كان مشهداً مؤثراً تلك الصورة التي نشرت على نطاق واسع في شبكة التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» لامرأة كبيرة في السن فاقدة النظر وتحمل في يديها مكنسة تقوم بالتنظيف منذ 25 عاماً، لكن عدسة الكاميرا لم تلتقط لها الصورة إلا في يوم النظافة 12-12-2012، عندما كان الجميع يشاركون في تلك الحملة. «المصدر أونلاين» زار الحاجة كاذية قاسم البدوي (75 عاماً) والتي تعمل في «صندوق النظافة» بمنطقة التحرير وسط العاصمة. في بيت صغير بالقرب من برج «تيليمن» في التحرير، تسكن الحاجة كاذية برفقة زوجها وأولادها، حيث التقى «المصدر أونلاين» بها وبأسرتها وتعرفت على معاناتهم المستمرة منذ 25 عاماً.
هادي شعلان زوج الحاجة كاذية ويبلغ من العمر 70 عاماً، يقول إنه يعمل في مجال النظافة منذ 25 عاماً وأنه طلب عدم قبول تقاعده عن العمل بعد كبر سنه.
ويقول وفي عينيه دموع الألم «زوجتي تعمل بدون راتب شهري، اضطرت للعمل بعدما هدد مدير المنطقة السابق عبدالقادر الحرازي بتوقيف مرتب ابننا المختل عقلياً وعمره 30 عاماً، إذا لم يعمل أحد بديلاً عنه ، فما كان منها إلا أن عملت منذ حوالي 4 سنوات وهي فاقدة النظر».
ويضيف «طلبنا منهم أن يعطوها مرتب وأن يثبتوا اسمها، لكنهم رفضوا».
استمر في حديثه باكياً:«ابني يحتاج إلى العلاج وزوجتي عمياء، وأنا أصبحت كبير في السن، ومع ذلك خشيت أن أقدم طلب لمقاعدتي حتى لا يتم إيقافي عن العمل وقطع راتبي».
في قوة وعزيمة تشعر الحاجة كاذية أنها ابنة ال30 من عمرها وهي تقول بصوتِ عال «اسمع يا ابني أنا عمياء، لكن ما اشتيش اتقاعد لأني أقدر أكنس الشارع وأفعل كل شيء، واخرج بعد الفجر ولا يضرني حاجة، حتى في رمضان».
حاول زوجها مقاطعاً لها بقوله «اسمعي أول»، لكن نبرة خوفها من أن يسبب كلام زوجها قطع راتبه البسيط الذي يستمله دفعها لمنعه عن الحديث والدفاع عما تقوم به من عمل وعن مديرها بالقول «والله ما أفلت للشغل والمدير أحسن واحد، وما عنتقاعد إلا بعد شوره وقوله، غير هذا الكلام ما نشتيش».
رغم اصرارها على إظهار أنه لا زال بإمكانها تحمل مشاق العمل، إلا أن يديها خانتا كلماتها، فقد كانتا ترتعشان من كبر سنها، فيما لم تكن تستطيع الوقوف كثيراً بسبب تقدم عمرها.
قبيل مغادرتي ظنت الحاجة كاذية أنني غير موجود فوجهت لزوجها كلمات غاضبة قائلة «تشتي تقطع رزقي أنا وابني وانت تتكلم بهذا الكلام».
تواصل «المصدر أونلاين» مع مدير منطقة التحرير يحيى سعيد للسؤال عن حالة الأسرة فقال إن تلك العجوز لا تشتغل براتب شهري، وإنما تقوم بالعمل بديلاً عن ابنها المختل عقلياً، مضيفاً «كانت وجودة قبل تعييني منذ سنتين».
وعن تثبيت اسمها في كشوفات الخدمة المدنية، قال سعيد إن ذلك حدث بالفعل لكن باسم ابنها الذي تعمل بديلاً عنه وليس باسمها.
وفيما يتعلق بزوجها أوضح أنه قد رفعت بكشوفات من بينها اسم شعلان البالغ من العمر 70 عاماً حسب قانون للتقاعد في الخدمة المدنية، لكنه وبحسب قوله «سيتم قطع راتبه إذا تقاعد كونهم يعملون بالأجر اليومي».
وأكد ان المجلس المحلي شكل لجنة تظلمات لأكثر من 25 عاملا تقدم بهم العمر، وحسب القانون فقد أحيلوا إلى التقاعد الإجباري حسب قوانين الخدمة المدنية وانه غير قادر على فعل أي شيء.
وطالب مدير منطقة التحرير الجهات المختصة بتكريم المتقاعدين كنهاية خدمه بمبالغ عادله وحسب ما تقرره القوانين.