يتحدث الدكتور ناصر العولقي عن الضربات الأمريكية بسخط، واستغرب كيف أن أحزاب اللقاء المشترك والمجتمع المدني التزموا الصمت ولم يعودوا يدينونها، كما كانوا في عهد الرئيس السابق. وفي هذا اللقاء، مع المصدر أونلاين، يتحدث الوزير الأسبق ناصر العولقي، الذي أنهكته الأيام بعد مقتل نجله الأكبر، أنور، عن الوضع الأمني في البلاد، عارضاً بعض النصائح للرئيس هادي، الذي قال إن علاقة قديمة ومعرفة جمعتهما قرابة نصف قرن.
حاوره - فوزي الكاهلي
نرحب بك دكتور ناصر العولقي في هذا الحوار، ونلتقي بك اليوم بصفتك أبا لأحد ضحايا طائرة بدون طيار (أنور العولقي).. * نسألك حول ازدياد الغارات بشكل ملفت جدا، حتى أنها أثارت الرأي العام والغرب وفي أمريكا؟ - بالنسبة لما تقوم به أمريكا في اليمن وغير اليمن من الضرب بالطائرات بدون طيار في إطار ما يسمى بمكافحة الإرهاب، للأسف الشديد- أن النظام السابق في اليمن برئاسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد وقّع اتفاقية أمنية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية إيام الرئيس بوش، وأيضا بعد أحداث سبتمبر. وبعد حادث السفينة «كول» سنة 2000 في عدن، اضطر الرئيس صالح كي لا يدخل في معركة مباشرة مع الولاياتالمتحدة نتيجة ما حصل في عدن أن يسافر إلى واشنطن ليهدئ الأمور مع الحكومة الأمريكية. وأعتقد بأن الإدارة الأمريكية قد ضغطت على الرئيس السابق من أجل اتفاقية أمنية بين الطرفين تلزم الحكومة اليمنية بأن تتعاون مع الحكومة الأمريكية بمكافحة ما يسمى ب«الإرهاب» في اليمن.
بدأت العمليات الأمريكية بقتل الشيخ أبو علي الحارثي، وطبعا في البداية قالت الحكومة اليمنية إنها هي التي قامت بالقتل، واتضح فيما بعد أن أبو علي الحارثي كان أول ضحية في 2001 للطائرات بدون طيار. وفي ذلك الوقت كثير من اليمنيين وعلى رأسهم أحزاب المشترك استنكروا ذلك الحادث، واعتبروه تدخلا سافرا في الشؤون اليمنية وخرقا للسيادة الوطنية، وطبعا النظام حاول أن يبرر ذلك بشتّى المبررات، ولكن يظل ذلك الفعل تدخلا في اليمن، وفي الأمور الخاصة والداخلية، وامتدت هذه السياسة حتى الآن.
واعتقد بأن الحكومة الحالية والنظام الحالي يسيرون على هذا الطريق، لديهم اتفاق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لمكافحة الإرهاب، وخاصة أن اليمن بعد ما دخلت في إطار المبادرة الخليجية نُلاحظ أنها بموجب هذه المبادرة قد أصبحت عملياً تحت الوصاية الدولية، ونحن نعرف الآن، وأنا لا أقول «هذا صح أو خطأ»، هذا شيء يترك للشعب اليمني، ولكن الظروف التي وجدت في اليمن والثورة التي حصلت في 2011 تمت المبادرة الخليجية، وهذه المبادرة الحقيقة تنص على أن يكون في إشراف على تنفيذها من قبل دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وأمريكا وروسيا والصين.
القول إن أنور كان عميلا للمخابرات الأمريكية كذب، والصحيح أنه مواطن أمريكي ومات وهو يحمل الجنسية الأمريكية * يعني المبادرة الخليجية أعطت الأمريكان شرعية أكثر؟ -الحقيقة هذا ما حصل، لأن المبادرة الخليجية تتكلم عن «مكافحة الإرهاب»، وعن أمن اليمن واستقراره، في الحكومة اليمنية وفاق تام مع هذه الدول لمكافحة الإرهاب والولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي إطار المبادرة الخليجية أخذت زمام الأمور الأمنية والعسكرية، بينما الدول الأوروبية الأخرى أخذت قضايا أخرى. لكن نلاحظ أن تحركات السفير الأمريكي في اليمن تدل على أن الولاياتالمتحدة مهتمة بقضية الأمن وقضية القاعدة في اليمن، ولذلك تريد أن يستمر عملها في محاربة القاعدة بالطائرات بدون طيار، وفي تقديم الدعم اللوجستي للجيش والأمن اليمني. وفي الأشهر الماضية قُتل عدد كبير من اليمنيين، وبعضهم من المدنيين؛ مثلا على سبيل المثال: في 2009 قتل أكثر من 46 من الأطفال والنساء من قبل الطائرات الأمريكية في المعجلة. وللأسف الشديد، إن نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور رشاد العليمي عندما التقى هو والرئيس السابق علي عبدالله صالح بالجنرال بترويوس في دار الرئاسة كانوا الحقيقة يمزحون، وكان كلام العليمي للجنرال الأمريكي «أنه نحن سنكذب على الشعب اليمني والبرلمان، ونقول لهم إنه نحن قمنا بقتل هؤلاء الناس في المعجلة».
