إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    "ابتزاز سياسي واقتصادي للشرعية"...خبير اقتصادي يكشف سبب طباعة الحوثيين للعملات المزيفة    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعا الحوثيين لتخفيف الغلوّ الشيعي.. وقارن بين (خميس) و (القمش)
نشر في التغيير يوم 01 - 07 - 2012


ما قراءتك للمشهد السياسي في بلادنا؟
- المشهد السياسي الراهن لا يمكن أن نقرأه بمعزل عن قراءة المشهد الماضي والذي شهدته البلاد طيلة (33) عاماً، شهدت خلاله واقعاً مريراً ومؤلماً حافلاً بكل صور الفساد والطائفية والمناطقية. فبالرغم من تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري الوطن في عام 90م، والتي طالما تغنينا بها شعراً وغناءً ونثراً قبل أن تولد؛ فمنذ أن كنت في عدن، وأنا من زملاء بل وتلاميذ المناضل الوحدوي/ عمر الجاوي، وهو أول من أوجد مؤسسة وحدوية ثقافية قبل أن يفكر علي عبدالله صالح أو علي سالم البيض بالوحدة. فالجاوي وحّد الأدباء شمالاً وجنوباً وأوجد اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في السبعينات.. وكنت أنا من أصغر الأعضاء يومها، وكان الاتحاد مؤسسة ثقافية وحدوية، كان الرئيس شمالياً وهو شاعر اليمن العظيم عبدالله البردوني والأمين العام كان أديب الجنوب الكبير الراحل عبدالله فاضل فارع. ومن يومها كان الهاجس الوحدوي والهم الوحدوي يتعاظم.. كنا نظن أنه بمجيء الوحدة سيتم القضاء على التشرذم ومتاعب الناس وشمولية الحزب الحاكم في الجنوب ومتاعب ومظالم الناس في الشمال من قبل حكم عسكري قبلي.. كنا نظن أن الوحدة سوف تكون فاصلاً وبداية عهد جديد يشرق في سماء الوطن... وإذا بنا ننتكس ونتراجع كعادتنا اليمنيين، فتاريخنا كله انكسارات ودموية؛ فمنذ أن قامت الوحدة بدأ شيء من الصراعات والمناكفات، وكان الهدف من ورائها هو إقصاء الشريك والانفراد بالحكم عسكرياً وقبلياً. وهذا ما تم مع الأسف في يوم 7/7/ 94م.. وهو ليس يوماً مشؤوماً لإخواننا في الجنوب فحسب، وإنما مشؤوماً لنا جميعاً كيمنيين؛ لأنه من كان يرضى أن يتقاتل الإخوان ويقتل قابيل أخاه هابيل! لكن كما قال العطاس: كان قرار الغدر في جيب الرئيس يوم ذهابه إلى عدن للتوقيع على اتفاقية الوحدة، وأنا تأكدت الآن من هذا الكلام، لكن كنا في البداية نقول:هذان الاثنان دخلا التاريخ من أوسع أبوابه، ولكن ما حدث في 94 والتمهيد للحرب ثم مجيء المشائخ والقبائل والعساكر من كل حدب وصوب باتجاه الجنوب، كلها طمعاً في إقصاء الشريك والاستيلاء على الأرض والثروة والحكم، وكما قال الشاعر "خلا لكِ الجو فبيضي واصفري"
لو لم تكن هنالك الثروة البرية والبحرية لما حدث ذلك.. ورأينا كيف تقاسموا الفيد، ربما أكثر مما تقاسمه المتفيدون بدخول الموالين للإمام يحيى بعد انكسار ثورة 48م، ودخول ولي العهد أحمد إلى صنعاء ومعه القبائل التي سمح لها باستباحة صنعاء.
واليوم قد يكون المشهد جميلاً وصار الرئيس مخلوعاً –وأنا أعرفه شخصيا- وكنت أتوقع منه -مادام قد انفرد بالحكم وصار بيده كل شيء- أن يقيم العدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد وإقامة دولة نظام وقانون، ورأب الصدع ومداواة الجراحات في الجنوب بالذات. فماذا تتوقع من أبناء الجنوب وخصوصاً أولئك الذين كانوا في الجيش ثم قتل آباؤهم ومنهم من جُرح، وأيضاً الذين تم تسريحهم من وظائفهم؟ فكيف نقول لهؤلاء: الوحدة أو الموت؟!! وماذا تتوقع من أبناء هؤلاء الذين قتلوا، عندما يقال له: أبوك قُتل.. كيف قُتل؟ فيقولون له: قُتل في حرب الوحدة!! فهل هذه كانت وحدة؟ نحن دائماً في تاريخنا نتحارب فيما بيننا، لكننا لا ندافع عن أوطاننا! ربما أن الإمام يحيى كان الوحيد الذي دافع عن الوطن عندما حارب الأدارسة والسعودية بجيش (حافي) متواضع، ولم يضع رأسه ويطأطئ ويخضع، كما تم في بيع الأرض والتنازل عن حقوقنا مثلاً.. هذا هو تاريخنا. نحن دائماً نتحارب داخلياً، كما حدث في 86 في الجنوب، وفي الشمال حرب أهلية منذ قيام الثورة وحصار صنعاء، ثم أحداث أغسطس الطائفية عام 68، ثم مقتل الرئيس الحمدي في 77م.. وهكذا دواليك، فتاريخنا كما قال نزار قباني: تاريخنا كله مأتم ** وأيامنا كلها كربلاء
فأنا أقرأ المشهد بشيء من الحذر، لا أفرط بالتفاؤل الآن بمجيء الرئيس عبدربه وحكومة وفاق، فأنا لا أتفاءل ولا أتشاءم، ولكن ربما أكون (متشائل) كما قال الأديب الفلسطيني أمين حبيبي.
