انطلقت معظم دوريات كرة القدم في العالم للموسم الجديد 2013 - 2014، في حين مازالت قناة معين، التي انتظرها صديقي صالح الحميدي سنين، تبث دوري العام الماضي، وتنقل إلى جمهورها الكريم مباراة وحدة صنعاء وطليعة تعز التي يقول المعلق أنها تأتي ضمن الأسبوع الفلاني من دوري الأولى، رغم أن الناديين قد هبطا إلى دوري الثانية، وشبعا موت.. دخلت الدوريات الأوروبية والعربية والشرقية والغربية أسابيعها الثانية والثالثة والرابعة, ومازال بطل الدوري في اليمن بلا تكريم, وربما أن اتحاد الكرة ينظر اليه ك”بطل غير شرعي“, ولم يصعد الى منصة التتويج عبر الصندوق. دوري الغنج خلافا لكل دوريات العالم, لا يرى الدوري اليمني النور بسهولة.. ولادته تشهد عمليات قيصرية وشيبانية, وتدخل جراحي, وإقليمي. لن يجد الرياضيون في اليمن أنفسهم هكذا أمام بيان من اتحاد الكرة, يعلن فيه جدول مباريات الموسم الجديد, دون مقدمات, أو إرهاصات مختلفة, فالدوري اليمني يبدأ بخطوة ويظل فيها, لا يعرف شيئاً اسمه الألف ميل. قبل انطلاق الدوري الكروي, يبدأ “دوري الغنج“. يتمخطر اتحاد الكرة وكأنه سيقدم لنا كأس أمم أوروبا, وليس دوري هزيل, يأتي لنا مرة بطريقة الضغط, ومرة بطريقة الفرم, ومرة بطريقة الحشو. دوري الغنج السنوي, سيبدأ اتحاد الكرة بتدشينه في سبتمبر, وربما أكتوبر, وسيظهر لنا الاتحاد ليقول إن الموسم الكروي لن يُقام بسبب عدم صرف الوزارة لمخصصاته المالية, وسنسمع الاسطوانة المعتادة, أن الاتحاد “غارم“, ويسأل الوزارة مبالغ توازي المبالغ التي تعهدت بها المملكة والإمارات للحكومة المصرية. الجولة الثانية من الغنج, ستشهد تصعيداً قوياً من قبل الاتحاد, ولقاء ديربي بين الوزارة واتحاد الكرة, حيث ستتهم الوزارة اتحاد الكرة بالمزايدة, وسيرد اتحاد العيسي “لولانا ما عرفت كرة قدم أيها الجهلة“. الجولة الثالثة من الغنج, سيلجأ فيها اتحاد الكرة إلى “العصيان الرياضي“, حيث سيحشد أندية الأولى الى صنعاء من أجل عقد مؤتمر وطني عام, يطالبون فيه وزارة الشباب بزيادة المخصصات عن السنة الفائتة وإلا.. فالزمن غير الزمن, وال25 ألف دولار, المخصص السنوي, لا توازي مصروف الجيب الذي يمنحه ريال مدريد لرونالدو أو بيل. الجولة الرابعة, ستهدد الوزارة بإخراج الشيكات, وسيظطر الاتحاد إلى الإعلان عن موسم “كرس“ هذه المرة بعد أن يصرح بأن “الخير كثير ولا مانع من تقديم سلفة للحكومة المشعتلة”, حيث من المتوقع أن يتم الصلح في شهر أبريل العام القادم, ولذلك سينطلق الدوري بنظام الفترتين: صباح ومساء. وسنفاجئ كل دول العالم بأننا أقمنا الموسم الرياضي في وقت قياسي, لن تستطيع اسبانيا وانجلترا تحقيقه, فليس من جاء قال كرة قدم. حتى اللحظة , لا نعرف ماهي القاعدة الأساسية التي يستند اليها اتحاد الكرة في تأجيل انطلاق المواسم الكروية.. هل هو خائف من العين, أم أنه لا يريد للجماهير العربية أن تفقد المتعة في مشاهدة كل دوريات العالم دفعة واحدة, وبالتالي سيكون الدوري اليمني, الوجبة الدسمة لعشاق المستديرة حين تنتهي الدوريات الأوروبية. على اتحاد العيسي أن يخبرنا بالسبب الحقيقي, حتى ولو كان حكمة شعبية, أو حزاوي, من باب “العجل من الشيطان, ومن صبر ظفر“, أو أن يعلق على بوابته الرئيسية اللافتة التي يرفعها