إننا نعيش تفاصيل خدعة كبيرة مازالت خيوطها تتكشف لنا بسذاجة.. الشعب يثور ويناضل ويدفع الثمن جوعا وخوفا فيما رجالات النظام السابق يلعبون كل الأدوار، جملة واحدة لحسين الأحمر في ظهوره الأخير تكفي لندرك الكيفية التي يتم بها خداع الشعب على نحو مضطرد، في النهاية لن تشعر إلا بالاستياء والامتعاض تجاه هالة التناقضات المريبة لإفرازات الثورة الموبوءة وهي بلا اكتراث تعيد لنا إنتاج الماضي بمنطق مهترئ لا يصلح إلا للاستفزاز . الحديث عن علي محسن، الرجل الأول في نظام صالح، يذكرك - حتماً - بأكبر لعنة جعلت من الثورة خديعة كبرى، مازالت النخب المزيفة ترشينا ببعض التسويفات والترهات السمجة للذود عنه ، من يتخيل أن الرجل الذي مثل بوابة الدخول إلى قلب صالح طيلة ثلاثة عقود سيجسد دوره الجديد ببراعة كبراعته التي أظهرها وهو يكرس عنفوان قبضته على الفرقة لأجل حماية الثورة، لقد تفوق بسلاسته إلى الحد الذي لم يتعذر عليه الدور، لقد كان محظوظاً بالغباء الذي أحاط بالثورة وهي تصنع منه بطلاً وتمكنه من مدنيتها حتى أصبح الجنرال هو من يتصدرها وبيده مقاليدها. ما الذي يتبادر إلى ذهنك عن ثورة خرجت لدحر جبروت القبيلة وعلى أطلالها تؤسس دولة مدنية حديثة، فتورطت بتواطؤها مع القبيلة وأنعشت حضورها وفاعليتها أكثر من ذي قبل ، ما الذي تبقى للثورة وهي تخول الشيخ صادق الأحمر ليشرح لنا تفاصيل نضالها بطريقته الظريفة .. أي ثورة تلك التي تساق إلى مكتب رئيس جهاز الاستخبارات لترتمي بين قدمي غالب القمش حتى يتحول هو الآخر إلى بطل يتقمص دوره كثائر وتمنحه البقاء على حساب فرصة تاريخية لا تتكرر البتة..؟! خطيئة الثورة أنها تخلت عن عفتها، لقد ظلت عارية ولم تحتشم بعفويتها الشعبية المحضة، كان صدرها مفتوحاً تقافز لاحتضانها عتاولة النظام السابق، لم تقبل انضمامهم وتشترط عليهم عدم ممارسة أي دور ، بل إنها استمرت تمكن لهم من نفسها حتى صارت ملك أيديهم . يبدو أن خطيئة الثورة في احتضانهم أشد قسوة علينا من خطيئة صالح الذي أبقى عليهم وكان له من المبررات ما يخفف الوطأة وبالإمكان تمريره. شخصياً أجد أن الخطيئة التي أحملها على الرئيس السابق صالح هي في انه لم يفكر بالانضمام للثورة في وقت مبكر قبل أن يسبقه إليها جميع من صنعوا أدران الماضي . * صحيفة المنتصف