يبدو أن هذين الجهتين، الدول المجاورة والولايات المتحدة، الأكثر إمكانية في التدخل الخارجي في اليمن، قدما له التطمينات، بأنه حين يقوم ببناء مملكته الخاصة، فلن يعترض عليه أحد، مهما خالفت الديمقراطية والقوانين والأعراف الدولية، وأن الطريقة التي يمكن أن يتعامل بها مع الداخل ستكون شأناً داخلياً، وبرغم أنه زعيم، ويعرف جيداً بأن الوعود لدى زعماء العصابات، هي قضايا متحركة، وغير ثابتة، لكنه لم يأخذ ذلك في الحسبان، فكان هذا هو الأمر الأول على الصعيد الشخصي الذي لم يحسب الزعيم حسابه.
أما في الجانب الآخر، المتعلق بالمخاطر الداخلية: التي يمكن أن تهدد مملكته، فقد انطلق الزعيم في التعامل معه، من نفس المنطلق، وبنفس القوانين، غير أنه جهل الجانب الأقوى، الذي يجب أن يكون الحق هو ما يطلبه، حين اعتبر أن الطرف القوي هي ذاته، والطرف الضعيف هو الشعب، ولأنه يدرك بأنه لم يقدم لهذا الشعب ما يتوجب عليه أن يقوم به تجاهه، فقد كان يخافه على الدوام، لذلك كانت حساباته كلها مركزة على كيفية مواجهة هذا الشعب، الذي قد ينتفض ضده في يوم ما، لذلك فقد ركز كل جهوده -ليس للقيام بما كان يجب عليه أن يقوم به كحاكم لهذا الشعب، ليتمكن من البقاء في منصبه كحاكم ما شاء له أن يبقى- بل صرف كل جهوده وقدراته الفكرية وعصفه الذهني، لكيفية إحكام قبضته على هذا الشعب، والبقاء على صدره ولو بالقوة، وإلا فإنه سيحول اليمن إلى خراب.
لذلك فمنذ أن تولى الحكم، كان اهتمامه منصب على إحكام قبضته التامة على الجيش، القوة الرادعة، حيث سعى إلى توزيع المناطق العسكرية جغرافياً، بحسب المخاطر التي يتوقعها من أبناء الشعب والقبائل، وحسب الولاء آت والطاعة التي يقدمها وجهاء تلك القبائل، هذا الأمر تجلى بصورة أكثر وضوحاً، بعد الانتهاء من حرب 1994م حيث أعاد عملية توزيع مواقع المعسكرات على كل الوطن اليمني، بالطريقة التي يريدها هو، والتي تخدم وتلبي طموحه وتوقعاته، لم يكن لذلك التوزيع أي أساس عسكري، أو مهني، أو علمي، أو جغرافي، أو أهمية عسكرية، أو أهمية جغرافية، الأمر الذي جعل مواقع ذات أهمية وطنية عالية، تبقى مكشوفة للتدخل الخارجي، الذي يهدد الأمن القومي لليمن.
فمثلاً: تمكنت أرتيريا من احتلال جزيرة حنيش وعدد من الجز المتجاورة في البحر الأحمر، خلال يومين فقط، من15ديسمبر1995 إلى17ديسمبر1995م، بل كان بعضها يخلوا تماماً من الجيش اليمني، برغم أهميتها الدولية بالنسبة لليمن، في الوقت التي تكتظ فيه أغلب مدن اليمن أو كلها، بالمعسكرات.
اليوم يتعجب الكثير من المتابعين للشأن اليمني، حين يسمعون أعداد الأولية والمعسكرات المنتشرة على خارطة الجمهورية اليمنية، التي وصلت بالمئآت في أرقام تسلسلية، متسائلاً عن العدد الإجمالي للجيش اليمني، إذا كانت أعداد المعسكرات والألوية وصلت إلى تلك الأرقام.
في حقيقة الأمر لم يكن الزعيم، يهتم بتطبيق معايير أعداد الجنود في تلك المواقع العسكرية المنتشرة على الخارطة اليمنية، ولم تكن تعنيه المسافة التي يجب أن تكون بين معسكر ومعسكر، أو لواء ولواء، ما كان يهتم الزعيم لأجله، هو أن يغرس في خاصرة كل محافظة، وكل قبيلة -وخاصة تلك التي لم يكن ولائها مضموناً- أن يغرس فيها عدد من المعسكرات، وفي المناطق الجغرافية الهامة بالنسبة لتلك المحافظات أو القبائل، بحيث تكون قادرة على إحكام قبضتها على القبيلة، أو المحافظة، إذا لم تنصاع للزعيم، ويكون بمقدورها أن تمد بعضها البعض لوجستياً، في حالة نشوب صراع أو مواجهة، لم يكن الأمر مقصوراً على محيط المحافظات والقبائل خارج المدن، بل وصل الأمر حد غرس مثل هذه الثكنات العسكرية، في داخل المدن، مهما كان أعدادها من السكان، والعاصمة خير مثال على ذلك.
