صنعاء تودّع أسرة آل الضمدي التي ارتقى 13 من أفرادها في قصف صهيوني    35 عامًا من العطاء.. إصلاح المهرة يواصل نضاله الوطني والدفاع عن الثوابت    صنعاء تشيّع 32 صحفيًا من شهداء الكلمة ارتقوا في قصف صهيوني غادر    يوفنتوس ودورتموند.. مواجهة بنكهة التسعينيات    سيدات العلا يتوجن بلقب كأس فاطمة بنت مبارك    ليس مثل أوراوا والعين.. الأهلي يحبط مفاجأة ناساف برباعية    "أمامها مهلة قصيرة جدا".. روبيو يهدد حماس ويطالبها بتسليم السلاح    اتحاد الشعب العربي والخليجي يدين العدوان الامريكي على صنعاء    مسؤول صهيوني يكشف الخسائر من "الجبهة اليمنية" ويعلن الاستعداد لعدوان جديد على إيران واليمن    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    تحالف ديني مذهبي يمني يستهدف الجنوب    رئيس الوزراء "معين بن بريك" يغادر إلى الرياضك "نموذج ساقط للإعلام المعادي"    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    هل ينجو حزب "الإصلاح" من ماضيه الإخواني الأسود عبر بوابة إسرائيل؟    مكاسب كيان الاحتلال من القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة    محمد وزهير الزعكري .. شهيدان اقتفيا أثر والدهما    قمة الدوحة تدعو إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    الاهلي السعودي يتخطى ناساف الاوزبكي في دوري ابطال اسيا    الحالمي يؤكد : تفاعلنا مع بطولة بيسان تقديرًا للحروي وحرصًا على إنجاح البطولة    الذهب يسجل أعلى مستوى تاريخي جديد    بيان إدانة    التضخم في السعودية يسجل أعلى وتيرة ارتفاع منذ أكثر من عامين    ضبط كمية من الذرة المجروشة غير الصالحة للاستخدام في تعز    تدشين العمل بشق قناة تصريف مياه الأمطار في بني الحارث بمبادرة مجتمعية    شرطة العاصمة عدن تستعيد مسروقات ثمينة من فندق في خور مكسر وتطيح بالمتهم.    المنصوري يتسلم مهامه وكيلًا للعاصمة عدن لشؤون الدفاع    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    ديسمبر.. «شمس الزناتي 2» في دور العرض    اليمن يدعو إلى تدابير عربية واسلامية لكبح السياسات الصهيونية التوسعية في المنطقة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة عبدالله يحيى الآنسي    افتتاح مدرسة الطارفة في أبين بعد توسعتها بتمويل إماراتي    محافظ شبوة يستقبل فريق مبادرة دليل شبوة الطبي الإلكتروني    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية مذلة    ضروري من قنبلة دين وضمير    الدكتور عبدالله العليمي يؤكد دعم مجلس القيادة الرئاسي للبنك المركزي اليمني    منظمة صحفيات بلاقيود : مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    سريع يعلن عن استهداف مطار وهدف عسكري في فلسطين المحتلة    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    قرارات تعسفية لمليشيا الحوثي تدفع الغرفة التجارية للإضراب في صنعاء    محافظ حضرموت يرعى توقيع عقود مشاريع تحسين لشوارع مدينة المكلا    توقف تطبيق إلكتروني لبنك تجاري واسع الانتشار يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    في محراب النفس المترعة..    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة صياغة مظهر اليمن: محاكمة تسجيلية لهذا العصر

لأن ساعتي البيولوجية الداخلية بدأت تدرك انه لم يعد في حياتي وحياة جيلي الكثير، لذا فإني اقسّم ماتبقى من لحظات العمر الى محطات، أفتتح كل منها بإهداءات حميمية الى اليمن أرضاً وإنساناً وتراثاً.

وكما ينبغي لكل عمل أن يكون، ففي كل اعمالي قصة تشير الى رغبة في إستعادة الصلة بالنهضة وبوصلة الإنطلاق نحوها، أي انها تحمل بذور رواية تحاول تبديد وهم الفشل المفروض على اليمن قسرياً.

