تتشابه مهمة تعليم الأبناء وتربيتهم مع مهام الدول في تشييد المشاريع، فكما يتسبب إهمال الوالدين في تعثر مستوى أبنائهم التعليمي، يتسبب الإهمال الحكومي في تعثر المشاريع واندثارها، وأيضاً يلجأ بعضهم إلى تعليم أولاده في مدارس راقية أجنبية من التمهيدي وحتى الدراسات العليا، ولكن هذا النوع من التعليم ذو مظهر خارجي فقط أشبه ما يكون بالعمائر العملاقة والملاعب والنوافير التي لا جدوى منها سوى للدعاية السياحية فقط، ولا تعود بمنفعة حقيقية على الدولة كالبنى التحتية أو الصناعات الثقيلة، فيما هناك من يسعى إلى إنجاح أبنائه بأي وسيلة حتى لو كانت الغش، لتظهر حقيقة مستواه التعليمي عند قراءته لأول جملة بشكل سيء، رغم أنه يحمل شهادة ذات معدلات أشبه بالانتخابات الرئاسية العربية. وبالمثل تقوم الدولة الفاشلة بالغش في مشاريعها، المهم أن يتم الانتهاء من المشروع وبأي صورة كانت، فقط كل المطلوب هو إثبات النجاح أمام الخارج سواءً من المانحين أو ذوي القروض، ولا يهم النتيجة الكارثية التي سيؤول إليها المشروع ذو المواصفات المغشوشة.
والغش من أسوأ الوسائل للنجاح في الناحيتين التعليمية أو الاستثمارية، فبداية يعتبر براءة من الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن ناحية أخرى يدمر العملية التعليمية لما ينتجه من جيل كامل يحمل شهادات فارغة وغير قادر على الفهم أو التفكير بوعي صحيح ومنطقي، وفي الناحية الأخرى تكون المشاريع الكبرى عرضة للانهيار أو التسبب في كوارث بيئية، إلا أن ضررها أقل من ضرر الغش في التعليم، فهي مقتصرة على مجموعة محددة من الناس أما الغش في التعليم فضرره على الأمة بأسرها.