الحاكم اليمني النازح الذي عجز عن تحرير أرضه لم ولن يوفر الخدمات لأرض غيره    الأحزاب اليمنية حائرة حول القضية الجنوبية.. هل هي جزئية أم أساسية    العليمي يعمل بمنهجية ووفق استراتيجية واضحة المعالم لمن يريد ان يعترف بهذه الحقيقة.    هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    جماعة الحوثي تعلن الحداد على ل"7 أيام" وتلغي عيد الوحدة اليمنية تضامنا مع إيران!    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طفو الهويات : قراءة أولية في مطالب تجمع عدن يوم 7/7/2007م
نشر في التغيير يوم 29 - 07 - 2007


التغيير د/ عبد الباقي شمسان:
احتجاج المتقاعدين والمسرحين في عدن يوم 7/يوليو/2007م والشعارات والبيانات الصادرة تعد نقطة فاصلة لما قبلها وموفرة لجملة من
التفاعلات والاستجابات والاستعدادات الفردية والجماعية في صيرورة تتجمع خلال فترة زمنية في فعل سياسي او مادي (عسكري..) وتمتد تأثيراته في البيئات المشابهة أو المحتقنة وهذا ما يجعلنا نؤكد بشدة على تأطير الحدث في سياقه الوطني العقلاني وعليه وضع المعالجات دون احتكار ومصادرة وطنية الآخرين .
إن الوطن بناءاً ليس مادياً فحسب بل ايضاً بنية قصصية محبوكة ومتسقة في الذاكرة الجماعية ومؤثثة للشخصية القاعدية للفرد وبذلك تتوحد الدلالات والمعاني والمشاعر والأحاسيس. وفي مجالها نفهم ونفسر الفعل السياسي والاجتماعي والثقافي للجماعة ، فعلى سبيل المثال: استبطان ثورتي سبتمبر واكتوبر هو قصة مشتركة من مجموعة قصص مؤسسة للهوية في الذاكرة الجماعية التي تفرز وتصنف الاعداء وتمجد الأبطال ..الخ.
تلك البيئة تجعل الاجساد تهتز والمشاعر تتأجج لدى جماعة ما عند سماع ايقاع ماء (برع – لحجي...) فالوطن قصة مشتركة الجغرافية مسرح احداثها وجزء من حبكتها في نفس الوقت فيتجمع الوطن كقيمة وقصة في النشيد الوطني وألوان العلم الذي يقف الأطفال والتلاميذ وأفراد الجيش لتحيته كل صباح ويرفع عالياً فوق سطح المباني الرسمية ..الخ .
وذلك المنظور هو الأساس الذي يرسم على ضوءه المفكرون الاجتماعيون في البلدان المتقدمة الحاضنة والجاذبة لعرقيات واجناس متعددة (أمريكا فرنسا.. الخ) استراتجيات دمج تلك الجماعات في فكرة الوطن على بالاعتماد على جملة من المميزات (التقدم التفوق ) أو منظومة القيم الإنسانية ( المساواة ..الخ) وقياساً عليه كان يتوجب عند بناء اليمن الموحد اجراء جملة من العمليات يكون فيها الهدف الوطني والقومي مؤقتاً حافزاً وليس غاية نهائية قد تحققت لدى النخب السياسية الحاكمة التي من المتوجب عليها توفير الترابط العضوي بين الأهداف المنشودة وطنية او غيرها وسعادة ورفاه الانسان وهذا لم يتوفر فضلاً على الأحداث والصراعات ونتائجها وتحديداً حرب صيف 1994م وكيفية استثمارها من قبل الطرف "المنتصر" بناءاً على استحقاقاتها دون إدراك قصر المسافة الفاصلة بينها وبين اعلان قيام الوحدة اليمنية عام 1990م (اربع سنوات) . وهي فترة دون النظر الى ما عرفته من أحداث قصيرة أو غير محسوبة في تاريخ بناء المجتمعات فالهوية الجنوبية كيان مكتمل ، سحر الوطني وفر للأفراد والجماعات استعدادات للتخلي عنا لصالح الهوية الجديدة وهنا يأتي دور النخب السياسية الحاكمة في توفير وتنفيذ عدد من العمليات التنموية والتحديثية التي تعمل على صهر كل الهويات في البوتقة الوطنية وهي عمليات عقلانية وليست تلقائية واستدعاء الهوية الجنوبية والإعلان عنها بوضوح في ذلك الاعتصام المطلبي مؤشراً لفشل او "انعدام" تلك العمليات العقلانية (سياسات تنموية وتحديثية) لدى النخب السياسية الحاكمة وذلك ما جعل الهوية الجنوبية ثابتة وسابقة للهوية الوطنية الجديدة، تعبر عن ذاتها بوضوح مع اول خطر يهددها وتجسد ذلك في سياسة الاقصاء القسري الذي يمكن تبريره لبعض الشخصيات المؤثرة اثناء وإثر حرب 1994م كإجراء احترازي مؤقت ولكن استمراره واتساعه جعله فعلاً مقصوداً. ولابد ان تشير هنا الى ان استدعاء الهوية الجنوبية لم يأت بفعل الاقصاء القسري بل نتيجة لعدد من العوامل الأخرى. إننا نفترض ان التعبيره الاحتجاجية يوم 7 يوليو 2007م منعطف تأسيسي لعلاقة جديدة بين الدولة ومكونات المجتمع وهذا ما كنا نخشاه وحاولنا التعبير عنه عندما لاحظنا بعض المؤشرات والممارسات في مقالين منفصلين في صحيفة ا لوسط : الأول: قلق وارتباك المؤتمر الشعبي في إدارته للعملية السياسية والانتخابية : رؤية استشرافية لخارطة القوى العدد (114) 23 اغسطس 2006م والثاني اركولوجية الانتماءات والهويات : قراءة في عملية التحديث والمواطنة من خلال تسميات دحباشي وبريمر العدد (129) 20 ديسمبر 2006م. وسوف نعود اليهما كلما اقتضت الحاجة وللتحقق من فرضيتنا سنتبع منهاج التفكيك وإعادة البناء .

