بعد مدة تصل إلى السنة أو يزيد بدأ زيف أسطورة “القاعدة” يتكشف لحظة بعد أخرى لتشد رحالها من مناطق الخطر التي باتت في دائرة الاستهداف العسكري إلى مناطق أكثر أمناً, واليد الحديدية التي لوّح بها الرئيس هادي تضرب بقوة في محافظة أبين واستطاعت سحق “القاعدة” في لودر والوضيع ومودية, وهاهي تلاحقهم في زنجبار وجعار. مديرية لودر عاشت الليلتين الماضيتين أجواء أخرى من الراحة والهدوء بعد أن أقلقت المدفعية وشبح “القاعدة” مضاجعهم, وسلبت أمنهم, وتشرّد الكثيرون منهم إلى بطون الشعاب والمحافظات المجاورة.. ويقول وجدي محمد, وهو أحد أعضاء اللجان الشعبية ل “الجمهورية” إن لا أحد يعرف مقدار الفرح الذي يعيشه أبناء لودر بعد هزيمة “القاعدة” غير أبناء لودر الذين ظلّوا خلال شهر يعيشون وسط جحيم الخوف ونيران الموت, ويأتي ذلك في ظل دعوة محافظ المحافظة جمال العاقل إلى توفير الكهرباء والدواء لأبناء لودر الذين تجرّعوا جرائم “القاعدة” في حقهم. وإذ تشهد مديريات لودر والوضيع ومودية فرحة عاشها أهالي تلك المديريات على طريقتهم الخاصة؛ فإن جعار وزنجبار تعيشان لحظة ما قبل العاصفة التي قد تعيد إليهم ابتسامتهم المنزوعة من بين ثناياهم منذ سنة تقريباً. جبهة زنجبار شهدت يوم أمس معارك متقطعة في إطار خطة الجيش لإحكام السيطرة على مداخل المدينة وقطع الإمدادات من وإلى مديرية جعار المجاورة لزنجبار, حيث خلّفت الحرب بين الجانبين يوم أمس قتلى وجرحى لم يتسن للصحيفة معرفة العدد. وقال مصدر عسكري هناك إن الجيش نفّذ عملية التفاف ناجحة بغرض قطع الطريق الواصلة بين زنجبار وجعار في منطقة الجول, واصفاً بأن الجيش أصبح شبه متحكم بالمنافذ المؤدية إلى مدينة زنجبار, مشيداً في نفس الوقت بالصمود الأسطوري للجيش أمام تلك الجماعات التي ظلت تنفّذ عمليات مباغتة طيلة الفترة الماضية. وفي جبهة جعار تواصل الألوية العسكرية تقدُّمها صوب مدينة جعار معلنة حالة التأهب القصوى بين أفراد الجيش, بعد اشتباكات عنيفة بين اللواءين 119 و135 مشاة وذلك بالقرب من مصنع الذخيرة “7 أكتوبر” في منطقة “رهوة الحصان” وقد تقهقرت عناصر “القاعدة” من منطقة رهوة الحصان إلى مناطق في اتجاه مدينة جعار. فيما قالت مصادر محلية هناك إن عدداً من عناصر “القاعدة” انسحبوا من جعار برفقة عوائلهم متجهين إلى أماكن متفرقة من مديريات يافع, ويأتي ذلك الهروب الجماعي بعد قيام قبائل منطقة باتيس بمهاجمة عناصر “القاعدة” بالأسلحة الرشاشة وتمكنهم من قتل سبعة من عناصر “القاعدة” بينهم اثنان من أبرز قيادات التنظيم في أبين هما “نادر الشدادي, وأحمد عبدالنبي” شقيق القيادي الأبرز “خالد عبدالنبي”.. يأتي ذلك في الوقت الذي قالت مصادر محلية ل “الجمهورية” إن الجماعة الإرهابية في أبين تشهد انشقاقاً في صفوفها وتصفيات جسدية داخلية, كما كشفت المصادر عن فرار أعداد كبيرة من عناصر “القاعدة” إلى منطقة “عزان” في شبوة عن طريق أحور بعد أن مُنيت بهزيمة ساحقة في لودر ومودية والوضيع. هذا وقال مسؤول في الجيش وسكان يوم الجمعة ان القوات اليمنية قتلت عشرة اشخاص يشتبه في انهم متشددون اسلاميون في ضواحي مدينة جعار في هجوم جديد تدعمه الولاياتالمتحدة بهدف إعادة تأكيد سيطرتها على جنوب البلاد. وقال سكان ومسؤول في الجيش إن القتال اندلع الليلة الماضية بين المتمردين والجيش اليمني مدعوما برجال القبائل على الضواحي الجنوبية للمدينة التي يسيطر عليها متشددون على صلة بتنظيم القاعدة. وأضافوا أن الاشتباكات استمرت حتى صباح يوم الجمعة مما أسفر عن مقتل عشرة متشددين. وقال سكان في جعار بمحافظة أبين إن الجيش اليمني طلب منهم خلال مكبرات الصوت مساء الخميس إخلاء المدينة أو التوجه إلى مناطق آمنة مع تقدم الجيش. وقال أحد سكان جعار ويدعى محمد حسين بعد أن فر منها أمس الخميس إن "المتشددين يحفرون الخنادق والأنفاق داخل المدينة استعدادا للقتال مع الجيش." وانسحب متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة يوم الخميس من بلدة لودر على بعد نحو 80 كيلومترا إلى الشمال من جعار في الوقت الذي هاجمت فيه طائرات حربية وقوات برية بلدات يسيطر عليها المتمردون. وكثفت الولاياتالمتحدة الهجمات بطائرات بدون طيار في اليمن منذ تولي الرئيس عبد ربه منصور هادي منصبه فى فبراير شباط وقالت وزارة الدفاع الامريكية الاسبوع الماضي إنها استأنفت مؤخرا إرسال مدربين عسكريين إلى اليمن. واستغل المتمردون في جنوب البلاد احتجاجات واسعة النطاق في العام الماضي ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح للاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي. ويشكل التمرد الاسلامي المتزايد في اليمن مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة والسعودية اللتين تخشيان من إمكانية أن يعطي الصراع السياسي لتنظيم القاعدة موطئ قدم في المنطقة قرب طرق شحن النفط عبر البحر الأحمر.