* بعد الانتصار في أبين، يبقى على القيادة السياسية معركة الكهرباء في إعادتها وحمايتها، برأيك من يقف وراء تكرار تخريب وقطع الكهرباء؟ ولماذا أبناء مأرب الأصالة والتاريخ يسكتون عن هؤلاء المخربين البلاطجة؟
* المواطن لم يلمس تحسناً في حياته بعد اندلاع الثورة وتشكيل حكومة وفاق وانتخاب رئيس جديد، وكلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها، ما تعليقك على ذلك؟
- أولاً الركام الذي خلفه النظام السابق ركام كبير، ثم أنه مادام حاضراً بأتباعه وما تزال المؤامرات قائمة ومنها ما نشاهده اليوم ونحن نجري هذا اللقاء والكهرباء مطفأة.. أعتقد أن الذين يقومون بالتقطع للكهرباء هو بإيعاز من الماضي الذي لا يزال حاضراً.
أيضاً لم نلحظ انفراجاً في القضايا الاجتماعية.. صحيح أننا نعيش مناخاً ديمقراطياً أفضل. وأن ما حصل في أبين يعتبر تحدياً يحسب للنظام الحالي للرئيس عبدربه منصور هادي وللمقاتلين العسكريين والمدنيين؛ لأنهم قضوا على هؤلاء الذين تُرك لهم الحبل على الغارب لكي يستولوا على أبين بمؤامرة من رموز العهد الماضي، ونحن نعرف ما هي الأسباب، وبالتالي فالانتصار على هؤلاء هو منجز حققه هذا العهد.
إنما ما تزال هناك أصوات تجأر بالشكوى، سواء من رئيس الحمهورية أو من رئيس الحكومة، فهما المسؤولان بدرجة أساسية أمام الانفلات الأمني إلى حد لم نعهده ولم نتوقعه أن يكون بهذا الشكل سواء في العاصمة صنعاء أو في العاصمة الثانية عدن. فأنا أتنقل بين المدينتين وأشاهد انفلاتاً أمنياً والمسلحون يسيرون في المدينة وأمام رجال الأمن، تماماً مثل فوضى المرور وارتكاب المخالفات أمام رجال المرور كالسيارات بدون أرقام أو أطفال يقودون السيارات. فالبلد فوضى الآن.. إذا استمرت هذه السلبيات والفساد الذي لا يزال دون محاسبة ولا يزال هناك رموز للفساد فإن البلد ستغدو أسوأ، و"كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا" كما قال المثل.
أنا أرى أن وزير الداخلية لا يصلح أن يكون وزيراً للداخلية، أثبت بأنه رجل ضعيف شخصية تماماً.. هو محسوب على الإصلاح فليأتوا بأحدٍ غيره؛ لأن هذا الوزير الحالي يمكن أن يكون في دولة اسكندنافية يرتدي البدلة وربط العنق وكأن الأمور طبيعية! نحن نريد وزير داخلية يكون حازماً وقوي الشخصية ويبعد كل السلبيات القائمة ويزيل الخوف والمظاهر المسلحة، أو فليتركها لغيره.
أيضاً الكهرباء الذي تعتبر الآن أهم شيء.. وإذا كان أحد الفلاسفة من الاشتراكيين القدامى قال بأن الكهرباء هي أساس الاشتراكية، ونحن نقول الآن: الكهرباء أساس الحياة. نحن لم نشهد مثل هذه الانقطاعات التي تحدث الآن. أيضاً وزير الكهرباء ليس بالضرورة أن يكون تكنوقراط. أنا أقترح أن يكون وزير الكهرباء الشيخ مجاهد القهالي؛ لأنه شيخ، يروح يهنجم ويشورب على القبائل.. وليعيدوا صالح سميع إلى وزارة المغتربين. أما أن نجلس نحن والقبائل ب(المداراة) و (عند الله وعندك) و (وجهي ووجهك) فهذا لا ينفع.
* البعض يرى أن القبائل ليسوا وحدهم من يقومون بالتقطع للكهرباء، بل هناك تجار مولدات كهربائية قد يكون لهم يد في دعم هذه الاعتداءات على شبكة الكهرباء، فما تعليقك على ذلك؟
- إذاً أين الدولة؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرح الآن: أين هي الدولة؟؟!! إذا كان لنا ما يقارب ستة أشهر ولم نلاحظ أي بصمة للدولة!! عندما تغيب الدولة ويترك الحبل على الغارب فالكل سيتآمر، ونحن نسير إلى الهاوية!!
