مازالت قضية مقتل جندي النجدة "عبد المجيد الشراخ"، الذي قتل خلال اشتباكات بين النجدة وما كان يسمى بالحرس الجمهوري بأمانة العاصمة العام الماضي، تعترضها تدخلات نافذين وقادة عسكريين كبار لإنهائها بالصلح القبلي، على الرغم من رفض أولياء الدم القبول ذلك وإصرارهم على مواصلة التقاضي عبر المحكمة. وقتل الجندي الشراخ، في سبتمبر العام الماضي، وهو يؤدي مهمته العسكرية إثر مهاجمة دورية للنجدة من قبل مجموعة جنود يتبعون لواء الصمع بأرحب - حرس جمهوري - بقيادة نجل قائد اللواء حينها "مراد العوبلي".
وفي وقت سابق أبلغ "المصدر أونلاين" المحامي حامد القرم، وهو محامي زوجة وأولاد الجندي الشراخ، ومحامي وزارة الداخلية، أن مشايخ من سنحان، التي ينتمي إليها العوبلي، ومعهم قادة عسكريون كبار في الدولة، تدخلوا ومارسوا ضغوطات على اسرة القتيل لإنهاء القضية بالصلح (التحكيم القبلي)، ما أسفر مؤخرا عن موافقة والد الجندي القتيل للقبول بالتحكيم مقابل تسليمه دية عن ولده مقدارها (33) مليون ريال. لكن المحامي أكد أن زوجة الجندي الشراخ رفضت التحكيم والقبول بالدية، وقررت مواصلة السير في إستكمال إجراءات التقاضي عبر المحكمة المختصة.
وأمس أفاد المحامي، في تصريحات ل"المصدر أونلاين" أنهم مازالوا يواجهون ضغوطا كبيرة وتدخلات متواصلة في القضية لتمييعها بهدف إنهائها وفقا للتحكيم القبلي، مشيرا إلى أنه تم في البداية تغيير مسار القضية بإحالة ملفها الى نيابة سنحان بعد ان كانت متجهة الى النيابة الجزائية المتخصصة.
وأفاد "القرم" بأن لديه معلومات تؤكد أن قائد عسكري "أمني" كبير في الدولة (يحتفظ المصدر أونلاين بأسمه) هو من تدخل لتغيير مسار ملف القضية، مضيفا "ومع ذلك فقد تم إثبات دعاوينا أمام نيابة سنحان عن زوجة الشهيد الشراخ والمصابين وعن وزارة الداخلية"
كما كشف المحامي، أيضاً، أن ضغوطات تمارس من أحد القادة الكبار في الجيش (يحتفظ الموقع باسمه أيضاً) لإطلاق سراح المتهم الرئيسي في القضية"محمد مراد العوبلي"، على ضوء ما تم التوصل إليه من صلح.
وقال المحامي القرم إن النائب العام تلقى – في وقت سابق - مذكرة من هذا القائد العسكري (في الجيش) تضمنت طلب التوجيه بالإفراج عن "العوبلي" كون القضية انتهت بالتحكيم والتصالح، وبناء عليه وجه النائب العام مذكرة الى نيابة سنحان بالتصرف على ضوء ما ورد في اتفاق الصلح.
إلا أن المحامي أكد للمصدر أونلاين أن تلك المحاولة فشلت بعدما قام بالتوضيح لرئيس نيابة سنحان حقيقة ان الصلح والتحكيم كان محصورا بين والد القاتل العوبلي ووالد القتيل الشراخ فقط ولم يشمل زوجة القتيل وأولاده والمصابين من افراد الشرطة وأولياء دم جنود الحرس اللذين قتلوا في الاشتباكات وباقي الضحايا.
ولاحقا، يقول المحامي، أن هذا القائد العسكري نفسه، الذي تم تحكيمه من قبل والد المتهم العوبلي ومشايخ من سنحان لحل القضية، قام بتوجيه مذكرة الى وزير الداخلية طالبه فيها بالتخاطب مع النائب العام لطلب الإفراج عن نجل العوبلي !! وبدوره قام الوزير بتوجيه مذكرة الى النائب العام تضمنت التأكيد على انتهاء القضية بالتصالح وانه يرى الافراج عن محمد مراد العوبلي ومن معه !! وعلى ضوء ذلك وجه النائب العام الى نيابة سنحان بالإطلاع والتصرف وفقا للقانون. الأمر الذي استنكره المحامي كونه يتعارض مع مسئولية الوزير في الدفاع عن أفراد الأمن، ومع القانون لاسيما بعد أن أكد أحد أولياء الدم، وهي الزوجة، الرغبة في مواصلة التقاضي عبر المحاكم القانونية.
