قال الحزب الاشتراكي اليمني إن الظروف الراهنة تحتم على القوى الحاملة للمشروع السياسي أن تعمل بقوة من أجل استعادة المبادرة على قاعدة إن أساس الصراع في اليمن صراع سياسي واقتصادي واجتماعي. وقال إنه "لا وجه للصراع من منطلقات إيمانية إلا عندما يراد تحويله إلى فتنة وفساد في الأرض".
واختتم المجلس الحزبي الوطني الأول للحزب الاشتراكي اليمني جلسات أعماله، أمس، بمشاركة 1614 مندوبا ومندوبة يمثلون اللجنة المركزية للحزب ومكتبها السياسي ولجان منظمات الحزب في المحافظات.
وجاء في البيان الختامي للمجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي إن "التعثر الذي أصاب عملية انتقال السلطة أدى إلى إضعاف فرصة التغيير جراء استمرار محاولات تعطيل عمل السلطة التوافقية وإفساد آليات عملها، وإعاقة تنفيذ معظم المهام التي شملتها المرحلة الانتقالية، بما رافق ذلك من اختلالات أمنية وإدارية.
وقال إن المحاولات المستمرة لإحداث فوضى عامة جسدت إصرار بعض الأطراف على إفشال عملية انتقال السلطة لأسباب تتعلق برد الفعل تجاه ثورة فبراير، إما انتقاماً منها، أو استغلالاً لها.
وأضاف أن التعثر يتمثل أيضا في "المنظومة السياسية بمكوناتها كافة والتي أنيطت بها مهمة الاتفاق على صيغة وطنية سياسية وقانونية لبناء الدولة، غير أن الكثير منها جاء إلى مؤتمر الحوار الوطني محملاً بأثقال الماضي وجروحه واحتقاناته".
وأشار البيان إلى أن "القضية الجنوبية قضية محورية لا يمكن معالجتها بدون الانطلاق من الطبيعة الخاصة بها، كقضية سياسية بامتياز، تمثل محور بناء الدولة، حيث ينبغي أن لا يخضع حلها للمساومات السياسية التكتيكية، أو إلى المراوغات كتلك التي تمثلت في اللجوء إلى تقسيم الجنوب إلى إقليم شرقي وإقليم غربي، بدلاً من النظر إليه كوحدة متكاملة في المعادلة الوطنية لبناء الدولة الاتحادية الديمقراطية".
وفي هذا الصدد أكد الحزب الاشتراكي تمسكه بخيار حل القضية الجنوبية على أساس دولة اتحادية من إقليمين، داعياً من وصفها ب"القوى التي تزعم أنها تحمي الوحدة إلى الكف عن تعاليها على الواقع الذي أنتجته سياساتها الخاطئة في الجنوب منذ حرب صيف عام 94، وعدم جديتها في البحث عن حل للقضية الجنوبية".
وقال إن "الهروب من تقديم حل حقيقي للقضية بالمراوغة أدى إلى تعقدها أكثر فأكثر، وخلق حالة يأس وسط الناس من امكانية إيجاد شروط موضوعية من داخل المعادلة الوطنية للحل العادل الذي يردده الجميع، الأمر الذي حدا بالبعض على إعادة طرح مشاريع الهوية القديمة نكاية بالمعادلة الوطنية ليؤكد فشلها في إيجاد الحل العادل من داخلها".
وأكد أن "المعادلة الوطنية والهوية اليمنية هما المؤهلتان موضوعياً لإيجاد حل عادل للقضية الجنوبية، يضمن بقاء الجنوب موحداً ومحمياً من التفكك".
وشدد على أهمية "التعاطي المسؤول مع القضية الجنوبية والتوقف أمام خيارات الشعب في الجنوب، واحترام حقه في التنوع وبما يبقيه موحداً ليبقى طرفاً في معادلة الدولة الاتحادية المكونة من إقليمين، مع احترام حقه في تقرير مصيره، تقرير خياراته السياسية المشروعة".
ودعا الحزب الاشتراكي "النخب السياسية في الجنوب إلى الاتفاق على قواسم مشتركة دون أية غطرسة أو مخاتلة من قبل أي طرف يفرض خياره على الآخرين كخيار وحيد، والعمل على إنتاج روابط وثيقة بالعملية السياسية دون تحفظ من منطلق أن هذه العملية تعني القضية الجنوبية، وفي سياقها فقط يمكن حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وفقاً لخيارات الشعب في الجنوب".
كما أكد أن "استقرار اليمن وانتشاله من أزمته وإخراجه من حالة الفوضى والتخلف والركود والسير به نحو آفاق التطور والتقدم والديمقراطية والتحديث، كان ولا يزال مرهوناً بنجاح العملية السياسية في استكمال النقل السلمي للسلطة، ووضع حد للعنف والحروب الداخلية، والأنشطة الإرهابية، وتجفيف منابعها وحواضنها الشعبية، وإخراج السلاح من المعادلة السياسية، وحل القضايا الوطنية الكبرى وفي المقدمة منها القضية الجنوبية، حلا عادلا، يحقق الشراكة الندية والمتساوية للجنوب في الدولة المدنية الاتحادية، وإزالة آثار حرب صيف 94م الظالمة، وتصفية آثار حروب صعدة، وإعادة إعمار ما خربته الحروب والصراعات السياسية العنيفة السابقة، ومعالجة تبعات وآثار حروب المناطق الوسطى، ومظالم وانتهاكات القضية التهامية، وقضايا العنف والقمع في الجنوب، والعمل على إنصاف ضحاياها، تنفيذ المضامين العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الشاملة".
