من أسقطك، من أعلاك، من أعطاك أسمى الأوصاف، ونعتك بأقذر الصفات... من فخامة الرمز، إلى طاغية القصر. أيها الحاكم المستبد، المستغل، الطاغي، القاهر، الناهب، الفاسد، القاتل، السافك، الغني بالوحشية، المجوع لبطون الملايين، المشبع لخزائن البنوك...هذا هو اسمك في أفواه الجموع الثائرة، وتلك صورتك في مرايا الوجوه الغاضبة. في موازاة خطاب بليد ما برح يناديك: أيها الحاكم العادل، المخلص، البار، الزاهد، الأمين، الرمز، الكريم، الأوحد، رب الشيكات والمنح.. هكذا تتحدث حاشية الفساد وزبانية البلاط. اليوم تدور عليك الدوائر، لا شرطي يعتقل معارضيك، لا مثقف ينتقد مخالفيك، لا مخبر يتلصص على نوايا المقهورين، لا إعلامي يتمرغ في بلاطك، لا صحفي تدفع له ثمن المطبعة ليملأ صباحات الناس بتسريبات أمنك، لا مستشار يشير عليك، لا وزير يخفف عنك، لا مرجف يبث الرعب، لا حارس يحمي السور، لا وجاهات تدفع، ولا حوالات تنفع. رُتب القوات الخاصة سقطت بين أحذية المارة، فداسوها دون مبالاة... ببساطة لأنه لم يكتب عليها: قوات الشعب. لا أمن مركزي، لا أمن قومي، لا أمن دولة، لا أمن رئاسي، لا أمن سياسي، لا أمن خاص، لا استخبارات عسكرية، لا بلاطجة مقنعين، لا أمن ولا أمان إلا لمن أمّنه الله من ثورة هذا الشعب، الخارج من قبضت أيها الجنرال!! الجندي الجائع لن يدافع عن رئيس ثروته تكفي لإعادة بناء البلاد، والحارس الساهر لحمايتك سيغفل عنك لخمس دقائق فقط، يتصل فيها لزوجته: إذا الولد مريض مرة.. مرة جري له زبادي من البقالة لحسابي!! والمخبر الذي يطوف الليالي بحثاً عن عدوٍ مفترض، سيغفو لخمس دقائق فقط، يقول فيها للمؤجر: وجهي آخر الشهر أدفع لك الإيجارات كلها!! وفي هذه الخمس الدقائق سيلتهمك طوفان الشعب، وتشوي جسدك نار غضبته، من سيحميك إذن، هل يحميك رصيدك الوطني.. أين هو.. وثروات البلاد في قبضة عائلة وحاشية وشلة!! أيها الرئيس لقد أصبحت جزءاً منا، من يومنا وحلمنا، وكابوسينا، من فرحنا الذي لم يأتِ، من حزننا المقيم بيننا، من ضلعنا المنكسر، من قلبنا المنتظر.. ينكسر الضلع والحلم والضوء، ويبقى القلب شامخاً بعزيمته، ثائراً كجيفارا، مسالماً كغاندي، يترقب الفجر كمانديلا في زنزانته. أيها الجنرال المرعب، مهما أشتد الظلم، وزاد القهر، واشتعل صهيل الصولجان، وخرجت علينا شاهراً الكتبة بأقلامهم، والمردة بأسيافهم.. مهما اختبأت وراء الأسوار، وحصنتك الجيوش والعروش، والتف حولك الحاشية، يذرون عليك الوشاية، ويقرأون عليك مديح التمائم، يحرضونك ضد كل قلم شريف، وصوت حر، يقربون لك أنواع المماسح: مثقفين وصحفيين وكتبة وناشطين في مجال حقوق الحوالات... مهما كان وما سيكون سنبقى نناضل حتى ترحل، ويرحلك معك كل العفن الرسمي.