وأنا أقول للرئيس عبدربه كما قال الشاعر: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ** فإن فساد الرأي أن تترددا
فإذا كان سيتردد وسيسمع لبعض الحاشية التي كانت من الماضي لن يتقدم خطوة إلى الأمام، رغم أنه الآن حظي بكل هذا الدعم ويبدو أنه أول رئيس انتخب بهذا الشكل –وأنا ممن انتخبوه- ولهذا قد يخسر تلك الشعبية التي اكتسبها إذا لم يقم بواجبه تجاه من انتخبوه.
* ما تقييمك لعملية التحضير للحوار الوطني؟
- كيف يكون هناك حوار في ظل السلاح المنتشر والمخيف والمرعب وفي ظل الإنطفاءات الكهربائية، في ظل غلاء المعيشة والفقر المتفاقم والمرض الذي يزداد كل يوم.. فأي حوار هذا؟! أنا مع الحوار.. نعم؛ لأن الحوار أفضل من الحرب أو الخصام، ولكن قبل الحوار يجب أن يتم معالجة كثير من الأمور. وإذا صدقت النوايا فسوف ينجح الحوار، أما إذا كانت المسألة مجرد تكتيكات ومكايدات فسوف يفشل الحوار كما فشلت الحوارات السابقة سواء التي كانت قبل الوحدة أو بعدها.
الحوار بحاجة إلى وجود أرضية مشتركة.. إلى أمان واستقرار.. إلى خدمات معيشية..
وأنا أقول أن الحوار مع الشباب الثائر واجب وطني ملحّ.
* برأيك ما المانع أمام الدولة والحكومة أن تقوم بواجبها، أم أن المؤامرات العالمية لا تزال موجودة؟
- أذكر عندما كنت في الجنوب -سابقاً- كلما كان هناك مشكلة اقتصادية في الأسماك أو الخضروات يقولون: هذه مؤامرة إمبريالية عالمية!! فأنا لا أؤمن بعقدة المؤامرات. صحيح هناك أعداء ولكن أين أجهزتك كدولة؟ الرئيس أمامه تحديات كثيرة وأهمها التحديات الأمنية ثم هيكلة الجيش.. لماذا لا يقوم بذلك؟ ما الذي ينتظره الرئيس؟ لماذا لا يغير قيادة الحرس الجمهوري والأمن القومي والسياسي؟ يعني ذهب محمد الخميس من الأمن الوطني ثم جاء بعده غالب القمش ولا يزال حتى الآن! وأكثر من يدخلون هذه السجون –وأنا منهم- هم المثقفون.. وفي السابق كان الوطنيون هم الذين كانوا يدخلون سجون الأمن الوطني، وكان الملكيون هم الذين ينعمون بالحرية أو ربما يقومون بالتعذيب،
لا بد من حسن نية وصدق الإرادة، ولا بد من الحسم. ثم أن الزمن يمضي، والآن ربع الفترة الانتقالية قد مضى.. وأنا أقول لرئيس الوزراء أن شعبيته تتراجع ما لم تعملوا شيئاً للأمن. إن الله قد قال (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) فلا هم أطعموا الناس وقاموا بتخفيض الأسعار، ولا هم حققوا الأمن للناس!! ليس بالخطابات يا حكومة يعيش الناس وليس بالدموع أيضاً.
* برأيك من الذي يحكم اليمن؛ لأن هناك من يقول بأن رئيسي الدولة والحكومة ليسا الحاكمين الحقيقيين؟ وهل ترى أن اليمن دخلت مرحلة الوصاية الدولية بتعيين جمال بن عمر مدير مكتب الأمم المتحدة بصنعاء؟
- هناك من يقول الذي يحكم هو السفير الأمريكي، وهناك من يقول المشائخ.. وإذا ما صح ذلك فتلك مصيبة. لكني لست متأكداً من ذلك وإن كان المشهد لا يخلو من مؤشرات في ذلك؛ فالسفير الأمريكي كثير التحرك، وأخشى أن يتحول إلى (برايمر اليمن).
فنحن اليمنيين كعادتنا نعوّل كثيراً على الخارج، منذ سيف بن ذي يزن الذي ذهب يستعين بالفرس وجابوا له المسجونين والمجرمين والقتلة، وكان منهم ما كان، وفي ثورة 62 استعنا بالجيش المصري، ولولاهم ما كان هناك ثورة ربما.. وفي الأخير نتفاخر بأن الحكمة يمانية!! هذه كانت خاصة بأصحاب تهامة أصحاب أبي موسى الأشعري. أين كانت الحكمة ونحن نتقاتل على مدى الفترات الماضية؟
على العموم فليأتي من يأتي، وليتحرك السفير الأمريكي وليتحرك الشيخ الفلاني.. المهم أن يخرجونا من هذا النفق المظلم وأن نذهب باتجاه بناء الدولة المدنية. نحن كما حال الثورة المصرية، منذ 1962م ونحن في حكم عسكري.. اللهم جاء القاضي الإرياني في فترة قصيرة وكان رئيس مجلس جمهوري وليس رئيس جمهورية؛ ولكن حتى في عهد القاضي الإرياني كان العسكر هم الذين يحكمون، وكان هو يحكم ب(الأراينة) العسكريين –نسبة إلى منطقة إريان- فكان محمد الإرياني هو القائد العام وكان نائبه إبراهيم الحمدي.