 جغرافية السكان:
هناك علاقة ترابطية بين ثقافية المقاومة وجغرافية المكان فسكان الجبال لا يفاضون بل يقاومون بشراسة لأن التضاريس توفر لهم اماكن الاختباء والاقتناص ، وسكان السهول الزراعية والمدن الحضرية يخضعون للسلطة المركزية لارتباط المزارعين بمواقيت البذر والحصاد وسكان المدن بالاستقرار والتجارة . إما سكان المدن البحرية فثقافة المقاومة لديهم ترتكز على التفاوض واستقبال الطامعين ومن ثم الالتفاف والانقضاض التدريجي تمهيداً للمواجهة الحاسمة فالمواجهة المباشرة ستؤدي حتماً للقضاء عليهم حيث الفضاء الجغرافي مفتوح. وأبناء المناطق الجنوبية خليط من سكان المدن البحرية والجبلية الذين ترسخت الدولة لديهم (أي سكان الجبال) بفعل احتكار الدولة للعنف الشرعي وفرض نفوذها الجغرافي والمؤسسي مما يؤدي الى اتساق الجماعات في البنية التشريعية والجغرافية وسيطرة المركز على مجالات نفوذه.
وهذا لا ينطبق على المناطق الشمالية وتحديداً شمال الشمال التي تمتاز ببنية قبلية قوية ونتيجة لأسباب تاريخية واجتماعية وسياسية ودينية جعلت من تمرد وانقضاض القبيلة على السلطة المركزية ثنائية تحكمها ضعف أو قوة الدولة فكلما ضعفت الدولة انتصرت وهيمنت القبيلة وبالعكس كما ان التمرد القبلي ليس دائماً يهدف الى الانقضاض على السلطة المركزية بل في احيانا كثيرة يهدف الى تحقيق بعض المكاسب والعودة ويعزز ذلك ثقافة مجتمعية تجعل من حرب القبيلي على الدولة عسر وصعب الانتصار فيه.
وهذا ما يفسر تمرد بعض القبائل على السلطة المركزية والعودة بينما في المناطق الجنوبية لا نجد تمردات جزئية بل صراعاً بين جماعات متنوعة ومتعددة المصالح ترتص في مجموعتين وغالباً ما نتهي بتصفية احداها للأخرى . فالانتماءات مناطقية وهذا يعني ان الانتماء ليس قسري كما هو الحال في القبيلة. وذلك ما يجعل الالتحام متعدد الكيانات وان التقى حول هدف جامع في مرحلة ما. واذا ما أضفنا الى ذلك تراث المقاومة المستبطن من تاريخ الحركة الوطنية والمتمثل في المقاومة عبر تجمعات متفرقة ومتحركة في صراع استنزاف مفتوح وهذا يعني صعوبة اخضاع الافراد بقوة الاجتماعي بل السياسي الأمر الذي يجعل أي تمرد في المناطق الجنوبية صعب السيطرة عليه فلالتزام ليس جبرياً بل تتسع رقعته. أردنا من خلال ما تقدم التأكيد على خطورة استدعاء الهوية الجنوبية وإعلانها يوم 7/7/2007م وتداعيات ذلك على بقية المناطق.
 مطالب المحتجين والموقف من الوحدة:
لقد قمنا بتحليل مضمون البيانيين الصادرين عن:
1- مجلس تنسيق المتقاعدين العسكريين والمدنيين (الجدول رق1).
2- وبيان المكلا الموقع من قبل عدد من الشخصيات (الجدول رقم2).
وتبين المؤشرات الرقمية في الجدولين الى قوة حضور الهوية الجنوبية حيث مفردات : اقصاء أبناء الجنوب حضرت بكثافة عالية وصلت الى ، 40.65% لدى بيان المتقاعدين و10.3 بيان المكلا. كما نجد التأكيد على الهوية الجنوبية بمفردة نحن الجنوبيين حضر بنسبة 17.6% بيان المتقاعدين جدول رقم (1). و21% بيان المكلا جدول رقم (2) . ووصف البيانين السلطة بالاحتلال بل تم مماثلتها بالصهيونية انظر بيان المكلا جدول رقم (2) . ووصف النظام السياسي بالاحتلال بنسبة عالية 9.3% بيان المتقاعدين جدول رقم (1) . و7.6% بيان المكلا. ما تقدم يحمل مفارقة: لا توجد مواقف رافضة للوحدة اليمنية حيث نجد في بيان المتقاعدين جدول رقم (1) . حضور الوحدة بكثافة صغيرة ولكنه لم يحملها أو يجعلها السبب بل تحدث عن أخطاء السياسيات السابقة والمواكبة لها وتلك المفارقة تفرض علينا التسائل عن سبب استدعاء الهوية الجنوبية بقوة ؟ نجد الاجابة واضحة في الموقف من 7/يوليو واستحقاقاته حيث نجد موقف موحداً في البيانين اللذين رفضا نتائجه بل اعتبره بيان المكلا من اغتال الوحدة. وفي هذا السياق يأتي الحديث عن الاحتلال والاستيلاء على الأراضي ، وإقصاء أبناء البلد الأصليين انظر الجدولين رقم (1، 2). والمؤشرات السابقة تدل بوضوح على فشل ادارة الدولة والمجتمع وينبغي اعادة النظر في تلك السياسات من منظور عقلاني وطني يأخذ بعين الاعتبار الادماج المجتمعي استناداً الى النظريات الاجتماعية والتنموية والتحديثية.
