هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    الرعب يجتاح قيادات الحوثي.. وثلاث شخصيات بمناطق سيطرتها تتحول إلى كابوس للجماعة (الأسماء والصور)    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    "هل بصمتك ثمن معاملتك؟ بنك الكريمي يثير قلق العملاء باجراءات جديدة تعرض بياناتهم للانتهاك    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    عمران: مليشيا الحوثي وضعت الصحفيين في مرمى الاستهداف منذ اليوم الأول للانقلاب    كهرباء عدن تعلن عن انفراجة وشيكة في الخدمة المنهارة والغضب يتصاعد ضد بن مبارك    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    استشهاد جندي من قوات درع الوطن خلال التصدي لهجوم حوثي شمالي لحج    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    لو كان معه رجال!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارطة الطريق باليمن في المنعطف الحرج
نشر في المصدر يوم 25 - 11 - 2013

بعد عامين على توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، في الرياض، لم يخف رعاة المبادرة العشرة قلقهم، من تعثر التسوية السياسية والتباطؤ في إنجاز مهام مؤتمر الحوار الوطني، بعد أن تجاوز أمده بشهرين.

والخميس، أفصح سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية عن ذلك القلق، رغم إشادتهم بالنجاحات وتهنئة الشعب اليمني بها.

وأشار بيان صدر، عن اجتماع السفراء، أنه لاحظ "بقلق أن أعمال المؤتمر استمرت لمدة شهرين بعد فترة انتهائه المقررة".

وكان مقرراً انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني في 18 سبتمبر الماضي، غير أن الأطراف المشاركة في الحوار لا زالت تراوح مكانها وتتبادل الاتهامات حول العديد من القضايا الرئيسية المحورية، خصوصاً ما يتعلق بحلول القضية الجنوبية، وشكل الدولة القادمة، والعدالة الانتقالية، ومحددات الحصانة من الملاحقة القضائية الممنوحة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومن عمل معه خلال فترة حكمه.

وعبر البيان عن أسف المجموعة من ايقاف "بعض الجماعات للعملية الانتقالية وذلك بتعليق مشاركاتهم، أو التهديد بفعل ذلك بالرغم من أن القضايا الأكثر تحدياً بقيت غير محلولة حتى الآن"، مشيراً إلى أن بعض الأطراف المشاركة حالياً في المفاوضات "اتخذت مواقف تعيق تقدم الحوار بدلاً من تسهيل إيجاد الحلول لهذه القضايا العالقة".

وحثت مجموعة السفراء العشرة مؤتمر الحوار انجاز أعماله بأسرع وقت ممكن، مع اقتراب الذكرى الثانية لتوقيع المبادرة الخليجية، ومن الجلسة القادمة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 27 نوفمبر 2013.

في 23 نوفمبر 2011، اجتمع في الرياض الفرقاء السياسيون (المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه والمجلس الوطني لقوى المعارضة الذي يضم اهم تحالف سياسي معارض ممثلاً باللقاء المشترك وشركاؤه)، ووقعوا المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة كاتفاق يفضي لانتقال سلس للسلطة من الرئيس السابق إلى نائبه، وتشكيل حكومة وفاق وطني بالمناصفة بين الطرفين الموقّعين، ضمن حزمة التزامات أخرى، شملها الاتفاق الذي جاء كمخرج للبلاد، التي شهدت ثورة شعبية تطالب بإسقاط نظام صالح، الذي حكم البلاد 34 عاماً.

المرحلة الانتقالية الأولى.. اجتياز ناجح بمؤشرات التغيير
حدد الاتفاق الفترة من توقيع الاتفاقية وحتى 21 فبراير 2012 كفترة انتقالية أولى، يمارس خلالها نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي صلاحيات الرئيس السابق بما فيها تشكيل حكومة الوفاق الوطني واللجنة العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار والدعوة إلى انتخابات رئاسية خلال فترة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاقية.

سمت أحزاب المشترك التي تسنّمت القوى المعارضة لنظام صالح، محمد سالم باسندوة، مرشحاً لرئاسة الحكومة، وصدر قرار القائم بأعمال الرئيس بتكليفه رئيساً للحكومة في 27 نوفمبر 2011، واستمرت مفاوضات تشكيلها في 7 ديسمبر 2011، المكلفة بإدارة المرحلة الانتقالية، وسبقها بأيام تشكيل لجنة الشؤون العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار.

