استبعدت دراسة اقتصادية محلية حصول اندماج الاقتصاد اليمني في الاقتصاد الخليجي وحصول مشاركة اقتصادية فاعلة خلال السنوات القليلة القادمة. وأرجعت ذلك إلى جملة من الأسباب، تصدرها السبب المتعلق بوجود "تفاوت كبير وهوة واسعة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بين اليمن ودول الخليج"، مشيرة إلى أبرز مظاهر ذلك التفاوت والذي حددته في "التدني الشديد في مستوى الدخل الفردي في اليمن مقارنة بدول الخليج". وأكدت الدراسة التي أصدرها مركز "سبأ" للدراسات الإستراتجية وأعدها مدير عام الدراسات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي منصور علي البشيري، أن "الاقتصاد اليمني غير مؤهل خاصة خلال السنوات القليل القادمة للاندماج في الاقتصاد الخليجي"، معتبرة ذلك من أهم الأسباب التي تحول دون قيام شراكة اقتصادية يمنية خليجية خلال السنوات المقبلة، "نظرا لحجم التحديات المحاط بها مقارنة باقتصاديات الخليج". واستعرضت في السياق ذاته أهم المؤشرات في هذا الاتجاه، التي من أبرزها "معاناة العملة اليمنية (الريال) من تدهور في قيمتها الشرائية" التي قالت إنها "تراجعت بصورة كبيرة منذ بداية التسعينيات وحتى اليوم لتصل إلى 199 ريال /للدولار مع نهاية العام 2007، مقارنة ب(12) ريال/للدولار مع بداية التسعينيات"، في الوقت الذي تشهد فيه العملات الخليجية استقراراً نسبيا في معدلات سعر صرفها أمام العملات الأجنبية الأخرى". ومن ضمن المؤشرات التي ساقتها الدراسة حديثها عن "معدل تضخم سائد في اليمن يفوق المعدلات السائدة في دول الخليج بصورة كبيرة وذلك خلال السنوات العشر الماضية، والمقدرة ب (1 في المائة) في المتوسط بدول الخليج، مقارنة ب (10 في المائة) في اليمن خلال نفس الفترة، مشيرة إلى تدني معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي في اليمن، مقارنة بنظيره في دول الخليج، وخاصة في القطاعات غي النفطية، معتبرة ذلك من الأسباب التي"تزيد في صعوبة اللحاق بالاقتصاديات الخليجية في القريب العاجل". وخلصت الدراسة إلى القول بحاجة الاقتصاد اليمني، للاندماج في الاقتصاد الخليجي، إلى إعادة صياغة وتعديل لكثير من القوانين والتشريعات اليمنية، بالشكل الذي يؤدي إلى توائمها مع التشريعات الخليجية، موضحة عن حاجة ذلك إلى "فترة زمنية كافية"، قالت إنها "قد تطول نسبيا". ومع ذلك لم تجنح الدراسة إلى التشاؤم كثيراً، إذا أشارت إلى تمتع الاقتصاد اليمني والاقتصاد الخليجي بمقومات وإمكانات كثيرة ومتنوعة بإمكانها أن تساهم مساهمة إيجابية في تعزيز وتقوية فرص التعاون والتكامل الاقتصادي، معددة بعضاً من تلك المقومات، تميز دول المنطقة بموقع جغرافي مهم على مستوى العالم، والكثافة السكانية في اليمن، "والتي يمكن أن تكون سوقاً واعدة للمنتجات الخليجية، وتوافر الفوائض المالية والقدرات الإنتاجية العالية لدول الخليج مقارنة بالموارد البشرية والفرص الاستثمارية المتاحة داخل اليمن، وهذا مما يشجع على زيادة ونمو التبادل التجاري بين اليمن والخليج". *ملخص الدراسة كالتالي : تكتسب العلاقات اليمنية الخليجية أهمية خاصة في إطار العلاقات والروابط التي تربط اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي, والتي تأتي في إطار تعزيز جوانب التكامل والتعاون بين الجانبين. بالذات, وأن اليمن والدول الخليجية تتعرض لمخاطر عديدة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية. الأمر الذي يستلزم مواجهة هذه التحديات من خلال انتهاج سياسيات وإجراءات تؤدي إلى مزيد من التكامل والتعاون والتنسيق بين الجانبين, وفي شتى المجالات. وتأتي أهمية العلاقات الاقتصادية اليمنية الخليجية من كون الدول الخليجية كتلة اقتصادية هامة على المستوى العالمي, فهي تشكل أكبر قوة نفطية في العالم سواء من حيث الاحتياطي, أو الإنتاج أو الصادرات. فضلاً عن أن هناك العديد من المميزات والإمكانيات التي تتمتع بها اقتصاديات كل من اليمن والدول الخليجية يمكن أن تسهم مساهمة إيجابية ومباشرة في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي, وتعمل على تعزيز الروابط والعلاقات الاقتصادية اليمنية الخليجية. وفي الوقت الراهن. تمثل الدول الخليجية شريكاً تجارياً هاماً بالنسبة لليمن. حيث تستحوذ على النصيب الأكبر من واردات اليمن من السلع المختلفة. كما تشكل سوقاً هاماً للصادرات اليمنية غير النفطية, وبالأخص من السلع الزراعية والسمكية، حيث احتل مجلس التعاون الخليجي المرتبة الأولى خلال السنوات 2000 - 2007 في قائمة الكتل التجارية المصدرة إلى اليمن. أما في مجال الصادرات, فإن دول مجلس التعاون الخليجي تحتل المركز الثاني للصادرات اليمنية بعد دول جنوب شرق آسيا. كما أن حجم العمالة اليمنية في الدول الخليجية قبل الوحدة قد وصل إلى أكثر من 1.3 مليون عامل. ساهموا بإيجابية في رفد الاقتصاد الوطني بمئات الملايين من الدولارات وصلت في العام 1985 إلى 1189 مليون دولار, مثلت 24% من الناتج المحلي الإجمالي. إلا أن تغير ظروف سوق العمل في دول الخليج العربي، إضافة إلى الأحداث السياسية, وبالأخص نتائج حرب الخليج الأولى كان لها تأثيرات سلبية على العمالة اليمنية في دول الخليج. ومع كل تلك الأهمية, سواءً السياسية والأمنية أو الاقتصادية. إلا أن الملاحظ أنه ومنذ إعلان القبول الجزئي لعضوية اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي نهاية العام 2001, فإن خطوات الانضمام كانت بطيئة, ولا تلبي آمال وطموحات المواطنين في اليمن ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وبالتالي, فإن مسألة العضوية الكاملة لليمن في مجلس التعاون لدول الخليج العربي ما يزال طويلاً وشاقاً, ويحتاج إلى جهود كبيرة سواءً في الجوانب السياسية أو الاقتصادية. فضلاً عن كونه يتطلب مجموعة من الشروط والمتطلبات اللازم الوفاء بها من قبل اليمن حتى تستطيع الاندماج في المنظومة الخليجية.