نشرت صحيفة الاتحاد الظبيانية على صدر صفحتها الأولى، السبت، صورة بارزة لجندي سعودي حاملا بندقية أمام برج المراقبة في مدرج الهبوط بمطار عدن الدولي خلال إنزال حمولات من طائرة عسكرية سعودية. الصورة تقدم مشهدا يذكر بجنود الغزو والاحتلال الذي اختبرته عدن خصوصا ويستدعي إلى الذاكرة مشهد خروج آخر جندي بريطاني من عدن مع اختلاف الأزمنة والمناسبات. لكن المشهد يترافق هذه المرة مع شراكة واضحة وجلية تنخرط فيها أسوأ منظمة إرهابية "داعش" علاوة على دعم الولاياتالمتحدة. مؤخرا نشر الكاتب الأمريكي وليام بوردمان، في صحيفة "ديسيدنت فويس" بعنوان: "الإبادة الجماعية لليمنيين مستمرة على قدم وساق، والعالم متمتع بالصمت". سطر فارق ولافت أورده مقال بوردمان: "اتضح الأمر جلياً أن الولاياتالمتحدة وداعش، هم حلفاء المملكة العربية السعودية الدكتاتورية". تحاول المملكة السعودية أن تثبت شيئا من خلال عملياتها الحربية والعسكرية وحملة العدوان على اليمن، إلى تأكيد سالف أطماعها في التحكم والسيطرة وإعادة فرض واقع الانفصال والتمزق ما قبل 1990 من خلال تركيزها على إضعاف اليمن ودفاعاته العسكرية قبل التركيز على احتلال عدن خصوصا كمركز سيطرة إلى الجنوباليمني والذي سبق التمكين فيه للقاعدة الذي يبسط سيطرته على مدينة وميناء المكلا عاصمة محافظة حضرموت. وبينما يتمتع القاعدة بحكم وإدارة المكلا وتتأسس معسكرات علنية ل "داعش"، قتلت طائرات سعودية عشرات الجنود في اللواء 23 ميكا بحضرموت الشهر الماضي، حتى وهؤلاءمن حلفاء الرياض! ترافق كل شيء عدواني وعسكري وحربي مع حصار مشدد على اليمنيين في الغذاء والدواء والمساعدات، وعبر استخدام هادي؛ "الدمية" بتعبير محلل أمريكي- أو "البيدق" بتعبير كاشدام. وكما نشرت نيويورك تايمز: أن حكومة هادي في الرياض رفضت السماح باستئناف الشحنات التجارية إلى اليمن، مع إشراف الأممالمتحدة للتأكد من عدم وجود أسلحة. تستعين المملكة السعودية في حربها اللا أخلاقية والتدميرية أدوات هي الأسوأ من كل نوع وفي كل مجال. قالت المحللة السياسية والباحثة كاثرين شاكدام في مقالة بالإنجليزية على RT، إن حرب السعودية على اليمن ليست مجرد صراع على الشرعيات أو حتى الموارد الطبيعية، بل لإخضاع جنوب شبه الجزيرة العربية لحكم الإرهاب. وتلفت: حرب آل سعود تطمح إلى فتح اليمن أمام غزو بري وترك شعبها الأعزل أمام جحافل "داعش" - فيما يعني تكرار لكارثة العراق! مشاهد القوات الغازية وجنود العدوان في مطار عدن وخارجه لا يمكنها إلا أن تذكر اليمنيين بأسوأ التجارب التي اختبروها في تاريخهم الحديث، بالاحتلال الخارجي البغيض. ومن الوهم، كما يؤكد محللون وكتاب أجانب، أن تتصور المملكة السعودية أن اليمنيين سوف يقبلون على أنفسهم وبلادهم واقعا احتلاليا وأنها سوف تترك لتفعل ما تشاء من غزوها لعدن وإعادة تقسيم اليمن بموجب أولوياتها الخاصة وأطماعها إلى السيطرة والوصول إلى البحر العربي ومد خطوط نقل النفط والتخلص من ضرورة المرور بمضيق هرمز. قال "ماثيو هينمان" من مركز "IHS Jane's" لمراقبة الإرهاب والتمرد ومقره لندن، إنه طالما استمرت الحرب في اليمن ستستغل تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" لها من أجل السيطرة على مزيد من الأرض ووضع بصمتهم عليها. الظهور المكثف والاعتمادي على جحافل المتطرفين وأصحاب الرايات السوداء من القاعدة إلى داعش وإعادة تصدويرها وتصديرها إعلاميا باسم المقاومة حينا واللجان الموالية حينا آخر، لا يعني إلا شيئا واحدا يتأكد من جديد وهو أن السعودية تعتمد كثيرا في تحركاتها تجاه اليمن على الجماعات القتالية المتطرفة وتضاعف من تفعيل الجماعات الحركية الأسوأ والأكثر تطرفا وإرهابا على الإطلاق عبر الدفع بمجاميع داعش وما يسمى ولاية عدن إلى الواجهة علاوة على جبهات ومجاميع القاعدة. نشر معهد بروكينغز الأمريكي مقالاً للمحلل الاستخباراتي بروس ريدل، قال إن المستفيد الوحيد من الحرب على اليمن هو تنظيم القاعدة. وأشار بروس ريدل، أنه منذ أوائل أبريل، سيطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على خامس أكبر مدن اليمن: المكلا، وكثير من محافظة حضرموت المحيطة بها. حضرموت هي أكبر محافظاتاليمن، وتضم ما يقارب ثلث إنتاج اليمن النفطي قبل الحرب. أما المكلا، فهي ثاني أكبر الموانئ اليمنية على المحيط الهندي بعد عدن. مئات داعمي تنظيم القاعدة ذهبوا للمكلا بعد الهروب من السجون في أجزاء أخرى من اليمن منذ بدء الحرب. وأشار إلى أنه منذ بداية الحرب على اليمن، لم تشن السعودية وحلفاؤها غارة واحدة على القاعدة الذي يسيطر على المكلا، وظل ميناء المكلا مفتوحاً، أيضاً، لبعض الحركة على عكس الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، ما يبدو أن الرياض ترحب بالقاعدة على حدودها الجنوبية مع اليمن ضد الزيديين. وأضاف، أن هناك شكوكاً باقية بأن المملكة قد ترغب بالاستيلاء على حضرموت للوصول إلى المحيط اليمني وكطريق لأنابيب النفط للمكلا، والتي قد تسمح بوصول النفط للبحر بدون نقله عبر مضيق هرمز. وبالعودة إلى كاثرين كاشدام: لماذا تم تحويل عدن، الجوهرة الجيوسياسية، إلى واحدة من الجبهات الرئيسة في هذه الحرب؟ وابرزت أن السعودية لم تفلح في قهر وغزو اليمن، ولذا بدأت بتحويل مسار خطتها الى تقسيم البلد وعلى مايبدو أنها ارادت أن تكون عدن بوابتها الرئيسة للتقسيم. والأسئلة على كثرتها تكاد أن تنتهي في سؤال واحد: هل يقبل أو سيقبل اليمنيون بغزو واحتلال سعودي (هجين) لجزءمن بلادهم؟! هذا ما ينبغي التأمل في وقائع الإجابة عليه، في الواقع.. تواليا وبداية من تاريخه. * المصدر: وكالة "خبر"