قال سياسيون وخبراء: «إن الهجوم الصاروخي الفاشل الذي تم إجهاضه قبل الوصول إلى هدفه داخل مدينة مكةالمكرمة، ليس مستغرباً من جماعة الحوثي، والرئيس السابق علي عبدالله صالح التي اعتادت الإتيان بأفعال خرقاء وغير إنسانية أو أخلاقية»، لافتين الأنظار إلى أن الجماعة تخطط لتهديد المقدسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية، وأن تهديد المقدسات الإسلامية قد يؤدي إلى إشعال حرب طائفية في المنطقة، وأكدوا أن هذا التصعيد بمثابة محاولة لضرب المملكة العربية السعودية في العمق والضغط عليها، وأوضحوا أن العدوان الفاشل على مكةالمكرمة هو إرهاب مكتمل الأركان، لا يراعي حرمة المقدسات الإسلامية، ولا يرتبط بأي وازع من أخلاق أو ضمير. استهداف لكل المسلمين
قال محمد المليكي الأكاديمي والمحلل السياسي اليمني: «إن استهداف مكةالمكرمة من قِبَل الحوثيين، ومن خلفهم إيران، هو «الإرهاب» بعينه، ويعد استهدافاً لكل المسلمين وقِبْلتهم «البيت الحرام»، وأن الحرب ضد هذه الجماعة كان لا بد منها»، موضحاً أن أحد قادة جماعة الحوثي بعد أن احتلوا العاصمة اليمنيةصنعاء، أعلنها صراحة بأن الجماعة سوف تحج بأسلحتها إلى مكة.
وتابع: «إن هذه الجماعة لا تحترم الدم ولا الإنسان ولا المقدسات، وقد فعلها القرامطة من قبلهم، وهؤلاء امتداد طبيعي للفكر الطائفي الذي أوقف الحج 20 عاماً وقتلوا آلاف المسلمين».
وأكد المليكي أن محاولة استهداف البيت الحرام في مكة كان استهتارا من الحوثيين، وهم في الرمق الأخير، ويحاولون رفع معنويات أتباعهم وتأكيد أنهم لا تزال لديهم القوة، وأن لديهم صواريخ قادرة على الهجوم حتى باتجاه الأراضي المقدسة. وتابع: «إن إطلاق صاروخ في اتجاه البيت الحرام يكشف عن بشاعة الحوثيين، وقبحهم واستهتارهم بحُرْمة مكة وقدسيتها ومرجعيتها الدينية لعموم المسلمين في العالم بأسره».
وقال: «كان من الممكن أن يسقط ضحايا من المدنيين، ولا يمكن تخيل ردة الفعل إذا سقط ضحايا في الحرم المكي، وكيف ستكون الصورة حينها»، منوهاً بأن الصورة تتجلى بوضوح في أن الحوثيين هم يد إيران وخنجرها في خصر الجزيرة العربية. وتوجه «المليكي» برسالة إلى قوات التحالف العربي في اليمن، وهي أن المعركة ضرورية ضد الفئة التي تعيث في الأرض الفساد، وقال: «إن هناك هدفا واضحا، وهو التمدد خارج حدود اليمن والمنطقة بأسرها، وإن خلاياهم النائمة على أهبة الاستعداد لساعة الصفر وإسقاط المنطقة كلها في فوضى عارمة».
وقال: «إن واجب إخواننا في التحالف العربي عدم إعطاء جماعة الحوثي فرصة البقاء كقوة تسيطر على مقدرات الدولة اليمنية، وتؤثر في صناعة القرار في اليمن، وقد حاول أتباعها السيطرة وتغيير الهوية اليمنية، حتى وصل بهم الحد إلى تغيير في المناهج الدراسية، وتطاولوا على مقدساتنا، ويجب ألا نقع في أخطاء الماضي».
عزلة الحوثيين ستزداد
ذكر الدكتور خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن جماعة الحوثي تحاول استفزاز المملكة العربية السعودية، وزيادة الضغط عليها، من خلال توجيه صواريخ باليستية تجاه جدةومكةالمكرمة. وتابع: «إن هذا التصعيد يعكس إصرار الحوثيين، ومَن يقف خلفهم، على استمرار الحرب، ويبدو أن إيران تقف خلف التصعيد الأخير من أجل توجيه الأنظار بعيداً عما يحدث في الموصل من انتهاكات، بحق أهل السُّنة في العراق».
وأضاف العناني: «إن مستقبل الحرب على الحوثيين غامض بعد فشل القوى الدولية، وعلى رأسها الأممالمتحدة، في فرض تسوية على الحوثيين الذين رفضوا كل قرارات مجلس الأمن، ويماطلون في وقف إطلاق النار».
ولفت النظر إلى أن الخطورة تكمن في أن الحوثيين بدأوا يهددون أمن الخليج في العمق، بعدما كان الخطر في الجنوب، وهو تطور خطير، إنْ لم يتم ردعه قد يتطاول.
وقال: «إن ما حدث سوف يزيد من عزلة الحوثيين، فاستهداف الأماكن المقدسة قد يشعل حربا طائفية، ويجب الانتباه لمخططات إيران الساعية لجر المنطقة إلى صراع طائفي».
تصرف «أخرق» وغير مستغرب من «الحوثي»
وقال الدكتور صالح الحازبي، الكاتب والناشط السياسي اليمني: «ربما يبدو إطلاق الحوثي لصاروخ باليستي في اتجاه مكة، أقدس البقاع على الأرض، ليس أمراً جديداً، وهذا يرجع لمعرفتنا بطبيعة هذه الميليشيات التي لا تراعي حُرمة لإنسان أو مكان، ويؤكد هذا محاولة الحوثي تبرير هذا الفعل، إذ هو تبرير يصدق عليه القول «عُذر أقبح من ذنب»، وذلك باعترافه بأن الصاروخ استهدف مطار الملك عبدالعزيز، وهو أكثر المطارات المدنية ازدحاماً بالمعتمرين و المسافرين في المملكة».
وأضاف الحازبي: «إنه من الناحية الأخرى لا يبدو هذا الفعل الأخرق مستغرباً، حين يوضع في السياق الأوسع لطبيعة الصراع الحالي في اليمن، الذي لا يمكن عزله عن الصراع الإقليمي اليوم في المنطقة». وتابع: «ما يجري في اليمن ليس فقط صراعاً سياسياً بين أطراف يمنية، بل هو محاولة إيرانية للهيمنة على اليمن وتهديد أمن المنطقة، وهي حقيقة أكدتها كثير من الوقائع، وأخراها ما تم إعلانه يوم الخميس الماضي، حيث أعلن الأميرال المساعد في البحرية الأمريكية، كيفن دونجان، أن سفنا أمريكية وأخرى للتحالف بقيادة السعودية اعترضت 4 شحنات للأسلحة المرسلة من إيران إلى الحوثيين وحلفائهم في اليمن»، وأشار إلى ما أعلنه مسؤول يمني بأن إيران دربت أكثر من 6000 مقاتل حوثي، وهو ما يشير إلى أن الحوثي يمثل خطراً على اليمن والمنطقة والعالم.