* إلى أين تتجه اليمن برأيك؟ وما هو الحل بنظرك؟
- نحن على مفترق طريقين: إما إلى محطة السلامة، وإما إلى الهلاك والتشظي.. ولهذا نتمنى للحوار الوطني النجاح وأن ينقذ الوطن من مآسيه، والوصول إلى حلول وسط ترضي كافة الأطراف. وأعتقد أن الفيدرالية هي أسلوب من أساليب الحضارة العصرية؛ فكل الدول المتقدمة في العالم الآن تقوم على الفيدرالية، ولو نظرنا كيف توحدت ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وكان هناك نظام شيوعي وهناك نظام رأسمالي، وتوحدوا وفق نظام الفيدرالية.. والرئيسة ميركل هي من ألمانيا الشرقية، بينما ألمانيا الغربية تصرف على ألمانيا الشرقية حتى الآن لترفع مستواها المعيشي والاقتصادي،
فالفيدرالية حل مقبول لمعالجة إشكالية المركزية. الوحدة اليمنية تحققت، والجنوبيون مندفعين وبنوايا طيبة، وكما يقول المثل "الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة" فالحكم المركزي مرفوض. ولا بد من معالجة آثار حرب 94م، ولنسمها: فيدرالية أو حكم واسع الصلاحيات، المهم بالحوار نصل إلى حل يتفق عليه الجميع.
* كيف تنظر إلى العلاقة بين الأحزاب السياسية وبين الشباب؟
- لا تهمني الأحزاب، أنا ما يحزنني هم الشباب الذين اعتصموا وضحوا بدمائهم وما زالوا مرابطين في الساحات وهناك من يحاول تجيير ما أنجزه الشباب الذي لولاهم لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولا كان النظام السابق انزاح. أنا مع التعددية والديمقراطية الحقيقية ولكن ليست الأحزاب الفاسدة والتي تقوم على القبلية والمذهبية. فلنرتقي إلى مستوى الحضارة والمدنية.
* هل ترى إمكانية أن يتكرر المشهد المصري في اليمن ويفوز الإسلاميون؟
- أعتقد هناك فرق شاسع بين إسلاميي مصر وإسلاميي اليمن. لننظر إلى ما تم في مصر.. الإخوان المسلمون، التي أنشئت جماعتهم عام 1928م، وكانوا مضطهدين إما في السجون أو مطاردين، وهاهم اليوم يربحون الجولة.. كان أولا في الانتخابات البرلمانية ثم تآمروا عليهم، والآن في الرئاسة، وحاولوا أن يضعوا في طريق مرشحهم العراقيل فالتفت حوله كل القوى بما فيها القوى التي لا تتفق مع فكر الإخوان المسلمين، وذلك مقابل إسقاط شفيق لأنه استمرار لنظام مبارك، وقال أن مبارك مثله الأعلى. فلنجرّب الإخوان المسلمين، وأنا أرى أن لا مبرر للمخاوف من حكم الإخوان المسلمين؛ لأن هؤلاء تكنوقراط.. هؤلاء دكاترة هؤلاء مثقفين وليسوا مثلنا مشائخ وقبائل أو علماء يطالبون بزواج الصغيرات، كل تفكيرهم من تحت السرّة! بينما هؤلاء إخوان مصر علماء حقيقيون؛ فهذا مرسي حاصل على الدكتوراة في الهندسة وكان أستاذاً في أمريكا، يعني في منتهى المدنية والرقي. صحيح هم متدينون، ولكنه لن يحكم بمفرده ولن يهمش الآخرين.. وإذا ما فعل ذلك فسوف يزيحوه. وأنا أعتقد أنهم سيقدمون نموذجاً أفضل مما حصل في ليبيا وتونس وفي غيرها من البلدان التي يسيطر عليها الإخوان.
وعلى الإصلاح أن يستفيد من درس الإخوان المسلمين في مصر، فاعتبروا يا أولي الألباب. إن الإخوان في مصر لهم فترة طويلة من النضال والمعاناة لكنهم لم يحملوا السلاح ولم يهددوا أحداً ولم يكفروا؛ فمرسي خرج من السجن إلى الرئاسة ومبارك خرج من القصر الجمهوري إلى السجن! فالإخوان المسلمون في مصر معروفون بالعلم والثقافة بعكس الإصلاح عندنا والذي قد يكون فيهم 80% أميين، سواء بتأثير قبلي أو ديني! أنا مع الإصلاح أن يكون حزباً إخوانياً وسياسياً وأن يحذو مثل الآخرين، وأن يكونوا في طريق الديمقراطية والتعددية، وأن لا نعود إلى عهد الإمام الذي كفّر ثوار 48 وقال هؤلاء يريدون أن يختصروا القرآن وأنهم (مدسترين) يعني يقلّدوا الكفار، والجمهورية هي (مرة) -أي امرأة!
