فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    بينها مطار صنعاء .. اتفاقية لتفويج الحجاج اليمنيين عبر 5 مطارات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة ياسين التي رفض إعطاءها ل " التغيير" .. نقلا عن " نيوز يمن " !!!
نشر في التغيير يوم 19 - 02 - 2006

هذه هي الكلمة التي سحبت من الزميلين يحي السدمي ، مراسل " السياسة " الكويتية وعرفات مدابش. والذين سحبت منهما بالقوة بتعليمات منه حسبما
أتضح .. وحقيقة لا ندري أن كانت هي نفسها الكلمة التي ألقاها أم أنها المعدلة !!
الدكتور ياسين سعيد نعمان لدى افتتاح أعمال الدورة الثانية للجنة المركزية اليوم السبت
الأخوة أعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تنعقد الدورة الثانية للجنة المركزية بعد مرور ستة أشهر ونيف منذ انتهاء أعمال المؤتمر العام الخامس للحزب (مؤتمر الشهيد جار الله عمر) والذي مثل انعقاده حدثاً هاماً في مسيرة الحزب الكفاحية منذ حرب 1994م، وما تعرض له خلالها وبعدها من تخريب وضغوط وحصار ومصادرة للممتلكات ومطاردة لأعضائه ونهب لوظائفهم وممتلكاتهم.
وكان نجاح المؤتمر علامة بارزة وبرهان قاطع على حيوية هذا الحزب وتجذره في الحياة السياسية كحامل لمشروع وطني عظيم ناضل من أجله مايربو على خمسين سنه قدم خلالها قوافل الشهداء الذين رووا بدمائهم تجربة الوطن طولاً وعرضا، فحقق الاستقلال الوطني الناجز للجنوب ووحد إماراته ومشيخاته في دولة وطنية استطاعت في ظروف الحصار وغيرها من الظروف الصعبة أن تحقق الكثير من المنجزات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وبناء الإنسان. وكان في خط الدفاع الأول عن ثورة سبتمبر أثناء الحصار وفي كل معارك الدفاع عن الثورة. ولم تثنه الإخفاقات التي تعرض لها في مسيرته الكفاحية بسبب الظروف الموضوعية التي راكمتها مصاعب التحول الاجتماعي والسياسي عن التمسك بخياره الوطني المتمثل في إقامة يمن ديمقراطي موحد باعتباره أحد دعائم شرعيته السياسية التي مكنته من الثبات والتصدي لكل التحديات التي واجهته في كل مراحل كفاحه التاريخية التي كان يخرج منها أكثر تصميماً وعزما على أن يكون حزب اليمن الذي نذر نفسه للعمل من أجل تطوره وازدهاره.
لقد شهد الجميع على نجاح المؤتمر العام وهذا مايثلج صدورنا نحن الاشتراكين لأن قوة الدفاع الحقيقية لهذا النجاح قد جاءت من قواعد الحزب التي تحملت وحدها مسؤولية الإصرار على تحقيق مثل هذا النجاح وهو ما يشير إلى أن المؤتمر لم يكن مجرد استعراض للزينة بقدر ما كان تجسيدا لحاجة موضوعية عبر عنها مناضلو الحزب وسط تحديات ضخمة ماكانالمؤتمر العام الخامس للحزب عزز وضع الحزب في الحياة السياسية على الرغم من استمرار حالة الحصار والعمل بصورة دائمة ومثابرة على تصدير الأزمات إلى داخله بتوظيف كل الصعوبات الموضوعية والذاتية التي خلفتها حرب 94
لحزب إلا بصلابة حزبنا وقوته أن يجتازها بمثل ذلك النجاح، لقد كان بمثابة رد عملي لمحاولات تصفية هذا الحزب، كما كان رد قوياً لحملات الانتقاص من تأريخ كفاحه، الأمر الذي أعاده إلى مكانه كرقم صعب في الحياة السياسية ولا أقول ذلك مجازفاَ بموضوعية الحديث عن الحقيقة، ولكن كثيراً من البراهين تؤكد ذلك.
فمنذ الفترة ما بعد المؤتمر ووضع حزبنا يتعزز في الحياة السياسية على الرغم من استمرار حالة الحصار والعمل بصورة دائمة ومثابرة على تصدير الأزمات إلى داخله بتوظيف كل الصعوبات الموضوعية والذاتية التي خلفتها الحرب.
