يأتي الدور الذي تقوم به دول التحالف العربي في اليمن؛ نتيجة لاستراتيجية الولاياتالمتحدة الجديدة في المنطقة العربية، والهدف الذي يريد الوصول اليه هذا التحالف، هو تحقيق النجاح الكامل في تدخله، الذي من المؤكد أنه لن يتوقف عند حدود الضربات الجوية، وأي تصوّر بأنه سيتوقف، بدون أن يتم التدخل البري من البحر والبر والجو، فهو تصوّر واهم كل الوهم. ذلك لأن ما يتم اليوم وسيكون غداً؛ لم يكن إلا نتيجة ما قررت الولاياتالمتحدة أن يكون عليه الحال في المنطقة العربية، وبطريقة تختلف عما كانت تتبعه من قبل، ويأتي هذا نتيجة لما كانت قد بدأت به أمريكا، منذ سنوات، من مراجعة لوضعها في المنطقة، وقررت من خلاله اتباع سياسة "العودة خطوة إلى الخلف". وترك حلفاءها في المنطقة يقومون بالدور نيابة عنها، سواء في محاربة الإرهاب أو غيره، وذلك بعد أن تأكد لها أن الأنظمة العربية كانت تستفيد من التدخلات الأمريكية كما حدث في أفغانستان والعراق في تقديم صورة منفرة عن أمريكا، وكانت من أهم نتائجها تزايد مساحة العداء ضدها في الأوساط الشعبية العربية. لهذا سمحت أمريكا لأول مرة، لأقدم وأهم حلفائها في المنطقة (السعودية) تزّعم تحالف عسكري عربي؛ للقيام بضرب القوات الحوثية (المنقلبة على النظام في اليمن)، بعد أن كانت قد مهدت لها الظروف الملائمة للقيام بتجربة تشكيل وقيادة تحالف عربي، ومن الطبيعي أنه ما كان له أن يتحقق لولا الرضى الأمريكي. فكلنا تابع الدور الأمريكي الذي لعب دوراً محورياً في توجيه الأحداث، والأخذ بيد كافة الأطراف اليمنية، لتصل بهم إلى ما وصلوا الية، وتحقق عملياً أن تكون اليمن مسرحاً للأحداث التي تخوّل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرها اتخاذ اليمن منطقة عمليات، تتمكن فيه دول هذا التحالف من تنفيذ كل أنواع العمليات الحربية والقتالية، مستفيدة من الوضع القانوني الدولي للصراع في اليمن، والذي أضحى يؤهل قيادة هذا التحالف (السعودية) بتنفيذ عملياتها، بدون العودة إلى مجلس الأمن الدولي. ولعلنا نتابع ما ستقره القمة العربية في "شرم الشيخ"، والمتمثل بالإعلان لأول مرة عن جيش عربي مشترك، يقوم بدور التدخل في البلدان العربية التي تشهد صراعات، إلى جوار دوره في محاربة الإرهاب، وليس بعيداً أن يكون للسعودية اليد الطولى فيه، كونها أضحت صاحبة خبرة، بعد الضربات الجوية التي سبقت ومهدت لهذه القمة بأيام معدودة. ولهذا، علينا أن نعي جيداً؛ بأن اليمن على موعد مع "بروفات" لمشروع تحالف عسكري عربي جديد، في اطار المنطقة العربية، وسيكون له الأثر على المحيط الإقليمي، ولهذا لا يمكن ان تكون هذه "البروفات" محدودة بالضربات الجوية، وإنما يجب أن تستخدم فيه كل اشكال المعارك البرية والبحرية، وفي مختلف المناخات، وانواع البيئات الاجتماعية، ومختلف المناطق الجبلية والصحراوية والساحلية، وكل ذلك تستجيب له الطبيعة الجغرافية والسكانية اليمنية بامتياز. لذلك، وعلى ضوء الأحداث اليمنية وما قررت السعودية ودول التحالف العربي القيام به، يمكننا استنتاج أن المنطقة العربية؛ ستشهد تحولاً استراتيجياً عميقاً، وسيكون للسعودية ودول الخليج لأول مرة دوراً مؤثراً في تشكيل صورة ومستقبل اقليم ما يسمى بالشرق الأوسط،، وسيكون فيه الدور الأمريكي، موجهاً وداعماً، أو كما صرحت به الإدارة الأمريكية مؤخراً محدوداً بتقديم الدعم اللوجستي فقط.