وُوري اليوم الثلاثاء جثمان الشهيدة/ افتهان المشهري التي قتلت ظلما و عدوانا،بجريمة بشعة و طالت إنسانة كسبت تقدير الجميع ؛ فتعاطف مع قضيتها الجميع. مثل هذه الجريمة الشنعاء ، و أمثالها، تَكسب التعاطف، و توجب التضامن، لكنها لا تقبل المزايدات، و يُجَرّم فيها الابتزاز، او الاستثمار السياسي القذر.
فلو تصورنا أن ثمة آحاد أو أفراد ، أو طرف ما تعامل مع مثل هذا الجرم الفادح، و الألم الموجع بشيء من الاستغلال،أو المزايدة بغرض الاستثمار للدم ؛ أفليس هذا الاستثمار إذا ما افترضناه هو بحد ذاته جريمة أخلاقية بحق الشهيدة، و أسرتها، و بحق المجتمع بأسره؟!
المزايدون في أي مجتمع انتهازيون يسعون لتوظيف أوجاع الناس و آلامهم بما يخدم أغراضهم الانتهازية،و الأنكى أن تجد من ينظر لهذ السقوط الأخلاقي بأنه فرصة مشروعة ..!!
ليس صعبا أن يدرك المجتمع هذه النوعية الانتهازية إذ أنك تجدها في غمرة أحاديثها، و تباكيها و قد أغفلت الحديث عن المجرم و الضحية، و انزلقت بسذاجة في أحاديث تكشف عن أغراضها المنصبة نحو الاستثمار التي تأمل تحقيقه من وراء آلام غيرها !
و الأدهى من ذلك ان تجد عويل هؤلاء، و صراخهم بأعلى ما يمكن، و في المقابل تراهم في القضايا الوطنية الكبرى في غاية المرونة مع ما يهدد الوطن، أو شبه صمّ خرس ..!!
يتفق الجميع أن الشهيدة افتهان قتلت ظلما و عدوانا، و شاء الله أن تحصر الجريمة و أن تثمر جهود الحملة الأمنية في الوصول إلى القاتل، الذي يفضل الاستثمار السياسي القذر في مثل هذه الحالة ألا يتوصل الأمن إلى نتيجة؛ ليضل المستثمر أو المستثمرون يتباكون، و هم ينسجون الشباك، و يشيطنون المكان و المجتمع،و لو على حساب الوطن.
اليوم يعلم الجميع أن سعي مَن يسعى لاستثمار قضيتها في شيطنة تعز، و ضرب تعز، و الاستعداء على تعز، و محاولات شيطانية لإثارة المناطقية،و القروية التي دفنتها تعز منذ زمن بعيد؛ هو بلا جدال ظلم و عدوان، كالظلم و العدوان الذي طال الشهيدة افتهان.
بعض هؤلاء المتابكين، غادروا تعز، أو فروا من اليمن إبان محنتها عند انقلاب 21 سبتمبر النكبة،و غزو همج المليشيا الحوثية لتعز ؛ غادر أولئك وابتلعوا ألسنتهم، و كسروا أقلامهم، و لم تسمع اليمن،و لا سمعت تعز كلمة واحدة مستنكرة للهمج، و لا رأت منهم عملا واحدا لصالح تعز ، أو دعم مقاومتها و جيشها،و أمنها. و الأسوأ منهم من باع قلمه،أو سخّر لسانه لتمجيد الهمج الغزاة ، و ذهب بعضهم ليعيشوا زنابيلا في صنعاء، و مداحين (لقناديلهم)، فيما ذهب آخرون إلى عواصم شتى ، ونذروا عن تعز صوما، و ألا يتكلموا عن مليشيا الكهف همسة، و لا يكتبوا عن حوثيٍّ حرفا.
غلّبت تعز حسن الظن؛ و قدرت أنه قد تكون لهم ظروف، أو حسابات لا ندركها، فتغاضت عن فرارهم، و نسيت الكثير منهم.
و فجأة ، و كقط داس طفل على ذيلة؛ انتفض هؤلاء بعد صمت طويل في كنف الكهف البائس، يبكون، و يولولون، و ينوحون نواح ثكلى فقدت وحيدها على تعز؛التي حماها رجالها و حاضنتها طوال أكثر من عشر سنوات،و لايزالون.
عرفنا فيمن تندب عزيزا لها أنها تعدد مآثره، و حسناته، لكن نواح الثواكل التي صمتت عن تعز ، بل و عن اليمن ككل منذ 21 سبتمبر المشؤوم، فلم تفتح فماً ضد الحوثي، إذا ببعضها اليوم تولول، و تتباكي على تعز، ليس للاستنفار ضد الحوثي، و لكن لشيطنتها ، و شيطنة مجتمع،و جيش و أمن و مقاومة، يشهد الجميع أنهم من وقف يتصدى،و يقاوم مليشيا انقلاب 21 سبتمبر النكبة.
جاء عويل المتباكين على طريقة من يريد الانتقام، و تهييج الفتنة، و يستعدي على تعز، و لم يبق إلا أن يردد :
و يها بني عبد الدار و يها حماة الأدبار ضربا بكل بتار
يا قوم ! لم تنصروا تعز طوال مواجهتها مع مليشيا الحوثي حتى اللحظة ، و امتنعت ألسنتكم ، و أقلامكم ، و أموالكم ، و أيديكم عن أن تنصروا تعز، ولو بنزر يسير من حرف،أو كلمة، ثم جئتم اليوم تشيطنونها، و تَعَضّون يدًا سترت عوراتكم، و حمت ثغرات تركتموها، و مواقع أخليتموها.
ما الذي يرمي إليه من يشيطنون تعز؟ هل كان أولئك البعض يفضلون أن لو استسلمت تعز للحوثي؟ أم أن وراء الشيطنة اليوم التطبيع الإعلامي لخدمة الحوثي؟!! ضاق بعض هؤلاء بالاحتفال بذكرى 26 سبتمبر، حتى قال رجل الشارع البسيط، ما كره الاحتفال بذكرى 26سبتمبر إلا الحوثي، و هؤلاء( البعض) ..!!
مليشيا الحوثي تحتشد على كل الجبهات في المحافظة هذه الأيام ، فهل هذا التزامن في شيطنة تعز و جيشها، و أمنها بريء؟
يا قوم ! عفا الله عما سلف من أولئك البعض، فتعالوا نتناسى الماضي ، و نسدل ستارا عن خيبة الاستثمار السياسي القذر ، و تعالوا يشد بعضنا على يد بعض، و نمضي سويا في صف واحد متحد، نحو الهدف الشريف الأعلى لترسيخ مبادئ الثورة اليمنية سبتمبر و أكتوبر، و كنس انقلاب 21 سبتمبر المشؤوم، و ما جاء به من خراب، و ضياع و دمار. يا قوم ! تعالوا إلى موقف سواء، يؤمن بالهدف و يبدأ العمل .