البرلمان الإيراني يعلّق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    مليشيا الحوثي تقتحم منزل أحد المواطنين شرقي تعز وتختطف ثلاثة من أبنائه    ضمن خططه الاستراتيجية لتطوير كرة القدم النسائية.. "كاترينا فاليدا" تقود أخضر الناشئات    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    رفع السيارات المتهالكة من شوارع الأمانة    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    بوليتيكو: استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها.. بل عزّز خيارها النووي    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    استشهاد بطلين من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة الضالع الحدودية    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    تقرير أممي: استمرار تدهور الاقتصاد اليمني وارتفاع أسعار الوقود والغذاء    صنعاء.. الخدمة المدنية تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية    إدارات أمن عدد من مديريات إب تحيي ذكرى الولاية    اليمنية توضح تفاصيل حادث عرضي لطائرة في مطار عدن    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    الأهلي المصري يودع مونديال الأندية    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    إيران تنتصر    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سميح القاسم.. صوت أخير من جيل شعر المقاومة يرحل
نشر في المصدر يوم 20 - 08 - 2014

غيب الموت الشاعر الفلسطيني سميح القاسم (1939- 2014) بعد صراع طويل مع المرض. وبوفاة القاسم تكتمل دورة الشعر الفلسطيني؛ حيث رحل أغلى ممثيله من محمود درويش إلى راشد حسين وتوفيق زياد.
هذا الجيل الذي وجد نفسه محاصرا بعد عام 1948 منقطعا عن جذوره العربية فأوجد لغة جديدة، أسست لما عرف بأدب المقاومة الذي عرف الشهيد غسان كنفاني القاريء العربي به، من خلال هذه الأصوات النقية التي حلمت بالرومانسية الثورية وعانت كلها من فترة الطوارئ التي طبقها النظام الجديد- إسرائيل ضد فلسطينيي عام 1948، وقد عانى كل هذا الجيل من زياد وإميل حبيبي ودرويش من السجن والاستبعاد والإقامة الجبرية والحرمان من العمل.
ولد سميح القاسم عام 1939 في مدينة الزرقاء الأردنية حيث كان والده يعمل "كابتن" في قوة حدود شرق الأردن، ثم عادت العائلة واستقرت في بلدتها الرامة، حيث عاش سميح وتعلم في المدرسة الابتدائية ثم انتقل للناصرة ليكمل دراسته الثانوية وهناك تعرف على عدد من الزملاء الذي أصبحوا أسماء لامعة في الأدب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة مثل راشد حسين وشكيب جهشان وجمال قعوار وطه محمد علي وتوفيق فياض وغيره. وأثناء الدراسة ظهرت مواهب سميح القاسم الشعرية.
وبعد الثانوية واجهه أول تحد في حياته وهو فرض التجنيد الإجباري على الدروز وهو ما رفضه سميح حيث قام بإنشاء تنظيم الشبان الدروز الأحرار وانضم إليه عدد من الشبان الدروز، وانتقمت منه السلطات الإسرائيلية واعتقلته حيث أرسلته للعمل في غرفة الموتى في مستشفى رمبام في حيفا، وفرضت عليه الأعمال الشاقة مثل حفر الشوارع. ولكنه لم يسكت وظل يحرض من يعملون معه على السلطات حتى اضطرت لتسريحه من الجيش وعاد لبلدته الرامة حيث مارس سلسلة من الأعمال الشاقة وانتسب فترة لمعهد التخنيون في حيفا لدراسة الهندسة ثم عاد وعمل في التدريس. وكان القاسم ينقل من مكان لآخر بسبب صراحته وتحديه للسلطات.
أصدر اشاعر الراحل أول دواوينه الشعرية "مواكب الشمس" عام 1958 ثم أتبعه ب "أغاني الدروب" في العام 1964. واعتقلته السلطات الإسرائيلية أكثر من مرة، وفرضت عليه الإقامة الجبرية، وصادرت أعماله الشعرية حتى إن المفكر الفرنسي جان بول سارتر اعترض عندما صادرت السلطات ديوانه "ويكون أن يأتي طائر الرعد" (1969).
بعد فصله من التدريس عمل في الصحافة، مع الصحافي اليساري يوري أفنيري في "هعولام هازيه" ( العالم اليوم) عام 1966 ولكنه اختلف معه وانتقل للعمل في صحيفة "الغد" و "الاتحاد"، و "الجديد" وأسهم مع عصام فاخوري بإنشاء "دار عربسك" و "المؤسسة الشعبية للفنون" مع عصام فاخوري في حيفا. شغل منصب "رئيس اتحاد الكتاب العرب" و "اتحاد الكتاب الفلسطينيين" في إسرائيل، ورئيس تحرير مجلة "إضاءات". وشغل رئيس تحرير "كل العرب"، حيث ظل يكتب فيها عموده "نقطة سطر جديد".