 اتساق:
كنا قد اتبعنا في المقالين المشار اليهم سابقاً تحليل بعض المؤشرات والمعطيات ذات الدلالة السلبية على الوحدة الوطنية ووضعنا معالجات عقلانية وبررناها براجماتياً للسلطة السياسية ، وقد كان انتشار وتداول تسميات دحباشي (في وصف كل أبناء المناطق الشمالية) وبريمر (في وصف محافظ عدن في تماثل مع الحاكم الأمريكي لبغداد بعد سقوطها ) وكذا انتشار النكتة بمختلف انواعها على الدحابشة مؤشراً على تحديد واضح للذات (الجنوبية) والآخر (الشمالي) وذلك يعني كذلك ان هناك اتساق اجتماعي ووجداني وحد المشاعر والاحاسيس والمواقف وتصورات لدى الجماعة الجنوبية نتيجة تقاسم الألم والأمل والسعادة.
 استدعاء الرموز الممثلة للهوية:
استدعاء الهوية يأتي حصيلة لجملة من الممارسات الرمزية والمادية تجاه جماعة ماء مما يجعلها تعيد ترتيب ذاتها من خلال دعوتها للتراث والرموز المشتركة وفي السياق الجنوبي كحنا قد حددنا حوافز استدعاء الهوية في مقال اركولوجية الانتماءات والتي سنعيدها مع بعض الاضافات وربطها مع الفعل الاحتجاجي بدوافعه ودلالته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأبعاده النفسية وذلك كما يلي:
1- إثر حرب 1994م اتبعت السلطة أسلوباً إعلامياً وسياسياً اقصائياً لخصومها من الرموز والقيادات المؤثرة ولم تأخذ بعين الاعتبار قصر الفترة الممتدة من الوحدة (4سنوات) لقد تشكلت رموز الجماعة في الذاكرة الجماعية خلال عقود وما تزال معبراً عنها فقد تغيب لفترة ولكنها ما تلبث ان تعود عند الشعور بالإقصاء الناتج عن عدم المشاركة.
وهذا ما يفسر ترديد المحتجين عبارات " يا دحابشة يا زيود على سالم بايعود" و" يادحابشة يا يهود علي ناصر بايعود"
2- التوسع المعماري المتسارع مختلف النمط السائد والذي لم ينعكس اقتصادياً على أبناء المناطق الجنوبية لأن الأراضي ملك الدولة (على عكس صنعاء) بل غير ملامح الفضاء بسرعة اربكت العلاقة الحميمية بين أبناء تلك المناطق وبيئتهم . وهذا ما يفسر الكثافة التكرارية لمسألة الأرض في بيان المتقاعدين المكلا انظر الجدول رقم (1، 2).
3- تغيير العملة الوطنية وتسميتها له تأثيره العميق النفسي (الفردي والجماعي لأنها متداولة يومياً وتشكل جزءاً من الهوية فكان بالأحرى المزاوجة .
4- تبدل الملابس الرسمية لرجال الأمن والجيش وكذا سيارات الشرطة (تغير في هيئة السلطة ).
5- هيمنة عدد من الشخصيات - ذات القاب مغايره عززت الشعور بالاقصاء والاستيلاء - على مفاصل القرار الإداري والسياسي والاقتصادي والاستثماري.
6- عدن كانت مدينة مركز فلابد ان يحافظ على درجة أهميتها ونشاطها طوال العام حتى تتغير انماط العيش والأهمية الإدارية والترفيهية ..الخ.
7- ضعف أو فشل الحزب الاشتراكي في تجميع مطالب ابناء المناطق الجنوبية والتعبير عنها - فالحزب سوف يظل بوعي او بدون وعي ولفترة طويلة ممثلاً وجزءاً من الهوية الجنوبية – ومقاطعته للانتخابات وطول فترة الدولة الانتخابية قد غيب التمثيل الجنوبي في السلطة التشريعية بعبارة أخرى في صنع القرار وهذا ما عزز بقوة الإقصاء للرموز الممثلة للمناطق الجنوبية وكنا قد أشرنا الى هذه المسألة في مقالنا قلق وارتباك المؤتمر في جزئية مكامن قوة المنافس بينا فيه نقاط قوة الحزب الاشتراكي على المدى البعيد اذا ما استمر الوضع دون المعالجة حيث سيتم استدعائه في احدى الدورات الانتخابية كرمز تمثيلي للهوية الجنوبية بغض النظر عن موقف الأفراد منه او انتماءاتهم السياسية. ونعتقد ان اضعاف الحزب الاشتراكي (من خلال حصاره ) في تمثيل مطالب ابناء المناطق الجنوبية من خلال فتح حوار معه وتلبية مطالبته سوف يعزز من شعور الاقصاء ويجعل الافراد والجماعات تنشط في هياكل ممثلة بديلة خارج قواعد اللعبة الديمقراطية والانتماء الحزبي حتى المؤتمر الشعبي العام او التجمع اليمني للاصلاح أو..او.. فالهوية الجنوبية تطفوا على كل الانتماءات الحديثة .
