مقالات عادل الأحمدي يضع المرء اللبنة الأولى في مدماكِ حياته من يوم أن يختار (علمي أو أدبي أو صنائع). وحين يواصل الجامعة يتوقف لاختيار الكلية والقسم، ويكون بذلك حدد مسار مستقبله وفقا لهذا الاختيار. منذ أول ثانوي وحتى رابع جامعة، يقضي المرء أقسى سنوات عمره مصحوبا ببطاقة شخصية كان يكتب فيها: (المهنة: طالب). يتعذب وحده.. آمال وعذابات وصداقات وصبابات واستقطابات وخذلانات ونجاحات وإخفاقات وسهر وعوَز وقلق شديد من المستقبل. في العام 2000، وحين فكرت بإصدار ديوان شعري وجدت قصائده طافحةً بالخوف والألم وشيءٍ من الأمل. حسمتُ اسم الديوان (المهنة: طالب). وقد ساعدني المخرج طارق السامعي في تنسيق الديوان، ثم مع مرور الوقت وجدت نصوصه محاولات تصلح للذكرى لا أكثر.. الشاهد أن الطالب والطالبة خلال هذه المرحلة في أمسِّ الحاجة إلى من يتلمّس أشواقه ومخاوفه.. وخصوصا حين يكون طالبَ علمٍ مهاجراً ووحيدا.. يعيل نفسه بنفسه، وفي صدره براءة القروي ودهشة المنطلِق. لقد صار إكمال الدراسة إنجازا كبيرا في وضع كهذا. ولذا أحترم جدا كل مقتدر يسعى لتسهيل مواصلة الدراسة أمام جموع الخائفين الجدد. (في بلادنا نحتاج إلى أكثر من حريري). تحية وإضميم ورد لأبنائنا الخريجين والخريجات.. لقد اجتزتم أصعب مراحل العمر.. والقادم أجمل في كل الأحوال. ولكل مجتهد أقول: لا تقلق.. ستنال ما تريد وأكثر. تالياً، سطور شعرية قاسية ودّعتُ بها كلية التربية بصنعاء في حفل التخرج 1999، أيام كانت بمبناها القديم الذي ورثه طلبة الإعلام.. كانت وداعيةً صادمةً على غير منوال حفلات التخرج.. وخنقتني الدمعة وأنا أقرأ مقطعها الأخير: ذاهبٌ عنكِ يا قلعتي القاحلةْ كبدي يابسٌ والخطى ذاهلةْ والمباني على جثتي آيلةْ ... لم أكن فيكِ شيئاً ولمْ أتناجَ وعينيكِ.. لمْ تحتويني إذا لم أنمْ ما تذوقت حبّكِ حدّ الولَهْ لا ولا أوّلَهْ ها أنا ذاهبٌ والرؤى ذاهلة والمباني على جثتي آيلةْ ذاهبٌ عنكِ يا قلعتي القاحلةْ .... كلما جاءكِ القلبُ منكسراً تحت شمسٍ عَبُوسْ لا يرى فيك ظِلاً ولا مقعداً للجلوسْ يبسَتْ أرجلي وطواني الغبارْ هكذا، قلعتي، فيك أقضي النهارْ هكذا طالبُ العلمِ في البلدةِ الجاهلةْ ذاهبٌ عنكِ يا قلعتي القاحلةْ .... ذاهبٌ عنكِ هل سألَتْ مقلتاكِ عن الذاهبِ حينما يمتطي موْجَهُ في الدجى دونما قاربِ ما فعلتِ به؟ هو ذا ذاهبٌ ليس في قلبهِ ذرةٌ من حنينْ ذاهبٌ عنكِ مَن عنه لا تعرفينْ ذاهبٌ عنكِ في خطوةٍ خاجلةْ فوق حاجبهِ قد رمى كاهِلَهَ وعتاباً مضى قبل أن يُكملَهْ ذاهبٌ عنكِ يا قلعتي القاحلةْ .... آه يا قلعتي يا ابنةَ الجاريةْ تركوكِ هنا في الضحى عاريةْ آهِ يا قلعتي والألمْ حزتِ أدنى رقمْ مَن تدنّتْ مجاميعُهُ أَمَّكِ سلبوا فرحتي واستخفوا بكِ أيَّ عرضٍ لهذا المعلمِ في بلد اليُمْنِ لم يُهتكِ نحن أولى من الطبِّ والهندسةْ نحن مَن يصنعُ الطبَّ والهندسةْ ويضيءُ غداً من سنا مدرسةْ نحن طبشورُنا السلطةُ الخامسةْ أيَّ عرضٍ لهذا المعلمِ في بلدِ اليُمْنِ لم يُهتكِ هاكِ جُرحي انكئي وعليه اتّكي وأنا ذاهبٌ والخطى ذاهلةْ ذاهبٌ عنكِ يا قلعتي القاحلةْ 1. 2. 3. 4. 5.