عمليات نهب واسعة طالت معسكرات في صحراء حضرموت    انخفاض التضخم في كولومبيا خلال نوفمبر بفضل تراجع أسعار الغذاء    تعز.. انفجار عنيف في مدينة التربة    إب.. مصرع قيادي حوثي بمديرية فرع العدين بظروف غامضة    قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة    درع الوطن قوة عليمية لمصادرة إرادة الجنوب وعرقلة مساره نحو الدولة    الأردن والعراق لحسم التأهل بكأس العرب ومواجهة مصيرية لمصر والإمارات    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    تبادل لإطلاق النار بين باكستان وأفغانستان بعد فشل محادثات السلام    صحيفة أمريكية: حضرموت ساحة معركة جديدة بين السعودية والإمارات    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    اعتراف أمريكي: واشنطن تستخدم سلطات الجولاني لضرب المقاومة اللبنانية    الترب:اليمن يمر بمرحلة مفصلية وبحاجة للتوافق ولغة العقل    أحرق الملفات الحساسة وسحب السلاح والسيارات الرئاسية.. العليمي يغادر عدن قسراً بعد مضايقات الانتقالي "تفاصيل مثيرة"    استراتيجية التحكم الإقليمي: هيمنة على الممرات والثروات اليمنية في ضوء مؤامرة حضرموت    محلل سياسي: غيرة القوى اليمنية انفجرت بعد أن كشف الجنوبيون عجزها أمام الحوثي    الانتقالي بين ضغوط الخارج وابتزاز الداخل والخدمات ميدان المعركة القادمة    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    الوفد السعودي يجدد رفض ما حدث في حضرموت ويشدد على ضرورة مغادرة القوات الوافدة    إقبال قياسي على تذاكر مونديال 2026 وأسعار تصل إلى 6,000 دولار    السعودية تتجه لاقتراض قياسي في 2026    حفر بئر وسط مدينة تعز يثير حالة من الاستغراب وناشطون يطالبون مؤسسة المياه بالشفافية    انخفاض اسعار السكر ومشتقات الحليب والزيوت للشهر الثالث    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    وماذا عن الاحتلال الاستيطاني اليمني؟    بين الغياب والحنين.. قراءة في ديوان (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    قوارب تهاجم سفينة قبالة سواحل اليمن    انطلاق البطولة التنشيطية المفتوحة للأندية للملاكمة    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الصحفي والأديب والقاص المتألق عزالدين العامري    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    شركة بترومسيلة تصدر بيانًا بعد ساعات من مواجهات عسكرية في محيطها    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    وزير الصناعة يتفقد أسواق مأرب ويشدد على ضبط الأسعار    منتخبنا الوطني يستهل مشواره في بطولة كأس الخليج بالفوز على العراق    الكثيري يتفقد جرحى القوات المسلحة الجنوبية في مستشفى سيئون العام    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    دعوة للتركيز على المستقبل    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتوقف الحرب في اليمن؟

في لقاءات مع عدد من الدبلوماسيين الغربيين المعنيين بالشأن اليمني في الرياض، كان الاستنتاج المتكرر هو أنه في ظل عجز كل الأطراف على تحقيق انتصار عسكري ناجز، فإن أحداً ما عاد يدرك كيف للحرب في اليمن أن تتوقف، ولا ما هي شروطها الواقعية، ولا ما هي المحفزات التي يمكن أن تجذب قادة الحرب لوقفها.
وفي الخلاصة، فإن الكل صار يوجه أصابع الاتهام إلى أن الأطراف اليمنية صارت هي العقبة أمام الخلاص من الحرب، بل إن استمرارها صار مصدر ربح يغري بعرقلة أي توجه لفرض حلول خارجية.