إن زخم المؤتمر العام والخامس وما تمخض عنه من نتائج هزم كل المراهنات التي كانت تبشر بأيام مأساوية للحزب، حيث حمل مناضلوه وكل أنصاره من أبناء شعبنا اليمني على عاتقهم مسؤولية مواصلة مسيرته الكفاحية ومعها ميراث نضاله الوطني وتجشموا مكابدة قسوة الظروف المحيطة بهذه المسؤولية والمتمثلة في الوضع الذاتي لهؤلاء الأعضاء والأنصار والواقع الموضوعي الموسوم بالظلم والفساد وكل ما أنتجته الحرب من آثار مأساوية على صعيد الوطن اليمني وفي الجزء الجنوبي منه على وجه الخصوص الذي استهدفته الحرب وتركته مثقلاً بتبعات آثارها ومثخناً بجراح عميقة تتسع كل يوم وتزداد عمقاً.السلطة ترفض الاعتراف بطبيعة المشكلة في جزء من الوطن وتتعامل معها باستعلاء وتلويح بالقوة، وتعمل بقصد على تعفن هذه الجراح
فالسلطة التي ترفض الاعتراف بطبيعة المشكلة في هذا الجزء من الوطن وتتعامل معها باستعلاء وتلويح بالقوة التي لم تستطع أن تنتج مشروعها الوطني حتى اليوم، وتعمل بقصد على تعفن هذه الجراح، هي وحدها من يتحمل مسؤولية ما سيتمخض عن ذلك من نتائج على الأرض.. لم تجد هذه السلطة ما تقدمه من معالجات لآثار الحرب سوى اللعب على ورقة الصراعات القديمة والاستعانة برفات الموتى لتغطية إخفاقها في مواجهة الحقيقة في مشهد مأساوي ينم عن عمق الإفلاس الذي يكتنف مفاصلها مايجعلنا نفقد أي أمل ولو ضئيل في قدرتها على الاستجابة لتحديات إصلاح الأوضاع ووضع البلاد على طريق الخروج من مأزق الصراعات والتخلف وفخ الحروب ونرجسية القوة.
فهي لم تستطع أن تستوعب روح التسامح والتصالح التي عبر عنها أبناء الشعب اليمني في أكثر من مكان وهم يدفنون ماضي الصراعات خلف ظهورهم بأمل أن يحملهم العصر على عقرب الساعة السريع للحاق بالأمم، فراحت تفتش في ماضي الصراعات لتعيد فرز الجراح ومعها مسدسات الانتقام ذلك لأن غياب مشروعها الوطني لا يسعفها في التعامل مع هذه التحولات بتناغم مع حاجات اليمن كلها إلى التسامح ونبذ الصراعات والحروب، وفي اتساق مع هذه الروح نادي الجميع بوضع حد لحرب صعده والبحث بموضوعية في أسباب المشكلة والتصدي لكل ما من شأنه أن يعرض الوحدة الوطنية للخطر، فالحروب لا تسمح بالبحث الجاد في طبيعة المشكلات التي تواجه مجتمعنا بل تجعل منها سبباً في الانقسام الاجتماعي وهو بات يثير أكثر من سؤال حول أسباب اللجوء إلى القوة.
وبروح كفاحية عالية استطاع المؤتمر العام الخامس أن يستوعب حراك الواقع السياسي والاجتماعي، وأن يواصل صياغة نضال الحزب وفق آلية تسمح بربط موقفه من جملة موضوعات نضاله ونشاطه السياسي والاجتماعي بموقفة من قضية الوطن، بمجملها وذلك انسجاما مع طبيعته وهويته كحزب وطني معبر عن هموم وتطلعات الشعب اليمني ومستقبله، مثلما كان وكما يجب أن يبقى ويستمر، آخذاَ في الاعتبار ذلك الجزء من الوطن الذي كان يحكمه وقاده إلى الوحدة بإعطائه اهتماماً خاصاً في نضاله السياسي من منطلق مسؤوليته التاريخية والوطنية في الدفاع عن روح ومضمون الوحدة التي تمت يوم 22مايو 1990م من ناحية، والتصدي لأي محاولة لتوظيف معاناة هذا الجزء من الوطن لصالح أي مشاريع صغيرة تتناقض مع مشروعه الوطني التاريخي، ومن هذا المنطلق يحمل حزبنا السلطة الحاكمة مسؤولية إنتاج هذه المشاريع الصغيرة بسبب تخبط سياستها تجاه حقيقة لم تجد السلطة ما تقدمه من معالجات لآثار الحرب سوى اللعب على ورقة الصراعات القديمة والاستعانة برفات الموتى لتغطية إخفاقها في مواجهة الحقيقة في مشهد مأساوي ينم عن عمق الإفلاس الذي يكتنف مفاصلها
الصعوبات والمشكلات التي تتفاقم في صور شتى من الاحتقان وإضعاف الوحدة في وعي الناس كمشروع وطني عظيم ناضلوا من أجله ويتمسكون به باعتباره منجزهم الذي ضحوا من أجله سنين طويلة.