* هذا بحسب ما كشفته وثائق ويكيليكس؟ - نعم كشفته وثائق ويكيليكس، وللأسف الشديد، أن الأخ العليمي لما سُئل في البرلمان لماذا قتلتم النساء، قال النساء أولئك كنا يطبخن الفطور للقاعدة. وكأنه يجيز قتل أولئك النساء؛ لأنهن كنّ يقمنَ بطبخ الفطور لما يسمى بأعضاء القاعدة. واتضح فيما بعد من قبل ويكيليكس أن معظم القتلى كانوا من النساء. والحقيقة اتخذ يومها الأخوة في المشترك موقفا قويا من تلك الضربات. ولكن -للأسف الشديد- استمرت الضربات خلال السنتين الماضيتين وسقط مدنيون قبل شهر بين قتيل وجريح، وأكثر من أثني عشر شخصاً من منطقة رداع ومن جعار. وفي أبين قتل العشرات من المدنيين من قبل الطائرات الامريكية والطائرات اليمنية تحت مبرر مقاتلة «القاعدة». وبحسب المصادر الأوروبية والأمريكية هناك أكثر من 2000 قتلوا خلال الخمس السنوات الماضية، وجزء كبير من هؤلاء من الأطفال والنساء، لا يوجد مبرر لمثل هذه الأعمال. وأعتقد بأن الحل الأمني والعسكري لا يمكن أن يحل المشكلة، والعبرة موجودة في الصومال والعراق وأفغانستان. وأتمنّى من قيادتنا السياسية الجديدة أن تبحث عن بدائل أخرى لحل المشكلة مع القاعدة ومع الحركات الأخرى. أما المواجهة بالقتال فنحن يجب أن نتعلم العبرة من حروب صعدة، ومن هذه الحروب الأخرى.
اليمن بحاجة إلى الأمن والاستقرار، وأعتقد بأن ناس مثل القاعدة يمكن عمل هدنة معهم، وإذا رفضوا الهدنة يمكن لدولة أن تنظر في أي بدائل تراها مناسبة. لكن أعتقد بأن المواجهة، وأنا أسمع في هذين اليومين أن هناك حملة عسكرية في رداع، بأن هذا ليس الحل الأمثل؛ لأن الجيش اليمني منهك.
أنا أعتقد أن هذا سيزيد من أعداد المناصرين للقاعدة، وسيعقد المشاكل أمام الدولة وأمام الحوار الوطني المرتقب. ولذلك اتمنّى أن الدولة وقيادتنا السياسية تنظر في هذا الأمر بجدية وتنظر للمصلحة العليا للبلاد، وتنظر إلى الموضوع من زاوية مصلحتنا كيمنيين؛ هل هذا يخدم مصالح اليمن أم يخدم مصالح دولة أخرى؟ أنا أريد لليمن أن يكون له علاقات دولية وعلاقات إقليمية ممتازة مع الدول الأخرى، ولكنني أرفض رفضا قاطعا التدخل السافر في الشؤون اليمنية من قبل هذه الدول، والعمل الذي تقوم به الولاياتالمتحدةالأمريكية.
أعتقد بأن هذا يعتبر عملاً حربياً سافراً على اليمن ووجود المارينز في اليمن وفي فندق شيراتون وفي العند وأنه عمل مستنكر. وأتمنّى أن يتم سحب هذه القوات في أقرب فرصة ممكنة؛ لأن هذا سيعقد الأمور أكثر وسيجعل مسألة الحوار الوطني صعبة جدا. والدولة الآن تواجه مشاكل في الجنوب ومشاكل في صعدة ومشاكل أخرى عديدة، وتواجه مشاكل اقتصادية، تعتبر من أهم قضايا الشعب اليمني، الذي يرزح 50% منه تحت خط الفقر.
*هناك خبراء أوروبيون وحتى أمريكيون أكدوا نفس كلامك أن هذه الضربات الجوية للطائرات بدون طيار ستزيد من حجم تنظيم القاعدة، لكن الملاحظ في 2012 نفذت هذه الطائرات حوالي 30 غارة، الآن وخلال 15 يوما في يناير نفذت أكثر من 10 غارات، هناك زيادة مُخيفة جدا، كيف تفسر هذا الأمر؟ - والله، أنا أعتقد بأن هذا كله في إطار المبادرة الخليجية؛ يعني هذه الدول التي تريد لهذه المبادرة أن تنجح تعتقد بأنه أولا يجب التخلص من تنظيم القاعدة.
