شوارع واسعة.. سماء صافية.. أُناس طيبون.. صورة فوتوغرافية جميلة. يقابلها اعمده سَموم ملتهب تنزل من السماء لاسيما عند الظهيرة، تحاول الهرب منها يميناً وشمالاً، وأنت في خضم مسلسل الهروب اليومي تُهرع الى منزلك الذي يفترض بالأصل ان يكون واحتك وأن يكون فرشه وثيراً لك وان يكون ملاذك من كل ذلك كما في كل بلاد الدنيا تصله هربا من ذلك السَموم كيف لا، وقد صنع لك العقل البشري ملاذات فرار وتخفيف من كل ذلك فصنع لك «المروحة» و«المكيف».. وتصل بيتك مبلل الملابس ليتها من غزارة مطر ولكنها من سخيم عرق وتبريد إلآهي لجسمك كي لايشتعل..!
تدخل منزلك محاولاً توزيع ابتسامة تستلها من بين كل تلك المعاناة توزعها على مضض لأهل البيت وتتحلل من ملابسك جرياً وراء قطرات ماء تبلل بها جسمك وتفتح حنفية الماء العجيبة التي لاتستطيع الوقوف تحتها مباشرة والمفارقة انه جرى العُرف ان المُستحم يتنظر الماء قليلاً ليسخن إلا في حالتك فإننا ننتظره ليبرد!! وكأن «براميل» الماء في أسطح المنازل قدور تغلي من أول بزوغ النهار حتى غياب آخر شعاع للشمس.
ليس مهما مقدار اللسع الذي يصيب جلدك حينها بقدر فرحك بالبلل الذي الذي حصل له وحلمك بالدخول في غرفتك واسترخائك تحت نسائم الهواء الذي قدتبعثة لك «مروحتك» العتيقة أو «مكيفك» الصدئ.
وأثناء ذلك، وانت تُهرع اليهما تأتيك الصاعقة ان التيار الكهربائي مقطوع وعودته تعتمد على أصحاب البدلات الشيك والمكيفات المركزية في بلاد «البرود» في صنعاء وعلى نظرتهم لأهل هذه المحافظة أنهم لازالو من بني البشر أم لا..؟! وهل يستحقون الحد الأدنى من أساسيات المدنية المفترضة أم لا..؟!! والأدهى ان تجد لهم صدى من مسؤولي وقيادة المحافظة ومشايخها يزايدون لهم ويبررون.. لكن لاعجب لأنهم مما ورثوه من ثروات من أبائهم وأهليهم ومن رواتبهم اولئك الشرفاء..؟!!! عندهم مولدات كهرباء تغطي حارات بأسرها فكيف لهم أن يشعروا بما يعانيه الأخرين!!
هل لأن أبنائها لايقطعون طريق وليس فيهم كلفوت ولا أبن «بارم ذيله»؟!!
وهل لأنهم مسالمين يؤمنون بالمدنية..؟!!
وهل لأنهم رغم كل ذلك المحافظة الأكثر التزاماً بتسديد فواتير الكهرباء؟!!
وهل لأنهم لايزال داعيهم يدعو الى مظاهرات شموع فقط الى قيادات المحافظة الفاسدة ويظنون أنهم بذلك قد أوصلو شكواهم؟!! وهل لأنهم لم يتجابوا مع المشاريع الأثنية او الجهوية ولم ينغلقوا عليها..؟!
وهل لان مظاهراتهم لاتكسر “كنبه"ولاتهشم "زجاج“ولاتحتل منشأة..؟!
هل لأجل كل ذلك تعاقب كل هذا العقاب لتُجر الى مستوى البداوة المنتكس الذي أصاب اليمن قاطبة بعد ان جُرت عدن وتعز؟!!
ذلك هو المسلسل اليومي لساكن الحديده البسيط.. من أول يومه حتى منتهاه.
هل تدركوا كم يُستفز منكم خلال ال 24ساعة؟!
من لحظة استيقاضه حتى يسجى ميتاً فوق فراشه جثة هامدة آخر النهار..؟!!
لمن لايزال فيه ذرة من ضمير في قيادة البلد اتقوا الله فيمن مكنكم من رقابهم ربي وتأكدوا ان القلوب تغلي في هذه المحافظة وإذا استطعتم أن تشكلوا لجنه للكشف على ثوران باطن ارض تهامة يوماً وتفصلوا تقريرها سلفاً لتسكتوا به الأفواه
فإنه مع الإنفجار القادم جراء غليان القلوب والأفئدة.
فإنه لن تجدي معه لجان ولا تقارير.. وبيننا قريب الأيام.