من كان يعتقد أن العرب ما زالوا يحبون الوحدة العربية فعليه أن يراجع تصريحات رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض التي أطلقها من (منتجعه) في النمسا متمسحا بهيئة الأممالمتحدة وبحق ابناء اليمن الجنوبي في التصويت على تقرير المصير.لماذا اختار الرئيس اليمني الجنوبي السابق هذا الوقت تحديدا لاطلاق تصريحاته الانفصالية؟ ألا يعلم بأن اليمن تخوض حربا ضروسا مع المتمردين الحوثيين الذين انماط اللثام تماما عن وجوههم وثبت أنهم ليسوا سوى طابور خامس لإيران؟ ألا يعلم - وهو أحد مهندسي الوحدة اليمنية الأحدث وأحد الذين قطفوا ثمارها استجماما في أوروبا - أن الوحدة قرار نهائي لا عودة عنه وأن أية مزاعم حول انتفاء العدالة الاجتماعية ينبغي العمل بخصوصها في إطار الدولة الواحدة؟، أم أن الثور اليمني قد آن أوان ذبحه فكثر جزاروه كما كثر جزارو الثور العراقي والثور السوداني والثور الفلسطيني والثور اللبناني؟،.
وإذا كان العرب اليمنيون الجنوبيون ليسوا قادرين على احتمال أشقائهم العرب اليمنيين الشماليين فكيف يمكن لبلد مثل السودان أن يحول دون مطالبة مواطنيه المسيحيين في الجنوب بالانفصال؟ وكيف يمكن لبلد مثل العراق أن يحول دون مطالبة مواطنيه الأكراد في الشمال بالانفصال؟
وكذا الحال بالنسبة لمصر التي راحت بعض الأصوات تعلو فيها مطالبة بانفصال الأقباط في الجنوب عنها ، كما راحت بعض الأصوات تعلو في الجزائر مطالبة بالحكم الذاتي للبربر،،.
لو أن الوحدة اليمنية ضرب من الوحدة التي أقيمت بين مصر وسوريا لقلنا إن رئيس اليمن الجنوبي السابق محق وأن من حق اليمنيين الجنوبيين ان يراجعوا أنفسهم وأن يستقلوا ، لكن الوحدة اليمنية تحديدا مثلت عودة المقسّم إلى ما كان يمثل أقدم كيان سياسي عربي موحد ، بعد ان زالت عوامل الشد العنيف التي كانت تتجاذب المجتمع اليمني أثناء الحرب الباردة وجراء التجاذب الشديد الذي كان يحكم العلاقة المصرية السعودية في الحقبة الناصرية ، أما وقد انهار الاتحاد السوفيتي ومضت الحقبة الناصرية وتطابقت المصالح السعودية المصرية اليمنية في مواجهة الاطماع الايرانية فالاولى باليمنيين جميعا ، شماليين وجنوبيين ، أن يفيئوا إلى صوت العقل والمصلحة ، وأن يعيدوا ترتيب اوضاعهم الداخلية ، قبل أن تنفتح أبواب التدخل الدولي على مصاريعها فيصعب استدراك ما يمكن استدراكه الآن.
ولعل من واجبنا التذكير بأن الجزء الأكبر من مسؤولية الدعوة إلى الحوار والاستعداد لإجراء المراجعات المطلوبة ، يقع على عاتق النظام السياسي اليمني رغم كل ما يواجهه الآن من ضغوط المتمردين في الشمال والانفصاليين في الجنوب ، بما في ذلك الاتجاه فورا إلى اتخاذ كل الاجراءات التصحيحية لحل الازمة مع الجنوب.