يكتب أنور حامد ذاكرته كفلسطيني عاش زمن الاقتلاع من بيته وأرضه وحياته ليبدأ في تشكيل حيوات أخرى في بلدان مختلفة ولكن ذالك الفلسطيني الذي يسكنه باقِ أكثر حيوية وأكثر حبا للكتابة من ذاك الذي هناك. في رواياته "جسور وشروخ وطيور لا تحلق" و"حجارة الألم" و" يافا تعد قهوة الصباح" كتب أنور عن هشاشة الوضع الإنساني في أي بقعة من العالم. يقول الروائي أنور حامد عن الكتابة "لا يمكن حصر أهداف الكتابة بسهولة، ولكنها بالنسبة إلي حوار مع ذاتي ومع العالم، تأمل وتفاعل وطرح الكثير من الأسئلة حول كل شيء وأي شيء، وسعي لإقامة جسور حوارية مع المتلقي الذي بدوره يتفاعل مع النص، إن وفقت في إيصاله إليه، ويحاول الإجابة عن الأسئلة أو صياغة أسئلة أخرى بإيحاء من النص. هذه العملية بشقيها: الكاتب والمتلقي، ربما ساهمت في إثراء عالمنا، أو التحفيز على تغيير الوعي"، وحول الرأي القائل إن الرواية اليوم في أزمة حيث هي واحدة في تفاصيلها وشخصياتها عدا اسم المؤلف قال: "لا أدري من قال هذا، ولكنه غير صحيح، فالمشروع الروائي لم يستنزف، بل ما زال يتجدد باستمرار شكلا ومضمونا ورسالة". وأضاف حامد "المبدعون ما فتئوا يبهروننا بأشكال وتقنيات جديدة ومحتويات تثير فينا حب الاستطلاع وتحفز خيالنا". لا مهرب من الذاكرة الفلسطينية عن المشروع الروائي الفلسطيني يقول أنور حامد: هناك من قال إن المشروع الروائي الفلسطيني قد استنزف أو أجهض مع توقيع اتفاقية أوسلو، ولكن لا أتفق حتى مع هذا، فالمشروع الروائي لم يكن يوما محصورا بقضية واحدة محددة، وعالمه بلا حدود. أمّا عن القول بأن رواياته مهمومة بالوطن القريب، البعيد، بالقضية الفلسطينية، وهل استطاعت التحرر من ذاكرة ذاك الفلسطيني الذي يسكنه بعد سنوات من الغربة، يجيب أنور حامد بقوله إن الإنسان لا يتحرر من الذاكرة إلا بالزهايمر، أما الإنسان الفلسطيني فذاكرته هي جوهر كينونته، تشرده الحياة وتعبث به الأقدار هنا وهناك لكن يحمل معه ذاكرته التي يسقطها على حياته الجديدة، ويبقى يرى العالم من خلالها. لا فكاك للفلسطيني من ذاكرته. رواية ضد الظلم عن روايته "يافا تعد قهوة الصباح" قلت له هناك حضور للعادات والتقاليد لأهل يافا، للتعددية الدينية، لسيرتك، هل كتبت رواية تاريخية توثق للتاريخ الاجتماعي والإنساني والثقافي؟ فكان رده: "لم أكتب رواية تاريخية، بل حاولت استحضار بعض ملامح نمط حياة لم يعد موجودا إلا في ذاكرة القليلين. بعض النقاد والقراء حاكموا الرواية على أنها رواية تاريخية وبذلك ارتكبوا ظلما بحقها، بحثوا بين ثناياها عن أشياء لم يكن المؤلف يسعى لأن يضمنها عمله. لم أكن معنيا لا بالتأريخ الروائي للنكبة أو الثورة ولا حتى للمجتمع. كنت أريد أن أبعث إلى الحياة ما مات من ذاكرتنا الجمعية، مستعينا بالذاكرة الحية والخيال، أردت أن أوقظ النائمين وأبعث الأحياء لهدف واحد فقط، أن يصرخوا في وجه العالم: نعم كنا ! نعمل ونسهر ونعشق ونرسل أطفالنا إلى المدارس وشباننا وفتياتنا إلى الجامعات، كنا نستغل فلاحينا ونحبس نساءنا بين أربعة جدران إن شئتم، لكننا كنا هناك على أرضنا وفي مدننا وقرانا، قبل أن نقتلع من هناك". أبطال روايته ايفا وأندراش والراوي وقريته عنبتا في رواية "حجارة الألم" تضامنوا مع عائلة فلسطينية ضد الاحتلال، هذه الرواية صدرت أولا باللغة المجرية العام 2004 ، وباللغة العربية العام 2005 ، فكان سؤالي له: هل تعتقد أن الأدب يستطيع خلق أصوات مناهضة للظلم في أي مكان من العالم؟ فقال: نعم يستطيع، وهذا أثبته رد فعل قرائي ونقادي المجريين الذين عبروا عن ذهولهم من العالم الذي طالعهم بين صفحات رواياتي التي قرأوها بلغتهم. يرى الروائي أنور حامد أن صفحات الفيسبوك خلقت تواصلا مع قارئ افتراضي، له صفحتان على الفيس، صفحته الشخصية يتفاعل من خلالها ليس فقط ككاتب بل كفرد وكصحفي أيضا، ولكن هناك صفحة أنشأها قراؤه باسم "نادي قراء أنور حامد"، وهي الصفحة التي تقدمه ككاتب، هناك أعماله وما يكتب عنها وأخبار مشاريعه الكتابية الجديدة. وعن تأثير انقطاعه عن كتابة عمل ما في تفاصيله ومجرى أحداثه قال: "أنا لا أنقطع عادة عن الكتابة. أبدأ بالأبحاث، ثم التأمل والمرحلة الأخيرة هي مرحلة الكتابة، وأنجزها بتواصل ودون انقطاع′′.