انتصرت جميع الثورات التي قامت ضد الاحتلال الاجنبي في مرحلة التحرير الوطني في آسيا وأفريقيا وامريكا اللاتينية -عدا ثورة الشعب الفلسطيني - والعديد من هذه الأنظمة الوطنية التي حلت بعد الاحتلال انتجت الظلم والاضطهاد والقمع التي قامت أصلاً من أجل القضاء عليه بل أن بعضها أفرط في الاستبداد بشعبه بدكتاتورية عنيفة أكثر من الاحتلال الأجنبي لبلاده .. الثورة الفلسطينية لم تنجز هدفها الرئيس باستعادة الأرض من الغاصبين اليهود رغم الدعم العربي والدولي والإجماع على عدالة القضية بسبب التمترس الامريكي والأوربي مع هذا الكيان والسخاء غير المألوف الذي حظي به منهم بمافيه حق الفيتو ولم تتفاعل القيادة الفلسطينية مع مبادرات السلام الذي عرض عليهم بموجبه استعادة جميع الأراضي المحتلة عام 67م بما فيه القدس الشريف واليوم تقدم هذه القيادة التنازلات تلو التنازلات للحصول حتى على 50% مما عرض عليهم سابقاً في قرار التقسيم وغيره من العروض الأخرى . نحن في الجنوب بعد الاستقلال عام 67م قدم الاستاذ المرحوم شيخان الحبشي مشروع الجنوب العربي فاعتبر حينها مشروع استعماري تداعى له الصقور وتوعدوه وصاحبه بالويل والثبور .. وعاش الرجل عقود طويلة ثم انتقل إلى جوار ربه ولم يسمع الأصوات الجنوبية التي ترتفع في الداخل والخارج للمطالبة بالجنوب العربي كهوية ولم يعود للرجل اعتباره وبرأته من المشاربع الاستعمارية حتى بعد موته تم تقاتل الرفاق يميني ويسار واتجهوا بنا إلى اليسار مع التيار المنتصر الذي انتهج الاشتراكية كايديولوجيا .. وتطرفنا حنى تجاوزنا الاتحاد السوفيتي في الممارسة ثم تصارعنا وتصارعنا حتى جاء يناير 86م وقصم الظهر الجنوبي إلى نصفين.. باختصار كانت قيادتنا غير كفؤه في كل المراحل حتى ادارة ملف الوحدة لم يكن ناجعاً أو يمتلك مقومات الحد الأدنى من حفظ وصيانة الحقوق واكتفى بمرجعية الأخذ بالأفضل فاصبح مايسود في الشمال هو الأفضل وكل جنوبي ردئ .. وكان من البديهي ظهور ازمة وهي الأخرى لم تدار بمرونة وذكاء .. وشن الجنرال صالح الحرب على الجنوب مع حلفائه والتي اسفرت عن نتائج وخيمة بسبب فشل القيادة العسكرية لاعتمادها على صف قيادي أول من لون واحد وصل إليهم واستمالهم إلى جانبه أو بعبارة أدق استمال نصفهم ولوكانت القيادة العسكرية محنكة لاستبدلت هذا الصف بالكامل قبل الحرب أو اثنائها بآخرين ممن لم يشتريهم "الخُبرة" . على العموم تلك مراحل قد خلت لها ماكسبت ولكن اليوم شعب الجنوب يتوق إلى أن يكسب ولو مرة واحدة وينتصر لكرامته وعزته وحريته وانتفاعه بثرواته وتأمين حياة أفضل للأجيال القادمة ولايبدو في الأفق أي بوادر تلوح بقرب هذا الهدف فالحديث عن استعادة الدولة يدور منذ عام 2007م والقيادات الحراكية في الداخل والخارج تؤكد ولاتتفائل أو تطمح وتعمل لذلك وتعد مقومات نجاحه بصدق وتماسك واصطفاف والشباب يعتقدون أن الفعاليات الاحتجاجية كمسيرات ال 200 متر وال500متر كفيلة بتحقيق المنال وإذا زادت من اشعال الحرائق وسد الطرقات ستقصر المسافة إلى الاستقلال بنسبة 50% والمنبر