ومايميز اعمالي أنها مهجوسة بأسئلة كبرى، لذا فإن كل إنجاز يشبه على نحو ما مذكرة قانونية ليست إدعاء أو دفاع، بل يتم من خلالها ترتيب الحقائق على نحو محدد لكي تقود المتلقي إلى نتيجة محددة، والى صوت يصرخ بأن لليمن رموز، ومواهبها لم يصيبها التصحّر ولم تتعرض للتحنيط الأبدي بعد.

من المهم ان يعمل كل شخص شيءٌ ما، لأنك إن سألت عن مبادرات القائمون على الأمور فستحبط، وإن بحثت عن مواقفهم وتوجهاتهم أو حتى خارطة طريقهم فتصاب بالخيبة.

- أي ان الموضوع هو حول المبادرة الفردية، الغائب بالكامل عن أذهاننا وذاكرتنا، وعن تلك المسؤوليات العائدة علينا كأفراد.

ربما أعمالنا لن تنقذ وطناً من الهلاك، لكنها قد تؤسس لتراث ملهم حتى عودة القائد الغائب ورفاقه، - أي القادم من غياهب الغيب ومعه الذين ربما لايزالون في صلب آبائهم من رجال البناء والإعمار والنهضة والتقدم.

… أولئك الذين سوف يجترحون اسطورة اليمن الجديد العامرة بالبطولة والرجولة والشفافية والنبل، فيشعلون الحماس في النفوس الإنسانية المتألقة والمتطلعة الى الإبداع والإنتاج والريادة.

يجب أن لاتعنينا مواقف الجلاوزة من الأعمال العظيمة لأي فرد منا، لأنك عندما تضع أمام حمار كومة من الحشائش بجانبها كومة من رقائق السيلكون، فإن الحمار سوف يفضل بكل سرور وطمأنينة الحشائش كما يقول حكيم، لذلك ليس من المعقول ان نظل نتحسر وننعت الحمار بالغباء والجهل!

- وأنا، كما أنت، أدرك بحدسي حالة الرفض والإنكار والغيرة التي تعيشها سلطة الفرد.

فسلطة الفرد بتركيبتها الطبيعية تسعى لوأد المهارات ومنعها من أن تسموا عالياً، وتتذمر من الجدارة الفردية، وكأنما الفرد الحاكم هو من يجب ان يكون أيضاً فناناً وشاعراً وعالماً وتاجراً وصانعاً مبدعاً.

ومن منا لايتماهى مع المؤسس الأول للثلث والنسخ أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة، وهو من نبغ في الخط العربي فوضع القواعد المهمة في تطويره وبلغ مرتبة عالية في فنه إلى أن نسب إليه جودة الخط وحسن تحريره، وعلى طريقته سار الخطاطون من بعده حتى يومنا هذا.

فالمبدع إبن مقله ساق إليه سوء طالعه الوزير المظفر بن ياقوت، فأوغر صدر الخليفة ضده إلى أن أصدر أمراً "بقطع يده اليمنى"، فقطعت يد ابن مقلة في جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثلثمائة للهجرة.

وفي ذلك قال الطبيب الحسن بن ثابت بن سنان بن قرة، دخلت على ابن مقلة لمعالجته فوجدته ينوح ويبكي على يده ويقول: "خدمت بها الخلفاء، وكتبت بها القرآن الكريم دفعتين فتقطع كما تقطع أيدي اللصوص".

- وحسب المبدع عندنا إتقاء شر بطانة السلطان الفرد حتى لايقطع يده !

من بوسعه اليوم أن يذكر لي إسم شخصية يمنية واحدة لامعة في أي مجال سُمح لها بالظهور في هذا العصر؟، رغم غزارة مواهب اليمن التي قطعت أيديها، - كلها عن بكرة أبيها -، فلم يعد ذكر سوى لذلك الذي يحاكي اسلوب ملك ملوك افريقيا وإمام المسلمين وعميد الحكام العرب!