* كما قال رئيس الجمهورية نحن بصدد الاحتفال بعد شهرين بمرور (50) سنة من عمر الثورة، ما الذي يمكن أن تقوله بهذه المناسبة؟
- أي ثورة هذه؟! (50) سنة ولا يزال كلا من الجهل والفقر والمرض في تزايد مستمر!! ورغم أنني كنت ممن كتب عن هذه الثورة شعرا ونثراً وتغنينا بها، والآن خمسين سنة ثورة دون أن تحقق أياً من أهدافها.. (33) سنة منها ذهبت سدى (ضيّعنا، الله يُضيّع عمره). الآن المستشفيات الخاصة تقصم ظهر المواطن، بينما كان في السابق لا توجد مستشفيات خاصة سواء في صنعاء أو في عدن، كان هناك (الثورة) يعني مستشفى الثورة، و (الجمهورية) يعني مستشفى الجمهورية، إلى جانب مستشفيات قامت بتوفيرها دول شقيقة مثل مستشفى الكويت. كان المواطن يجد حاجته من التطبيب والعلاج في هذه المستشفيات. الآن المريض الفقير يموت، فهل هذه ثورة؟! الأمية تزداد والظلم يزداد والمساواة غير موجودة والقضاء ما يزال فاسداً، فهل هذه ثورة؟! أنا أقول أنه من العار أن نحتفل بخمسين سنة ثورة.
تصوّر هذا (يوبيل ذهبي) في عمر البلدان والشعوب الأخرى تكون قد صعدت إلى الفضاء.. نحن لم نبارح واقعنا!! وكما قال نزار قباني: " لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية"
الرئيس الحمدي
* هل بالإمكان تحدثنا عن بداية علاقتك بالرئيس إبراهيم الحمدي؟
- أنا جئت من عدن إلى صنعاء ضمن وفد لاتحاد الأدباء برئاسة الشاعر المرحوم محمد سعيد جرادة وعضوية الشاعر والكاتب المرحوم فضل النقيب وأنا. طبعاً أنا وفضل النقيب بقينا هنا في صنعاء ولم نرجع إلى عدن وعاد جرادة وحده إلى عدن، وحينها انتشرت نكتة هناك تقول: "الرجعي رجع والتقدميين تقدموا". ثم ذهبت أنا وفضل إلى العراق وعدت بعد حركة إبراهيم الحمدي بأشهر، وكان عرض عليّ البقاء في العراق لكني رفضت ذلك. فغادرت العراق وكان عندي تردد في العودة إلى صنعاء، ومرّيت على القاهرة وهناك التقيت بمحمد علي هيثم.. كان رئيس وزراء سابق، وهو من شجعني على العودة إلى صنعاء وقال لي إن إبراهيم الحمدي شخصية وطنية وأنه يعرفه شخصياً وكان متفائلاً بحكمه ونظامه. وفعلاً عدت إلى صنعاء وتم تعييني رئيس تحرير مجلة (اليمن الجديد) الثقافية من قبل وزير الإعلام آنذاك أمين عام التصحيح الأستاذ أحمد دهمش وكان رجلاً وطنياً ووقف معي ضد محمد خميس الذي كان رافضاً لتعييني. ثم أراد الحمدي أن يكون هناك صحيفة أسبوعية بإسم حركة التصحيح فطلب من دهمش ترشيح عدد من الإعلاميين وكنت أنا منهم؛ فطرحت الأسماء على الرئيس في مقيل في بيت دهمش في شارع الجامعة القديمة، وكان هناك شخص اعترض على وجود اسمي ضمن المرشحين، فقال له الحمدي: ليش أو هو ما يتحاكاش صنعاني؟ وكان الحمدي قد سأل عني وعرف أنني كنت مدير تحرير مجلة الجندي وسكرتير تحرير صحيفة 14 أكتوبر. المهم تعينت رئيس تحرير صحيفة التصحيح الأسبوعية، وكنت ألتقي به دائماً ونتلقى منه التوجيه وأيضاً يستمع لآرائنا، وكتبت كثيراً عن موقف الحمدي مع المثقفين والشعراء وكيف التقى بالبردوني وبنا جميعاً. وبعداغتياله –رحمه الله- تم تعييني مدير تحرير الثورة ثم نائب رئيس تحرير الثورة، ثم مدير عام مؤسسة سبأ للصحافة والأنباء وكانت تتبعها صحيفة الثورة وأيضاً صحيفة الجمهورية.. ثم غيروني وأنا في كوبا أرأس وفداً إعلامياً، وكان ذلك في عهد علي عبدالله صالح، ثم انتقلت إلى التلفزيون واستهواني العمل فيه، وقدمت برامج ثقافية وسياسية متعددة ولفترة طويلة.
* لماذا برأيك الجرائم السياسية في بلادنا تظل لغزاً محيراً للجميع ابتداء بمقتل الحمدي ومروراً بالغشمي وأخيراً حادثة جامع النهدين؟
- مقتل الحمدي ليس لغزاً، معروف المؤامرة وأين قتل وفي بيت من ومن الذي استدعاه للغداء ومن هي الجهة التي كانت وراء القتل؟ كل هذا معروف. بالنسبة لمقتل الغشمي كان معروف أنه عبر الحقيبة سواء من سالمين أو غيره. إنما نحن في اليوم؛ وإذا كانت حادثة النهدين إلى الآن لها سنة، والرئيس بكله وبقوته ومن ومعه وكل هذا الطاقم الذي يعمل معه، ولا تزال هذه الحادثة لغزاً! هل وراءها دولة أجنبية؟ هل هو بفعل ال(c I A)؟ ولو كان معروفاً لكان شهروا به على الملأ.