الإعلامي الجنوبي قناة عدن لايف المعدة حصرياً لثلة من لون واحد هم اتباع وأنصار أحد الرموز في الخارج حتى وان كانوا منشقين من مجالس كبيرة ويتقمصون القيادة في الداخل ويقصون أخوانهم الأكثر عدداً ليزداد التمزق ويتجزأ المجزأ.. وكل أبناء الجنوب بمافيهم شباب الحراك وقياداتهم اذا لايعترفون بهذا الزعيم المزعوم فلامكان لهم في القناة وربما غداً في الجنوب بكامله .. أما أنصار استعادة الدولة عبر المرحلة الانتقالية فهم خونة .. ونتساءل هنا عن والذين لازالوا يؤيدون الوحدة من الجنوبيين ماهو تصنيفهم ...؟كمنتسبي المؤتمر والإصلاح والأحزاب القومية وغيرهم. من وجهة نظري أعتقد انه آن الأوان للحديث عن المطلوب وبالحاح وعدم الحديث عن الماضي حتى في مايعتمل داخل اروقة ومكاتب الهيئات في المحافظات لاننا اذا تحدثنا بشفافية وبالأدلة سنسهم في إذكاء هذه الصراعات والمماحاكات وهذا بكل تأكيد مضر بالقضية الجنوبية برمتها ولكن لابد من قول بعض الأمور التي ينبغي أن تقال : اولاً : ان الجنوب ملك لكل ابنائه بكافة أطيافهم ومشاربهم وتبايناتهم ويجب على الجميع الاقتناع بهذه الحقيقة وعدم ادعاء الولاية وحق الوصاية على أبناءه مهما كانوا وعلى الذين يظهرون في القنوات الفضائية ويقذفوا بعض دول الأقليم ويصفونهم بالصغار عليهم ان يصمتوا ولا يكثروا من أعداء شعب الجنوب فالدول المجاورة للجنوب هي جزء لايتجزأ منا ونحن نتوق إلى دعمهم ومساندتهم ونعتقد أن هذا واجب عليهم . ثانياً : نقول لأخواننا أبناء الجنوب أن البحث عن الزعامات والانشقاق ثم الانشقاق ليس في مصلحة القضية الجنوبية ولن يساعد على تحقيق أهدافها وعلى جميع أبناء الجنوب الاصطفاف في كيان واحد وتقبل الرأي والرأي الآخر اذا كان حول الوسيلة والتكتيك في أطار الهدف الواحد وعلى الذين لديهم مفاتيح الحل الجاهز وغير المكلّف أن يطرحوه مع خارطة طريق واضحة وسيكون الجميع معهم وسنرفع لهم القبعات أما الشطحات والخزعبلات غير الممكنة التي لاتسمن ولاتغني من جوع ومع ذلك ينبغي على الجميع الوقوف على مساحة واحدة بطرحين ومن جاب الهلال هو ولد الحلال . ثالثاً: ان رجأنا في قيادتنا في الخارج ان يتقوا الله في شعبهم فقد بلغوا من العمر مايكفي ومن الخبرة ماتؤهلهم للبحث عن وسائل للاقتراب وليس للابتعاد وعليهم التحاور بموضوعية وشفافية لرسم معالم المرحلة الراهنة بكل ارهاصاتهاوطموحاتها وان لايفوتوا فرص سانحة اليوم وقد لاتسنح غداً وأما اذا بقيوا على موقفهم وإصرارهم على ايجاد تيارات وأجنحة وإرسال أموال إلى فلان أو علان من الناس وهذا يستلم أموال من جهة أخرى وكلاً له اتباعه وهذا تيار فلان والفعالية حق فلان فعلى الدنيا السلام فالناس بحاجة إلى الخلاص وليس إلى الإكثار من القيادات وإشهار كيانات وجبهات ومجالس واصطياد هواة اللهث وراء الأضواء سواء ممن اطلقوا اللحى أو شباب بدرجة زعيم حارة للانفراد بالقّدي من أجل العدّي. ----------------------- * القّدي في اللهجة الحضرمية تعني مقدمة السيارة . *العدّي في اللهجة الحضرمية تعني النقود أو المال .