كان من الطبيعي أن تتناول النقاشات في أجزاء منها حول قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، في الأسبوع الأخير من ولايته، بتصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، مبينة الأسباب التي دعتها لاتخاذه، ثم قرار إدارة الرئيس جو بايدن الجديدة نقض القرار، مبررة الأمر بخشية تأثيره على عمليات الإغاثة الإنسانية، على الرغم من اقتناعه بالخلفية السياسية التي تم بناءً عليها إصداره، وبين الموقفين انقسم اليمنيون إلى فريقين مؤيد لقرار ترمب، وآخر مرحب بقرار بايدن.
كان رأيي، ولا يزال، أن القرار الأول كان غير قابل للنفاذ، إذ جاء متأخراً للغاية، ولأن تطبيقه بحاجة إلى إدارة مقتنعة بتأثيره، وهو ما كان الكثيرون يعلمون أنه لن يكون متوافراً للإدارة المقبلة لأسباب، منها الوعود الانتخابية السابقة، ورغبتها في الظهور بصورة الوفاء بوعودها، وكذلك التوجهات السياسية الجديدة لدى الفريق المسؤول عن السياسة الخارجية الأميركية، ومعظمهم لديه خصومة أيديولوجية مع دول التحالف.
من الواضح أن مأزق استمرار الحرب الحالية صار كابوساً يؤرق الجميع، فقد زادت مآسيها الإنسانية وتبعاتها السياسية والاقتصادية على الجميع، في وقت تحتاج معه المنطقة لتركيز جهودها حول قضايا ملحة على رأسها إنعاش الاقتصادات التي تعاني الآثار التي يخلفها وباء "كوفيد-19"، وما سببه من تقلص النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التنمية، ما نتج عنه ضعف القدرة الشرائية عند الجميع، بالإضافة إلى انخفاض استهلاك النفط عالمياً وتدهور أسعاره، وهو ما يتطلب تفكيراً جديداً للبحث في مخارج سريعة من انسداد مسار المحاولات المتكررة منذ 2015، التي لم يتم تطويرها بإيجابية وجدية، إذ يتمسك كل طرف بما يمتلكه من ذخيرة سياسية وعسكرية في محاولة لفرض شروط تحدد مسار وشكل العملية السياسية التي يدعو إليها الجميع ويعتبرونها الحل والمخرج.
ولكن هذا لا يمكن حدوثه من دون قناعة بأساسات لا يمكن القفز عليها، ولا تجاوزها، وأولها أن الحرب مهما طال أمدها لن تنتهي بتوصل أي طرف إلى انتصار يمكنه من فرض قواعد اللعبة السياسية، وثانيها أن الخطوات التي تتعلق ببناء الثقة لم تعد مجالاً للبحث بعد فشل اتفاق استكهولم وتحوله عن أغراضه الإنسانية إلى إعادة ترتيب الأوضاع العسكرية داخل مدينة الحديدة، والاستحواذ على الإيرادات والتصرف بها من دون التزام بالتفاهمات المتفق عليها، وثالثها أن هناك حاجة ملحة إلى ترتيبات بعضها محلي يسمح بفتح المعابر بين المدن كافة، وآخر بضمانات إقليمية ودولية تعيد الحركة إلى مطار صنعاء ورفع الحصار عن ميناء الحديدة مع استمرار الرقابة الصارمة للتأكد من عدم استخدامهما لأغراض غير مدنية، ورابعها ضرورة البحث في تشكيل مجلس إدارة جديد للبنك المركزي لتسهيل نشاطه والقيام بمهامه في عموم اليمن، وأخيراً، إطلاق جميع المعتقلين من السجون اليمنية كافة، ووقف كل المحاكمات الاعتباطية التي تجرى في صنعاء والاحكام غير الدستورية ضد مخالفيهم ومصادرة ممتلكاتهم، لأن القول باستقلالية القضاء ليس مقنعاً، وحجة غير مقبولة، وهي بالمطلق أحكام سياسية مجردة من كل بعد إنساني.