- أي أن مسرح الوطن لا يتسع للديكتاتور وشخصية ملهمة في آن، مهما كان تخصصه وجدارته، ولك ان تلاحظ تلك الفعاليات الفنية التي ينتجها نظام الفرد، فلا ترى لموهبة ما حضور، سوى نواح وجموع تعوم كأنهم أفواج حجيج البوذية في حضرة "الدالي لاما".

عبر التاريخ لم يَسمح حكم الفرد لإبداع الفرد أن يسموا عالياً، فسيف الدولة يشج رأس المتنبي لإعتزازه بذاته بدلاً من الإطراء عليه، وغاليليو يدمره الحاكم بأمر الكنيسة لأنه قال في دوران الأرض ولم يقل بدوران الكون حول الإمبراطور، وأرخميدس يصاب بالجنون لإكتشافه الجاذبية التي شغلت العامة عن مراسيم الفرد الحاكم، وجزاء المبدع المعماري "سنمار" ليس ببعيد عن الأذهان.

إن الأعمال الخلاقة مهما كانت متواضعة، ستترك إلهام لايستهان به للأجيال القادمة، بغض النظر عن مدى قبولها آنياً، وهي التي سوف تضع على طاولة التشريح فترة من أصعب الأوقات التي مرت بها اليمن في العقود الأخيرة.

فترة شخصية شكسبيرية فردية مستعدية، تغار من حامد كرزاي وتنافس بيونوشية على أناقتهما بينما مواطنيهم في أكواخ يموت قاطنوها من الجوع، مما يصنع تناقضاً حاداً تتقاطع مشاهده، وكأنك أمام لوحة من رقصة القرود والعقارب في أدغال افريقيا.

إن المحاكمة المشار إليها، يمكنها أيضاً ان توجه أصبع الإتهام الى ظهور أعراض موضة أناقة طارئة وغريبة عند أباطرة اليمن لإقتناء حلي سويسرا ومنتجات "كارتيير" باريس ودور الأزياء الغربية، بوسع ميزانياتها المهدرة عبثاً أن تؤسس مشاغل خياطة ومعامل نظارات، وتبرز مصممي أزياء محليين يتهافت عليهم ذوي الأناقة من كل حدب وصوب، وكذلك إنشاء علامات موضة رائدة.

بل أنها تعكس للداخل قبح الصورة التي يراها المرء من بعيد حيث يقيم، صورة اليمن الذي يتعرض للتدمير كما لم يحدث من قبل، فتبدو ممزقة برائحة الموت ومثيرة للرثاء.

وإذا أردت أن تعيش فيلم رعب حقيقي، فاليمن اليوم الذي تديره مجموعة شبيهة بفرق الموت من مرتزقة شركة "بلاك ووتر" المتمتعين بالحصانة هي ضالتك المنشودة.

- بالنسبة لي ما أقوم به ليس سوى جزء من طقوس عبادة تخلّص المؤمنين من الخوف وتحافظ على الذاكرة من الدمار حتى تشرق شمس الحق والعلم والتطور، وحتى يصل مجتمعنا الى معاهدة سلام إجتماعي مع ذاته، منهياً بذلك دخول العسكرتاريا والقساوسة في شؤون الحكم الذي عرقل عقل المجتمع وعمله.

لذا تراني أتعمد اسلوب شهرزاد، تلك الجليسة الحسناء للملك شهريار، التي ظلت تحكي له حكاية داخل حكاية، حتى تثير شوقه إلى معرفة الأحداث التالية.

والأعمال التي اطلقها تأتي تباعاً في شكل سردي يسمح بالإستطراد إلى عشرات الإتجاهات، فأترك المطلع عمداً يتأمل في المضمون وينتظر الأجزاء اللاّحقة، متيحاً لخيال القارئ أن يختار الجانب الذي يعبر عن موقفه.

يعني أنه على مستوى الجوهر، إذ لم تكن حكايات شهرزاد مصاغة بقدر هائل من التشويق وإحكام الحبكة فإنها كانت ستواجه الموت الرسمي والشعبي منذ الليلة الأولى.

المصدر أونلاين
***
للإطلاع على صور ذات صلة، اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.