إننا أمام وضع يزخر بالتناقضات التي يصعب إدراكها إلا بمعرفة ماتركته الحرب من آثار ومن مشكلات أضحت مع الوقت، الذي يبدد دون معالجة لها، تنتج معضلات ثقافية حقيقة، وهذا ممكن الخطر، ففي الوقت الذي كانت فيه مشكلة الوحدة اليمنية قبل أن تتحقق مشكلة سياسية أكثر منها ثقافية، حيث لعبت الثقافة الدور الأهم والأبرز في مقاومة النزاعات السياسية التشطيرية وتقريب وجهات النظر لتحقيق الوحدة، باتت آثار الحرب تنتج ثقافات في الاتجاه المعاكس مستدلة على مفرداتها من واقع ما تقود إليه السياسات المتخبطة من إحباطات بين الناس، كل ذلك والسلطة لا تمتلك ما تواجه به هذه الحقيقة غير القوة المحمولة على الاسطوانة المشروحة إياها وهي الاتهام بالانفصالية.
لقد تحمل حزبنا على عاتقة مسؤولية الدعوة لإصلاح مسار الوحدة من منطلق ينم عن ارتباط عميق بمشروعه الوطني التاريخي ومسؤوليته الأخلاقية والمعنوية تجاه المضامين الوطنية لوحدة 22مايو، ولهذه الدعوة في نضال الحزب جذورها الثقافية التي لايمكن أن تكون إلا جزءاً من تأريخ كفاحه الوطني، والتمسك بها يعني مقاومة الثقافات التي أنتجتها الحرب والتي تشكل الخطر الحقيقي على وحدة الوطن، وعلى هذا الأساس قدم المؤتمر الخامس في برنامجه السياسي هذه المسألة ضمن رؤيا وطنية معالجاً بذلك الخلل الذي كاد أن يكرس انقساماً في الحزب حول قضية ليست مثار خلاف إلا بما تفيض به من تفاصيل، حيث يصبح الخلاف بشأن ذلك حجة على كل من يلوح بها في وجه الحزب بدلاً من التوجه إلى المكان الحقيقي لنضال الحزب برمته.
إن كل تجاربنا تقول إن هذا الحزب لم يخسر قضاياه العادلة إلا حينما كان يسمح بتحويلها إلى عصى غليظة يجلد بها ذاته ويوظفها في إنتاج صراعات داخلية معبرة عن الفشل في بلورة موقف وطني إزاءها يمكنه من خوض نضال حقيقي وسط الجماهير.
وفي كل مرة كان يلوذ فيها بذاته يفتش داخله عن حل لصعوبات الواقع الموضوعي الذي يناضل فيه، كان يضحي بجزء منه ظنا، وعلى نحو خاطئ أن الصعوبات تكمن في ذلك الجزء الذي يضحي به، ليكشف بعد ذلك أنه إنما فقد جزءاً من قوته، ولم يكن يجسد بهذا، في واقع الأمر، سوى حالة من الاشتباك التي تسود فيه، فالتعقيدات الشديدة للواقع الموضوعي تنعكس بثقلها على مناضليه، وبدلا من أن تكسبهم صلابة التصدي لهذا الواقع فإنها تدفعهم إلى البحث عن خصوم داخل الحزب، ومن السهل في مثل هذه الظروف أن يتحول الخلاف حول أي قضية من القضايا إلى مبرر لصراعات تفضي في نهاية المطاف إلى إضعافه وإخراجه من توظيف معاناة هذا الجزء من الوطن لصالح أي مشاريع صغيرة تتناقض مع مشروع الاشتراكي الوطني التاريخي
دائرة الفعل السياسي الوطني والحاقة بطابور المهزومين والمأزومين ممن توقفوا عند محطات معينة بانتظار أن ينصفهم التاريخ فإذا بالتاريخ ينقلب عليهم ليريهم سوءاتهم، فلا هو أنصفهم ولا هم استطاعوا أن يحيلوا بينه وبين تصفيه حسابه معهم. لأن التأريخ لا ينصف الكسالى المنتظرين على قارعة الطريق ممن ينتظرون أي حافلة تقلهم إلى المجهول، هؤلاء يقذف بهم في محطات مختلفة بعد أن يتملكهم الغضب والحنق من سوء الحال ويفقدون القدرة على استعادة الرشد في تقرير اتجاه الطريق الصائب فتكون النتيجة هي المغامرة التي تستنزف الطاقات في أعمال لا تنتج ولا تراكم أي موقف جاد من الظلم المولد لذلك الغضب، لأن الهدف هنا ليس مقاومة الظلم وإنما استثارته بتقديم مبررات القمع.