ابني كان فقط داعية اسلامياً، ولم يكن ارهابياً، والشباب الغربي اليوم ينشر تعاليم أنور حتى قال أحد المسؤولين الأمريكيين «أنور العولقي أزعجنا حياً وميتاً» * ليس توجها أمريكيا فقط، ولكن توجه لكل الدول الراعية؟ - هذا شيء يخص هذه الدول وسياساتها، ولكن الذي أقوله إن القاعدة هي فكر، ومن الصعب جدا محاربة الفكر عسكريا وأمنيا. هناك بدائل، وهذه البدائل جربتها السعودية ونجحت. فلماذا لا نجربها في اليمن. والقاضي حمود الهتار قد جرب ونجح إلى حد كبير. ولا أدري لماذا توقف القاضي حمود الهتار في محاولته للتفاهم مع هؤلاء الشباب. وأتمنّى من الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي أُكن له كل الحب والتقدير وأعرفه من قبل 24 عاما وأعتقد بأنه يمني وطني يعمل من أجل الوطن، أن ينظر في هذا الأمر بجدية، وأن ينظر في المصلحة الوطنية والمصلحة العليا لليمن، وأن يعرف أن هذا الأسلوب سيزيد من أعضاء القاعدة. وأنا أعرف قبل ثلاث سنوات لم يكونوا سوى مئات، أما الآن فقد أصبحوا في كل مكان. واعتقد بأن هذه السياسة التي تتخذها الدولة هي سياسة خاطئة إلى حد كبير، ولا بُد أن تُراجع هذه السياسة. وتفكّر في سياسة أخرى من أجل الحد من هذه الظاهرة، ولكن ليس بطريقة السلاح والقتل. القبائل في اليمن إذا حصل لهم شيء سيقاتلون الدولة، وهذا الذي يحصل في اليمن.
* زيادة الغارات الجوية للطائرات بدون طيار جعلت بعض الناس يقول إن الحكومة اليمنية لم تعد تسيطر على سمائها نهائيا؟ - أنا كنت متفائلا بحكومة الوفاق الوطني، التي نصفها من أحزاب المشترك، الذين كانوا ينتقدون الرئيس السابق، في سياسته مع أمريكا وغير أمريكا، ولكن الذي أشوفه الآن نفس السياسة بل بالعكس: هذه السياسة الآن أصبحت مسكوتا عنها، ما أحد يتكلم عنها. وأنا مش ضد أي اتفاقيات أمنية بين الدول، ولكن هذه الاتفاقيات يجب أن تكون محكومة وبموافقة البرلمان، أما الذي نراه الآن فهو تدخل سافر في السيادة اليمنية.
* دكتور، أنا لفت نظري في حوار مع السفير الأمريكي، نُشر قبل أيام، في رده على سؤال «هل الحكومة اليمنية موافقة على هذه الطلعات»، هو لم يقل مباشرة «نعم» ، وقال إن الرئيس هادي والمسؤولين يقولون إنهم موافقون. كأنه لا يريد أن يتورط في الرد المباشر؟ - والله - كما قلت لك - في الماضي كان في معارضة شديدة للتدخل الأمريكي واستخدام الطائرات بدون طيار واستقدام الجنود الأمريكيين. ولكن -للأسف الشديد- الآن نرى أن هناك تدخلا سافرا وجنودا أمريكيين على الأرض. فندق الشيرتون الآن استأجرته السفارة الأمريكية. وأعتقد بأن هذا بموافقة الحكومة اليمنية، لا أعتقد بأن الأمريكان دخلوا اليمن بالقوة أبدا. هناك موافقة، وإذا كان هناك موافقة أعتقد بأن من حق الشعب اليمني ومن حق البرلمان اليمني أن يعرف مثل هذه الاتفاقية؛ هل تسمح بالتدخل السافر في الشؤون اليمنية، إذا كان هذا، لماذا لا تعرض على البرلمان، والبرلمان يقول رأيه فيها؟ وإذا كان البرلمان يمثل الشعب اليمني فلا بأس. لكن إذا البرلمان مش موافق، ولم تناقش هذه الاتفاقية مع البرلمان اليمني؟!
*يعني تعتبر موافقة الحكومة الآن غير شرعية؟ - انا لست رجلا في القانون، ولكنني أعتقد بأن هذه التصرفات من قبل الحكومات المتعاقبة غير صحيحة، لأنها لم تأخذ شرعيتها من قبل البرلمان اليمني، وأنا ذكرت لك موضوع العليمي الذي كان يتمسخر بالبرلمان اليمني، ويقول «نحن بنضحك عليهم، ونقول لهم أنه نحن الذين قتلنا اليمنيين مش الأمريكان».
*طيب يا دكتور، لو قارنا جرائم القاعدة بجرائم الحوثيين أو ما تقوم به الآن اللجان الشعبية في أبين من جرائم مسكوت عليها، فلماذا هذا التركيز على القاعدة، ولا ننظر لجرائم الآخرين؟ - للأسف الشديد، إن هناك ما يسمى بالحرب الدولية على القاعدة، والرئيس بوش قال بعد أحداث سبتمبر «إما أن تكون معنا أو ضدنا»، وقسّم العالم إلى فسطاطين؛ فسطاط أمريكا وفسطاطا معادياً لأمريكا. وللأسف الشديد، إن كثيرا من دول العالم الثالث مشت على هذا المنوال. ولما نأتي إلى اليمن، يعني مسألة الحوثي كم قتلى وكم قتلى قتلتهم القاعدة، أنا لا أبرر قتل عسكري واحد، لكننا ننظر إلى الحوثيين والتمدد الذي يعملونه، هذا خطر على الجمهورية.