لم يخلُ إصدار هذه القرارات من مخاض عسير حول حيثيات تشكيلها، فضلاً عما تزامن معها من احداث واختلالات أمنية، ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، خصوصاً في تعز التي كانت تتعرض حينها لقصف مستمر من قوات موالية للنظام.

باشرت الحكومة مهامها للمرحلة الاولى محكومة بالتوافق ويفصل الرئيس ورئيس الوزراء فيما استعصى عليه، وحددت مهامها بوقف أعمال العنف وضمان احتياجات المواطنين الأساسية والإنسانية على ان تلتزم وهيئاتها ومؤسساتها وأجهزتها معايير الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان.

وشرعت لجنة الشؤون العسكرية في العمل على إنهاء الانقسام في العاصمة، التي شهدت تنازعاً بين وحدات الجيش الموالي للنظام السابق والمنشق عنه، ورفع المتاريس المستحدثة من قبل الطرفين إضافة إلى ما يتعلق بمعالجة التوتر في منطقة الحصبة وما جاورها بعد أن شهدت مواجهات متقطعة بين قوات موالية للرئيس السابق ومسلحين يتبعون الشيخ القبلي البارز صادق الأحمر ومعالجة شبيهاتها في تعز وأرحب.

حينها كانت مهام القائم بأعمال الرئيس والحكومة محدودة في إدارة المهام المتعلقة بانتقال السلطة والتحضير للانتخابات وتطبيع الأوضاع الأمنية والاقتصادية وإدارة ملف العلاقات الدولية مع المانحين على أن تتخذ القرارات في مجلس النواب بالتوافق.

كان أهم إجراء اتخذه مجلس النواب هو اقرار قانون الحصانة من الملاحقة القضائية الذي منح للرئيس السابق ومن عمله معه خلال فترة حكمه تنفيذاً لاتفاق التسوية، وهو القانون الذي خرج إلى العلن في 21 يناير 2012.

هيكلة الجيش والقاعدة ومؤتمر الحوار.. أبرز عقد المرحلة الثانية
بانتخاب هادي رئيساً للبلاد، في 21 فبراير 2012، ووفقاً لمحددات اتفاق التسوية، بعد أن ألزمت جميع الأطراف بانتخابه كرئيس توافقي بلا منافس، كان محتماً عليه وعلى حكومته الشروع بتنفيذ التزامات معقدة فرضتها التسوية في ظل ظروف اقتصادية وأمنية أكثر تعقيداً.

كانت أبين ومناطق بمحافظات أخرى خاضعة لسيطرة القاعدة ومعها أوضاع اقتصادية غاية في التعقيد، خصوصاً مع استمرار ازمة المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء، فضلاً عن شلل كبير ينتاب مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بفعل احتجاجات موظفيها للمطالبة بإقالة مسؤوليها أو بحقوق خاصة، فضلاً عن استمرار انقسام الأطراف العسكرية والقبلية.

اتخذ الرئيس الانتقالي حزمة قرارات لهيكلة الجيش والأمن، كان أولها تغيير قائد المنطقة العسكرية الجنوبية مهدي مقولة وعدد من القيادات العسكرية المحسوبة على الرئيس السابق، إضافة للمحافظين والمسؤولين التنفيذيين، تعرّضت كثير منها للرفض والتمرّد، لكنها كانت تنفذ في النهاية.

وتزامناً مع ذلك، وبالتحديد ابتداءً من شهر مايو 2012 شرع التحضير لمؤتمر الحوار الوطني بتشكيل لجنة الاتصال الرئاسية للتواصل مع مختلف الاطراف في الداخل والخارج تحضيراً للحوار، بعدها شكلت اللجنة الفنية لمؤتمر الحوار الوطني منتصف يوليو، استمرت في التحضير للمؤتمر حتى مارس 2013، وكغيرها من المهام لم تكن اللجنة بمنأى عن عراقيل وتعقيدات المرحلة.

خلال تلك الفترة تمكّنت الحكومة من إعادة الكهرباء التي كانت منقطعة بفعل اعتداءات تعرّضت لها أبراج نقل الطاقة في مناطق قبلية تمتد من مارب إلى صنعاء، رغم استمرار الاعتداءات عليها بشكل متقطع، كما حصلت على دعم سعودي أسهم في تحقيق قدر كبير من الاستقرار في المشتقات النفطية.

