سرني كثيراً التفاؤل الكبير الذي ظهر به المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة - على قناة الجزيرة في برنامج حديث الثورة وهو يتحدث عن غزة واصفاً إياها بأنها مستعدة استعداداً كبيراً لأي معركة متوقعة وأن عصابة الاحتلال أخذت خلال الأيام الماضية ما تريد وأسرت من أفرجت عنهم بصفقة شاليط ونيتها إيقاف الحرب والخروج بماء الوجه إلا أن حماس هذه المرة هي من تفرض الشروط لإيقاف الحرب وكما قال الدكتور مخاطباً الاحتلال على لسان إخواننا في غزة (دخول الحمام مش مثل خروجه). الحقيقة أن غزة هي آخر ما تبقى من كرامتنا كعرب، فهي اليوم تصنع المستحيل في ظروف قهرية فُرضت عليها من القريب قبل البعيد، هذا الصمود الذي تبديه غزة تجاه ترسانة العدو الهائلة يعيد فينا الأمل بشعبنا العربي الكبير الذي لا يقبل الضيم ولا يسكت على الباطل، وتلقننا غزة درساً آخر بأن أمتنا قادرة على الإبداع والابتكار وأن صاحب الحق هو المنتصر مهما طالت الأيام وأن القضايا العادلة لا تسقط بالتقادم. ظنت عصابة الاحتلال أنها ستستفرد بغزة في الوقت الذي تنشغل فيه أنظمة ما يُسمى بمحور المقاومة بمشاكلهم الداخلية مع شعوبهم التي كانت تمثل سنداً وعوناً لأهلنا في غزة إلا أن غزة فاجأت الاحتلال باستعدادات هائلة مادية ومعنوية، فعقولنا العربية في غزة قد صنعت السلاح وخزنت المؤن هذا مادياً أما معنوياً فأطفال فلسطين يقاومون الاحتلال بالحجارة منذ زمن طويل بلا خوف ولا وجل ولا تراجع فكيف بالكبار وقد رضعوا المقاومة في حليب الأمهات. ثمة محاولات إعلامية مأجورة تريد تشكيل وعي جديد لدى المواطن العربي مفاده أن حماس هي من تبدأ الحرب وتُعِّرض حياة المواطن الفلسطيني في غزة للخطر، وواجب النُخب والكُتَّاب وأصحاب المنابر الإعلامية الشريفة مواجهة هذا التمييع المتعمد لقضيتنا الأولى كعرب ومسلمين كخطوة عملية لنصرة إخواننا في غزة إضافة إلى خطوات أخرى منها الضغط على أصحاب القرار بالتحرك من أجل وقف هذا العدوان المتكرر على شعب أعزل محاصر من فترة طويلة تُعد تقريباً أطول فترة حصار في التأريخ. ولا ننسى أن نبتهل إلى الله بالدعاء في هذه الأيام الفاضلات من شهر رمضان المبارك أن ينصر إخواننا في غزة على الباغي والمعتدي وأن يرحم الشهداء ويتقبلهم في عليين وأن يعصم قلوب أمهاتهم وأطفالهم وأحبابهم بالصبر والسير على طريق المقاومة باعتبارها اللغة الوحيدة التي يفهمها المحتل وعلى الباغي تدور الدوائر ومنصورة بإذن الله يا غزة.