من بين التداعيات التي تواجه الرئيس الامريكي باراك أوباما ان هو قرر عدم ارسال أسلحة لمقاتلي المعارضة في سوريا أن دولا عربية وأوروبية ربما تتدخل بشكل أكثر قوة وقد يؤدي هذا لمزيد من التفتيت لقوى المعارضة. ومنذ أن سيطرت القوات الحكومية على بلدة القصير الاستراتيجية من مقاتلي المعارضة عقد كبار مستشاري الامن القومي في ادارة أوباما سلسلة من الاجتماعات لبحث الخطوات الاخرى -ان كانت هناك أي خطوات أخرى- لمساعدة المعارضة. وساعدت عدة عوامل على اعادة الولاياتالمتحدة تقييم سياستها في سوريا مثل سقوط القصير وظهور مؤشرات على أن كفة الميزان العسكري قد تميل لصالح قوات الرئيس السوري بشار الاسد وكذلك تدخل مقاتلي حزب الله اللبناني لدعم الاسد وتزايد المزاعم حول استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية. وستتيح قمة مجموعة الثماني في الاسبوع القادم فرصة لاوباما لبحث الخيارات مع زعماء بريطانيا وفرنسا وروسيا ومن الممكن أن تؤثر على أي قرار بتسليح مقاتلي المعارضة أو تقديم المزيد من الدعم لهم. وقال دبلوماسيون ومحللون انه اذا قرر أوباما عدم تسليح مقاتلي المعارضة أو القيام بدور أكثر ايجابية في تنسيق تدفق السلاح والمال من دول أخرى فربما يجد دولا مثل المملكة العربية السعودية وقطر تضخ المزيد من المساعدات المادية والعينية. وهم يرون أن الخطر في هذا الوضع يكمن في احتمال الاسراع بوتيرة اتجاه تقوم فيه قوى خارجية بتسليح وتمويل المقاتلين الذين تفضلهم في سوريا مما يعني تصرف كل فصيل من مقاتلي المعارضة حسب أهواء الجهة الداعمة له ويضر بجهود توحيد جبهة المعارضة. وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه «اذا لم يتخذ قرار أمريكي.. أعتقد أن أطرافا أخرى ستتصرف. العرب لا يمكنهم تحمل ضياع سوريا». وقال ارون ديفيد ميلر وهو مسؤول رفيع سابق في وزارة الخارجية الامريكية ويعمل الان في مركز وودرو ويلسون للباحثين الدوليين في واشنطن «اذا لم نتصرف.. سينتهي الامر بتقديم سلاح عربي واوروبي». ومضى يقول «النتيجة المنطقية هي الاسراع برفع درجة الخلل الوظيفي والافتقار الى التنظيم القائم /بالفعل/ بين هذه الجماعات». وعزفت الولاياتالمتحدة عن تقديم السلاح للقوات التي تحارب الاسد لاسباب منها وجود صلات وثيقة بين بعض المقاتلين وتنظيم القاعدة والخوف من احتمال استخدام السلاح في نهاية الامر ضد أهداف غربية وإسرائيل. لكن دبلوماسيين غربيين قالوا ان مندوبين سيلتقون غدا السبت في تركيا بسليم ادريس قائد الجيش السوري الحر والذي ينظر له على أنه معتدل وموضع ثقة مسؤولين امريكيين وذلك لبحث امكانية تقديم مساعدات جديدة. ولم تظهر مؤشرات تذكر عن موقف أوباما من مسألة تسليح المعارضة أو ضلوع الولاياتالمتحدة بدور أكبر في تنسيق تقديم السلاح والمال من دول أخرى أو ربما اتخاذ موقف أكثر قوة مثل قصف اهداف عسكرية سورية. ومن الممكن جدا ألا يتخذ أي قرار هذا الاسبوع أو في أي وقت قريب. وقال دبلوماسيان انهما لا يتوقعان قرارا هذا الاسبوع ولمح محللون الى احتمال أن يحجم أوباما عن اتخاذ قرار الى أن يتشاور مع قوى كبرى أخرى في قمة مجموعة الثماني في أيرلندا الشمالية الاثنين والثلاثاء. وقال بوب كوركر السناتور الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الاربعاء انه يعتقد أن أوباما سيقرر قريبا تسليح وتدريب مقاتلي المعارضة قائلا انها أفضل طريقة لتغيير ميزان القوى. وأضاف كوركر خلال مؤتمر استضافه مركز نيو امريكان سكيوريتي في واشنطن «اذا كان لي أن أراهن اليوم.. أعتقد أن هذا ما ستقوم به الادارة خلال الفترة القصيرة جدا القادمة». ومضى يقول «اذا أمكننا أن نساعد في تغيير ذلك التوازن – مرة أخرى دون ارسال جنود – وانما بمساعدتهم بتلك الطريقة.. فأعتقد أن لدينا فرصة أكبر بكثير للخروج من خلال التفاوض.. خاصة اذا شاهدت روسيا هذا يحدث». ولم يخف اوباما سرا رغبته في تجنب التورط العسكري في سوريا بعد أن سحب قواته من العراق وفي وقت يحاول فيه انهاء الحرب الامريكية في أفغانستان. ومع سقوط القصير أصبح للاسد فيما يبدو اليد العليا في ساحة المعركة مما يثير سؤالا مهما عما اذا كان سيوافق على أي اتفاق للسلام يتضمن رحيله. وتريد الولاياتالمتحدة من الروس ضمان ارسال الاسد وفدا جادا الى أي محادثات للسلام في حين ستحاول هي وحلفاؤها من العرب ضمان مشاركة المعارضة السورية المدنية التي ما زالت منقسمة. وسيقابل أوباما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة مجموعة الثماني الاسبوع القادم ويمكن ان يلوح باحتمال ضلوع الولاياتالمتحدة بدور أقوى في الصراع كي يقتنص من روسيا ضمانا بأن ترسل سوريا وفدا جادا للتفاوض على خروج الاسد من السلطة هذا بافتراض أن الاسد مستعد فعلا لذلك. وعلى العكس من ذلك.. اذا استمر أوباما في عدم مساندة فكرة المشاركة العسكرية الامريكية لدعم المعارضة فربما يجد نفسه مضطرا لتبرير ذلك الموقف لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.