من الناحية الدينية يجب التأكيد هنا إلا أن القبيلة في اليمن ليست وحدة دينية بحد ذاتها فليس بالضرورة أن تكون القبيلة بأكملها شافعية أو زيدية أو حتى سلفية فالتدين في المجتمع اليمني أو الانتماء الديني فردي وما ينطبق على القبيلة ينطبق على القرى والمدن اليمنية فقلما تجد قرية أو مدينة متحدة المذهب. بمعنى أخر هناك حراك ديني وحيوية في اعتناق الأفكار الدينية ولا يوجد جمود في الحركة بين المذاهب الإسلامية في اليمن كما هو شائع في مجتمعات عربية أخرى كلبنان والعراق على سبيل المثال، فبإمكان الفرد في اليمن أن ينتمي للإخوان المسلمين وفي اليوم التالي ينتقل لحركة أنصار الله الحوثيين أو العكس دون أي صعوبة تذكر. ورغم محاولة بعض دول الإقليم تسعير الشحن الطائفي في اليمن إلا أنه لم يلق الصدى المطلوب رغم حشد وسائل إعلامية عربية كل امكانياتها في تغذيته عبر قنوات فضائية أو صحف أو مواقع انترنت. محاولة خلق معادلة طائفية ومذهبية جديدة في اليمن لأسباب سياسية فشلت في تحقيق أهدافها وتحولت إلى حرب قبلية أكثر منها مذهبية. يعود السبب في ذلك إلى: 1 - أن الظاهرة المذهبية في اليمن ليست بالحدة والصراع الذي تشهده بعض الدول الأخرى فهناك مساحة كبيرة جداً من التعايش والتسامح والتجانس المجتمعي، فلا وجود لطوائف أو مذاهب مغلقة على ذاتها في اليمن. 2 - طبيعة المذهبين الزيدي والشافعي فالمذهب الزيدي قريب من مذاهب أهل السنة إذ أن الفقه الزيدي هو فقه حنفي بمعظمه، وكذلك المذهب الشافعي الذي هو بمعظمه صوفي يشتهر بالتسامح والتعايش والقبول بالأخر، لذا من السهولة الانتقال بين مختلف المذاهب بالنسبة للفرد اليمني. 3 - طبيعة المجتمع اليمني التي تتسم بالمرونة، وهو مجتمع براجماتي من الصعب أدلجته، وحداثة التجربة الطائفية وصعوبة تأطير الأفراد في كنتونات طائفية. 4 – غلبة الانتماء العشائري والقبلي على غيره من الانتماءات حتى الدينية، بمعنى أخر عند غياب الهوية الجامعة كالدولة والمواطنة يوجد هوية جامعة أخرى تستند إلى رابطة الدم والتي هي أقوى من الهوية التي تستند إلى الانتماء الفكري. 5 – يعتبر المجتمع اليمني مجتمع تقليدي فالعادات والتقاليد لا تزال راسخة ويمارسها جميع الأفراد على حد سواء بغض النظر عن الانتماء الديني والفكري فهي ممارسات متساوية بين الأفراد من مختلف المذاهب والانتماءات فلا تمييز بين من هو إسلامي أو علماني، سني أو غيره