جماعة القاعدة لو قلنا كلهم سلبيات، إلا أنه لهم إيجابية واحدة، وهي أنهم من كل مناطق اليمن، بل من خارج اليمن، وأعتقد بأن إخواننا في الحراك لو كانوا من القاعدة كان يمكن قد حولوا الجنوب إلى دولة مستقلة، لكن وجود القاعدة يبدو أنه أربك المُخطط. وأنا هنا لا أعترض على ما يريده شعب الجنوب، ولكن أتمنّى أن يرشّد. لا أريد أن أدخل في هذا الموضوع. وحقيقة القاعدة تنادي بوحدة المسلمين، فالتركيز على القاعدة بتوجيهات أمريكية. أما الحوثي الذي يصيح «الله أكبر .. الموت لأمريكا»، حسب قول السفير الأمريكي إنه كلام على الورق، والحقيقة لم نرَ مشاكل ولا حروبا بين الحوثيين والأمريكان، المشكلة هي بين القاعدة والأمريكان، ويعرف 10 من الأمريكان يقتلون تنظيم «القاعدة» في اليمن، وفي خارج اليمن، فمسألة الحوثي مسألة مذهبية، أتمنّى فعلا أن يوجد لها الحلول، وأنا ضد الحروب مع الحوثيين. وأعتقد بأن أي مساعٍ لتغيير الأمور قد فات عليها الزمن. ولكن إذا لهم مطالب أخرى فالحوار الوطني موجود، وعليهم أن يطرحوا ما يرون من خلال الحوار. ونفس الشيء، إخواني في الجنوب عليهم أن يحضروا إلى الحوار ويطرحوا ما عندهم حتى لو أرادوا الانفصال يطرحوه، لكن أنا شخصيا وعايش في صنعاء منذ 35 سنة، ومن أبناء الجنوب ومن شبوة ومن العوالق، اتمنّى من إخواني الجنوبيين أن يفكِّروا ملياً، أنا أعرف المظالم التي تمت بالجنوب والعبث بالجنوب وكل ما حصل في الجنوب من مآسٍ من 94 حتى الآن، أنا لا أبرر أي شيء من هذا، وأنا ضده تماماً، ولكن أنا شخصياً مع دولة اتحادية فيدرالية لليمن من إقليمين أو أكثر، أما الانفصال والله لن يأتي إلا بالخراب على الشمال والجنوب، والوضع كان قبل 90 كانت مشاكل بين الجنوب والشمال، هل هذه المشاكل ستتوقف لو انفصلوا من جديد، أعتقد بأنها سوف تستمر.
*دكتور، ننتقل إلى موضوع ولدكم أنور الذي قتل في 2011 في غارة أمريكية نشرت عنه «الديلي تلغراف» البريطانية كلاما قبل أيام إنه متورط في عدة جرائم، نريد تعليقك عليه؟ - والله يا سيدي ما كتبته «الديلي تلغراف»، نُقل في أحد المواقع الأمريكية المحافظة المتشددة أن أنور له علاقة بأحداث سبتمبر، وقيل في الصحف إنه اشترى تذاكر جماعة 11 سبتمبر، وهذا الكلام – لعلمك - خالٍ من الصحة تماماً. أنور العولقي كان موجوداً في الولاياتالأمريكية، وكان طالب دكتوراه في جامعة جورج واشنطن عندما حدثت أحداث سبتمبر، وعملت الصحف الأمريكية وحتى صحيفة «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» والمحطات الأمريكية مقابلات مع أنور، وقالوا إنه يمثل الوسطية الأساسية في أمريكا، وأنه يمكن أن يكون جسرا بين الغرب والشرق.