ونؤكد حصار الحزب الاشتراكي من خلال البرنامج السياسي للحزب الاشتراكي الذي اقر في مؤتمره العام الخامس يوليو 2005م وفي الفصل الأول نجد تطابقه مع مطالب المحتجين والمعتصمين في بيان المتقاعدين والمكلا.
 طفو الهويات:
من خصائص المجتمعات المتغيرة تعدد الهويات والانتماءات تراتبياً حيث تختفي الانتماءات تراتب تفاضلي فردي او حضاري خلف الانتماء للمؤسسات الحديثة فالانتماءات العصبوية ( قبلية ، عشائرية ، مناطقية ، مذهبية ..الخ) تختفي خلف الحزب والدولة فتلك الانتماءات عقلية عامة واعية وغير واعية مؤثرة بقوة في سلوكنا وبممارستنا وتظهر او تطفو تلك الانتماءات بوضوح عند الازمات والخطر كما هو الحال لدى أبناء المناطق الجنوبية الذين توحدوا في هوية جامعة وهويات اولية مناطقية ستظهر بوضوح اذا ما تردت الاوضاع وتضاربت المصالح. وتعد دمج الهويات الأولية احدى المهام الرئيسية للنخب السياسية الحاكمة من خلال عملية التحديث والتنمية وفي اليمن سواء فيما كان يسمى الشمال والجنوب او بعد تحقيق الوحدة لم تستطيع النخب السياسية تحقيق ذلك نتيجة التقطع وعملية التحديث بفعل الصراعات المتواصلة حتى احداث صعدة 2007م وهذا يعني ان الهويات مبثوثة في كل مفاصل المجتمع والدولة وهي بذلك عنصر مهدد بالوحدة الوطنية فضعف الدولة وانتشار رقعة الفساد وتعطيل سيادة القانون يستدعيها بقوة سواء لدى أولئك المستفيدين او أولئك المتضررين الذين توفر لهم الحماية والأمان ولو بدرجة ضئيلة.
إن احتجاج عدن نقطة فاصلة ومؤسسة لصيرورة من التفاعلات والممارسات السياسية ستغير نمط العلاقة بين الدولة ومكونات المجتمع ليس على مستوى المناطق الجنوبية التي سيمتد تأثير احتجاج عدن ويعززه كأسلوب تعبير مطلبي يخالف القواعد الدستورية والقانونية فساعة كتاب هذا المقال كان أهالي قرية الشبيكه بمديرية عتق قد أقاموا نقطة لمنع مرور سيارات شركة نفطية صينية بشبوه بسبب التوزيع الغير عادل للعمالة فيها ... وهكذا وهي سلوكيات غير مألوفة في السابق وتداعيات احتجاج عدن قد يمتد الى مدينة تعز ويحفزها على التعبير عن اقصاءها منذُ فقدانها لأهميتها الاستراتيجية مع قيام الوحدة اليمنية حيث حلت محلها حضرموت (منافع وظائف ) وبما أن للمدينة تراث ومكانة وجدانية كمهد للنضال والمقاومة فإن إمكانية التعبير عن نفسها واردة مهما كانت توجهات ابناء المنطقة المقيمين فارتفاع نسبة البطالة وتعاطي المخدرات ، تدهور الاحوال المعيشية ( ندرة المياه، تقطع الكهرباء..الخ) لا يعني غياب احتمالات التعبير والاحتجاج فالمدينة تحمل بالقوة ممكنات المبادرة والتعبير عنها عبر اعتصامات او تنظيمات عالمية او سرية ويساعدنا في ذلك تردي مستوى العيش الذي يجد نفسه محصورا في حدود وجغرافية المطلب السياسي.
ان انتشار الفساد وضعف سيادة القانون وتجاوزه من قبل القوة المتنفذة وضعف ثقة المواطن بالدولة ومشاريعها وتعميم صورتها على شاكلة ًمنجزات مدينة إب التي تبخرت مع أول مطره .
كما أن تردي الأوضاع المعيشية وانعدام المساواة واستمرار الحرب في صعدة يعزز ضعف الدولة وقوة وجودها ويفتح الشهية للتمرد عليها .
وبناءً عليه يتوجب على النخب السياسية الحاكمة ان تعييد سياساتها ومعالجتها للمسألة الجنوبية بعقلانية وطنية وأول خطواتها الاعتراف والقناعة بفشل السياسية المتبعة .
ومن ثم وضع سياسات جديدة يتم فيها استشارات كفاءات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية متخصصة .
E-mail:[email protected]