في ثورة فبراير2011م حين اندلعت المواجهة بين الزعيم، وآل الأحمر في الحصبة، شاهد الجميع كيف كانت تلك الثكنات العسكرية المنتشرة داخل صنعاء، تمطر الحصبة بوابل من القذائف المختلفة، يومها مكثت أتأمل خارطة المعسكرات الموجودة في وسط العاصمة صنعاء، فكانت النتيجة مفزعة، الثكنات العسكري في العاصمة مقارنة بموقع القصر الجمهوري ومنازل الزعيم، تمثل حقل ألغام شديد الخطورة، المنطقة العسكرية الوحيدة، التي كانت خارج نطاق توجيهات الزعيم، كانت هي الفرقة الأولى مدرع، وهي التي كان يعمل على التخلص منها منذ العام 2004م حين كلفها بمواجهة الحوثيين في صعدة على مدار ستة حروب، للتخلص النهائي منها.
إذاً الجيش الذي كنا نعتبره جيش اليمن، لم يكن في حقيقة الأمر جيشاً يمنياً، لا من حيث الولاء، ولا من حيث التجهيز والإعداد، بعد أن انقسم الجيش في21مارس2011م وتوقع المحللين السياسيين والعسكريين مواجهات عسكرية في اليمن، ظهرت تحاليل كثيرة ومتعددة تقارن بين القوة العسكرية والعتاد العسكري المنظم للثورة، وتلك التي لازالت تحت توجيهات الزعيم، ما لفت انتباهي في تلك التقارير، أن ما يتم إنفاقه على الجيش اليمني، يضاهي ما تنفقه بعض دول الحليج على جيشها، حيث يصل إلى50%من ميزانية الدولة.
اليوم عندما بدأت عاصفة الحزم تضرب معسكرات الجيش وأسلحته، وشاهد الجميع كيف تلاشي هذا الجيش، ذو الإنفاق الهائل بتلك الصورة، أتسائل إذا كان الإنفاق العسكري بذلك القدر، أليس من مستلزمات أدوات الإنفاق العسكري، أجهزة الرادارات الحديثة، وأسلحة الرد الذاتي، والأسلحة الدفاعية الحديثة، والأسلحة ذات المدى البعيد، ألا تعد كل هذه ضمن الأدوات العسكرية الضرورية التي يجب أن ينفق عليها عسكرياً لكل دولة ؟!
لا يمكن لأحد أن يقنعني بوجود مثل تلك الأسلحة، وأن عاصفة الحزم دمرتها، لتسيطر على الأجواء خلال 15دقيقة فقط، ودون أن تخسر طائرة واحدة !!!
لأنه لا يمكن لقوة عسكرية وطنية، مهمتها الدفاع عن الوطن، أن لا تتوقع هجوم عسكري خارجي، ثم تنفق ذلك الكم الهائل من المليارات، دون أن تخصص جزء من ذلك الإنفاق لما يمكن أن تصد به أي عدوان خارجي محتمل، لا يمكن لأي قوة وطنية أن ينتهي بها الحال بتلك النهاية المريعة، لا يمكن لدولة لديها جيش وطني حقيقي، ينتشر على مساحة تقدر بأكثر من555الف كيلو متر مربع، يتمكن العدو من بسط سيطرته على كل أجواءها الشاسعة، خلال15دقيقة فقط، بدون أي خسائر يتكبدها الغازي.
الزعيم شخصياً يقول في حديثه عن الطائرات الأمريكية، التي تخترق الأجواء اليمنية وتقتل اليمنيين، منذ العام 2000م يقول بوضوح (طائرة جاءت من الجو شو أعمل لها ؟!) كنا نعتقد بأن قوله ذلك، هو محاولة لتبرير تعاونه مع الأمريكان، وتستره على قتل اليمنيين، غير أن ما ظهر مؤخراً أنه لم يكن يملك بالفعل ما يواجهها به، لأنه على ما يبدو لا يعتبرها عدوة، لقد كان مشغولاً بعدوه الفعلي، إنه الشعب الذي يحكمه.
الأمر الذي يعيدنا إلى تساؤل آخر: وهو أين ذهب كل ذلك الإنفاق إذاً ؟!
ستجيب عاصفة الحزم بوضوح، بأن ذلك الإنفاق، كان موجهاً لشراء المستلزمات العسكرية المختلفة، التي يمكن بها مواجهة الداخل، وليس الخارج، وذلك من خلال المخازن الهائلة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والذخائر بكل أنواعها، التي كان يعدها الزعيم لدعم الصراع القبلي بين القبائل، وهو ما أثبته الواقع منذ ثورة فبراير2011م حيث اجتمع شابين في ساحة الحرية بالجامعة صنعاء، كل شاب ينتمي إلى قبيلة أخرى، يقولون بأنهم كانوا في حرب لسنوات عدة، وأن الصدفة كشفت بأن القبيلتين تتلقيان السلاح من مخازن الدولة، بتوجيهات من الزعيم، وذلك حين جاء أحدهم يستلم حوالته من السلاح، فاستقلها، فقال لأمين المخازن مُراجعاً، هذه الكمية لا تكفي والرئيس وعدني أن يمدني بما أحتاجه، فأجاب أمين المخزن، لا أستطيع أن أصرف إلا حسب التوجيهات الخطية التي تصلني، وهذه هي نفس الكمية التي صرفتها الصباح لأحد المشائخ، وحين شاهد التوجيه السابق، وجد بأن الذي سبقه لم يكن سوى شيخ القبيلة التي يتقاتل معها.
