ملاحظة: أخي القارئ: فضلا.. لا تقرأ الرد قبل قراءة المقال الأصلي للدكتور مروان. بصرف النظر عن الفقرات الأربع الأولى من مقالك الأخير (متاهة الإصلاحي الجديد ومهمته) فإن بقية المقال حشو كله، ولو كنت صاحب فكرة لاكتفيت بتلك الفقرات ودعمتها ولكن ولعك بإقحام مكتبتك الشخصية في جميع مقالاتك أدى إلى الإسهاب والإطالة.. فأصبحت المقالة متاهة أخرى من متاهات الإصلاحي الجديد. لذا أرجو أن تسمح لي بفك بعض ألغاز المتاهة. لماذا أصبحت «أصوات الناخبين» صكوك توكيل؟ أليست أصوات الناخبين هي التي تخول الحزب الفائز بأن يحكم الشعب وفق برنامجه بما لا يتعارض مع الدستور؟ هل تغير مفهوم الديمقراطية في العالم على غفلة منا والتقط هذا التغير رائد المعرفة البشرية؟ كم من القراء يعرف مرويات اليمين الأمريكي عن هرمجدون؟ ربما نصفهم لا يعرف المقصود باليمين الأمريكي! ولم يسمع أو يقرأ معظمهم عن معركة هرمجدون! فما بالك بمرويات اليمين الأمريكي عن هرمجدون؟!! دعني أوضح لك أمرا في البلاغة يا أستاذ مروان.. يجب أن يكون المشبه به معروفا ومشهورا مقارنة بالمشبه فنقول: المصباح كالشمس،فلان كاذب كعلي عبدالله صالح، وهلم جرا.. إلا إن كنت تحسب نفسك كاتبا لصحيفة «واشنطن بوست» فهذا أمر آخر!! لا أدري هل هناك جامعة للإصلاح اسمها (جامعة القضايا الأكثر حيوية) وتشمل الكليات التالية: كلية الفن والإبداع،كلية الاقتصاد الحديث، كلية المرأة،...الخ. هل تريد أن تدرس هذه القضايا في الدرس الإصلاحي على المستوى الحزبي؟!!! لا تعليق الدكتور عبدالله عزام رحمه الله ليس مفكرا ولكنه مجاهد من الطراز الأول وقد قرأت كتاب” الدعوة الإسلامية فريضة” قديما ولا أذكر أنه هاجم فيه الشعر الحر لأنه ليس موضوع الكتاب أصلا، وإن كان قد فعل فهذا رأيه،أما إن كان هجومه بحسبانه عملية هدمية للثقافة الإسلامية والمرجعية الأخلاقية الفائقة كما ذكرت فهو مخطئ في نظري الشخصي – هذا إن صح نقلك – ولكن لا يُسأل الإصلاحي عن رأيه في الشعر الحر عند قراءته لهذا الكتاب!! وإن كنت لم تجد شيئا مفيدا في الكتاب يستحق به الرجل ثناءك وعذرك عن هذه الهفوة فاسمح لي أن أقول بأنك تتبع العثرات فقط... أما الذي أريد أن أستفيده منك فهي الثقافة العالمية التي دخلت في طور (ما بعد- مابعد-مابعد) قصيدة النثر أو اللانص !! هل هي قصيدة صورية أم قصيدة متحركة أم لاسلكي أم ماذا؟ لأن ثقافتي ما زالت ضحلة قياسا على قصيدة اللانص!أما إن كنت مهووسا بكل جديد وتعتبر الصمت قصيدة فكلنا شعراء يادكتور!! هناك كتب كثيرة يمكن وصفها بالسطحية إلا أنك لسوء حظك قمت باختيار الكتاب الخطأ والكاتب الخطأ فسعيد حوى رحمه الله يناقش أي رأي أو فكر بالحجة والمنطق ولا يقول (عليكم ياشباب الصحوة أن لا تستمعوا لضلال ميشيل عفلق) حاشاه وهو العالم الجليل ذا الفكر الحر واقرأ إن شئت كتاب (الله) لتعرف منطقه... وإن كنت لا ترى في خطاب ميشيل عفلق إلا المصالحة العامة مع الثقافة والتاريخ والفكر فإني أرى غير ذلك، ولو اجتمعت قوى كل الأمم لم تستطع أن تنجب محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه رسول رب العالمين وفقط. ولا أدري ما العلاقة بين هذا الخطاب وبين سعيد حوى إلا خناقتك مع سعيد حوى!! فهل رأيت تسطيحا مدمرا أكثر من هذه الخناقة المزعومة؟!! إذا افترضنا أن ذهنية ووسائل ومعارف حزب الإصلاح متقادمة.. فما الذي يمنع الطبقة الرفيعة من المجتمع والتي جلبها الإصلاح إلى صفوفه من تطويرها ليكونوا ضمن سياق المعرفة البشرية العامة؟ كيف سميتها طبقة رفيعة من المجتمع وهي لا تحترم المعرفة البشرية؟ تخيل حجم التناقض!! وإن كنت لا تريد من سعيد حوى أن يبدي رأيه في أي معارف بشرية فمن الذي يتعامل بدوغماتية (ادعاء امتلاك الحقيقة بدون براهين)؟
ثم اسمح لي بأن أقول لك أنك تتجنى على المربي بأنه يقدم مسودات بوصفها نهايات. والحقيقة أنه يقدمها بوصفها بدايات لشخص لا يعرف من الثقافة شيئا يذكر، مذكرا إياه بأن المعرفة لا تنتهي ولكن هذه بداية انطلاق وأساسات من القيم والأخلاق ثم اقرأ ما شئت وأوغل برفق ولا بأس بأن تعرج على باولو كويلو، وستيوارت ميل لتكون أكثر حيوية والحكمة ضالة المؤمن... ولا أدري من الذي رباك على هذه المسودات بأنها نهايات، وأن المعرفة والحياة تسبحان في دائرة فانتفضت على هذه الدروس وبدلا من عتابه وانتقاده تطاولت على سعيد حوى بعد أن قرأت لباولوكويلو. أخي مروان: لا تنبهر بالثقافة العالمية كثيرا، يجب أن تتشبع من الكنوز الإسلامية أولا حتى تستخرج النافع من الثقافة العالمية ولكن على وعي وبصيرة لأني أخاف أن تكتشف لاحقا بأنك مثل سانتياجو في رواية الخيميائي لباولوكويلو إذ لم يكتشف أن الكنز في مزرعته وتحت الشجرة التي حلم بها برؤيا الكنز إلا بعد أن جاب أقاصي الأرض...وشكرا لك لأنك شجعتني على قراءة الرواية. أخيرا.. تأمل كيف أن كل فقرة من هذا المقال في موضوع مختلف لتتخيل حجم الفاجعة إذا عرفت أن القراء يحاولون إيجاد الروابط المشتركة في أغلب مقالاتك.