كثيرا ما نحزن حينما يموت عزيزا علينا ، ونشعر بتأنيب الضمير عندما كان حياَ يرزق ولم نزره ،ليس تقصيرا في حقه فحالت بيننا وبين زيارته مشاغل الحياة .. ربما التمس لنا عذرا ، وربما حمل في نفسه عتابا ، وربما تحمل بألمه الذي عاناه من حالته المرضية فنسي .. وربما … وربما ؟؟؟ كثيرة هي التساؤلات التي نطرحها في مثل هذه الحالات . في لحظات شعرت بأن قوة تدفعني إلى حمل قلمي للكتابة عن عزيز افتقدته كي أجيب ما بداخلي من أحاسيس ومشاعر كإجابة تتفجر حياء وتوقيراً لهذا الفارس الذي رحل عن دنيانا فيم دموعي التي سالت من أعيني واختلطت بمداد الحبر الذي اكتب به هذا النعي ، وأنا أروض النفس بإنقاذها من الانسحاق تحت وطأة الذنب لتقصيري في زيارته ، . وكما قال الرسول الأمين ” الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت .. والعاجز من اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني . هذا الفارس الذي امتطى صهوة جواده يوما وهو يحارب في الجبهة الإعلامية وقبلها في الجبهة التعليمية معلم فاضل ، عرفته صلباً في مواقفه وقراراته لم ينحني للعواصف بل واجهها بكل شجاعة .. لا اشعر وأنا في حضرته إلا بالتقدير له لتواضعه ” ومن تواضع لله رفعه ” .. لعل القارئ ينتظر بشغف معرفة هذه الشخصية التي أطلت في تقديمها دون الإفصاح عن اسمها .. لا تتعجلوا قرائي الأعزاء فمثله يقال عنه الكثير وما قلته في حقه لم يكن سوى قطرات في بحر فمحاسنه كثيرة كثر حبات المطر .. إنه التربوي والإعلامي صالح سعيد يمين – والد يمين الذي نعزيه الآن فيه – ، فكان بحق صالحا كاسمه فأعطى من ثمار جهده الكثير ولم يبخل فآثر غيره على نفسه ولم يمن ، ساهم في تطوير الإعلام ولم ينتظر جزاء ولا شكورا ، كان شمعة تنير الدروب ، وهمة عالية لاتهدأ ولاتكل .. هاهي تنطفئ اليوم تلك الشمعة التي تحترق حتى وصلت إلى نهايتها لتلقى بارئها الذي نحتكم لأمره جميعا .. ولقد قال الشاعر العربي : سبيل الموت غاية كل حي .. فداعية لأهل الأرض داع وتلك هي النهاية المحتومة لكل شئ في هذه الحياة الفانية .. فلن يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام .. ونستلهم دوما ما قاله الحق عزوجل في كتابه العزيز “ إنك ميت وإنهم ميتون ” يخاطب فيها الرسول العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، الأيام تنقضي والعمر قصير ولم يتبق لنا إلا العمل الصالح الذي ينتفع به الإنسان في دنياه قبل آخرته . ومهما حزنا على من فقدناهم فالحزن لا يعيدهم ، ولكن حق علينا تذكرهم بالذكر الطيب العطر وطلب المغفرة لهم … والاعتبار بأننا لسنا مخلدون في هذه الحياة بل مسافرون على قطارها الذي حتما سينزلنا في آخر محطاته وينتهي الأمر ، ثم نعود إلى عالم الغيب والشهادة فليتولانا الله الغفور برحمته وينزلنا منازل الأبرار .. ونسأله الجنة التي نسعى أن نكون من أهلها .