«الضربات الأمريكية تزيد من أنصار القاعدة وقبل أن يقتل أنور العولقي كان لديه 2200 مقطع في الإنترنت، واليوم أصبح لديه 11000 مقطع» حتى أنور لم يُتهم بأي اتهام بعد أحداث سبتمبر، وكان هناك في لجنة من الكونجرس، وذكرت اسم أنور، وقد يكون له علاقة، ولكن التقرير الذي طلعت به اللجنة لم يثبت أي شيء ضد أنور، ثم إن ال(إف بي آي) نفسه قام باستقصاء كامل وتحرٍ كامل، وجاء خبيران من ال(اف.بي.اي) إلى اليمن، وعملوا مقابلة مع أنور لمدة يومين، ورفعوا تقريرا إلى ال(سي. آي. أيه) وإلى ال(إف. بي. آي) إن أنور ليس له أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأحداث سبتمبر. وكل هذه من أجل النيل من أنور العولقي؛ لأنهم أرادوا النيل من شخصيته وفشلوا. لعلمك، أنور العولقي قبل وفاته كان له 2200 مقطع على الانترنت في الدعوة الإسلامية، واليوم عنده 11000 مقطع؛ لأن الشباب في العالم الغربي من المسلمين كلهم ينشرون تعاليم أنور ومحاضراته، الآن هم يريدون أن يقضوا على هذه الظاهرة؛ ظاهرة أنور العولقي. ولكن أنور العولقي أصبح داعية إسلامية معروفاً، وأعتقد بأن ارتباطه بالإرهاب، وكل هذا الكلام، للنيل منه فقط. أنور لم يكن إلا داعية إسلامياً وأبحاثه ومحاضراته وكتبه وأشرطته موجودة في العالم كله. ويجب أن يعرفوا أنهم كانوا يبيعونها في مكة، وفي جدة، وفي دبي، إلى قبل ثلاث سنوات، ثم جاءت توجيهات أمريكية وأخذوها. أنا بنفسي اشتريت أشرطة أنور عن الصحابة من المدينة المنورة، ويبيعونها بالمفتوح، ليس في الخفاء. أعتقد بأن كل هذا الكلام الذي تكتبه الصحف هو من أجل النيل من ظاهرة أنور العولقي وشخصيته. وكما قال احد المسؤولين الأمريكيين: «أنور أزعجنا حياً ويزعجنا الآن ميتاً»، وإن شاء الله سيزعجهم دائما؛ لأن كلمته «كلمة الحق».
*ما صحّة ارتباطات مشبوهة لأنور مع المخابرات الأمريكية، وأنه على تواصل معهم حتى مارس؟ - والله، أنا زعلان من جريدة «المصدر»، التي كتبت هذا التقرير، وأدت عناوين – للأسف - مغلوطة تماما. وقالت إن واشنطن دبّرت هروب قيادات القاعدة، وبعدها قالت إن العولقي اعتقل أكثر من مرّة، وأُطلق سراحه، وظلت واشنطن على تواصل معه حتى مات. أنا بلخّص لك هذه في دقيقتين، أنور العولقي خرج من أمريكا برضاه في عام 2002، خرج من أمريكا إلى بريطانيا ثم رجع، ولم يكن مطلوباً ولا أي شيء، وخرج من المطار ولم يكن معتقلاً. أما كلام أنه اعتقل وأطلق سراحه فكذب.
*اعتقل عدة مرات؟ - لا، لا، لم يحدث هذا، واتحدى أي واحد يقول إن هذا حصل، هو فقط لما جاء إلى اليمن في عام 2002، ثم أراد أن يرجع مرة أخرى إلى أمريكا فذهب في أكتوبر 2002 إلى أمريكا مع زوجته وابنه عبدالله، ووصلوا إلى المطار واستوقفوهم هناك مدة ساعتين، وسألوهم بعض الأسئلة، ثم في نهاية الساعتين قالوا لهم «عفوا». وهذا الكلام موثق، قالوا لهم «شكرا ومتأسفين»، وأعطوهم قهوة يشربونها، ثم ذهبوا إلى واشنطن، وجلس أنور عدة أشهر في واشنطن ثم رجع إلى بريطانيا، ولم يتم اعتقاله. أما كلام أنه كان متواصلا مع الأمريكان فهذه كذبة كبيرة، والذي حصل كالتالي: أن أمريكا عن طريق وزارة الخارجية، اتصلت بالسفارة الأمريكية في صنعاء سنة 2010، وقالوا لهم «نشتيكم تستدعوا أنور العولقي وتقولون له في معه رسالة»، أيش هو محتوى الرسالة، ما نشرته الصحف؛ سحب الجنسية الأمريكية منه. وللعلم إن محاولات وزارة الخارجية باءت بالفشل؛ لأن سحب الجنسية الأمريكية لا تتم إلا بموافقة الكونجرس (مجلس النواب الأمريكي)، ولهذا مات أنور وهو مواطن أمريكي؛ لأنه ولد في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولهذا قضية التواصل هي من طرف واحد يعني الأمريكان يقولون إن عندهم رسالة لأنور، وكيف يتواصلون معه، وهم يريدون أن يضربوه بالطائرات، ويقتلوه في سنة 2011، فهذا الكلام كله تلفيقات وأكاذيب، إنما الذي حصل استدعاء أنور، وقالوا له داخل السفارة إنه يخالف القانون الأمريكي.
* من أبلغك بهذا الكلام من داخل السفارة؟ - هذا الكلام موثق بالجرائد. هذا الكلام كتبته هذه الصحف نفسها، لكنها - للأسف الشديد- لما ترجمت المقال لم تترجمه بطريقة صحيحة، وآخر علاقة لأنور بالأمريكان لما راح يجدد الجواز لأولاده آخر مرة قبل 5 سنوات من نوفمبر 2009، حتى توفاه الله. لم يكن له أي تواصل مع الأمريكان، وهذا معروف، اقرأ الجرائد، الأمريكان كانوا يستهدفونه بالقتل.
* كان هناك إعلان أنهم يريدون قتله؟ - طبعاً، وهذا الإعلان كان في يناير 2010، فهل يعقل أنه من 2011 يتواصلون معه، في إرسال رسالة له، والتي لم يتصلوا به مطلقاً. وأنا اتحدى أي شخص في السفارة الأمريكية اتصل بأنور بخصوص هذه الرسالة التي بقيت داخل أروقة السفارة الأمريكية بصنعاء، ولم يعلم بها أنور.
