ما احوج اليمن اليوم أكثر من أي وقت مضى لزعيم يعّزِفْ عن لقب الزعامة بعيدا عن الديماغوجية بزعامة مفروضة فرضاً!، فقط لمجرد جلد الذات، وعرقلة مسيرة أمة.. تمجيد الشخصية في العالم الثالث جلب للأمم الويلات، وفي اعتقادي عبادة الشخصية بعد خروج جزء منها اخطر من كونها في قمة السلطة.. لأن الأمة في فارق مفصلي أما تكون او تكون بداية تشرذم، وعجبي بأن المعّنِى بهذا التساؤلات يتغنى بالوحدة وهو يسعى لوأدها.. يسترسل بالديمقراطية ويده على زناد العنف، وطالما تغنوا بكرامة المواطن وعزته ويعملون عكس ذلك بحيث وصلت فاقة العوز لسواد الناس نصف الشعب.. أنا كغيري في حيرة من أمري هل هو قدر بلادنا أن تكون في منزلة بين المنزلتين فلا نهاية محتومة بدأت لشعبنا، ولا بصيص أمل لانفراج متوقع.. والحقيقة أني اخجل لمجرد أطروحات نظرية وأنا مكتوف الأيدي لأن التاريخ لا يصنعه إلا أصحاب القوة، والقوة بمفهومي ليست مقالات ولا مثقفين ولا حتى ساسة.. القوة هي القوة تخرج من فوهات البنادق أو في اقل الأحوال حشد شعبي متواصل يزلزل يكون بمعزل عن نخب سياسية تعود بواجهة ثورية..! ورأي عام شبه موحد.. وفي تجربتنا لازالت القوة الأساسية مخطوفة.. وإلا ما سِر هذه الاستعراضات..
أصحبت اليمن مادة دسمة إعلامية، الجميع يتهافتون على سبق إعلامي وتزيد من شعبية وهمية تحت زناد القوة.. والعالم من حولنا عربا وعجما والأممالمتحدة غير متحدة فمثلما يتلاعبون بعواطف الشعب السوري ينطوي الأمر على شعوب أخرى ومنها اليمن ولو بصيغ أخرى.. انها لعبة الأمم وألا فما المانع من تحرك دولي سريع وجاد منذ شهور قبل أن تكبر كرة الثلج.. والشعوب كالأفراد البعض مسيرته متعثرة ويصاب بعلل مزمنة وآخرون ليسوا بهذه الصفة مشكلتنا الوطنية تباين واختلاف رغم تجانس الشعب فلا مللّ أو نحلّ بيننا ومع ذلك نصطنع الاختلاف واقتصاديا تعتبر اليمن غنية بالطبيعة والثروات.. ولكن ينقصنا قيادة فذة وليس زعيم الفرد، ألان أكثر من أي وقت مضى نتغنى بحكمة أول رئيس مدني لليمن فضيلة القاضي العلامة عبدالرحمن بن يحيى الإرياني الذي عزف عن السلطة وتركها طوعا قولا وفعلا وليس كما يجرى ألان من استعراضات استفزازية.
برأي الكثير من المراقبين ان الزعيم الذي يخلد هو رئيس جنوب أفريقيا الذي ترك السلطة طواعية بعد ان عاد بلاده لوضعها الطبيعي حيث الأغلبية المسحوقة أخذت مكانها دون تجاهل العنصر الخارجي الوافد، ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد الذي في مدة حكمة تقل عن المعّني بحديثنا ورغم ذلك نقل ماليزيا إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى!
والرئيس ديجول فاز في الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية بأقل من ستين في المائة فرفض السلطة عندما قال (أن ما يقارب من نصف الشعب الفرنسي لا يريدني..!).
وفي نظرة متفحصة يجب من ذوي لب ان لا يلوم شخص بعينة ولا أحبذ إطلاق صفات تثير حفيظة الآخرين ولكن يظل الآخرون يتحملون مسؤولية ممن يضفون عليه شعبية وهمية أو الطرف الآخر والذين يتباينون في الرؤى وكل يغني على ليلاه مع أن الهدف واحد والشعب واحد فلا ملل ولا نحل.
من تجربة بلدان عربية أكثر إمكانيات من بلادنا ضاعت بين تلك الخلافات التي صنعها المحتل كما حصل في العراق، أما في اليمن فليس هناك محتل وضع لنا دستور (بريمر) ولكننا نأبى إلا نكون أكثر من فئة لدرجة ان الإسلاميين صنفوا بين إصلاح وسلفيين وحوثيين وغير ذلك من ويفترض ان تكون السلطة في أي بلد بعيدا عن المسميات العقائدية.
ولو بقى العراق ملكياً لكان أرقى بلد عربي على الإطلاق فماذا عملت النماذج الأخرى!
وعليه فأن التبجح بأن شكل النظام ومنهجه هو معيار للوصول لغاية رفاه المواطن أو تعاسته أثبتت خطأها فقبل سنوات سؤل خليفة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ زها بينغ بأن إصلاحاته في الانفتاح الاقتصادي للصين سيخرج عن مبادئ ماو فأجابهم بقوله (ليس المهم إن تكون القطة سوداء أو بيضاء.. المهم أن تأكل الفار)، ولكن جمهوريات العسكر العربية لم تأكل الفار بل أكلت شعوبها..!