الجرح اليمني الغائر وحالة الدمار التي عصفت بالبلاد هل تستحق منا مراجعة للذات ؟ هل يحق لنا أن ننتقد ونقيم أداءنا كأفراد ومؤسسات ومنظمات وأحزاب وقوى وطنية ووجاهات وشخصيات اجتماعية نقابات وروابط مهنية وناشطين ومثقفين قبل فوات الآوان ؟! أم ذلك يعد تجاوزا للخطوط الحمراء ولحالة القولبة التي وضعنا بها على مدى أربع سنوات هل يعد ذلك النقد تراجعاً عن ثوابت ومسلمات فرضت نفسها عنوة وأحالتنا إلى أشكال ومكعبات محددة الملامح وشخصيات ساكنة بلا روح أشبه بتلك الموجودة في متحف الشمع ، لقد فقدنا ملامحنا وهويتنا وباتت هوياتنا الفرعية هي المتحكم الوحيد بمصير اليمنيين بعد أن توارت الهوية الجامعة وتراجعت إلى الوراء كما لم يحدث في عصور الظلام ، تغيرت القناعات الهشة بالمشروع النهضوي الوطني بعد أن ظهرت النخب السياسية والثقافية بتلك الحالة من الهزيمة أمام المشاريع الصغيرة التي تغولت وكبرت بحيث صار البحث عن الوطن أشبه بالعمل بالإنتحار السياسي ، العاصفة السياسية التي شهدها اليمن خلال العقد الزمني الأخير أثبتت هشاشة النخب والأحزاب وضُعف مصداقيتها وأن السمه الرئيسه التي غلبت عليها هي الإنتهازية والروح المصلحية فذابت القناعات كفقاعات الصابون مع أول محك حقيقي لها لمواجهة التحديات "الكيان" فلا اليسار يساراً ولا اليمين يميناً وحتى أولئك المتشدقين بالوطنية ظهرت حقيقتهم في الطرح عندما أرتهنت إرادتهم وباتت أسيرة للحاضنة المناطقية ، الكل سقط وكان السقوط مدوياً ، لم أجد من اخاطب في واقع يمني مأساوي كالذي نعيش واقع تكُتب سيناريوهاته في أروقة المخابرات العالمية وتشتغل عليه بإمتياز القوى الماضوية في الداخل اليمني المتصارعة المدعومة إقليمياً ودولياً ، لكنني مع مرارة الواقع وتراجيديا المأساة والمعاناة سأختزل الخطاب إلى الدكتور أحمد عبيد بن دغر وأعتقد أن الخطاب قد يكون حمال أوجه للرجل باعتباره مثقفاً وشخصية وطنية وسياسياً لا يشك أحد في غيرته الوطنية ولكونه يتحمل مسؤليته التاريخية في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه البلاد وهي مهمة تعد متفردة لايحسد عليها باعتباره يواجه المؤامرات من أقرب الناس إليه في بلد تشتغل فيه كل مخابرات الأرض وينظر إليه كموقع أستراتيجي ومم حيوي فحسب. الدكتور أحمد عبيد بن دغر ورثتم الإدارة التقليدية للدولة اليمنية في لحظة تاريخية فارقة كانت المنظومة الإدارية التقليدية للدولة اليمنية حتى سنوات قبل الربيع العربي منظومة بائسة سيطر عليها الفاسدون والمتسلقون والنفعيون ومراكز القوى المصلحية وبعد العام 2011م حدثت هزات إدارية لم ترتقي لتكون "بيروستريكا " تمت عملية إحلال للجناح الآخر المحسوب على المعارضة فكانت المعادلة هي حلول قوى الفساد الجديد مكان قوى لفساد القديم في كلا الحالتين كانت موثوقراطية الدولة هي السائدة وأعني بذلك أن المنظومة السياسية قبل وبعد الربيع العربي ظلت على ماهي عليه تخدم أفراد ومجموعات مغلقة تمارس التواطئ الصامت لإبتلاع مقدرات البلاد ، في كلا الحالتين إستطاعت قوى الفساد في الوزارات والهيئات وفي جسم الدولة الذي كان يبلغ حينها 7200 شخصية موزعين على جهاز الدولة أن تعيد تموضعها من جديد للإجهاز على ماتبقى من الدولة اليمنية وفق حسابات ضيقة لاتمت للمشروع الوطني بصلة ، رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر و في هذا السياق التأريخي المُثقل بالهموم لن يكون قادراً على المضي بمشروعه الوطني في هذه الأجواء المشحونة بالمؤامرات الهادفة إلى إسقاط الدولة إلا من خلال إتخاذ العديد من الخطوات والقفزات الكبرى التي تكفل إعادة ضخ الدماء في الدولة اليمنية وتحريك المياه الراكدة في الدولة اليمنية بأتجاه تحسين الأداء الاقتصادي من خلال عدد من الإجراءات الجريئة التي ستعيد الحيوية إلى الأجهزة الرخوة للدولة اليمنية التي باتت أقرب إلى حكومة منفى تذكرنا بحكومة فرحات عباس في الجزائر قبل الإستقلال ، المطلوب في اللحظة التاريخية الراهنة هو أن تتم تهيئة البلاد بعدد من الإجراءات القوية حتى لا تكون حكومتكم كبش فداء للعديد من القوى المتصارعة داخلياً وإقليمياً ودولياً ولتبرأت نفسها أمام الشعب والتاريخ ، ولوضع الأمور في نصابها أرى أن تبدأ حكومتكم بفتح قنوات للتواصل مع العديد من الخبراء الأقتصاديين في اليمن وخارج اليمن وهم معروفون ومتواجدون في العديد من المنظمات الاقتصادية الدولية والإقليمية ويدير البعض منهم مشاريع عملاقة في كندا وماليزيا وسنغافورة وهؤلاء يمكن من خلال تأطيرهم وإستحداث مسمى اقتصادي يمكن تمويله من خلال الغاء بعض المخصصات للبعثات الدبلوماسية وللمشاريع التي لاطائل منها والتي تستنزف خزينة الدولة وعائدات النفط ، تكون مهمته الوحيدة هي كيفية إعادة العملة الوطنية إلى وضعها الطبيعي والبحث عن مصادر تمويل لذلك عبر بعض الصناديق الإقليمية الكويت وسلطنة عُمان واًصدقاء اليمن الحقيقيون في المانيا وهولندا يمكن لهم أن يقدموا الكثير للشعب اليمني ولحكومته الوطنية في هذا السياق التاريخي الصعب بما فيها تقديم ضمانات من العملة الصعبة والذهب لإعادة الإعتبار للعملة اليمنية بعد الإنهيار الكارثي لها أمام العملات الأجنبية وهو ما حذرتم به في أحد خطاباتكم في شهر يناير الماضي . ثانيا ً فتح حوار مع المثقفيين اليمنيين من خارج الدائرة المصلحية للمنظومة السابقة التي طغى حضورها على المشهد اليمني طوال العقدين الماضيين الحوار الجاد ينبغي أن يكون مع أولئك الذين قراؤ المشروع التأمري على اليمن ولديهم القدرة على تشخيص الواقع اليمني وتقديم حلول أستراتيجية تخدم المرحلة والمشروع الوطني فمن غير المقبول أن يقدم الدكتور بن دغر رؤيته ومشروعه الوطني من خلال مسميات وعناوين ثبت فشلها وإستهلكتها المرحلة وأثبتت الوقائع والأحداث فشلها وعدم قدرتها على البناء . ثالثاً توسيع الماعون السياسي من خلال السماح لليمنيين بتأسيس مكون سياسي يمني جديد يتجاوز الأطر التقليدية التي ادخلت اليمن في مأزقها التاريخي الراهن مكون يكون قادراً على التماهي مع المرحلة بكل تناقضاتها السياسية وصناعة المشهد اليمني وفق ثوابت وطنية تعيد إنتاج المشروع الوطني بكل تجلياته وهو المشروع الذي لا تخلو مناسبة وطنية منه وتوسيع الماعون السياسي سوف يعجل بإستعادة الدولة اليمنية وفق مخرجات ومنتجات وطنية صرفة وهذه الفئة من المثقفين متواجده بونشطة في كافة الوان الطيف السياسي والثقافي والإجتماعي ورجال المال والأعمال من الرأس مال الوطني الذي تعرض للإقصاء والتهميش ودفع ثمناً باهظاً بفعل الرأس المال الذي خرج من رحم السلطة وتربى في أروقة الأجهزة السلطوية قبل الربيع العربي . رابعاً