ذلك هو الأمر الأساسي الذي كان يعده الزعيم ويهتم لأمره، أما الأمر الثاني، فقد كان المواجهة المباشرة مع الشعب، بواسطة الجيش الذي بناه لنفسه، لذلك لم يكن بحاجة إلى أسلحة خارج ذلك النطاق، وهو ما يوضح صحة ما أشرنا إليه في بداية الموضوع، بأن الزعيم لم يكن يرى له خصماً إلا الشعب.
لقد ذهل جميع سكان العاصمة من حجم بعض تلك المستودعات التي تم ضربها سواء في فج عطان، أو الصباحة، والتي ظلت تتفجر لساعات طويلة، ما يعكس حجم المخزون الهائل من الأسلحة والذخائر، وغيرها الكثير في مختلف المناطق اليمنية.
صالح لم يكن يفكر بخطورة الخارج، كان كل ما يفكر به ويحمل همه هي خطورة الداخل، أن يقول له هذا الشعب في يوم ما لا نريدك، لذلك فقد كان يعمل فقط لهذه اللحظة التي يمكن أن يرفض فيها الشعب بقاءه حاكماً، لذلك تم إلغاء الخدمة العسكرية، وقاعد كبار ضباط الجيش، واغتال البعض الآخر، وفرض نظام دقيق للتجنيد، ليفرز نوعية خاصة للمجندين الذين سيتحاج إليهم، وفي مجال واحد فقط، هو الحرس الجمهوري، الذي يرأسه نجله الأكبر، وكان الإنفاق العسكري كله يتوجه إلى الحرس الجمهوري، الطيران، الأمن المركزي، وكلها يترأسها أفراد أسرته.
في مقال كتبه أحد أساتذة جامعة صنعاء وهو عراقي الجنسية، وقد كان مقرباً جداً من صالح منذ وقت مبكر، يقول بانه في أحد حواراته معه، تطرق الحوار لموضوع الحكم، فقال إن صالح ضرب على جنبيته وقال (طلعت بهذه ولن أنزل إلا بها) مع العلم بأن الجنبية اليمنية هي رمز للسلاح، والضرب عليها يشير إلى القتل والعنف والدماء.
لم يكن صالح ليقول هذه المعلومة الخطيرة، إلا حين أصبح يدرك بأن كل الخيوط في يده، وأن مخازن الدولة التي لن تنفذ من المؤن والذخيرة والأسلحة قد أعدت لمثل هذا الإحتمال، وأن التوزيع الجغرافي للمعسكرات قد أحكمت السيطرة التامة على الشعب، لكن أمور أخرى لم يحسب حسابها، يقول أحد المقربين له أيام ثورة فبراير، أن صالح في أحد مجالسه كان يقول بشكل هستيري حاد (عملت حساب كل شيء، إلا أن يكون هناك ثورة سلمية)
كان الزعيم هو الوحيد الذي يعرف حقيقة ذلك الجيش، الذي يفاخر أنصاره ومحبيه بأنه أسسه، يقول في أشهر وأصدق تصريح له، عن الجيش (ليس له مهام، هو فقط للإستعراض في المناسبات، وقمع أي تمرد شعبي، من أجل الحفاظ على الكرسي)
لذلك لا عجب أن تأتي مليشيات خارجة عن القانون، لتدخل وزارة الدفاع والقيادة العامة للأركان، دون أن تطلق طلقة واحدة، أن يحاصر رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء والحكومة، من قبل مليشيات خارجة عن النظام والقانون ولإجماع الوطني، ثم يعلن الجيش بأنه سيكون على الحياد من الجميع، وكأنه يشاهد صراعاً خارج نطاق حدوده الإقليمية !!!
لكنه في الوقت ذاته يستجيب لتوجيهات قيادات ميدانية من إيران، فيتخلى عن زيه العسكري، وقسمه الوطني، ليأتمر بتوجيهات زعيم حزب خارج السلطة، أو سفير مدني عمله خارج الوطن، أو زعيم مليشية مسلحة خارجة عن القانون.
إذاً هذا الجيش وهذه الأسلحة، هي كما قال الزعيم، ضد الشعب لضمان بقاءه على كرسي الحكم، فلا يلومني أحد اليوم إن بقيت محايداً، أو لم أتألم لدمار أسلحة كانت معدة لقتلي وقتل أبنائي وأفراد عائلتي.
ما يجري اليوم هو خارج حسابات الزعيم، وخارج حسابات الشعب، وحسابات الخارج، وحسابات مجلس الأمن، وحسابات الجميع، إنه لطف الله الذي يسير في ركابه هذا الشعب منذ أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً، حين لم يتخذ النظام بقيادة الزعيم أي سبب لرفاهيته وحمايته، فدعوها إنها مأمورة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.