من خلال اجالت النظر في الحرب المستعرة في اليمن منذ ما يربو على خمس سنوات نلحظ الآتي: إنها لم تعد سياسية خالصة، بل نقلت خارطة الصراع إلى نسقه الإجتماعي ؛ حيث اضحت حرب المجتمع ضد بعضه بنكهته السياسية وبعده الإجتماعي . فالحوثية والإنتقالي الإنفصالي وبسبب بعدهما الفئوي ونفسيهما المتقاطع مع الجمهورية كقيمة ومبدأ وثابت وطني ، وحصيلة نضال مرير عانى اليمن الإنقسام تبعا للإستعمارين الداخلي "=الإمامة" والخارجي بشقيه الإنجليزي والتركي ، كما تقاطعهما مع الوحدة كثابت وطني ومبدأ انساني ومجتمعي ، اصبحت اليمن تعاني بفعلتهما تلك انقساما مجتمعيا حادا ؛ افقيا وعموديا معا، فالحرب اضحت تتخذ شكلا من الثأرية والإنقسام الأفقي والعمودي ، السياسي والإجتماعي ، مرورا بالثقافي وصولا للإقتصادي فالأمني ككل. وعليه فالمخرج من كل هذا التيه والظلم المتفجر من وفي عروق الإنتقالي الإنفصالي والحوثية هو باستعادة الدولة وتثبيت أمن واستقرار المجتمع عبر جيشه الوطني وحكومة اليمن وشرعية الشعب والدولة ، وهذه هي اللبنة الأساسية التي لها الأفق للخروج من حالة الثأرية وانتقال اليمن إلى قاع الجحيم الذي شدته إليها الحوثية والإنتقالي وتسترعيه مثلما تستدعيه إرادات خارجية اقليمية ودولية تبتغي التغيير العنيف في خارطة وجيوسياسية الحرب باليمن ، تبعا لأزماتهم الشخصية والداخلية والدولية ، وتجترها صراعات الأحقاد والمكانة ونرجسية الزعامة المخاتلة. فاليمن القوي الواحد والموحد والجمهوري الديمقراطي هي خارطة الأمان ومفتاح السلام والأمن لذاته الوطنية والحضارية ، ولجيرانه واصدقائه ، والدور الذي يلعبه من خلال ذلك هو الضامن الوحيد والمتاح والمباشر، وما دونه هو السراب، فحركة التاريخ اليمني بثقل ديمغرافيته ، وجيوسياسية جغرافيته تنحر تلك الاستراتيجيات القاتلة ، الداخلية ممثلة بالإنتقالي والحوثية ، او الخارجية الإقليمية وما فوقها وما تحتها برمته تقول بأن كل ذلك هو بمثابة انتحار سياسي واجتماعي واستراتيجي ، فتيار الوطنية اليمني المتمثل للجمهورية والوحدة كثوابت لم يهزم في ذروة ضعفه ، وقوة وصلف ونفوذ اعدائه الداخليين والخارجيين معا، فكل ضرباتهم الموجعة له تزيده لمعانا وبريقا وجاذبية وتكاثرا وقوة ومنعة، ناهيك عن اعتماره واعتماده على الذات والإرادة كقوة وعزيمة لهزيمة تلك المشاريع الهدامة.