في الآونة الأخيرة راجت عبارات عقيمة وشديدة السطحية والإبتذال والخفة لدى قيادات حوثية، ليس أولها فقرة لحسين الحوثي حول الذباب والإنسان كدرس رمضاني،ولا كان آخرها لعبدالملك الحوثي وهو يتحدث عن البحر وما فيه وكلوحة اعلانية بارزة في أحد شوارع صنعاء المستلبة.. فماذا وراء الخفة تلك والتسطيح المقزز وعلى ماذا يقوم وينهض!؟ - إن التسطيح والسطحية والخفة في تلكم الأقاويل المبتذلة والمتداولة لا تندرج في اطار أي سياق معرفي أو اجرائي، بل تعبير مكثف عن ظاهرة تسكنها الخرافة وتنفتح على فصول من الخواء والفقر المعرفي الشامل؛ فمن الخرافة استهلت الحوثية فعلها المدمر، وإلى التسطيح تنشد وتستعر. بيد أن اخطر ما في هذه السطحية العدمية وتلبسها للتفاهة أنها تسعى إلى اغتيال العقل عبر افقاد اتباعها وافقارهم بكل ما هو غير عميق واغراقهم به. فالعمق يعني الشمول والكلية وإجالة النظر في الأسباب والماهية للأشياء، أي إعمال الفكر والتفكير المنطقي والسليم، وهذا بحد ذاته قاتل لفكرة الحوثية ابتداء،وثانيا أنه لا يعزز مكانتها ولن يتبعها أحد. لذا فتسطيحها جزء من ديماغوجية تتبعها، وتعمل على تبيئتها،وتبنيها لذلك نابع من نسق الإبتذال والخفة والخرافات التي تتملكها، ليس بوصفها جماعة متشيعة وذات نفس طائفي وعنصري كريه، بل ولأن الخرافة والتفاهة كنظام حياة تعتاش به ومن خلاله،والسطحية كوسيلة لتعزيز وخلق الإنفصام والإنقسام بينها واتباعها والمجتمع سيكرس حضورها ويعزز تجنيدها السياسي والإجتماعي تبعا لملائمتها لفئات مجتمعية غلب على روحها ونهجها وعقلها التسطيح واندمجت فيه. والأنكى أن هذه الوسيلة وذلك النهج يكشف الوجه الحقيقي للحوثية كأداة ومرتكز تنظيمي وجماعة عنف لمحتل إيراني وعدو لدود؛ فالسطحية وتسطيح الأشياء نهج قار وسياسة متبعة لدى كل قوة احتلال واستعمار،والهدف منه تجريف وسحق الهوية الوطنية، ومحاصرة كل نفس وطني وحر. ناهيك عن كون كل ذلك وسيلة ناجعة لفصل فئات مجتمعية متعددة واستتباعها بها وكل نهج وسياسة استعمارية؛ فاللاعقل واللاعمق والخرافات بأشكالها وصورها وانماطها المتعددة ومستوياتها المختلفة نسق قار ومتبع لدى التمذهب،لدى المتشيعة، لدى الطائفية،عند ارباب الفئات العنصرية والسلالية والهوية المغلقة والمغلفة بذلك الإبتذال والملتحفة لعينات مختلفة ومتعددة من التنظيمات والجماعات المأفونة، والتي تقتات من غبار التاريخ، وخرافات العصر واطواره مبدأ لها، والحوثية اليوم احدى ركائز هذه الصورة الشوهاء، وهي طاعون العصر بلا منازع. يتجلى هذا التسطيح المروع في سردياتها المضادة للعقل، إن عبر تناولها واحاديثها عن كل موروث،فقها أو سيرة نبوية وأحدايثا،أو مرويات ومحاولة إعادة تأويل لنص قرآني،أو حدث سياسي، أو فعل اجتماعي، أو اثر ثقافي عابر للقرون والعصور؛ فكل شيئ من هذه مجتمعة تكشف زيفها وأباطيلها وتلفيقاتها المختلفة والمتنوعة، كما تكشف عن تفاهتها كنظام ونهج متبع، فضلا عن اظهار حقيقتها الجوفاء وخرافة التقديس التي تحاول لبس هالتها المدنسة في الأصل والعمق. إذا فإن ما تحاول الحوثية ومعها كل التنظيمات المتشيعة الأخرى وترومه كنهوض لها هو في العمق اخفاء الحقيقة، حقيقة زيفها وادعاءاتها تلك، وحقيقة خرافاتها ومحاولات إلباسها هالة المقدس وهي المدنس عينه، حقيقة سطحيتها وابتذالها الرخيص واستتباع اليمن واركاعه لخرافات واستعمار مدمر، حقيقة الوهم وخلقه في جنبات اتباعها،واغتيالهم رمزيا، وهذا من أشد انواع العنف-بحسب بورديو- من حيث هو ممارسة لعنف رمزي تجاه اتباع تنظيمها المتخلف والرجعي ذاك ..فهل هناك اشد وأكثر عنفا من اغتيال العقل واغتصابه بالمعنى السياسي والإجتماعي والديني!؟ يأتي كل ذلك كجزئية في منظومة متكاملة تسعى وتدأب لتغييب العقل من أن يفهم ويدرك خطرها عليه أولا، وثانيا كمحاولة لطمس معالم كل الحقيقة؛ حقيقة الصراع بين الحوثية واليمن كدولة وشعب، وحقيقة النهج والسياسة والعلاقة الإستعمارية، وحقيقة الإنقسام الذي تسترعيه وتستدعيه على اسس مذهبية تارة،وطائفية اخرى، وجغرافية ثالثة، وهووية رابعة وهي الأشد فتكا وايلاما وجرحا؛حيث قسمت اليمنيين إلى نحن"=الحوثية/إيران/حزب الله..إلخ" وهم"=اليمنيين بكافة فئاتهم وجهاتهم وانتماءاتهم وقبلهم" وأصبحت تتغذى من خلال ذلك وعلى حساب كل يمني دما وقهرا وفاقة ومجاعة،وصولا إلى حقيقة أنها تدافع عن اليمن، أو جزء من قضاياه وتتمثلها، وعلى يديها تجرع اليمني وسيط بسوء عذابها ماضيا وحاضرا ومستقبلا إن استوى الأمر لها أو هكذا تبتغي وتريد.. خصوصا واليمن كأرض وانسانا قد أضحى بفعلة الحوثية قضية القضايا وملفا وطنيا واقليميا ودوليا تتقاذفه كل الموبقات بسببها هي.