اللجنة الرئاسية نجحت في إنهاء التوتر بردفان بحسب مصدر في اللجنة، لكن الوضع على ما هو عليه بحسب رأي الدكتور ناصر الخبجي القيادي في حركة نجاح. والواقع أن الهدوء عاد إلى حد ما في بعض مناطق ردفان، لكن الاشتباكات لا زالت مستمرة في مناطق أخرى، ولا يزال التوتر سيد الوضع.
ففي آخر تطور ميداني تجددت الاشتباكات مساء أمس في منطقة الراحة، ما أسفر عن قتلى وجرحى من المسلحين (المواطنين)، وأفراد الجيش، وقالت مصادر محلية إن من بين القتلى العقيد أحمد علي مهدي جابر أركان حرب كتيبة في قاعدة العند، واثنان من مرافقيه، فيما جرح مواطن مسلح، ولا يزال آخر اسمه صالح عبد الله في عداد المفقودين.
مصادر محلية بمحافظة لحج قالت إن اللجنة الرئاسية المكلفة من رئيس الجمهورية والتي يرأسها وزير الإدارة المحلية السابق عبد القادر هلال نجحت في إزالة حالة التوتر في ردفان. ونقل موقع نيوزيمن عن هذه المصادر قولها إن اللجنة التي بدأت أعمالها منتصف الأسبوع الماضي، تمكنت أمس الاثنين من إعادة الهدوء إلى مديرية ردفان، وانسحاب المجاميع المسلحة من مواقعها، بفضل تعاون أبناء ردفان والقوات المسلحة مع أعضاء اللجنة.
وأضافت المصادر أن اللجنة توصلت إلى نتائج إيجابية أبرزها انسحاب المجاميع المسلحة من أبناء المنطقة من المرتفعات الجبلية وتسليم جبل الاحمرين للعميد الركن ثابت جواس حسب توجيهات رئيس الجمهورية.
من جانبه قال النائب ناصر الخبجي القيادي في حركة "نجاح" ل"المصدر" إن الوضع على ما هو عليه، مطالباً بإزالة كل الاستحداثات العسكرية التي استحدثت من بعد 2008م، وقال انه حتى الآن لم يلاحظ شيئاً من هذا.
وقال إن الوضع لا يزال متوتراً، مشيراً إلى اعتراض الشيخ توفيق العلوي أحد شيوخ المنطقة، ونصب كمين له، وأضاف: لا تزال الاشتباكات مستمرة، وليس هناك جدية لدى السلطة لحل المشكلة.
وحول ما إذا كان لدى المسلحين استعداد للتهدئة في حال انسحب الجيش، قال الخبجي: نحن لم نعتدي على أحد، فقط ندافع عن أرضنا، وعرضنا، وقاعدين في بيوتنا.
ويقول قادة الجيش إن الهدف من الاستحداثات العسكرية هو حفظ الأمن للطريق العام، مشيرين إلى أنه ليس هناك نفط أو منشآت في المنطقة حتى يتم تعزيز الجيش. لكن الخبجي يقول إن هدف هذه الاستحداثات هو إذلال الناس والسيطرة على المنطقة، أما الطريق فهي بعيدة بعشرة كيلو عن الجبال التي يريدون التمركز فيها.
وكان الاجتماع الذي عقدته اللجنة الرئاسية بمشائخ منطقة ردفان وأعضاء المجالس المحلية خرج باتفاق يتضمن عدة نقاط أبرزها سحب المظاهر المسلحة من قبل المواطنين، والاستحداثات العسكرية من قبل الجيش تحت إشراف اللجنة الرئاسية، على أن تتولى المجالس المحلية في المديريات الأربع حماية الطرق .
وزارت اللجنة الرئاسية بعض مناطق المواجهات وجبل الاحمرين، والتقى مشائخ وأعيان المنطقة وأعضاء المجالس المحلية في مديريات ردفان، داعياً إياهم إلى نزع فتيل الصراع، وقال انه يحمل رسالة السلام، وأن الرئيس لا يريد إراقة قطرة دم.
وتتكون اللجنة الرئاسية بالإضافة إلى رئيسها من علي حيدرة ماطر نائب محافظ لحج، والعميد الركن مثنى جواس قائد اللواء الخامس عشر مشاة، وعبد القوي شريف وكيل محافظة الضالع، وعلي ناجي عبيد مستشار وزارة الدفاع، والدكتور صالح محمد حسن نائب مدير الإمداد والتموين بوزارة الدفاع، ومحمد محمد شلالة مدير دائرة التدريب بوزارة الدفاع، وصالح المنصوب أحد أعضاء اللجنة الرئاسية السابقة.
ويبلغ عدد الضحايا حتى الآن حوالي 12 قتيلاً، و25 جريحاً منذ بدء الاشتباكات. وإلى جانب الضحايا الذين سقطوا في ردفان، قتل الشاب ناصر علوي صالح البيضاني الذي لقي مصرعه في انفجار عرضي لقنبلة يدوية خلال تظاهرة في الضالع. ومن بين المصابين هذا الأسبوع عابد عبده البحري وجرح ابن عمه سمير أحمد البحري، وهما يعملان في بيع الخضروات بالحبيلين، وكذلك بشير محمود علي، إصابة خطرة، وعماد عبد القوي محمد، في منطقة ذي ردم وهي المنطقة التي ينتمي لها النائب ناصر الخبجي الذي تتهمه السلطات بتزعم المسلحين هناك.
