ضاق البيت القديم على راجح العجوز، لا يستطيع أن ينام في غرفة من غرفه، الكتن ( البراغيث ) لا تدعه يستقر، حتى وهو يحتسي فنجان قهوة القشر التي يحبها. أعيته الحيلة، جرب كل المبيدات الحشرية، أكثر من مائة صنف اشتراها من أسواق المدينة، القديمة والجديدة. دخلت عليه زوجته فرحة مستبشرة..قالت: - أبشر يا راجح، قالوا قد به مكتب معه سم قاتل، يقتل الجمال..يجوا يرشوا البيت..وإحنا نغلقه وقديه فرصة نسير نغير جو عند أخي في القرية. أحكم مزلاج البيت بعد أن انتهوا العمال من رش البيت، ثم اصطحب زوجته إلى القرية. عاد من القرية مملوءاً بالنشاط والحيوية، شبع نوما واستمتع بمناظر القرية الجميلة، وتنفس من هواءها العليل.، زادها بريقا شعوره الطافح بالفرحة: سيعود إلى بيت خال من الكتن. وقفت السيارة على بعد مائة متر من البيت، البيت في زقاق ضيق. نزل من على سيارة مستبشرا، وبهمة الشباب حمل على كتفه ما كان يحمله قبل عشرين عاما. وقف عند مدخل الزقاق، شاهد رجالا ونساء محلقين حول بيته. وضع حمله على الأرض، يسابق الريح..وزوجته تناديه: - والأغراض يا رجال..يزكيك عقلك. لم يسمعها المشغول بالمحلقين. لمحوه . أفسحوا له طريقا، والمفاجأة أفرغت من صدره متعة القرية، وبيته المشبع بالكتن خاليا من الكتن. يشاهد أمامه ركام البيت المهدم. وقف أمامه حزينا مكتئبا، لحظات طويلة. صعد على كوم الحجارة والتراب، لحظات أخرى مطرقا، ثم صرخ بصوت العالي مخاطبا المحلقين: - هل ؟ - هل ؟! -كيف؟ - كيف؟!..ما هو هذا؟! - ومتتتتتتتتتتتتتتتتى؟ - متى؟؟ مسكين أو قد جنن؟!