صمت الاشتراكيين الجنوبيين يثير التساؤلات: لماذا الاصطفاف مع الأحزاب اليمنية ضد الجنوب العربي؟    نكف قبلي "الاكبر في اليمن" لمديريات المربع الشرقي في حجة    الرئيس المشاط يعزّي محافظ شبوة في وفاة نجله    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    أربيلو يستعد لخلافة ألونسو في تدريب ريال مدريد    أعمال إنشائية تمهيدية لترميم سور أثري في مدينة تعز القديمة    ضمن عملية الحسم.. القوات الجنوبية تقطع خطوط إمداد البؤر الإرهابية    تشييع جثمان الشهيد محمد الأغربي بمديرية بني حشيش    الرئيس الزُبيدي يبحث مع الشيخ البركاني سُبل تضافر الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة    الرئيس الزُبيدي يبحث سُبل تطوير البنية التحتية لقطاع النقل    اللجنة الأمنية في عدن تقرر استكمال ترقيم المركبات الأمنية والعسكرية    ضبط 4 أطنان من السلع منتهية الصلاحية في المنصورة    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    صنعاء.. موظف يعتدي لفظيًا على محامية داخل قاعة المحكمة والنقابة تُدين وتستنكر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الناجمة عن الأمطار في المغرب الى 21 شخصا    النفط يرتفع وسط مخاوف من تعطل الإمدادات    المكتب السياسي لأنصارالله يعزي باغتيال "رائد سعد" ويؤكد: اليمن سيبقى مع فلسطين    قوات جديدة تصل حضرموت والانتقالي يربط الأحداث باتفاق الرياض ومكتب الصحة يصدر إحصائية بالضحايا    النفط يعوض خسائر الأسبوع الماضي بدعم من تصاعد التوتر بين أمريكا وفنزويلا    باريس تستدعي أبناء عفاش للمحاكمة بتهم فساد وغسل أموال عامة    ترامب 2.0 يعيد طرح تقسيم اليمن والاعتراف بالحوثي كمدخل لإعادة هندسة خليج عدن والبحر الأحمر    ريال مدريد يجهز للتخلص من 8 لاعبين في الميركاتو الصيفي    كتاب متخصص في التأمينات والمعاشات للخبير التأميني عارف العواضي    منظومة الكهرباء مهددة بالتوقف الكلي في المحافظات الجنوبية وفق رغبة سعودية    صراع الحسم بين أربعة منتخبات عربية في كأس العرب    البشيري : نمتلك قاعدة إنتاجية قوية في الملبوسات    تدشين أعمال اللجنة الرئاسية المكلفة بتقييم ومتابعة تنفيذ خطط 1445- 1446ه بحجة    شبوة.. حريق داخل مطار عتق الدولي    الأستاذة أشجان حزام ل 26 سبتمبر: 66 لوحة فنية متميزة ضمها متحف الزبير بسلطنة عمان    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "25"    إعلان قضائي    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    مرض الفشل الكلوي (32)    هيئة الآثار والمتاحف تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الصحفي والمراسل التلفزيوني المتألق أحمد الشلفي …    تعز.. الجوازات تعلن استئناف طباعة دفاتر الجوازات وتحدد الفترة التي تم الوصول إليها في الطباعة    الجاوي: الجنوب لدى سلطة صنعاء أصبح مجرد ملف في أسفل الأرشيف    طالبوا بوقف الإبادة الجماعية والهجمات الجوية الإسرائيلية.. مظاهرة في ستوكهولم احتجاجا على خروقات الاحتلال لاتفاق وقف اطلاق النار    صندوق النقد الدولي يعلّق أنشطته في اليمن ومخاوف من تبعات القرار على استقرار أسعار الصرف    قائمة منتخب الجزائر لبطولة امم افريقيا 2025    الكالتشيو: الانتر يقفز للصدارة بعد تخطيه جنوى بثنائية    عدن.. محطة حاويات المعلا تعود للخدمة مجدداً بعد توقف لسنوات    أسياد النصر: الأبطال الذين سبقوا الانتصار وتواروا في الظل    خبير طقس يتوقع موجة برودة قادمة ويحدد موعدها    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    جيش الاحتلال ينفذ سلسلة عمليات نسف بغزة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على الوضع الصحي العام بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمار العربي في المشروع التركي
نشر في المصدر يوم 06 - 04 - 2010

