كان للمرأة حضور فاعل في النضال ضدّ الاستعمار في جنوب الوطن منذ المخاضات الأولى لثورة 14 أكتوبر 1963م. وأدت المرأة دوراً مهّماً في نجاح الكفاح المسلح، وأسهمت في خوض مختلف أشكال النضال السياسي التحرّري، فحملت السلاح وقاتلت ضدّ قوّات الاحتلال البريطاني، وشاركت في التنظيمات السياسية، وتصدّرت المظاهرات، وتوزيع المنشورات والبيانات، كما نقلت الرسائل والأسلحة والذخيرة والغذاء للمناضلين، ورصدت تحرّكات القوّات البريطانية وعملائها، وزوّدت الثّوار بالمعلومات، كما ساهمت في قيادة الإضرابات، وإخفاء الفدائيين، وتوعية النساء للوقوف إلى جانب الثورة، وجمع التبرّعات منهن.
تقول ليلي المحمدي عن ثورة 14 أكتوبر ودور المرأة فيه "النساء شكلنّ إبان مرحلة الكفاح المسلّح الدرع الواقي للمتظاهرين على الاستعمار، وكان لوجودهن في صدر التظاهرات الحماية لجميع ,المتظاهرين، إذ إنّ الاستعمار كان يخشى ردّة فعل المجتمع، فيما إذا قام بقمع المظاهرات، التي تصدرتها النساء، وبفعل الحمية والنخوة، وتركيبة قوّات الاستعمار البريطاني". و تلخص الوضع حينذاك بالقول "الظروف آنذاك كانت تستدعي من الجميع رجالاً ونساء الانخراط ضمن خلايا العمل المسلّح، الذي يشهد للنساء بذلك". وتشير بدريه الصوفي بأن المرأة نالت في ثورة 14 أكتوبر شرف الاستشهاد، ومنهن: الشهيدة خديجة الحوشبية، والشهيدة عائشة كرامة، والشهيدة فاطمة. كما نالت امرأتان وشرف الاعتقال على أيدي سلطات الاحتلال، حيث اقتيدت المناضلة الفقيدة نجوى مكاوي، والمناضلة فوزية محمد جعفر، اللتان كانتا في سيارة تقودهما، الأولى إلى معتقل بشرطة خور مكسر، بعد أن ضبطا وهما يقمن بتوزيع منشورات للجبهة القومية، تدعو فيهن الجماهير إلى مسيرة جماهيرية، لتشييع جثمان الشهيد الفدائي عبود.
مضيفة أن "المرأة الثورية شكلت هاجس خوف وهلع للمستعمر بكل المقاييس ففي ثورة أكتوبر كان للمرأة الدور الأكبر، حيث كانت تعمل على نقل أسلحة وإخفائها في سياراتهن، كما فعلت الفقيدة نجوى مكاوي، وإخفاء بعض الفدائيين في منازلهن، والبعض الآخر تلقي كلمة من على منبر المساجد، وكانت الجبهة القومية تصدر نشرة التحرير بمطبعة عادية، كانت عبارة عن ورقة واحدة من الجهتين، فيها أخبار ومواضيع توعوية، توزّع داخل المدارس، وعملت هذه النشرة على رفع مستوى التوعية والاستقطاب، خاصّة بعد أن انتقل العمل إلى جبهة عدن عمل فدائي، نحن كنا ضمن القطاع الشعبي، وهو القطاع النسائي، واستمرّ نضالنا إلى نيل الاستقلال". وامتلأت مسيرة ثورة 14 أكتوبر بنماذج لكفاح ونضال المرأة في جنوباليمن..تقول فاطمة محمد محمود "في ثورة 14 أكتوبر كان هناك نماذج لنضال النساء: منهن الفدائية دعرة بنت سعيد ثابت، إحدى المناضلات البارزات، عضو قيادة جيش التحرير في منطقة ردفان، خاضت معارك كثيرة ضدّ الاستعمار، وشاركت في معارك صرواح الشهيرة، ومكثت تشارك ببسالة وشجاعة في جميع المعارك وأسهمت بشكل فاعل في النضال السياسي التحرّري، كما أنها نزلت إلى ميدان القتال، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وعندما قضي على التسلّل الاستعماري، نقلت المناضلة البطلة مع كتيبتها إلى منطقة «المحابشة»، وبقيت هناك ستّة أشهر متوالية، تخوض أعنف المعارك، وقد سجّلت هناك بطولات خارقة، وعندما اشتعلت الثورة فوق جبال ردفان، كانت المناضلة تقف في الصفوف الأولى جنباً إلى جنب مع الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزة. فالمرأة كانت الشريك الرئيس والفعال مع أخيها الرجل على الصعيد الإنساني والاجتماعي والسياسي وأيضاٍ العسكري من حيث الاشتراك المباشر وغير المباشر في العمليات العسكرية. وقد حافظت على التلاحم الإنساني والوطني في كافة الميادين والقطاعات الثورية لذا فأقل تكريم واجب علينا إزاء تلك النضالات والتضحيات الجسيمة التي بذلها ثوار سبتمبر وأكتوبر، كما تقول ابتهال الضلعي، أن نحافظ على منجزات تلك الثورات وبما أن دور المرأة كان فعالاٍ في الثورة فيجب أن نعطيها حقها الكامل مع أخيها الرجل..