الخطاب الإعلامي الذي يواكب المرحلة ويقدم قضية اليمن بعيداً عن الوصاية والحسابات الإيدولوجية الضيقة فحال الصحفيين اليمنيين اليوم أشبه بحال الصحفيين اللبنانيين في زمن الحرب الأهلية عندما أستقبلهم الرئيس "شارل حلو" قائلاً لهم أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان ، الإعلام اليمني بات غريباً عن قضيته الوطنية وهو مايقتضي منكم كرئيس للحكومة إجراء حركة تغييرات واسعة تنطلق من المبادئ والثوابت الوطنية وتنسجم مع المرحلة فالإعلام الحالي أشبه " بإخطبوط " ضخم الجثة وبطئ جداً في حركته وهو مايتطلب إجراء حركة واسعة في المناصب الهامة وبخاصة تلك المرتبطة بالقنوات الفضائية فالمرحلة تقتضي وجود إعلام نوعي مهني على درجة عالية من الإحترافية لديه القدرة والفعالية أن يكون المصدر الرئيس في صناعة الرأي العام العربي والمحلي على حد سواء وهو الأمر الذي لم يتحقق بفعل إبعاد الكثير من الكفاءات المتميزةالقادرة على وقف حالة التصدع والتشظي في المجتمع اليمني ومن الخطأ الكارثي أن يستمر المشهد بتلك الحالة من الرتابة وبالوجوه ذاتها.
خامساً يمكن لكم ومن خلال علاقتكم الجيدة مع القوى الاجتماعية التي تشكلت في سياق الحرب وبعد موقفكم الوطني التاريخي في قضيتي سقطرى والتصدي لميلشيات الانتقالي تأسيس مجلس للحكماء داعم لتوجهاتكم الوطنية من كافة المناطق اليمنية بما فيها تلك التي التي تحت سيطرة الميلشيات الحوثية تكون مهمة مجلس الحكماء . - العمل على تهيئة مناطقهم والعودة بالحياة الى طبيعتها في المناطق التي شهدت توترات وخروجاً عن وصاية الدولة لصالح القوى المضادة لمشروع الدولة من التظيمات المرتبطة بقوى معادية للوطن اليمني . - معالجة القضايا الرئيسية الخاصة بالنزوح والمعتقلين والذين اختفوا اثناء النزاع المسلح وتقديم الحلول الناجعة لها .- العمل على ايجاد الخطاب الاعلامي والسياسي والديني الذي يقلص التباينات في المجتمع وينهي الخلافات في إطار الصف الوطني ويكون حاملاً للمشروع الوطني وبما يسهم في الدفع بالبلاد نحو آفاق رحبة من البناء والتنمية - مساعدة رئيس الوزراء في اختيار القيادات الوطنية الحقيقية القادرة على العمل في هذا الظرف الاستثنائي الصعب الذي تعيشه البلاد جراء الحرب مثل اختيار المحافظين وفق قاعدة الكفاءة والقدرة الابداعية والخلاقة ممن هم قادرين على التعاطي مع الواقع المأساوي الاستثنائي . -الاشراف المباشر على حل مشكلات المجتمع كلا في منطقته بالطرق القانونية التي تطلبها مشاكل المجتمع وهذا يتأتى من خلال النزول الميداني الى الجهات والهيئات والمرافق الحكومية والخدمية . عقد مؤتمر وطني أقتصادي لرجال المال والأعمال اليمنيين في الخارج يمكن أن يعُقد بدعم العديد من الهيئات الدولية و الرأس مال اليمني في بلاد الأغتراب من خلال تأسيس بنك المغتربين بالمشاركة بين الحكومة والرأسمال للحفاظ على مُدخرات اليمنيين في بلاد الأغتراب والتي بدأت تتعرض للتهديد والمصادرة في العديد من الدول العربية . أخيراً علينا أن ندرك خطورة الوضع الإستثنائي الذي يحتاج منا إلى قرارات إستثنائية تواكب المتغيرات في الواقع اليمني والعربي وهو الأنر الذي يستدعي وجود قيادات إستثنائية تنتصر لليمن بعيداً عن الذاتية وشخصنة الأمور فالمرحلة لم تعد تتحمل المزيد من الإنتكاسات المصطنعة