الكثافة التكرارية للمطالب الكبرى لمجلس تنسيق الجمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين عدد 7 يوليو 2007م
جدول رقم (1)
م
الفرد (المطالب)
العدد
%
السياق
الدلالة
1.
اقصاء ابناء الجنوب
74
40.65
فالاستبعاد والتوقيف والتسريح القسري
التأكيد على استبعاد هوية محددة
2.
نحن الجنوبيين (أو الجنوبي)
32
17.6

تأكيد هوية
3.
المتقاعدين
10
5.5
تداعي المتقاعدين للتعبير عن سخطهم ازاء ما يتعرضون له من ظلم وتمييز
تأكيد الاقصاء
4.
الموقوفين والمتقاعدين قسراً
16
8.8

تأكيد الاقصاء
5.
الاستيلاء على أراضي الجنوب
44
6.04
فقد أطلقوا على اراضي الجوب مسمى اراضي وعقارات الدولة (...) ناهيك على اصرار السلطة على عدم تعويض الملاك من أبناء الجنوب..
غنيمة (احتلال)
6.
ازالة اثار حرب صيف 1994
8
4.39
فيما نعانيه ونشكو منه طاهرة حقوقيه ولكنه سياسي الاصل بامتياز
نقطة تحول في مسار الوحدة
7.
7 يوليو 2004
8
4.39
اعتصامنا في هذا اليوم (...) تعبيرا عن رفضنا لنتائج 7/يوليو
نقطة فاصلة بين مرحلتين
8.
احتلال
17
9.34
* السلطة المفروضة
* حرب 94 التي انتهت بغرض سيطرة كاملة لطرف على كامل حقوق الاخر .
* تلك خطوات تمثل تهديداً للوجود الجنوبي .
* تهديد يصل الى جعل شعب الجنوب بلا ارض
* ندعو (...) منظمة الامم المتحدة الى مناصرة قضايانا ومطالبنا العادلة
*رفض شديد لاسلوب ادارة الدولة والمجتمع
*تاكيد هوية مستقلة
9.
الوحدة
3
1.64
* فأخطأ السياسيات السابقة للوحدة وما ترتب عليها من صراعات سياسية طغى ع ليها الطابع الدموي .
* الاخطاء التي رافقت الوحدة
تقديس الوحدة كهدف سياسي" ورفض للسياسات والممارسات وتراكمات الماضي"