شهدت السياسة التركّية تحولاً كبيراً وسريعاً خلال أقل من عقد من الزمان عندما مهّد كل من عبدالله غل ورجب أردوغان لاعتماد رؤية وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو التي تهدف إلى إعادة تعريف دور تركيا في المنطقة من منطلق «العمق الاستراتيجي» عبر الانفتاح الإقليمي لتأمين المصالح العليا للبلاد بتحويلها إلى واحدة من أقوى عشر دول في العالم وتحقيق انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي من موقع قوي وفاعل.
ولا شكّ في أنّ هذا التحوّل أعاد إلى تركيا دوراً محورياً ومركزياً في خريطة الشرق الأوسط التي يتصارع عليها العديد من اللاعبين. ومن المعلوم أنّ هذه المنطقة تعبّر في جوهرها عن الرقعة العربية التي تعاني من تخلخل وضعف متزايدين، لا سيما مع تحييد الدور المصري وتكبيله باتفاقية كامب دايفيد، وبانحياز الدور السوري إلى غير بيئته، وبانهيار الدور العراقي وانتهائه مع احتلال الولايات المتّحدة لبغداد عام 2003.
وعلى رغم المحاولات العديدة التي بذلت لإعادة لملمة الصف العربي في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتزايد والنفوذ الإيراني المتعاظم، إلاّ أنها لا تزال في موقع أقل مما هو مفترض لمواجهة التهديدات المتفاقمة في المنطقة.
ومن حسن حظ الدول العربية أنّ عودة تركيا جاءت في التوقيت المناسب، على اعتبار انه إذا ما أحسن العرب استغلال موقفها، فإن ذلك من شأنه مساعدتهم على مواجهة التحديات، والخروج من الأزمة الحالية.

فالمشروع التركي يركّز على مبدأين أساسيين كضرورة للنهوض بأنقرة كقوة إقليمية. الأول يتمثل بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والثاني يتمثّل بتعميق العلاقات والروابط الاقتصادية. ومن الملاحظ أنّ دولاً عربية كثيرة تشترك مع تركيا في هذين الهدفين، فيما لا تبدي كل من إسرائيل وإيران درجة عالية من الاهتمام بتحقيق مشروع كهذا إلاّ من زاوية ضيقة وموقتة قد تتبدل في أي لحظة من اللحظات.

فإسرائيل مهتمة بالتركيز على البعد الأمني في المنطقة وعلى إعادة فرض دورها كمنصّة أمنية للولايات المتّحدة، والحيلولة دون محاولة أي لاعب إقليمي النهوض من جديد من جهة، ودون تحقيق السلام الذي يحد من طموح تل أبيب ويكبلها من جهة أخرى. ولا شك في أنّ أدوات تحقيق الطموح الإسرائيلي تتمثل بالقوة العسكرية وسياسة التحالفات والمصالح مع الأميركيين والأوروبيين.

أمّا إيران، فهي تحاول استغلال التحولات التي طرأت على المنطقة منذ عام 2001 والتي تمثلت باحتلال أفغانستان والعراق، الأمر الذي شكّل فرصة تاريخية بالنسبة إليها وسمح لها بالخروج من القمقم الجيوبوليتكي الذي كان يشكّل كماشة تمنعها من التمدد. أماّ أدوات تحقيق هذا المشروع فتتمثل بالتلاعب بالقضية الفلسطينية كقضية شعبية، وببناء القوة العسكرية واستغلال أدوات إقليمية عبر اختراق الفئات الشعبية والحزبية.

ولأن الدول العربية لا تمتلك مشروعاً واضحاً يعبّر عن ذاتها، ولا تمتلك أيضاً الأدوات اللازمة التي تخوّلها فرض رؤيتها في ما يتعلق بتحقيق السلام والازدهار في المنطقة من خلال إلزام إسرائيل بعملية سلام أو ترويض التمدد الإيراني واحتوائه، لذلك، فهناك مصلحة عربية كبرى في دعم التحرك التركي في المنطقة، خصوصاً أنّه يحوز القبول الرسمي والشعبي في المجمل.

ولا شك في أنّ استغلال التحركات التركيّة يجب أن يتم من خلال تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية معها، وتعميق التعاون الثقافي لترسيخ العلاقات وعدم تركها رهينة لعواصف المنطقة السياسية والاقتصادية.

فعلى رغم أنّ تركيا تعلن مراراً أنّها لن تكون جزءاً من أي محور وأنّها ستكون على مسافة واحدة من الجميع، إلا أننا نستطيع أن نرى أنّ خطّها السياسي والاقتصادي في المنطقة يضر بكل من إسرائيل وإيران ويفيد العرب فيما لو أحسنوا استغلاله. خصوصاً أنّ الدول العربية تمتلك ما تحتاج تركيا إليه سواءً في ما يتعلق بالاستثمارات وهو أمر مهم وأساسي لدى الأتراك، أم من خلال النفط والغاز على اعتبار أنّ تركيا دولة مستوردة لحوالى 90 في المئة من حاجاتها في هذا المجال، أو في ما يتعلق بإضفاء الشرعية الشعبية على دورها في المنطقة.

ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أنّ المشروع التركي دونه العديد من التحديات، ويتخلله العديد من الثغرات التي قد تهدده في أي لحظة وتطيح بالكامل.

على المستوى الداخلي
أولاً: يمكننا أن نلاحظ أنّ التحوّل في السياسة الخارجية التركيّة يتم بوتيرة أسرع من قدرة الداخل على استيعاب مضامينها وهضمها. وان استمر هذا التسارع بهذه الطريقة، فإن الفجوة ستكون عميقة بينهما ولن تكون السياسة الخارجية في هذا الإطار مستندة إلى معطيات واقعية تدعمها مصالح راسخة، وإنما مجرد طفرة حملتها تصورات أكاديمية وطبّقتها نخبة واقعية من دون أن تعمل على جعلها جزءاً من تحوّل يحمل مضامين وأبعاداً إستراتيجية بعيدة المدى يتجاوز النخبة الحاكمة اليوم.

ثانياً: أنّ مستقبل «حزب العدالة والتنمية» تشوبه الضبابية، وهو إن كان يسير على خطى ثابتة نحو الأمام، إلاّ أنّ أي تطور مفاجئ من قبيل انقلاب النخبة العسكرية عليه أو انتهاء دوره، قد يطيح المشروع برمتّه إذا لم يصر إلى جعله حاجة يؤمن بها أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع ونخبته.

على المستوى الخارجي
أولاً: لا يعتمد المشروع التركي الإقليمي على مقومات داخلية فقط، وإنما على مقومات خارجية. ومكمن الخطورة في هذا المجال أنّ الجانب التركي لا يملك السيطرة على جميع مفاتيح المقومات الخارجية، وهو الأمر الذي يمكن أن يجعله رهينة لنيات الآخرين ومشاريعهم.

فسياسة «تصفير النزاعات» وتحقيق «الاستقرار الإقليمي» والتي هي جزء من سياسة تركيا الخارجية الحالية، لا تعتمد فقط على تحركات أنقرة ومبادراتها، وإنما على مدى استجابة «الآخر» لها وتفاعله معها. إذ تستطيع إسرائيل على سبيل المثال من خلال إشعالها فتيل الحرب في المنطقة أو من خلال مقاطعتها الدور التركي في الوساطة مع سورية، ضرب السياسة الخارجية في الصميم. كذلك تستطيع إيران فعل الشيء نفسه بتقويضها عملية السلام أو من خلال تكريس الانقسام في الدول المجاورة أو من خلال اعتمادها سياسة الفوضى في المنطقة.

ثانياً: يحتاج المشروع التركي إلى الموازنة الدقيقة جداً بين المسارين الرسمي والشعبي في الإطار العربي. وهو الى الآن قادر على الموازنة ويجيد اللعبة جيداً، فقد دخل المنطقة من أبوابها مستئذناً ليحظى بالشرعية السياسية لدوره، كما تبنى عبر ديبلوماسيته العامة مطالب الشعوب في دول المنطقة وعبّر عنها بمواقف مبدئية ليحظى بقاعدة صالحة لتقبّل دوره على أرض الواقع.
لكنّ المغالاة باعتماد الديبلوماسية الشعبية قد تدفع تركيا إلى الخروج عن سكّة العقلانيّة باتجاه الديماغوجيّة، ويتحوّل دورها بالتالي إلى نسخة إيرانية محسّنة، وهو ما سيضّر بها وبدورها وأيضاً بالعلاقة مع الدول العربية.
لا شك في انّ التحديات المقبلة ستتمثل بمدى قدرة الأتراك على سد الثغرات أعلاه لضمان استمرارية مشروعهم، كما في مدى قدرة العرب على الاستثمار في المشروع التركي لمواجهة التحديات الإسرائيلية والإيرانية. وعليه، فإنّ على الأتراك والعرب الأخذ في الاعتبار مدى الحاجة المتبادلة والتحديات المنتظرة والتركيز على جعل المصالح المشتركة قاعدة للبناء الراسخ الأفقي والعمودي للتعاون الثنائي بما فيه مصلحة المنطقة شعوباً ودولاً، فمصير اسطنبول أو تركيا الآن - كما قال أردوغان في مؤتمر القمة العربية في سرت - من مصير الدول العربية أو أي مدينة فيها.

المقال عن الحياة وعنوانه الأصلي: الاستثمار العربي في المشروع الإقليمي التركي: الموازنة بين أمزجة الشعوب ومتطلبات السياسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.