الصحافة ليست محل احترام دائماً، فهناك من يراها امرأة سيئة السمعة يجب أن تخضع لدروس في الفضيلة. بعيداً عن هذا الوصف المثير، وما يمكن أن يجلبه للصحفيين، فإن الحقيقة الوحيدة التي يمكن الوثوق بها هي أن الصحافة تعكس صورة المجتمع، كيفما كانت تكون. يحصل أن تكون الصحافة أكثر بذاءة من عاهرة متمرسة، ويحصل أن يبيع الصحفي نفسه تحت سيف الحاجة أو إغراء السلطة، لكن كل ذلك لا يجعلنا نفقد إيماننا بالصحافة. فلا يوجد صحفي عاقل يرى نفسه من جنس الملائكة لكن في المقابل ليس هناك من مبرر لأن يُتهم الصحفي بأنه خرقة متسخة. فعلى مدى العقود الماضية تعرّضت الصحافة والصحفيين لحملات تشويه منظمة من الأنظمة الاستبدادية باختلاف مذاهبها السياسية والفكرية، فكل صحفي من وجهة السلطة عدو حقيقي.
إذا كانت مصلحة السلطة -أي سلطة- تتحقق في سحق الصحافة، فإنه من الغريب أن يتقبل أي مجتمع هذه الفكرة غير البناءة. في مقارنة ذات دلالة رأى الصحفي الأمريكي توماس فريدمان أن الفرق بين الصحفي العربي والصحفي الأمريكي أن هذا الأخير يستيقظ من النوم ثم يتناول قهوة الصباح، ثم يسأل نفسه: بماذا يجب أن أصف الرئيس الأمريكي، هل أصفه بالغبي أو الوقح أو الفاشل؟. أما الصحفي العربي فيستيقظ من النوم، ثم يتناول قهوة الصباح، ثم يسأل نفسه هل لو قمت بعملي اليوم سوف أُقتل أو أُسجن أو سيُقطع راتبي.
أشبه بالسير فوق الأشواك هي مهنة الصحافة في العالم العربي. أما في اليمن فيمكن أن يأخذ الموضوع شكلاً أكثر إثارة يتمثل في أن الصحافة في أحيان كثيرة تبدو عملاً يتجاوز حدود الأدب واللياقة.
برغم كل شيء، أجدني منحازاً للصحافة على الرغم من يقيني بوجود من يتخذ منها جسراً لتحقيق رغباته القبيحة وممارسة الرذيلة، أما لماذا، فلأن الصحافة مهنة ضمير، ولا بد أن تتكلم بالحق يوما ماً.
يمكن أن تكون هذه العبارة ختاماً جيداً لموضوع يثير الصخب دائماً. في الولاياتالمتحدةالأمريكية يحكم الرئيس أربع سنوات وتحكم الصحافة للأبد على حد قول أوسكار وايلد، أما في الدول العربية، وفي مقدمتها اليمن، فإن الرئيس يحكم والصحافة تحاول أن تعيش.