* ما حكاية الجاسوس الدنماركي، الذي قال انه من أوصل الأمريكيين إلى أنور؟ - هذه قصص من الخيال، لكن في الواقع الذي قرأته...
الجاسوس الدنماركي دخل الإسلام عن طريق السلفيين وذهب إلى دماج ثم عاد إلى النصرانية وأصبح عميلاً للاستخبارات الامريكية * هذا منشور في الصحف؟ - نعم، تماما. قصدي أنها قصص الأقلام، لكن هذا إنسان - حسب قوله - جاء إلى اليمن سنة 2000، وأنور عاده كان في أمريكا، ثم جاء ودخل في الإسلام عن طريق السلفيين، وراح إلى دماج في صعدة، وبدأ ينسجم مع التيار السلفي في اليمن ثم من 2006 في يناير - حسب قوله - تعرف بأنور بعدما رجع من بريطانيا، وقال انه خلق صداقة قوية مع أنور، ثم اعتقل بعد ذلك أنور في 2006 من قبل الأمن السياسي في اليمن، وخرج في ديسمبر 2007 من السجن، ويقول هذا الدنمركي انه تواصل مع أنور بعد ذلك، وأنه من ذلك الوقت قد تحول من الإسلام إلى النصرانية، وأنه قد اصبح جاسوساً للمخابرات الدنمركية والأمريكية والبريطانية، وعندما ذهب إليهم كلفوه بمتابعة أنور العولقي، وقالوا له دبّر شيئا للتواصل مع أنور، وكيف يمكن نصطاده.
* عام كم هذا؟ - عام 2008 – 2009، وهناك -حسب قوله- انه في بنت كرواتية أسلمت، واتصلت به عن طريق الانترنت، وقالت له انها تريد أن تتعرّف على أنور العولقي وتتزوجه. طبعاً أنور في ذلك الوقت إحدى زوجاته كانت عندي مع ابنها، والثانية كانت عند أهلها في قيفة.
* هن الاثنتان يمنيتان؟ - نعم، يمنيتان، وحسب الرواية التي قرأتها في الصحف، أن هذا الرجل اقنع أنور على مضض أن يتزوج هذه البنت، وهذه البنت فعلاً ضحكت عليه المخابرات، واتت إلى صنعاء تحت مبرر انها تتعلم اللغة العربية، ثم جاءوا إليها أشخاص إلى صنعاء، وأخذوها إلى أنور، ولكن بدون شريحة التجسس أو جهاز التجسس، لأن شنطتها قالوا لها تتركها في صنعاء، ويبدو أن المخابرات اليمنية والأمريكية حصلوا على هذه الشنطة. فالمحاولة هذه فشلت وحصل الدنمركي على 250 ألف دولار مقابل ترتيب الزواج، وهذه الزواجة كان الغرض منها قتل أنور.
* تزوجها فعلاً أنور؟ - يبدو أنه تزوجها - حسب قول هذا الرجل- طبعاً نحن لا نعرف، لكن حسب ما يقول وجاب صور تؤكد كلامها وجاب كلاما من أنور أنه يريد أن يتزوجها وجابوا صورتها وكل الناس شافوها يعني نحن مثلنا مثل غيرنا.
* يعني لم تلتقوا بها نهائياً؟ - أبداً، أنا في صنعاء وأسرة أنور في صنعاء، واقسم بالله انّي لا أدري أنه عاش في الجوف، ولما قتل أنور في الجوف كان هذا بالنسبة لي مفاجأة كبيرة كنت اعتقد بأنه في شبوة، ولهذا ابنه الصغير عبد الرحمن في سبتمبر 2011 ذهب إلى شبوة يدوّر على أبيه، ثم لما قتل أبوه كان يجيء إلى عندنا، ولكنه قتل بعد يومين من قبل الطائرات الأمريكية، وهذه جريمة، ونحن الآن في المحكمة في أمريكا لمقاضاة الحكومة الأمريكية.
* عبد الرحمن ألم يكن قاعدة وليس له علاقة؟ - يا أخي عبد الرحمن عمره 15 سنة والعربية نشرت أن عمره 21 سنة، ومصدر يمني قال انه 27، والأمريكان قالوا انه كبير، ثم أثبت لهم بشهادة الميلاد أنه من مواليد 95، ثم سكتوا ولم يتكلم أي شخص حتى الحكومة الأمريكية سكتت، ولذلك نحن نقاضيهم الآن في المحكمة حتى يعطونا الحقيقة، لماذا قتل عبد الرحمن، لماذا استهدف عبد الرحمن.
* هل عرفتم مصير هذه الكرواتية؟ - والله لا أدري.
* لأنه ربما حملت من أنور؟ - والله نحن لا نعرف شيئا عنها، ولكن في هناك معلومات غير مؤكدة انها ما زالت موجودة في اليمن، لكن نحن لا نعرف عنها شيئا، الحقيقة فوجئنا بهذا الكلام كله، كنا نعتقد بان انور إذا تزوج سيتزوج واحدة يمنية.