المجموع
182
%


المصدر: صحيفة التجمع: لسان حال حرب التجمع الوحدوي اليمني، العدد (587) الاثنين 9ويوليو 2007م
م
الفرد (المطالب)
العدد
%
السياق
الدلالة
1.
اقصاء ابناء الجنوب
17
10.3

التأكيد على استبعاد هوية محددة
2.
المتقاعدون الجنوبيين
7
4.2

تأكيد الاقصاء
3.
الموقوفين قسرا +(التسريح)
11
6.7
تسريح الألاف الجنوبيين
تأكيد الاقصاء
4.
نحن الجنوبيين (الجنوبي)
21
12.72

تأكيد هوية
5.
الاستيلاء على اراضي الجنوب
14
8.5
تستبيح ارض العدو احتلت الارض
غنيمة "احتلال"
6.
الاستيلاء على الثروات الطبيعية والمعدنية والسمكية
16
9.7
يكتنف عملية استخراج وتسويق النفط مصير العائد (..) وليست الثروة السمكية بأحسن أهواها
غنيمة "احتلال"
7.
غنيمة (فيد)
20
12.7
* شرعت في عملية سلب ونهب واسعة (...)
احتلال
8.
القات
2
1.21
ادى دخول القات الى حضرموت وانتشاره الى مأسٍ ... دمرت المجتمع الحضرمي
تأكيد على أضرار الوحدة الاندماجية
9.
7 يوليو
12
7.3
اغتيال نظام 7 يوليو الوحدة
نقطة فاصلة
10.
حرب1994م
7
4.24
حرب ظالمة
نقطة تحول
11.
احتلال
29
17.6
* استباحة الجنوب
* فهو نظام ليس مؤهلا للحديث عن الوحدة ولسنا ملزمين بما يلتزم به
* تم ضخ الآلات من ابناء المحافظات الشمالية الى كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في الجنوب.
رفض شديد لاسلوب ادارة الدولة المجتمع

احتلال


*شرعت ما تسمى بقوات الشرعية.
*ان النتيجة المنطقية لهكذا سياسة في حدها الأدنى الافقار وفي حدها الاعلى : النهجير (يقابله من الناحية الاخرى .
* التوطين..
*الأمور الذي يعيد للذاكرة شعارا اخر في مكان اخر يقول: شعب بلا ارض وارض بلا شعب.
*ولن نكون هنود حمر وليست الهجرة ضمن خيارتنا.
* يوم 7يوليو في ذاكرتنا يوم احتلال
وتأكيد على هوية الجنوب
12.
اصلاح مسار الوحدة
5
3.03
اصلاح مسار الوحدة... ومعالجة الاختلالات التي لحقت بالوحدة نتيجة حرب 94م
التأكيد على اختلال المسار بعد 1994م
13.
وثيقة العهد والاتفاقق
4
2.4
نرى انها تمثل وثيقة الاجتماع الوطني
التأكيد على النظام الفدرالى

المجموع
165
100%


الكثافة التكرارية للمطالب بيان المكلا الموقع من قبل عدد الشخصيات
جدول رقم (2)

المصدر: صحيفة التجمع: لسان حال حرب التجمع الوحدوي اليمني، العدد (587) الاثنين 9ويوليو 2007م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.