بإيمانٍ متين وحكمةٍ يمانية راسخة نجح الإصلاح في تجنيب الوطن خطر السقوط في هاوية حرب أهليةٍ كانت في حكم المؤكدة ، مبكراً أدرك الإصلاح أنه الهدف الأبرز من موجة الاجتياح المسلح التي انطلقت من صعدة ، وليتها انتهت في صنعاء .. بل لا تزال حشود الاجتياح الحوثي تجوب المحافظات وأغلب ضحاياها انتهاكاً واعتقالاً وتنكيلاً ينتمون إلى التجمع اليمني للإصلاح . برغم المحن والمضايقات ورغم أنف الاستفزازات اللاأخلاقية لا يزال الإصلاح قيادةً وقواعد مُستمسكاً بحبل السلم، شعاره {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }، وخطأً يفهمُ الطرف المستأسد حلم القوي ضعفاً، وجهلاً يعتبر البعض صبر الإصلاح انكساراً ، فيما موقف الإصلاح ليس إلا حكمة يقتضيها الإيمان، وخلقٌ يفرضه حُبّ الوطن، لأنه يدرك أن الحرب لو اندلعت فإن الخاسر الأكبر فيها هو الوطن. أثبتت الأحداثُ أن الإصلاحُ رقمٌ يصعبُ تجاوزه، وصلبٌ يستعصي كسرُه ، ومرنٌ يستحيل عصرُه، يدور مع مصلحة الوطن حيث دارت، التزم ولا يزال بمبدأ الحوار والتحاور سبيلاً لإخراج الوطن من نفق الصراع ، يذهب إلى الحوار فيما يُذهبُ بكوادره إلى السجون والمعتقلات، ويقبل الشراكة مع من يَفرض الإقامة الجبرية على قياداته. يعرف الحوثيّون تماماً من هو الإصلاح ، كما عرفه ويعرفه المؤتمر، وفي تاريخ الوطن الكثير مما يمكن معرفته عن بطولات رجال الإصلاح في ملاحم الدفاع عن الثورة والوحدة والجمهورية .. يعرف الحوثي أن الإصلاح رقمٌ به تستقيم مُعادلة الوطن، واسمٌ له جذورٌ في كل قريةٍ وعزلةٍ وسهلٍ وساحلٍ وقمّة .. تنظيمٌ بحجم الوطن.. قياداتٌ تعلّم الخصوم أخلاق الخلاف ، وفنون الاختلاف على أساس الأخوة في الدين والوطن والمصير . لدى الحوثيين يقينٌ أن الإصلاح ركنٌ من أركان الاستقرار ، يعرفون أن من الصعب هزيمة عملاقٍ كل فردٍ من قواعده أنموذجٌ للنضال السلمي، فارسٌ في الميدان إذا ما فرضت عليه الظروفُ المواجهة .. لذا فإن مارد الإصلاح إذا ما استلّ سيف التحدي فإن من الصعب هزيمته، ولعلّ من فنون التحدّي الإصرار على خيار الحكمة .. والتمسك بالحوار نهجاً وطنياً لتجنيب الوطن والشعب ويلات صراعٍ سيكون من الصعوبة التنبؤ بمداه أو توقع نتائجه على المدى القريب ولا المتوسط .. وانطلاقاً من إيمانه بأن الشعب مصدر القرار وصاحب القول الفصل في تقريرِ مَصيره.. اختار الإصلاح اللجوء للشارع والاحتكام للشعب، ليُمارس حقّه الطبيعي والشرعي في التعبير عن موقفه رفضاً لفرض سياسة الأمر الواقع ، واحتجاجاً على إصرار الطرف المنقلب فرض خياراته الجبرية، ورفضاً لمبدأ التحاور تحت ظلال البنادق .. لذا فإنه ينتظرُ من الحوثيين إحكام العقل والتنازل ليس انهزاماً لطرف أو حزبٍ ما بل لأن الحق أحق أن يتبّع ، وأن الوطن يستحق أن نضحي بمصالحنا لأجله ، لأنه الأغلى والأبقى.