* حتى هي ألم تحاول الاتصال بكم نهائيا؟ - والله هذا غريب عنّا، ولا نعرف عنه شيئا، فمن الصعب أن واحدا يتواصل معك. لكن حسب ما نشروا انها تزوجته فعلا، نحن لسنا متأكدين من هذه المعلومات.
* أنت عشت في أمريكا فترة طويلة، ولد فيها أنور، فكيف كانت نشأته هناك؟ - أنو ولد في أبريل 1971، ونشأته كانت عادية مثل أي شاب عربي - أمريكي مسلم.
* هل التقى بمتطرفين عرب؟ - لا، لا، عاده صغير، عشنا في أمريكا إلى أن وصل أنور إلى السابعة، ثم لما عدنا إلى اليمن الحقنا أنور بمدرسة آزال التي انشأناها. وللعلم أن أنور هو الذي سمى مدرسة «آزال» بهذا الاسم. وأنا متأكد عندما كنا في بيتي مع الدكتور القربي والدكتور عبدالوهاب محمود والدكتور عبدالواحد الزنداني -كانوا في غداء عندي- وكنا نتكلم عن ابنائنا الذين جاءوا من الخارج، وتم الاتفاق على إنشاء هذه المدرسة. فأنور دخل علينا، وكنا نفكر في الفكرة، وهو صغير 7 سنوات، وقال سموها «آزال» اسم صنعاء القديم. وفعلاً سميناها «آزال». ثم درس أنور فيها، وأكمل الثانوية فيها. وكان من أوائل الجمهورية، وسافر إلى أمريكا في يوم 23 مايو 1990، بعد تحقيق الوحدة بيوم، وكنت خرجت من الحكومة في ذلك الوقت، وجابوا بدلي صادق أمين أبو راس وزيرا للزراعة. الحقيقة سافر أنور ثم أخذ البكالوريوس في الهندسة المدنية في عام 1994، وفي صيف 94 أتى إلى اليمن وزوجته في الإمارات العربية بنت واحد طبيب أطفال (ابن عمي يسكن) في الإمارات.
كان ابني أنور يدرس في مدرسة آزال مع أحمد علي ونسيب القربي * هل كان ملتحيا ومتدينا من تلك الأيام؟ - كان عادياً مثله مثل أي طلاب، بالمناسبة كان يدرس مع أحمد علي ومع نسيب القربي.
* هذا في آزال؟ - نعم في آزال! في أمريكا، حقيقة أنور الذي أثر عليه كثيراً الهجوم الأمريكي على بغداد من عام 1991، كان له أثر كبير جداً عليه عندما رأى بغداد اتصل بي، وقال لي «الآن بغداد كلها دخان»، وكانت بغداد بالنسبة له عاصمة العباسيين، وهو يعرف التاريخ. فتألم وبكى. وكان يكلمني في التلفون وهو يبكي، كان عادة شاباً عاديا تماماً، ثم التقى ببعض الفلسطينيين وبعض الشباب العربي، وبدا يخطب في المسجد في كلورادو إماماً للمسجد، لأن لغته الانجليزية ممتازة ولغته العربية ممتازة، وهنا بدأ يفكر في الدعوة الإسلامية ويثقف نفسه في العلوم الإسلامية.
* من عام كم؟ - من عام 1991 إلى 95، بعد ما زوجته، وهو في ولاية كلورادو، ثم انتقل إلى كليفورنيا وأصبح إمام مسجد هناك اسمه «الرباط»، وبدأ ينشر الأشرطة لخطب الجمعة والمحاضرات في كل أنحاء أمريكا، ثم انتقلت هذه المحاضرات إلى بريطانيا وإلى استراليا وإلى جنوب أفريقيا وإلى الهند، وباكستان وفي جدة، وفي دبي. أنور لم يكن إرهابياً، ولم يفكر في الإرهاب، ولم يكن أحد له علاقة بسبتمبر، وحتى في اليمن لكانت علاقته بالقاعدة علاقة قبلية من ناحية الحماية، وقد يكون بعض الأهداف العامة للإسلام، قد يكون مثقفاً عليه إقامة دولة إسلامية، أما أنه كان معهم تنظيمياً اتحدى واحد يقول لي إنه انضم يوما من الأيام إلى القاعدة.
* قضى في أمريكا حوالي 12 سنة؟ - 19 سنة من حياته في أمريكا.
* 12 سنة، وهو شاب وبدأ يخطب في المساجد، أنت لا تدري بمن اختلط هناك؟ - اختلط بشباب عاديين إسلاميين فلسطينيين، والذين كانوا يشرفون على المسجد كانوا سعوديين، يعني أنور كان في مسجد يجيء الدعاة إليه في رمضان من السعودية، وأنا أستطيع أثبت انه لم تكن له علاقة بهذه الأشياء، هذه كلها تلفيقات وكلها شغل مخابرات.