إن مما لا شك فيه بروز عديد من القضايا التي لا يحتاج تنفيذ حلولها إلى حس وطني وأخلاقي يبتعد عن الرغبة في الانتقام أو الظن بأن السلاح قادر بمفرده على حسم النزاع، وإنهاء الحرب وانفراد طرف بالسلطة، ويجب أن يتذكر الحوثيون أنهم كانوا يرفعون شعار المظلومية، فتحولوا في نظر قطاع كبير من المواطنين إلى حكام ظالمين وقُساة، وعلى الجميع إدراك أن السلاح وحده يمكنه أن يحسم معركة هنا، وأخرى هناك، لكنه لن يمنح مستخدمه الأمان طويلاً، إذ إن دورات الدم ستتعاظم وستستمر طالما شعر أي طرف بأنه تعرض للظلم والاضطهاد.
لقد خلفت أيام الحرب، التي لم يتوقف لهيبها، جروحاً عميقة في المجتمع اليمني، ومخطئ من يظن أن النموذج الليبي الهش يمكن استنساخه في اليمن، لأن الانقسامات في ذلك البلد البعيد عنا مسافة جرت بخطوط جغرافية واضحة، كما أن الفوارق المذهبية غائبة عن المشهد هناك، في حين يعاني اليمن هتك النسيج الاجتماعي على كل المستويات، وفي كل الاتجاهات، وطال الضرر البنية الكلية داخل المجتمعات الأصغر، فقد بعثت الحرب وتبعاتها جروحاً اجتماعية ومذهبية ومناطقية، ولن يتعافى اليمن إلا بوجود سلطة دولة متوافق عليها تمكن من ضبط حركة المجتمع الأكبر والمجتمعات الأصغر داخله، وليس في ذلك تناقض مع فكرة الدولة الاتحادية، أو ما يقترب منها جوهرياً، ولكن ذلك لا يمكن تحققه من دون عوامل موضوعية تسمح بالانتقال الهادئ وغير القسري من سيطرة القطب الواحد إلى تعدد مراكز الحكم تحت مظلة دستور واحد، وقانون واحد، وجيش واحد.
كانت الغاية من "اتفاق الرياض" خفض منسوب التوتر العسكري في المحافظات الجنوبية، وخصوصاً عدن، ثم تشكيل حكومة تعمل على استقرار أوضاع (الشرعية) في المناطق البعيدة عن سيطرة جماعة الحوثي واستعادة الأمن فيها، وتحريك العجلة بما يُحدث عملية دفع نحو البحث في المبادئ التي تضع أساساً للعملية التفاوضية بإشراف الأمم المتحدة، لكن ضعف تركيبتها وتناقض أهداف المشاركين فيها وقلة خبرة غالبيتهم، تجعل من تحقيق الأهداف عملية معقدة وطويلة، إضافة إلى المعلومات الموثقة عن الفساد التي تتناولها التقارير الدولية، فزادت من عدم ثقة الناس بها، فشكلت هذه العوامل مجتمعة ومنفردة بذرة فشل سيضاعف من نتائجه السلبية إفلاس الخزانة العامة، وعدم القدرة على القيام بأي جهد لمساعدة الناس في مواجهة أعباء الحياة وبؤسها.
وبينما ترتفع المناشدات والمساعي دولياً مطالبة بحيوية التوصل إلى اتفاق للسلام، يتواصل هجوم الحوثيين على محافظة مأرب، وهو تصعيد يهدد حياة أكثر من مليوني مواطن لجأ معظمهم إليها هرباً من ويلات الحرب في بقية اليمن، وكانوا يعيشون هدوءاً معقولاً وتنمية عمرانية مقبولة. ولن يحقق شيئاً إلا مأساة تجلب مزيداً من الويلات والأحقاد والقتلى والجرحى الذين يذهبون ضحايا لمعركة لن ينتصر فيها اليمن.
* عن اندبندنت عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.