طوال حياته الأدبية أصدر أكثر من 60 عملا شعريا ونثريا- سرد ومسرحية وكولاج ومقالات وجمعت أعماله في سبعة مجلدات، وترجم أعمالا أدبية من العبرية والإنجليزية. وكتبت عنه العديد من الكتب النقدية والرسائل الجامعية وترجمت أعماله لعدد من اللغات العالمية. كرم خلال حياته وحصل على عدد من الجوائز الأدبية منها وسام القدس للثقافة الذي منحه له الرئيس الراحل ياسر عرفات، وجائزة الشعر من وزارة الثقافة الفلسطينية، وجائزة الغار من إسبانيا، وجائزة البابطين، وجائزة نجيب محفوظ. وشارك في العديد من المؤتمرات واللقاءات الشعرية في العالم العربي وأوروبا وأمريكا.
تميز شعره بالتركيز على الهم القومي والعروبي فهو ابن النكبة عام 1948، وعاش أحلام ثورة الضباط الأحرار عام 1952 ومجموعته "مواكب الشمس" ما هي إلا مديح للعروبة ونشيد للعالم العربي. وتأثر سميح القاسم من جذوره العربية والتراث الإسلامي وانفتح على التجربة الماركسية حيث انتمى مبكرا للحزب الشيوعي كما وعى ثقافته الدرزية، كل هذا جعله منفتحا وباحثا عن المعرفة "لم أقل كلمتي الأخيرة والكلمة الاخيرة يجب أن تكون مختلفة عن التي سبقتها".
تتميز رحلة سميح القاسم مثل جيل شعر المقاومة بالحنين الرومانسي فدواوينه الثلاثة مواكب الشمس وأغاني الدروب و سربية إرم تعبر عن النفس العروبي والغناء للثورات العربية من احمد بن بيلا وجميلة بوحيرد وللثورات العالمية من تشي غيفارا وباتريس لومبابا.
ثم جاءت الثورة الفلسطينية وانطلاقتها عام 1965 فدشنها بأربعة دواوين "دمي على كفي" (1967)، "دخان البراكين" (1968)، "سقوط الأقنعة" (1969) و "يكون أن يأتي طائر الرعد" (1969). وأكدت هذه الدواوين وما كتبه في المرحلة الثورية على أهمية الصراع الطبقي ودور المرأة في الثورة.
في المرحلة الثالثة عبر شعر سميح القاسم عن خيبات الثورة ومآسيها وأيلول الأسود والحرب الأهلية في لبنان وتل الزعتر وانتشرت فيها كلمة الموت كما في دواوين "قرآن الموت والياسمين" (1971)، "الموت الكبير" (1972) و "مراثي سميح القاسم" (1973)، "إلهي إلهي لماذا قتلتني" (1974) و "ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" (1976). ورغم هذه النزعة فقد تميز شعر القاسم حتى فترة الثمانينات بالتمسك بالهوية العربية والتسامح والتمسك بالارض والإنفتاح على العالم.
اهتم القاسم بتصوير صمود المقاومة البطولي في بيروت وطرابلس والجنوب اللبناني، وخروج المقاومة وما رافق ذلك من حزن وكآبة وهذا واضح في دواوين " جهات الروح" (1983)، "قرابين" (1983) "سربية الصحراء" (1984)، "برسونا نان غراتا" (1986) و "لا أستأذن أحدا" (1988).
في "سبحة للسجلات" (1989) دشن فيها مرحلة التغني بالدولة الفلسطينية 1988 والإنتفاضة عام 1987.
لم يتوقف نشاط سميح القاسم على الشعر فقد كتب المسرحية مثل "قرقاش" (1970)، وتوثيقا "من فمك ادينك" (1974) و "الكتاب الأسود" (1976) عن أحداث يوم الأرض. وفي الرواية كتب راوية شخصية "إلى الجحيم أيها الليلك" (1977)، وفي رواية "الصورة الأخيرة في الألبوم" (1980) صور فيها المواجهة بين المقاومة والقوات الإسرائيلية.
في الرسائل الأدبية كتب مجموعة رسائل متبادلة بينه وبين محمود درويش على صفحات مجلة "اليوم السابع" وصدرت في كتاب "الرسائل" (1989) بالإضافة لمحاولات نثرية مثل "الإدراك" (2000) وقبله "مطالع من انثولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام" (1990)، وفي نفس العام نشر كتابه "رماد الوردة ودخان الأغنية" عن ذكرياته ورسائله المتبادلة مع راشد حسين.
وإبداع سميح القاسم متنوع ومتعدد الاتجاهات وينحو أحيانا للمعلقة كما في "بغداد" (2008) والذي جمعه فيه قصائده الطويلة العمودية التي تغنى فيها بعدد من المدن العربية.

* عربي 21.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.