أنا ضد الانفصال، وأؤيد الدولة الاتحادية، وأدعو الجنوبيين إلى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وإلى طرح الأفكار للنقاش، لأن المقاطعة ستكون خطأً استراتيجياً فادحاً * أنا متأكد من هذا الكلام بعد ما عاد إليك رأيته شاباً؟ - يا أخي رجع هنا عادي في 2006، التقيت بسفير يمني، وأنا كنت ضمن الوفد اليمني لمؤتمر المانحين في لندن، وقال لي «ابنك مسجون بأوامر أمريكية، وابنك الآن ما معك إلا تتفاهم مع الأخ الرئيس يخرجه من السجن، أما الأمريكان فهم يخافون دعوته». وللعلم أن وزير الأمن الداخلي قال - وكنا على عشاء - نحن لسنا ضد أنور إنه مقاتل، نحن ضد ما يقوله أنور، ولهذا ننصحكم يا حكومة اليمن أن تخلوه داخل مش خارج السجن، لأن خارج السجن سيستمر في الدعوة وسيربكنا، هذا كلام وزير الأمن الداخلي، وما فيش داعٍ لذكر اسم هذا السفير.
* لكنه لم يلبث في سجن الأمن السياسي إلا 8 أشهر؟ - لا، جلس سنة وستة أشهر، الرئيس السابق عندما اقتنع أن الوزير ليس عليه شيء افرج عنه، لكن المخابرات.
* لكن عندما طلبه في 2010 لم يستجب؟ - والله يا اخي، الطائرات كانت تواصل عليه، كيف الانسان يستجيب والطائرات من كل جانب، بالعكس بدأت أنا وساطة مع أنور بتوجيهات من علي عبدالله صالح، وسافرت بتوجيهات من علي عبدالله صالح، والتقيت بأنور، ولكن بعد رجوعي إلى صنعاء الأمن اليمني في شبوة قالوا ان عندهم توجيهات من المصري وزير الداخلية باعتقال أنور، واتصل بي محافظ شبوة الأحمدي، وقال عندنا توجيهات باعتقال أنور، قلت له كيف الرئيس يقول جيب أنور إلى صنعاء، وانتم عندكم أوامر باعتقاله؟! فهذا ينم على التناقضات في المخابرات والأجهزة الأمنية، فانا شكيت واتصلت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقال لي «أنا ما عندي هذا الكلام انه في أوامر باعتقاله، فعلى كلٍ أنور انتبه إلى نفسه». وقال ما في داع ارجع إلى صنعاء، واستمر في ذلك المنوال في قريته في الصعيد، أرض أهله وأجداده، وفي نهاية 2009 استهدفوه وقالوا انه كان مع الشهري وأبو بصير، ولم يكن هناك في هذه الضربة. ثم في يناير 2010 أصدر الرئيس الأمريكي أوباما قراراً باستهداف أنور بالقتل، ثم ذهبت إلى المحكمة الأمريكية والقضاء الأمريكي، وقلت لهم: يا جماعة، لماذا الرئيس الأمريكي يستهدف ابني، وذهبت إلى المحكمة. وللأسف الشديد، القاضي بعد ستة أشهر أصدر بيانا من 80 صفحة، وحاول يقول فيه ان الدكتور ناصر غير مؤهل للدفاع عن أنور، وأن أنور يستطيع أن يأتي إلى أمريكا ويدافع عن نفسه. سبحان الله كيف يأتي أنور وهو مستهدف من قبل الطائرات الأمريكية. ثم بعد مقتل أنور في 30 سبتمبر 2011 مرة أخرى وقف معي عدد كبير من المحاميين الأمريكيين ومؤسسة «هود» في صنعاء، وعملنا قضية في أمريكا، والآن هذه القضية ستكون لها دور كبير في وقف العمل الذي تقوم به أمريكا بالطائرات بدون طيار كل هدفي الآن. أنور قد راح وعبد الرحمن قد راح.
* هل استلمت جثتيهما؟ - لعلمك، أنور قتل في الجوف مع ثلاثة أشخاص، ودفنوه في الجوف في نفس اللحظة، وراح ابني إلى هناك، ولكنهم لم يروحوا إلى القرية التي قُتل فيها؛ لأسباب مختلفة. أما بالنسبة لعبد الرحمن، فأنا ذهبت إلى المقبرة التي دفن فيها مع ابن عمه وخمسة آخرين أخذوا اشلاءهم ودفنوهم في قبر واحد في شبوة. الأمريكان ضربوهم بصواريخ اسمها «هل فايير» يعني نار الجحيم. شوف التسميات الأمريكية، وضربوا عليه ثلاثة صواريخ وعلى طفل عمره 15 سنة وقتلوهم، وهم يتعشون في الساعة 9 ونصف الليل، وقتل وهو على مسافة 400 كيلو متر من المكان الذي قتل فيه أبوه. وأنا ليس أمامي إلا أن أقاضي الحكومة الأمريكية وفقاً للقانون الأمريكي، وكل ما أطمح إليه أن هذا القضاء الأمريكي ينصفني في مقتل ابني وحفيدي وابن عمي.