عسكرياً، خاضت قوات الجيش معركة حاسمة مع عناصر جماعة انصار الشريعة التي استولت على أبين في مايو 2011، وتمكّنت من إستعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرة القاعدة في أبين ومناطق أخرى مجاورة منتصف يونيو 2012، لكنها تحملت كلفة باهظة، بمقتل مئات الجنود بهجمات مباغتة لعناصر القاعدة في أبين ومناطق أخرى، فضلاً عن مقتل قائد المنطقة الجنوبية اللواء الركن سالم قطن بتفجير انتحاري في عدن، بعد أسبوع من تحرير أبين.

وفي 19 ديسمبر 2012، أقرّ الرئيس هادي خطة هيكلة الجيش بمساعدة خبراء وأجانب، وكان أبرز محتواها إلغاء التشكيلات العسكرية التي كانت سائدة، كالحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع، ودخلت القرارات حيز التنفيذ في العاشر من أبريل 2013، بصدور قرارات قضت بإعادة تشكيل وتسمية المناطق العسكرية، وعزل قيادات عسكرية بارزة، أهمها قائد الحرس الجمهوري نجل الرئيس السابق العميد أحمد علي عبدالله صالح، الذي عُيِّن سفيراً في الإمارات، وقائد الفرقة الأولى مدرع الأولى مدرع قائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء علي محسن الأحمر، الذي عُيِّن مستشاراً أمنياً وعسكرياً للرئيس.

وحظي الجهاز الأمني بنصيبه من التغيير، إذ صدرت في فبراير الماضي قرارات بإعادة هيكلة وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية وأجريت تغييرات واسعة شملت عدداً من القيادات الأمنية.

مؤتمر الحوار.. المخاض الأكثر صعوبة
ورغم التعقيدات التي رافقت تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني، إلا أنه دشن في 18 مارس الماضي، بعد أن ضمن الرئيس مشاركة فصيل مهم يمثل الحراك الجنوبي في المؤتمر.

عملت فرق العمل التسع المنبثقة عن المؤتمر على مناقشة جذور المشاكل والأزمات التي تشهدها البلاد في مختلف جوانبها، خصوصاً ما يتعلق بقضيتي الجنوب وصعدة وبناء الدولة، يناط بالمؤتمر الخروج بحزمة محددات وموجِّهات دستورية وقانونية تفضي لصياغة دستور جديد، يضع حلاً للقضية الجنوبية والمشكلة الاقتصادية وبناء دولة مدنية تقوم على الديمقراطية والحكم الرشيد.

وما فتئت مسيرة المؤتمر تتعرض لكثير من الخضات ويسودها التوتر والتلويح بالمقاطعة والانسحاب من قبل بعض الأطراف، مع ما رافق المؤتمر من وقفات احتجاجية وخلافات واسعة حول الجذور قبل الحلول ومطالبات بتنفيذ اشتراطات كانت قد اقترحتها لجنة التحضير للحوار لمعالجة قضية الجنوب بشكل رئيسي، تعرف بالنقاط العشرين..

ورغم إحداث بعض التقدّم في معالجة بعض القضايا المتعلقة بمظالم الجنوب، خصوصاً ما يتعلق بمشكلتي الأراضي والمتقاعدين، وصدور اعتذار حكومي نيابة عن الحكومات السابقة عن حرب صيف 1994، وحروب صعدة، إلا أن كثيراً من المعالجات لازالت تراوح مكانها، وتواجه تعقيدات مالية وسياسية جمة لإنفاذها.

حددت فترة انعقاد المؤتمر بستة أشهر، تنتهي في 18 سبتمبر الماضي، بالتصويت على مخرجات المؤتمر، إلا أن المؤتمر يواجه كثيراً من العراقيل على صعيد التوافق على حلول القضية وشكل الدولة، والعدالة الانتقالية، ومعايير الحكم الرشيد، وبعد زيادة شهرين إضافيين على الموعد الزمني المضروب لانتهائه، ما زال يراوح مكانه على صعيد التوافق على حلول القضايا العالقة.

مسيرة عامين.. تعقيدات البداية لازالت مستمرة وأكثر خطورة
لا يبدو أن البلاد تجاوزت بنجاح مهام التزامات التسوية السياسية المفترض إنجازها خلال المرحلة الانتقالية، كذلك فإن من الصعوبة القول بفشلها، لكنها تواجه عثرات كبيرة تهدد بذلك.