أيضاً حادثة السبعين التي يقولون بأن القاعدة وراءها، ومن حقنا أن نشك في الأمر حتى نعرف الحقيقة.. كثير من القضايا والأحداث في بلادنا لم تظهر ولم تتبلور لأنه لا يوجد شفافية ومصداقية ومحاسبة.
الفن والغناء
*(000710754): من خلال تعاملك مع كثير من الفنانين الكبار من تفضل من الفنانين؟
- الفنان الذي أحب صوته وشخصه هو الفنان الراحل محمد سعد عبدالله، كان فناناً عظيماً وشاعراً من الدرجة الأولى وملحّناً بامتياز، ومغنياً بأكثر من امتياز. الفنان محمد سعد عبدالله كان يتميز عن كل الفنانين اليمنيين أنه إلى جانب موهبته الشعرية والغنائية واللحنية غنى كل الألوان اليمنية (الصنعانية والحضرمية واللحجية واليافعية والعدنية) ألّف ولحّن بكل هذه الألوان. تصور أنه يعمل لحن صنعاني وهو ليس من أبناء صنعاء لكن يغني صنعاني أفضل من فنانين من صنعاء.. فالأغنية الصنعانية التراثية أفضل من يغنيها هو محمد سعد عبدالله، وأتحدى من يقول غير ذلك إلا إذا كان متعصباً.
وعلى فكرة جدُّه من كوكبان. وعلى العموم هو ألّف ولحّن صنعاني مثل أغنية "غزال البيد أمير الغيد" وأيضاً حضرمي مثل "من بلي بالهوى يصبر على الحلو والجار" وغنّى "يوم الاحد في طريقي بالصدف قابلت واحد" (لحن يافعي). وللأسف هذا الرجل مات ولم يتم إنصافه، وكان عفيف اليد واللسان. زرته قبل موته بشهرين أنا وأحمد فتحي إلى منزله المتواضع في الشيخ عثمان وكان مريضاً، وكان يشعر بالحسرة أن الدولة لم تلتفت إليه بل كرمت من هو أقل مستوى منه؛ فقلت له: يكفي تكريم الشعب وحب الناس لك وفنك وتراثك، فقال هناك فنان يقول عليّ بأنني أتمارض ولست مريضاً من أجل الفلوس، الله يسامحه! وطبعاً هذا الفنان الذي اتهمه هو فنان كبير.. فمات محمد سعد، ولست أدري هل أدرك ذلك الفنان خطأ ما قاله في حق الفنان محمد سعد؟ أيضاً كم أنا حزين أن هناك مؤسسة متخصصة في الإنتاج الفني في تعز اشترت من الفنان محمد سعد وهو في حالة حاجة ماسة وجعلته يوقع على عقد بيع كافة حقوقه وأغانيه بمبلغ زهيد جداً. ومن المفارقات أن الدولة ووزارة الثقافة لم تلتفت إليه، ولكن بعدما مات عملوا شارع محمد سعد عبدالله! وهو الذي غنى للوحدة وأمام علي عبدالله صالح نفسه.
على العموم هناك فنانون كثيرون أصدقائي مثل أحمد قاسم وأحمد السنيدار وهو أول من غنى لي أغنية "مشتاق لك يا نجم فوق شمسان" والمرشدي وأبو بكر سالم والذي ندعو له بالشفاء لأنه مريض في ألمانيا، وهو جمع في كتاب كل من كتبوا فيه أشعار، وأول قصيدة في الكتاب لمحمود الحاج.. فالفنان أبو بكر سالم ظاهرة فنية لا تتكرر ولا تُقلّد.
* ما قولك في استمرار السطو على الأغاني اليمنية من قبل الفنانين الخليجيين؟
- هذا ناقشته في برنامج إكليل، وكنت أستعرض الأغنية اليمنية ثم أستعرض الفنانين الخليجيين الذين غنوها وادعوا أنها غير يمنية، ومع ذلك الجهات المعنية لم تحرك ساكناً كوزارة الثقافة والملحقيات الإعلامية المكدسة في سفاراتنا بالخليج.
وفي إحدى المرات غنى الفنان السعودي ( عبادي الجوهر) أغنية "كلمة ولو جبر خاطر والا سلام من بعيد" وقال إنها من كلمات الأمير فلان ولحنه هو، مع أنها من كلمات ولحن محمد سعد عبدالله، والذي اتصلت له إلى منزله على الهواء، فقال: هؤلاء يسرقونا وعادنا حيّ، أنا غنيتها وكان هذا الفنان السعودي وعاده في الهندول، يعني في المهد!!
* أنت وأيوب من تعز، لكن لم تشتركا بأي عمل غنائي، فهل هناك سبب ما حال دون ذلك؟
- ليست المسألة من تعز أو غيرها، والفنان أيوب صديق وطيب، لكن الفنان أيوب لم يطلب مني، وأنا لم أذهب إليه، وأنا لا أذهب لأي فنان أقول له :غنّي لي، لكن إذا طلب مني أي فنان فعلى العين والرأس.
