لعل العالم الفيزيائي المشهور ألبيرت انيشتاين لم يخطئ في تعريفه لمفهوم السياسة حيث قال أن "السياسة هي البندول الذي يتأرجح بين الفوضى والطغيان وتغذيها بأوهام متجددة على الدوام" أي أن السياسة لا يمكن أن تستقر على حال فقد تتجاذبها الاحداث فتتغير طبقاً لتغير طقس الحدث وزمنه بالنسبة لمصلحة السياسي فتصبح نتيجة ذلك الفوضى والطغيان المستمر لفترة طويلة، وهذه السياسة حين تصبح أداة في يد الأشرار يمكن لها أن تحدث ما لا يتوقع حدوثة وفي وقت لا يمكن التنبؤ بما سيحدث فيه. غالباً ما يميز السياسة بالسرعة في تغيير الواقع بعامل المفاجأة، حيث يتم استدراج الخصم بسهولة الى الفخ المجهز له بتقنية عالية،كما أن السياسة هذه تحتاج لعقل ذو خيال واسع وفكر له القدرة على التخطيط والتنبؤ بما يمكن حدوثة في المستقبل. ولهذا فالسياسة حسب اعتقادي حرب باردة تدور رحاها بين السياسيين خلف الكواليس ،وما يؤكد هذا قول السياسي المصري الكبير محمد حسنين هيكل ،حيث قال" الحروب تدور في مجال السياسة ، و مشاهدها اﻻخيرة فقط هي التي تنتقل الى ميادين القتال"،ولكن في مقابل ذلك كله يبرز لنا مفهوم خاص نعيشه اليوم واقعاً ملموساً على المستوى الدولي والمحلي ،هذ المفهوم يمكن أن نسميه ب "السياسة الحمقاء"هذه المفردة رغم ما يكتنفها من الغموض إلا أنها ستتضح لكل ذي بصر وبصيرة ،فواقعنا المأساوي عربياً ويمنياً ممتلى عن آخره من البراهين والأدلة التي تثبت صحة المفهوم هذا. ولكن حين تصبح السياسة كما قال الكاتب الغربي بن آرنست"السياسة هي فن البحث عن المتاعب ، وإيجادها سواء كانت موجودة أم ﻻ ، و تشخيصها بطريقة غير صحيحة ، وتطبيق العﻼج الخاطئ لها " فهذا طامة أخرى لن تستقر بنا على حال وسيكون واقعنا أشبه بساحة حرب بين فريقين لا يعرف احدهم لماذا يقاتل ومن أجل ماذا ،وهذا بالفعل موجود لدينا كحال القاعدة وما شابهها من الجماعات الارهابية . على النقيض من ذلك يسعى الغرب لتحقيق طموحاته ومصالحة على الارض العربية ببذر هذا المفهوم وتنميتة ليكون البديل الأفضل والاقل كلفة ، في سبيل تحقيق أهدافه ومصالحة ،وللأسف الشديد أن مشكلتنا مع هذا المفهوم أو الفصيل ليس بمحاربته، بل بدعمه واستخدامة كوسيلة في تحقيق أهداف ومآرب غير مشروعة، تؤثر على المجتمع ككل وتصيبه بالشلل التام. وما يبعث في نفسي الإبتسامة المصحوبة بالأسى هو قول الكاتب الغربي جون كوينتون عن السياسة حيث قال " السياسيون هم اﻷشخاص الذين ، عندما يرون الضوء في نهاية النفق ،يخرجون خارجاً ، ويقومون بشراء المزيد من اﻻنفاق"،وهنا لا يمكن لأحد التشكيك بقوله، بيد أن ذلك المفهوم موجود لدينا وبالجملة ،فبدلاً من شراء الأنفاق لماذا لا يقومون ببناء الجسور على أنهار التوحد في سبيل تنمية وتقدم البلدان ،بدلاً من تعميق الشرخ بين المكونات والفصائل السياسية والشعبية،لكم تمننينا أن تتوحد كلمة سياسيينا من أجل الخروج بالوطن من مآسية المتلاحقة الى بر الأمان ،ليكن وطناً لنا جميعاً نسهم في بناءه لبنة لبنة ،بدلاً من هدمة وقتل وتشريد أبناءة. وفي الأخير يمكنني القول أن للسياسة أساليبها الخاصة في تعاملها مع الاحداث، بيد أن هذه الاساليب قد تعدوا كونها منطقية الى حدما،وبين أن تكون أهدافها وطنية أو شخصية ،وفي الوقت الذي يبحث فيه الجميع كمكونا وطنية ومواطنين عن مشروع سياسي وطني يخرج اليمن من أتون الفوضى والتشظي والدمار،ما زال البعض الآخر يبحث عن اساليب حديثة ومتطورة من أجل تجسيد ذلك الواقع المأساوي على أرض الوطن،هذه إذاً هي السياسة الملعونة بحد ذاتها . فالسياسة التي تخطط للقتل والتدمير والتهجير والتشريد هي سياسة ملعونة ، والسياسة التي تشرّع للفوضى وتنشر الرعب والخوف بين الناس سياسة ملعونة، والسياسة التي تؤسس للتشرذم والشتات والفرقة والاختلاف والعنصرية والطائفية والمناطقية سياسة ملعونة،والسياسة التي تدمر ولا تعمر وتنزع الوحدة والإخاء والمحبة والسلام من قلوب الناس سياسة ملعونة،فيا سياسيونا سئمنا السياسة الملعونة، فالسياسة الملعونة فتنة ،والفتنة نائمةً ولعن الله من أيقظها،اعطونا الوجه الآخر للسياسة ،وجه المحبة والسلام والتوحد والإخاء والتقدم والإزدهار ،ليسود فينا العدل والسلام في وطن المحبة والسلام ،فلا تسلبوا من اليمن السعيد سعادته،وأعيدوا له ابتسامته المفقودة. [email protected]