وشدد على "ضرورة إعطاء الأولوية في المعالجات العاجلة للقضايا ذات الطابع الإنساني المتعلقة بضحايا الثورات اليمنية، ودورات الصراعات والعنف السابقة، وضحايا ثورة التغيير السلمية والحراك السلمي الجنوبي في مختلف مناطق الصراع في البلاد".
وعبر الحزب الاشتراكي عن إدانته لأعمال "القمع والعنف والاغتيالات السياسية المتواصلة، التي تورطت فيها قوى العنف والإرهاب، والسلطات العسكرية والأمنية، كان آخرها الأحداث الدامية والتفجيرات الإرهابية البشعة يوم أمس في مدينة رداع، واغتيال الناشط في الحراك الجنوبي السلمي المهندس الشهيد خالد الجنيدي في مدينة عدن، كما يدين مخطط الاغتيال الذي استهدف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان".
واستنكر "حملات التهديد التي يتعرض لها كل من د.محمد المخلافي، ود.محمد صالح علي، من قبل تيار صالح في المؤتمر الشعبي العام، على خلفية الموقف من العدالة الانتقالية واسترداد الأموال المنهوبة، وكشف مخطط الاغتيال".
كما شدد المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي على الإسراع في استكمال صياغة مخرجات الحوار الوطني وتحويلها إلى موجهات دستورية وقانونية وموجهات سياسية عامة، تنتظم في إطار دستوري عصري، يعكس بدقة مضامين تلك المخرجات دون زيادة أو نقصان، ليغدو بعد الاستفتاء الشعبي عليه ملزماً للجميع، مؤكدا أن الحزب الاشتراكي سيعمل على تحويل تلك الموجهات والمضامين في مخرجات الحوار الوطني إلى مهام نضالية كجزء لا يتجزأ من برنامجه النضالي للمرحلة القادمة.
وأكد على ضرورة "التقييم النقدي الموضوعي لتجربة اللقاء المشترك خلال الفترة المنصرمة، والاستفادة منها في إعادة صياغة سياسة التحالفات والشراكات الوطنية، كضرورة ملحة لمواكبة المستجدات الراهنة, وتلبية استحقاقات المرحلة الانتقالية التأسيسية القادمة".
وقال إن "على اللجنة المركزية والهيئات القيادية للحزب أن تعمل على تعزيز وتطوير التحالفات الثنائية والجمعية مع القوى السياسية الوطنية وقوى اليسار, وتفعيل النشاطات المشتركة، والارتقاء بتحالفاتها وتمتينها، وإدارة حوارات ثنائية جادة للتوافق على صيغة مشتركة، لتوحيد جهود ومكونات قوى التغيير والقوى الوطنية الديمقراطية والمدنية، التي شاركت في مؤتمر الحوار، أو تلك التي لم تشارك فيه، من القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة، التي تلتقي على قاعدة الأهداف والمهام البرامجية الانتقالية - الوطنية الديمقراطية الكبرى, المتضمنة في مخرجات الحوار الوطني, والتي تؤسس لشراكة وطنية واسعة في إطار ائتلافات وتحالفات كبرى, قادرة على النهوض بمهام بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة, والانتقال الآمن إلى الديمقراطية".
وعلى المستوى الحزبي الداخلي، أكد الحزب الاشتراكي أن بقاءه كلاعب ثانوي في المشهد الثقافي والإعلامي الراهن أمرا لم يعد مقبولا، وكلف اللجنة المركزية بإنشاء مؤسسة إعلامية متكاملة تضم قناة فضائية ومحطة إذاعية وصحيفة يومية ومجلة فصلية ومواقع الكترونية تابعة للحزب.
واعتبر المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي أن غياب الحوار الداخلية في الحزب خلال الفترة المنصرمة أحد أهم جوانب الضعف في عمل الهيئات القيادية للحزب.
ودعا إلى تشكيل هيئات استشارية بهدف توسيع قاعدة المشاركة في الرأي.
كما قرر المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي إعادة هيكلة البنية التنظيمية للحزب على قاعدة اتحادية من إقليمين واتخاذ الاجراءات الكفيلة لتنفيذ هذا القرار عبر تشكيل لجان متخصصة بما يشمل إجراء تغييرات للنظام الداخلي.
وكان المجلس الحزبي الوطني للحزب الاشتراكي اليمني بدأ أعماله السبت الماضي في صنعاء، تحت شعار "دولة اتحادية ديمقراطية من إقليمية تحتكر السلاح ويسودها القانون"، بهدف رسم سياسيات الحزب في المرحلة القادمة وحتى المؤتمر العام السادس للحزب.
وفي افتتاح المجلس الحزبي الوطني، أكد الأمين العام للحزب، الدكتور ياسين سعيد نعمان أن اللقاء المشترك قد أدى "مهمة سياسية تاريخية، وآن الأوان لتقييمه والانتقال إلى صيغ جديدة من التحالفات التي تفرضها المستجدات في الحياة السياسية".