ومع المضي بتنفيذ التزامات التسوية السياسية، مع ما يرافقه من بطء وتعثر، تواجه البلاد انفلاتاً أمنياً واسعاً، وتدهوراً اقتصادياً، وتعثراً في مسار الحوار الوطني.

خلال الفترة الماضية أنزل تنظيم القاعدة ضربات موجعة بقوات الأمن والجيش، تمثلت باغتيال عشرات الضباط الأمنيين والعسكريين في مختلف المحافظات، فضلاً عن هجمات خاطفة استهدفت مواقع للجيش وذهب لها عشرات الجنود بين قتلى وجرحى، كان أبرزها اقتحام عناصر القاعدة لمقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية مطلع أكتوبر الماضي.

ولم يكن المدنيون بمنأى عن تبعات الانفلات الأمني إذ استمرت حوادث الاختطاف للأجانب والمواطنين اليمنيين وبظروف غامضة غالباً، كذلك تعرّض سياسيون ومسؤولون حكوميون ودبلوماسيون في البعثات الأجنبية لاغتيالات واختطافات وتهديدات..

وتفجر نزاع مسلح في منطقة دماج بصعدة بين جماعة سلفية وبين جماعة الحوثي التي تبسط نفوذها على المحافظة كلياً ومناطق أخرى مجاورة لها منذ مارس 2011، كسلطة أمر واقع، في ظل وجود شكلي للدولة، وتوشك تبعات هذا الصراع أن تودي بالبلاد في أتون حرب طائفية يتداعي لها أنصار الطرفين، خصوصاً مع إخفاق لجنة الوساطة الرئاسية في التوصل لحل نهائي يوقف الصراع.

وتتواصل الهجمات على البنى التحتية وخصوصاً أنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة لتحرم الدولة مصادر دخل أساسية في ميزانيتها، وتكبدها مبالغ باهظة كلفة إصلاحها ما زاد من فقر الخزينة العامة للدولة المنهكة أصلاً والمثقلة بالقروض المحلية والأجنبية.

مضى عامان على مسيرة التسوية السياسية بكل التزاماتها، تقدّمت في بعض الجوانب وتعثرت في بعضها الآخر، تسوية يفترض بها أن تنجز عقداً اجتماعياً جديداً، وتنتهي بانتخابات نيابية ورئاسية، وفقاً لما يحدده الدستور القادم، كان مفترضاً أن تنجز في فبراير القادم، لكن يبدو أن التعقيدات أكبر من أن يتم إنجاز حلولها في غضون الجدول الزمني المحدد، وتلوح مؤشرات ذلك في تأخر مؤتمر الحوار الوطني لشهرين، دونما وجود بوادر انفراج جوهرية حتى اللحظة.

وبانتظار ما ستتمخض عنه الأشهر المتبقية في عمر المرحلة الانتقالية، وفقاً لجدولها الزمني المفترض، تبدو البلاد مثقلة بذات الأزمات التي جاءت التسوية السياسية وحددت المرحلة الانتقالية لمعالجتها..

احتقان وتجاذب سياسي في الذروة ووضع أمني مهترئ وحالة اقتصادية متردية، وحوار وطني مثقل بكثير من التعقيدات، ويواجه بكثير من العراقيل، وتهديدات ارهابية محتملة، ونزاع يؤسس لفتنة طائفية مرعبة، ورهان صعب على ذات النخب، وأكثرها كانت سبباً مباشراً في كل تلك الأزمات، على إنجاز الحلول وتحقيق التغيير المنشود للمواطن.

مع اقتراب الموعد الزمني المفترض للنهاية لازال سؤال البداية قائماً، هل سينجز اليمنيون؛ دولة، وحكومة، وفرقاء سياسيون، في غصون ثلاثة أشهر تقريباً ما تعثرت مسيرة إنجازه في عامين، أم أن البلاد ستبقى أسيرة المراوحة المألوفة بين الخلاص والتعثر وربما الفشل والانهيار، سؤال ترتبط إجابته بمخاض عسير، يفترض أن تسفر عنه المرحلة الانتقالية المفترض، بما تبقى من عمرها البسيط على الأقل، لكن ما هو مؤكد بالضرورة أن خارطة الطريق اليمنية تمر بمنعطف هو الأكثر خطورة وحرجاً منذ بدايتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.