بمحض الصدفة وبعد مشيئة الله سافرت إلى الولاياتالمتحدةالامريكية وتحديداً إلى ولاية نيويورك للدراسة في الرابع من شهر تموز السنة الماضية يوم استقلال الولاياتالمتحدةالامريكية عن بريطانيا العظمى. وعند انتظاري لرحلتي المتوجهة إلى الشمال الامريكي, صادف وقت اقلاعي مع غروب الشمس, وهنا كانت المفاجأة عندما شاهدت مدينة نيويورك تحترق بالألعاب النارية فرحاً وابتهاجاً بهذا اليوم العظيم في تاريخ امريكا، وعند وصولي إلى الولاية الشمالية التي ادرس فيها شاهدت نفس المنظر. وقد أذهلني هذا المنظر الرائع وتأملت الفروقات بين هذا اليوم في أمريكا ويوم تحقيق الوحدة اليمنية, فالامريكيين يتبادلون التهاني بهذا اليوم الذي يسمونه «اليوم السعيد» وسمعت هذه التهنئة في كل مكان في المطارات والأسواق وخلال محادثاتهم بالهاتف. ورأيت هذا الشيء عندما شاهدت الألعاب النارية تنور مدينة نيويورك وولاية منيسوتا من كل بيت وكل حارة وكل زنقة, وليست من مكان واحد أو في القصر الجمهوري مثل ما تفعل الحكومات العربية وخاصة السلطة في اليمن في اعياد الوحدة لأن في الوطن العربي واليمن خاصة لا يحتفل بالأعياد إلا السلطة وأعوانهم لكي يوهمون الناس أنه يوم عظيم, ولكن على ارض الواقع هو ليس كذالك. فاليوم العظيم نقدر ان نشاهده بالعين المجردة ونشعر به وكذلك نشعر بالأحاسيس المتبادل بين الناس وليس بالأوهام والإكراه على تمجيد هذا اليوم الوهمي. ففي يوم وحدة اليمن في الثاني والعشرون من شهر مايو, نلاحظ ان هذا اليوم حزين وكئيب لدى الكثير أو معظم أبناء الشعب اليمني. فأغلبيتهم وخاصة أبناء الجنوب يحن على الأيام الخوالي قبل تحقيق الوحدة ليس لجمال تلك الأيام، ولكن لتعاسة الوضع الحالي. فاليمن اليوم من ازمة الى أزمة ومن إنشقاق إلى انشقاق, والسبب وراء هذا الشئ هم الاشخاص الذين اتفقوا, وتوحدوا, وتحاربوا, وانتصر واحد وانفرد بالسلطة والنتيجة الوضع التعيس الذي نحن فيه في الوقت الحالي. فاليمن اصبحت بعد الوحدة من الدول الفاشلة واليمن تحتل المراتب الاخيرة للدول الأكثر فسادا حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية, والجهل اصبح منتشرا مثل السرطان الذي ينتشر في الجسم بين المجتمع اليمني وغيرها الكثير من الامثلة التي تدل على تعاسة اليمنيين بعد الوحدة. فبعد رحيل علي عبدالله صالح وإستلام عبدربه منصور هادي لمقاليد الحكم في اليمن لمدة سنتين, ومن وجهة نظري أن التاريخ سيعيد نفسه, والسنوات القادمة سوف تكون تاريخية بمعنى الكلمة. فهل سوف نستفيد من التاريخ ونحاول تجنب الأخطاء الفاضحة التي وقعنا فيها عند تحقيق الوحدة وخاصة عندما انفرد اشخاص معينين بالقرارات وتم تهميش البقية أو سوف نتبع المثل الذي يقول " نحن قوم لا نقرأ وإذا قرأنا لا نفهم وإذا فهمنا لا نطبق واقصد بالقراءة هنا هي قراءة التاريخ. ففكرة النظام الاتحادي الفدرالي من الافكار الممتازة التي يؤيدها الكثير وبقوة, حتى نبني دولة مستقرة تحقق مبادئ العدالة والشراكة المتساوية بين الجميع. وهناك الكثير من الدول التي حققت نجاحا باهرا في ظل هذا النظام مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية, وروسيا, وألمانيا, والبرازيل التي تعتبر واحدة من اسراع الاقتصادات نمواً في العالم حاليا, وكندا, وجنوب افريقيا, وعربياً الأمارات العربية المتحدة. فالشعب الجنوبي لن يرضي بشيء اقل من دولة فدرالية من اقليمين او اكثر من اقليم حسب اتفاق جميع مكونات الشعب اليمني وبدون تهميش لأي احد. نحن جميعا ابناء اليمن نريد دولة بعد عشر سنوات من الآن تحتفل مع مواطنيها بالأعياد الوطنية احتفالاً حقيقيا نقدر ان نراه ونحسه ويتفاعل معه الناس مثل الدول الاخرى. وأخيراً وليس بآخراً, من حق الشعب في الجنوب ان يختار دولته التي يحلم بها ولا يحق لأي طرف أن يقتل أحلام الشعوب.