بات ملف مذبحة الكرامة يشكل مصدر قلق للرئيس السابق علي عبدالله صالح مجدداً بعد أن ظن لفترة أنه قد أغلق هذا الملف نهائياً بعد حصوله على الحصانة التي نصت عليها المبادرة الخليجية وأقرّه البرلمان. إلا أن الموضوع اتسع ولم يعد ملف مجزرة جمعة الكرامة فقط هو ما يهدد السكينة التي يحاول صالح أن يستظل بها وهو في مرحلة تلقي علاج نفسي بعد صدمة مغادرته السلطة، حيث وجه النائب العام الأسبوع الفائت استدعاءً لصالح ونجله أحمد وعلي صالح الأحمر للتحقيق على خلفية إطلاق صاروخ على الوساطة التي أرسلها إلى منزل الشيخ الأحمر في الحصبة.
ونقلت صحيفة «المصدر» اليومية الصادرة اليوم الأربعاء عن مصدر لم تكشف هويته تأكيده أن الرئيس عبدربه منصور هادي بعث مؤخراً برسالة لصالح عبر وسطاء خيّره فيها بين ترك قيادة المؤتمر الشعبي أو أن يذهب إلى محاكمة على ذمة ملف مجزرة جمعة الكرامة التي وقعت في الثامن عشر من مارس 2011 وراح ضحيتها نحو خمسين من شباب الانتفاضة.
وأضاف المصدر أن تلك الرسالة جاءت بعد أن اجتمع صالح بأعضاء اللجنة العامة طرح لهم فكرة دعوة اللجنة الدائمة للاجتماع لانتخاب رئيس للمؤتمر في إشارة تحمل مضمون تجديد الشرعية لصالح في رئاسة المؤتمر وتقوية موقفه أمام الضغوط التي يواجهها لمغادرة موقعه في رئاسة المؤتمر الشعبي.
مصدر: صالح عقد اجتماعاً بأعضاء اللجنة العامة لحزبه وطرح فكرة دعوة اللجنة الدائمة للاجتماع لانتخاب رئيس للمؤتمر في محاولة لتجديد الشرعية له وبحسب صحيفة «المصدر»، فإن ستة من أعضاء اللجنة العامة رفضوا فكرة دعوة اللجنة الدائمة للاجتماع بغرض تجديد الشرعية لصالح، وبالتالي فقد جاءت رسالة هادي لصالح قوية بأن تشبثه بقيادة المؤتمر سيفتح له ملفاتٍ قد لا تكون نتائجها محمودة.
وكان محامو جمعة الكرامة أطلقوا تصريحاتٍ عن حصولهم على إشارة من المحكمة التي تنظر في القضية بإمكانية استدعاء صالح وأقاربه الذين كانوا على رأس وحدات عسكرية وأمنية نفذت هجمات على ساحة التغيير التي كان يعتصم فيها شباب الثورة المطالبون بإسقاط صالح وعائلته.
عندما يشعر صالح بأن التهديد بسحب الحصانة واستدعاءه للتحقيق في جرائم انتهكت خلال عام 2011 يُوعز إلى مقربين منه بالمطالبة بإلغاء الحصانة، وهو ما تردد على صفحات ال«فيس بوك»، أمس الثلاثاء، أن فريق المؤتمر في مؤتمر الحوار تقدم بطلب لإلغاء الحصانة.. في إشارة إلى أن صالح وعائلته غير مكترثين بدعوات التحقيق والمحاكمة.
وأصبح المراقبون للشأن السياسي يعتقدون بأن وراء كل تصريح أو تلميح من النائب العام أو مختصين بالشأن القضائي إلى استدعاء صالح ومحاكمته توترات بين الرئيس هادي وبين سلفه صالح حول رئاسة المؤتمر الشعبي ومحاولة تحجيم الدور الذي يلعبه صالح والذي يُتهم بإقلاق السكينة وتشجيع تمردات داخل وحدات عسكرية أو اعتداءات تطال خطوط الطاقة وأنابيب النفط.
وكانت المحكمة الإدارية نظرت، أمس الأول الاثنين، في قضية رفعتها منظمة معنية بجرحى وضحايا الثورة ضد الرئيس عبدربه منصور هادي لعدم تسميته أعضاء لجنة التحقيق في انتهاكات 2011 التي كانت في الأصل مطلباً دولياً بتشكيل لجنة دولية تحولت إلى محلية، لكن وعلى الرغم من صدور قرار تشكيل اللجنة قبل سبعة أشهر فإنه لم يصدر قرار بتسمية أعضائها حتى الآن.
وكل هذه التحركات تعد مؤشراً على الدفع نحو تقليص تأثير صالح ونجله وأفراد عائلته، الذين يبدون ممانعة شديدة في إفساح المجال للمُضي في عملية التغيير، حيث تأخر تنفيذ الدفعة الأخيرة من القرارات الجمهورية والمتعلقة بأقارب صالح وعلى رأسهم نجله أحمد الذي أزيح من منصبه العسكري وعين سفيراً لليمن لدى الإمارات، لكن القرار لا يزال نظريا حتى اللحظة، حيث مضى قرابة شهر ولم يؤد العميد أحمد اليمين الدستورية بسبب ما تقول وزارة الخارجية إنه تأخر دولة الإمارات في إرسال رد على طلب الخارجية.