ويكفي أيوب أن قدّم روائعه من أشعار الفضول، الذي شكّل معه ثنائية مميزة.
* كيف بدأت علاقتك بالموسيقار أحمد فتحي؟
- تعارفت أنا والفنان أحمد فتحي في السبعينات في مصر، وفي عام 80 غنّى لي أول أغنية في حياتي (أجيبيني)، وهو دائماً يتواصل معي. وبعدما انتقل للخليج وبدأ ينتج الأغاني فيكسب المال من ورائها فبالتالي الشاعر يحصل على حقوقه، ولأول مرة أحصل على حقوق عن طريق الفنان أحمد فتحي؛ لأنه يستلم من الشركة ويبعث لي بحقي كما يبعثوا للآخرين وهكذا.
* أين يكمن دور الفن في تفجير شرارة الثورة الشبابية السلمية؟ وما هي قوة وقعه وصداه في صدر الحاكم؟
* باستثناء شجاعة أحمد فتحي، أين عطاء الفن اليمني كرافد للثورة السلمية؟
- هناك شباب غنوا للثورة الشبابية، إنما الفنان أحمد فتحي ممكن هو الوحيد الذي تجرأ، وأنا كنت أنا وهو في الحديدة في فبراير 2011م فذهبنا إلى الساحة ورأينا المعتصمين والاعتداءات التي تعرضوا لها فحزّ في نفسي ذلك، فقلت له ما رأيك نعمل لهم أغنية، فقال لي: مستعد.. وأنا كتبت الكلمات في ليلتها، وفي الصباح لحّن وفي العصر راح للاستديو في الحديدة وسجلها على حسابه ووزعها على القنوات الفضائية. لكن الفنانين الآخرين الذين لم يقدموا للثورة فهذا شأنهم، وكان ينبغي على الجميع أن يحددوا موقفاً واضحاً، كما حدث مع الفنانين في مصر. وعلى فكرة ذهبت أنا وأحمد فتحي إلى ميدان التحرير في مصر وغنى أغنية (يا معتصم) هناك في الميدان.
* ما الثمن الذي دفعه محمود الحاج مقابل موقفه من ثورة الشباب؟
- دفعت بأنني هضمت في حقي.. دفعت بأنني مركون في التلفزيون.. وحتى الآن دفعت بأن وزير الإعلام رفع اقتراح إلى رئيس الجمهورية بأننا على أعتاب التقاعد، ودرجتي وكيل وزارة فاقترح لي درجة نائب وزير، وحتى الآن القرار لا يزال عند رئيس الجمهورية لم يتم التوقيع عليه، وأنا أقول له في كل الحالات (ألف شكر) سواء وقعت يا حبيبنا عبدربه أم لم توقّع.. إذا وقّعت فألف شكر، وإذا لم توقّع فمليون شكر.
فدفع الثمن نتيجة طبيعية؛ لأن من يخطب الحسناء لم يغله المهرُ، الإنسان موقف، وأنا مستعد أن أعمل أكثر، لا تنسى بأنني كتبت قصيدة على لسان الرئيس السابق وهو يودّع الناس، وفيها:
الرئيس يقول: شعبه ستموتون إن تركتُ الرئاسة
أو تعيشون في كهوف التعاسة
لن تروا بعدي القطارات تسعى
في جبال السعيدة المياسة
لن تروا كهرباء بطاقة شمس
تجعل الليل ناشراً أعراسه
*أستاذ محمود، لماذا توقف برنامجك الناجح جداً (إكليل)؟
- توقف لأن قيادات التلفزيون التي تعاقبت بعدما توقف البرنامج لم تهتم بالبرنامج الثقافي بقدر اهتمامها بالبرامج الأخرى، لأن أي برنامج يراد له أن يستمر لا بد أن يكون له ميزانية والميزانية تأتي عن طريق الرعاية، يعني أنا أروح أشحت أبحث عن شركة أو تاجر يرعى البرنامج!! فأنا لا أستطيع القيام بذلك، كنت زمان أقدّم بالبرنامج بجهودي وبإمكانيات بسيطة، وحتى عندما سافرت للخارج وأعمل (سهرة مع فنان) و (إطلالة على الأدب) وعملت حوارات مع كبار الأدباء والمثقفين في مصر وسوريا والأردن والمغرب وتونس، ودون أي مقابل لهم، لكن اليوم فليذهب أحد ويعمل مثلما عملت أنا دون مقابل؛ لأن الآن الفضائيات منتشرة وتدفع للفنانين مقابل بالدولار، بعكس ما كان عليه في السابق.
* هل وجد الأستاذ محمود الحاج من المخرجين الشباب من كانت له اهتمامات ثقافية وكانت له لمساته الإبداعية في قناة اليمن؟
- الذين كانوا يشتغلون معي كان لديهم ثقافة تلفزيونية وعملية، المخرج لا بد أن يكون ملمّاً بعمله الإخراجي والفني، أما الثقافة فهي اكتساب شخصي له.