أصحاب الشاحنات والقاطرات العملاقة روّاد الخطوط الطويلة: ”في التأني السلامة“. أيا كانت المبررات, يظل اتحاد الكرة, هو القاتل الحقيقي للكرة اليمنية, والسبب الرئيس في تصلب اللعبة, وإصابتها بالأمراض المزمنة, حتى وإن حشد ملايين الأسباب والتبريرات التي تجعله يلجأ الى عدم إقامة الاستحقاقات الكروية في موعدها. سواء صُرفت له الموازنات الخاصة بإقامة الأنشطة أم لم تصرف من قبل الجهات المختصة, لن يتخلى اتحاد العيسي عن الاستهتار والعبث بمصير الرياضة في البلد. طبع, ومن الصعب التغلب عليه بأي تطبع. عندما يكون مصير رياضة بلد كامل, (الرياضة اليمنية ليست جوهرة بالطبع) في يد فحّام, أو شيخ, فمن الطبيعي أن نشهد هذا الانحطاط الحاصل, وأن يزدهر الفشل موسماً بعد آخر.. ترى ما الذي يقوله قادة اتحاد الكرة لأنفسهم, وهم يشاهدون كل ملاعب العالم وهي تشهد المواسم الجديدة, فيما دورينا الكسيح, لا يقف على قدميه إلا بعد “مشارعة“. سيقول كثيرون: “كثّر الله خير الاتحاد“ فهو يفعل ما لم تفعله الحكومة. و”يدِّي من جيبه“ للمنتخبات واللاعبين, فلماذا الجحود. الرياضة ليست عملاً خيرياً, عطفاً وإنفاقاً. واتحاد الكرة ليس ديوان شيخ, تتباهى منه بأنك صاحب مكرمات, ومربّي أيتام.. الرياضة احتراف, مسئولية, عمل منظم, وليس ارتجالاً و”معقلة“. لا نريد اتحاد كره يقول “أصرف من جيبي“, بل “ادرس الأمور بعقل“.. ثم ماذا استفاد من هذا الصرفيات؟ ماذا حقق للرياضة اليمنية, من الذي يوجه له كلمة شكر حقيقية, لا مجاملات من ماسحي الخوخ. إذا كان اتحاد الكرة “مغرماً“ وليس “مغنماً“ فلماذا الإصرار على التمسك به؟ لماذا لا يحافظ العيسي على “ضماره“ القارح على كرة القدم, ويترك الخبز لخبازه؟ عدم انتظام الدوري, والمسابقات, واحدة من الصور التي تكشف أن الرياضة اليمنية تعيش في الحضيض, وأن اتحاد الكرة لا يشعر بأي مسئولية. عندما يكون اتحاد الكرة, نسخة مطورة من لجنة شئون القبائل, ووزارة الشباب, مجلس للمشائخ الذين لم يجد لهم النظام عملاً أو وظائف فرمى بهم إلى وزارة لا تشترط مسئولاً متخصصاً, فاعرف أن الرياضة اليمنية تعيش في الحضيض ولن تخرج منه بسهولة. الدوري اليمني المتوقف هذا العام, توقف العام الماضي لنفس الأسباب وسيتوقف العام القادم لنفس الأسباب أيضاً. قيادات مصابة بالكساح لا تفكر, ولا تبالي بمصير رياضة بلد. الدوري التعيس يتم نسخه كما هو إلى الموسم القادم, دون وضع حلول للثغرات والنكبات التي رافقته. المنتخبات التي تُمنى بهزائم مذلة, تعود وكأن شيئاً لم يكن.. لا محاسبة للجنة المنتخبات التي فشلت في الإعداد القصير مثلاً, أو اختيار الأجهزة الفنية, ولا عقاب لقيادات لا تجيد سوى تصدير الإحباط إلى نفوس اللاعبين والأجهزة الفنية والجماهير أيضاً. أعرف أن وضع الرياضة يُعبّر عن الحال الذي تمر به البلد. الحال من بعضه كما يقولون، لكن وضع في غالب البلدان, تبقى الرياضة هي المتنفس الوحيد للناس حين تصيبهم السياسة بالدوار. في اليمن كل شيء يصيبك بالدوار, والرياضة على رأس تلك الأوبئة. لا قيادات عليا واتحادات لديها النية في التصحيح, ولا رياضيون لديهم أمل في الخلاص والتغيير, ولا جمهور وإعلام لديه رغبة في المطالبة بثورة رياضية. حالة استسلام ورضوخ بالأمر الواقع من قبل الجميع..!!