ويوم الأحد الماضي، الموافق 3/3/2013م، قامت نيابة سنحان بالتحقيق مع المتهم المذكور وقرر العضو المحقق الافراج عنه بالضمان التجاري الأكيد، طبقا للمحامي الذي أكد للمصدر أونلاين اعتراضه على القرار "كون التهمة جسيمة وهي تهمة القتل العمد وتشكيل عصابة مسلحة ولا يجوز الافراج قبل سماع الأدلة والشهود".
وقال القرم، أنه قدم دفعا بعدم اختصاص نيابة سنحان بالتحقيق في القضية وانعقاد الاختصاص النوعي للنيابة الجزائية المتخصصة، إلا أن النيابة لم تفصل في الدفع، في الوقت الذي تمتنع فيه قيادة الامن المركزي عن ارسال بقية المتهمين الموقوفين لديها الى النيابة للتحقيق معهم، وذلك رغم تحرير النيابة عدة مذكرات بهذا الشأن، إلى جانب صدور توجيهات أخرى من وزير الداخلية بإرسالهم الى النيابة "إلا ان قائد الأمن المركزي يرفض التنفيذ"، طبقا لما أفاد به المحامي.
واعتبر المحامي، في سياق تصريحاته "ان الافراج عن متهم بجريمة قتل عمد بالضمان قبل سماع الادلة تعد سابقة خطيرة وتكشف عدم استقلالية القضاء ومدى النفوذ الذي يمارس للتأثير على اجراءات التحقيق في هذه القضية.."
وفي سياق متصل بالقضية، أكد المحامي القرم أنه تم تقديم دعوى أخرى ضد محمد مراد العوبلي من اولياء دم الجندي في الحرس الجمهوري "رامي دشيلة"، الذي قتل في المواجهات ذاتها، مع ثلاثة آخرين من زملائه.
وكان "دشيلة" أحد جنود الحرس في لواء الصمع بأرحب، الذي - وطبقا للمحامي - أكد أوليائه بالدم أنه تم تكليفه مع مجموعة من زملاءه بالتحرك على متن اربعة اطقم مدرعة كتعزيزات لنجل قائد اللواء العوبلي، الى جولة الحثيلي اثناء مهاجمته لدورية النجدة يوم 8/9/2012م.
وبحسب المعلومات فقد قتل أربعة جنود، بينهم "دشيلة" خلال الاشتباكات مع جنود النجدة في جولة الحثيلي، إلا أنه تم ابلاغ اسرهم بوفاة ابناءهم نتيجة انقلاب احد اطقم التعزيز جوار مستشفى زايد وتم نقل الجثث الى مستشفى 48 والتستر على الحادثة.
وأفاد أولياء دم "دشيلة" ان جثته فيها اصابات بطلقات نارية وطالبوا برفع تقرير طبي عن حالة الجثة او عرضها على طبيب شرعي إلا ان قيادة الحرس الجمهوري ووزارة الدفاع رفضت التحقيق في ملابسات الحادث وكيفية حصوله وتمت ممارسة ضغوط لدفن جثث الافراد مما اضطر اولياء الدم لتقديم شكواهم الى النيابة العامة للتحقيق في كيفية مقتل ابنهم واتهموا محمد مراد العوبلي كونه من وجه بإرسال الاطقم الاربعة لتعزيز مهاجمته لدورية النجدة. ويقول اولياء الدم ان ابنهم كان مكلف في خدمة الوطن ولم يكن بلطجي او في خدمة عائلة العوبلي وطالبوا بمنحهم فرصة لإحضار الشهود واستكمال كافة الأدلة.
وأكد المحامي حامد القرم أن ثمة تواصلا يجرى على مستوى عالي من قبل قيادات كبيرة في الجيش مع اولياء دم الشهيد رامي دشيلة عبر بعض الوسطاء من المشايخ (يحتفظ الموقع بأسمائهم) بهدف طلب التفويض لحل القضية بينهم وبين المتهم محمد مراد العوبلي ووالده.