وكان أحد الجنود، واسمه عبد الحافظ العماري، قد أصيب قبيل مغرب الأحد في الأطراف الشمالية لمدينة الحبيلين، فيما كان عائداً إلى منزله.
ومن تطورات الأسبوع الفائت سيطرة المسلحين على مدينة الحبيلين وسط غياب تام للأمن والجيش في حين تتواصل المسيرات والمظاهرات في المدينة منددة بالقصف العسكري على بعض مناطق ردفان.
وقال شهود عيان ل"المصدر أونلاين" إن مسلحين مدججين بمختلف أنواع الأسلحة انتشروا في المدينة، وأنهم فرضوا حصاراً على معسكر قريب من المدينة، وقطعوا عنه جميع الإمدادات. وساد هدوء حذر بعد المساعي التي قامت بها اللجنة الرئاسية. في غضون ذلك غادر عمال من أبناء المحافظات الشمالية المدينة خوفاً من تعرضهم لاعتداءات من قبل المسلحين بعد تلقيهم نصائح من قبل بعض الشخصيات الجنوبية.
وقال أمين أحمد وهو صاحب "خلاطة" يعمل في المدينة انه وعماله غادروا المدينة الجمعة بعد تصاعد التوتر فيها خوفاً من انتقام المواطنين الذين تعرضوا للقتل أو القصف من قبل الجيش.
وأضاف فؤاد ل"المصدر أونلاين": آخر عمل لنا كان يوم الخميس الماضي، وعملنا تحت حراسة من مواطنين جنوبيين هم أصحاب العمل، وأوضح أنهم لم يتعرضوا لأذى لكنهم تلقوا نصائح من أصدقاء جنوبيين يعملون معهم (مقاولين وأصحاب أعمال) بمغادرة المدينة حفاظاً على حياتهم.
وتابع قائلاً: المحلات مقفلة، والمسلحون منتشرون في كل أرجاء المدينة، وقد حاصروا معسكراً بالقرب من المدينة، وقطعوا عنه الإمدادات.
إلى ذلك أعلن أحد المسئولين الجنوبيين انضمامه للحراك الجنوبي. وفي بيان نشرته صحيفة الأيام قال ردفان سعيد صالح سالم، الذي يشغل منصب مدير عام مديرية الخوخة في الحديدة، "أنا ردفان سعيد صالح سالم ابن المناضل الشهيد سعيد صالح سالم أعلن انضمامي إلى صفوف الحراك الجنوبي السلمي وإنني إلى جانب أهلي وإخواني في ردفان خاصة والجنوب عامة، وأنني سأبذل الغالي والنفيس وسأضحي بروحي ومالي ودمي إلى جانب إخواني وأهلي في ردفان خاصة والجنوب عامة".
وردفان سعيد صالح، هو نجل الراحل سعيد صالح سالم، القيادي في جبهة ردفان إبان مرحلة الكفاح المسلح وأول محافظ لمحافظة عدن عقب تحقيق الوحدة اليمنية، وذكره المهندس حيدر أبو بكر العطاس في لقاء الجزيرة ضمن المسئولين الذين اتهم النظام باغتيالهم.
وطبقاً للبيان قال ردفان صالح: على إخواننا الجنوبيين الذين في السلطة أن يعلموا أن أي إهانة وإذلال لأهلنا في ردفان خاصة والجنوب عامة فإنها إهانة لنا ولكم جميعا، لأن أبناء ردفان هم السباقون إلى جانب إخوانهم في جميع مناطق الجنوب في تفجير ثورة 14 أكتوبر المجيدة وأن التاريخ سيعيد نفسه إذا استمر الوضع في ردفان.
من جانب آخر قالت السفارة الأمريكية بصنعاء أنها تراقب باهتمام بالغ أحداث العنف السياسي المتزايدة في المناطق الجنوبية من اليمن ، مؤكدة دعمها ليمن مستقر و موحد وديمقراطي.
وقالت في بيان أصدرته الأيام الماضية إن أمريكا تؤمن بأن الوحدة اليمنية تعتمد على قدرتها على ضمان المساواة بين جميع المواطنين وفقا للقانون والحصول على فرص المشاركة المتساوية في الحياة السياسية والاقتصادية. وذكرت السفارة بأن الولاياتالمتحدة كانت من أوائل الدول التي رحبت بالوحدة اليمنية عام 1990م ، وأثناء الحرب الأهلية عام 1994م، كانت الولاياتالمتحدة داعما قويا للوحدة اليمنية، ودعت إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات بين الأطراف المتحاربة آنذاك بحسب البيان.
ودعت الولاياتالمتحدةالأمريكية الحكومة اليمنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين اليمنيين إلى المشاركة في حوار يحدد ويعالج الشكاوى الشرعية، مؤكدة أن القضايا لا يمكن أن تحل بالعنف مطلقاً، حيث أن العنف لا يخدم إلا مصالح أولئك الذين يسعون لتعميق الانقسامات والإضرار باستقرار اليمن.