* ماذا تحمل في دواخلك لمدينة عدن.. مدينة الإشعاع الثقافي اليمني والخليجي؟
- كل الحب وأنا الذي كتبت فيها قصيدة طويلة ومنها:
عدن التي سحرت عيون الساحر
وسبت مفاتنها فؤاد الشاعر
أفدي ثراها عاشقاً وبحارها
وحروفها منقوشة بنواظري
وأنا والدتي –الله يطوّل في عمرها- تسكن في عدن في الشيخ عثمان، وأتحسر عليها الآن مع شدة الحرّ وانطفاء الكهرباء، وكلما تتصل أتألم عليها، وأيضاً أتألم على الآخرين، لكن هذه أمي.
*هل يعود لأحمد فتحي الفضل في بروز اسمكم في الساحة الغنائية؟
- لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
* ما الذي يمكن أن تقوله بمناسبة ذكرى (13) يونيو؟
- رحم الله صانعها، لا يسعني إلا أن أترحم عليه وأحني رأسي إجلالاً لهذا الرجل الذي عرفته نزيهاً صادقاً وطنياً، لم تعرف اليمن مثله أبداً، بدليل أن إبراهيم الحمدي لم يكن دموياً، لم تشهد البلد أي قتل دموي في عهده، بينما أنا عاصرت الرؤساء شمالاً وجنوباً وجميعهم ليسوا كإبراهيم الحمدي؛ لأنه كان رجل لديه مشروع حضاري ومشروع ثقافي، وكان قدوة ابتدأ بنفسه في تخفيض الرتب العسكرية إلى رتبة مقدّم، ومات وهو فقير؛ لأنه لم يسرق كما سرق الآخرين ولم يبنِ القصور، بل مات مغدوراً به وبسبب الوحدة اليمنية التي كان ذاهباً إليها في اليوم التالي من استشهاده.
الظروف كانت مهيأة وله ولمن معه من القادة لإيجاد هيبة الدولة، كانت الأمور منفلتة قبلها، وبدأ الأمر بإصدار قرار لمنع حمل السلاح، وتم تنفيذ هذا القرار، وكنا نشاهد مثلاً في التحرير أكبر رأس يوقفوا سيارته. وبالنسبة للمشائخ كان يرى الحمدي أن المشائخ وبناء الدولة المدنية لا يجتمعان، فخرج المشائخ من العاصمة.
أما الرئيس السابق علي عبدالله صالح فيرى أن حمل السلاح زينة اليمني، كما قال ذلك في إحدى مقابلاته مع فضائية خارجية.. ولهذا انتشر السلاح حتى في المدن، بل في عدن التي كان فيها ممنوع حمل السلاح منذ الاستعمار الإنجليزي، وجاء الحزب الاشتراكي وحافظ على النظام والقانون بالإضافة إلى أن شعب الجنوب لديه قابلية لاحترام النظام والقوانين؛ فعندما يتم منع حمل السلاح ممنوع تحمل حتى (سكين) اليوم شباب يحملون السلاح في شوارع عدن أمام مرأى رجال الأمن.
* ما هو الانتماء السياسي للشاعر محمود الحاج؟
- أنا أنتمي إلى الوطن وإلى تاريخه ومستقبله.. وأنتمي إلى الدولة المدنية.. إلى العدالة والمساواة والنظام والقانون.. وليحسبها على أي تيار.
* ما هو جديد الاستاذ محمود الحاج؟
- آخر ما صدر لي الديوان الثالث (ابتهالات) وهو عبارة عن قصائد روحانية، والآن لي ديون لم أسمه بعد، وعندي كتاب يتضمن مقالات كتبتها في السياسة والفن، لكن من يطبع لك هذه الأيام، فمن الصعب أن تشحت وزارة الثقافة أو أي جهة أخرى.
رسائل خاصة
* ما الرسالة التي تريد إيصالها إلى كلٍ من: الرئيس هادي – حكومة الوفاق – شباب الثورة – اللقاء المشترك – المؤتمر – الحراك الجنوبي – الحوثيين؟
- إلى الرئيس هادي: أمامك طريقان: إما الخلود، وإما الجمود، وأقول له كما قلت في البداية:
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمة ** فإن فساد الرأي أن تترددَا. وأتمنى مخلصاً أن تجتاز مصاعب المرحلة والمضي لتأسيس دولة النظام والقانون.. دولة المؤسسات المفقودة مسنوداً بجهود الشرفاء.
- إلى حكومة الوفاق: الكثير من العمل، والقليل من الكلام.
- إلى شباب الثورة: أقدّر جهودكم، وأثني على ما قمتم به، وأترحم على شهدائكم، وأدعو لجرحاكم بالشفاء، وأتفاءل بما قدمتموه وما سيتم، وأتفاءل بغدٍ أفضل لكم إن شاء الله.
- إلى اللقاء المشترك: ليكن همكم مشترك، ليكن همنا معكم كمشترك تعكسون همّنا المشترك.
- إلى المؤتمر: لا جواب.
- إلى الحراك الجنوبي: العقل والحكمة يجب أن يكونا مناركما في الحوار، ليقرأوا الواقع قراءة جيدة.
- إلى الحوثيين: أليس من الأجدى أن تتخففوا من الغلوّ الشيعي، وتتجهون إلى المصالحة مع أهل السنة الشافعية السلفية.. زادكم الله هداية إلى الطريق القويم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.