الجزء السادس من المشهد الأول يزيد : هم المستبدون، يعمرون البلدان، ولا يتركونها إلا بعد من يأتي ليدمرها، كان من الداخل أو الخارج، هم المستبدون، لا يعمرون، فيتركونها خراباً..يا أسفاه يا ديمانواس جعلتني، كأني سوف أصدق أبرهة ..انتهى 5 ديمانواس: لا غرابة إن صدقته فقد كنت نائبه، رضيت لنفسك يا يزيد أن تكون نائباً للملك الحبشي، يا أسفاه يا يزيد جعلتني أصدق ما قاله عنك أبرهة يزيد : ما قاله عنك، كان واقعاً لا تنكره عين، وما قاله عني نطقته نفسه المريضة، الحاقدة على من ثار عليه . ديمانوس : لم تثر عليه قبل أن تكون نائباً له، وثرت بعد أن كنت، من أجل أن تستولي على ما كان تحت يدك وتكون أميراً. يزيد : قبلت من أجل أن أجمع المال والرجال من أجل أن أثور عليه . ديمانوس : (ساخراً) وكانت ثورة المغرور، أعماك غرورك وأنت تعتقد بأنك قادر على الانتصار عليه وليتك نفذت بجلدك ووضعت نهايتك بنفسك كما فعلت أنا، لكنك تركتهم يأسرونك ويقتلونك . يزيد : قاومت حتى أسروني، وإذا أسروني فقد كنت واحد من أقيال اليمن، أما أنت فقد كنت ملك اليمن . ديمانوس : وقد قاومت حتى إذا سقطت المقاومة، نجوت بجلدي وحصاني نحو البحر، حتى إذا كان البحر، خاضه حصاني حتى خلته أنا، وهو يخوضه، كأنه بالنيابة عني، كأنه أنا..(يصمت للحظات) . ديمانوس : في ذلك اليوم توحدت مع حصاني، مثلما تفرق المخاطر توحد، مثلما يفرق الخوف يوحد الخوف، وحدني مع حصاني،حتى لا نقع أسرى في أيدي الأحباش . يزيد : كما نريد، سبق أن قلت، فأنت كيفما كان الحال كنت ملك اليمن، لكن هناك من يقول بأنهم أسروك وقتلوك . ديمانوس : صدق من كان مليكك . يزيد : لا أستطيع أن أصدقك، ولا أكذب الناس . سيف : بل تصدق الملك ديمانوس، كان ملك اليمن بحسناته وسيئاته..عندما ينزل الخطب، عندما يكون العدو أمامنا لابد أن نوحد كلمتنا، وهي أن ملك اليمن ديمانوس قد مات كما قال منتحراً يزيد : ليتها كانت واحدة، لكن الاستبداد والظلم فرقها، فكان للحبشة ... سيف : (مقاطعاً) حديث وانتهينا منه، نحن في وما نتركه بعدنا للتاريخ، ملك اليمن ديمانوس مات منتحراً، وكما كنت تريد . يزيد : تجمل بطانة الملك الواقع للرعية بإذن الملك، وعندما ينظر الرعية إلى حولهم وحالهم فلا يجدون الجمال، وينظر الملك إلى حوله وحاله فيصدق البطانة، حتى يكون الواقع وقد تراكمت عليه ما يستعصي عليه الحل، فينهار الحال أو يأتي ارياط، وتريد، حتى أنت ياسيف أن تجمل التاريخ . سيف : صدقت يا يزيد، إلا أن الأقوال قد تضاربت في موت ديمانوس، وعلينا أن نصدق ما يحفظ لمليكنا مكانته أمام الأحباش . يزيد : (دهشاً) عجباً..تقول عن ديمانوس كلاماً مغاير..فما الذي غيرك ؟ سيف : ما ذهب قد ذهب، وللملوك أخطائهم، ولأنه ملكينا الذي واجه الأحباش، أردنا أن يموت بشرف . يزيد : (بحدة) ما ذهب لن يذهب، هم الملوك ولا نريد أن تتكرر أخطائهم . سيف : و أنت الثائر، لا نريد أن تتكرر أخطائك. يزيد : أخطائي، وقد كنت أريدها نواة للثورة، أم خطأك وقد أردتها على أسنة الفرس الأجانب، أم خطأ ديمانوس المستبد . ديمانوس : أي خطأ وقد استبديت بأرضي، أي خطأ وقد استعان من أجل تحرير اليمن..إنه خطأك يا يزيد . يزيد : (ساخراً) كنت نسيتك يا ديمانوس، وكأنك كنت قد عدت من حيث أتيت..بل خطأ المستبد، خطأ من استعان بالخارج..أخشى من المستبد، ومن يستعين بالخارج، فإذا هما عقدة قد تلازمنا عبر التاريخ..أخشى من المستبد والمحتل، فإذا هما الاستبداد المتصل المتواصل . ديمانوس : (منفعلاً) كأنك لو حكمت لن تستبد، وكأنك.. سيف : (مبهوراً) العقدة يا يزيد . يزيد : (حزيناً) نعم العقدة . سيف : ال ال..... . انتهى المشهد الأول ويليه المشهد الثاني