عندما قرر المؤتمر الوطني، الذي حشد له الحوثيون، تحديد مهلة ثلاثة أيام للقوى السياسية لإيجاد حل للخروج من أزمة فراغ السلطة، أرادوا حقاً العودة بالأمور إلى نصابها الطبيعي، لكنهم في الواقع فتحوا على أنفسهم واليمنيين باباً إلى الجحيم، فتعثرت مفاوضات المبعوث الأممي وشهدنا انسحابات وتعليقاً في المشاركة دفع إليها، ضمن أسباب أخرى، شعور جماعي بالخضوع لشروط القوة الغاشمة. هل أخطأ الحوثيون بإعلان المهلة؟ قطعاً نعم.. ففي الأزمات المصيرية لا مجال للطرف المهيمن الحديث عن سقف زمني بالساعات لوضع الحلول، إلا إن كان لديه ما يخفيه ويريد بذلك استعجال مشروعه.
من الإنصاف القول إن مهلة الثلاثة أيام حملت في أحد جوانبها تهديداً لكنها في الجانب الآخر حملت مدلولات وطنية بالحرص على الخروج سريعاً من نفق الأزمة التي يدرك الجميع أن طول أمدها سيجعل الحل المتأخر باهظ التكاليف. جميعنا، بلا شك، يستعجل الحل السياسي، لكن منطق السياسة يفترض أن تأخذ جهود الحل مداها الطبيعي، هذا إن كان يراد منها حلاً وطنياً لا تسويات عاجلة لصفقات فرض الشروط.
ما يرد في تصريحات بعض قادة أنصار الله عن خطوات أحادية بعد انقضاء المهلة لترتيب وضع السلطة والمرحلة الانتقالية، انطوى كذلك على نقل مفاعيل الأزمة من ملعب اللجان الثورية والشعبية إلى مستويات فوقية. ما اثق به تماماً، أن قيادة الجماعة لو جازفت هذه المرة، أيضاً، بالتصعيد نحو خيارات المهلة، فسوف تقدم لطابور المتربصين باليمن أرضية محروسة بشرعية ليس لحل الأزمة بل لبناء المنصات. دمتم بخير