فالمغامرة فعل يتلفع شكلياً بالجسارة لكنه منخور في داخله خاوي، لا يعبر عن نفسه إلا بالزعيق الذي ينتهي بالثرثرة والتهريج ولارتماء في أحضان النقيض مستسلماً لا يحور جواباً عن لماذا غامر ولماذا استسلم.
بعد كل التجارب التي مر بها حزبنا، وكنتم أنتم في صدارتها كمناضلين، أما آن لنا أن نسأل أنفسنا لماذا نصر على التمسك بكل ما أثقل الحزب ويثقله من أخطاء، مع العلم أن هذا الحزب الذي حملنا فوق تاريخه لنبدو أطول قامة مما نحن عليها يستحق منا أن نحمله في هذا الظرف الصعب ونفاخر بتاريخه لا أن نتخلى عن هذا التاريخ على شكل إدانات كالتي يهرج بها البعض في الوقت الراهن، إن هذه ليست دعوة للسكوت عن الأخطاء ولكنها دعوة لتدارك الموقف قبل أن يتحول واقع الحال بما يأتلف من غضب وإحباط إلى ذبابة مليئة بالحبر تلطخ كل محطة من محطات تاريخ هذا الحزب.
إن من يتصور أنه قادر على تعسف هذا التاريخ بتوظيف واقع الحال الكئيب وما يفرزه من أوضاع مأساوية على الصعيد الشخصي للناس إنما يقع في فخ أوهام وشطط أولئك الذين توقفوا عند محطات بعينها ليفيقوا فقط على صوت النداء الذي يطالبهم بالانتقام وكأن الحياة قد ادخرتهم لهذه المهمة.
هناك كثير من الظواهر في حزبنا التي تسهل هذه المهمة وتضع الحزب في موقف المدافع الذي لا يمتلك الإجابات القوية عن الأسئلة التي تثار حول تاريخه أو هويته أو مستقبله. السلطة الحاكمة تتحمل مسؤولية إنتاج الصعوبات التي تتفاقم في صور شتى تضعف الوحدة في وعي الناس كمشروع وطني عظيم
هل ندرك أن التعريض بتاريخ حزبنا على النحو الذي يجري الآن وعلى وجه الخصوص ما يمارس داخل الحزب كرد فعل للوضع المأساوي لأعضائه هو الذي ينتج الشرط الموضوعي لتحويل المأساة إلى ملهاة بعد أن يكون هذا التوجه قد أسقط من حسابه قيمة التاريخ الكفاحي للحزب في التصدي للمأساة وبواعثها وعوامل إنتاجها.
إن الخفة التي يتعامل بها مع قضية شائكة كتلك لن تكون مفهومة عندما يتعلق الأمر بأعضاء الحزب إلا بأنها قبول بسقوط مدوي لا يقف بنا عند حدود هذه القاعة كما حدث بعد حرب 94م الظالمة.
ذلك أن القاعدة التي تلقفت الحزب يومذاك ومنعته من أن يهوي إلى ما هو أبعد من ذلك لم تكن غير مشروعه الوطني عبر تاريخه الكفاحي. أما وقد استمر البعض إعادة إنتاج التاريخ على النحو الذي يجري فيه فك ارتباط الحزب بمشروعه الذي عرف له وخاض تحت رايته صراعات ونضالات جسيمة وقدم من أجله الشهداء والتضحيات فلا أدري على أي قاعدة سنسند مسارنا ونحن نواجه كل هذه التحديات بما في ذلك تحدي تصفية الحزب وهزيمته سياسياً.
إن اقتلاع الحزب من جذره الوطني التاريخي هي المقدمة التي يعمل الكثيرون على بنائها بأحجار مختلفة والتي وإن بدت متباينة الألوان والأشكال إلا أنها موضوعياً تنجز مهمة واحدة، ولأن هذا الحزب لا يمكن أن يبقى حزباً خارج جذره الوطني فقد قاوم هذه العملية بصلابة وسيتجاوز بكل تأكيد كل المراهنات التي يبشر بها أولئك الذين يرهقهم واقع أن الحزب الاشتراكي يستعيد مكانته في الحياة السياسية فيجندون أقلامهم ومعها أحلامهم المحتجزة في خنادق الانتقام التي عفا عليها الزمن للإشاعات والترويج للأباطيل التي تغذيها الصعوبات والممارسات غير المسئولة التي تتم من داخل الحزب.الحزب لم يخسر قضاياه العادلة إلا حينما كان يسمح بتحويلها إلى عصى غليظة يجلد بها ذاته ويوظفها في إنتاج صراعات داخلية معبرة عن الفشل في بلورة موقف وطني
نعم أيها الأخوة لا أخفي عليكم بل وأصدقكم القول أن هناك صعوبات حقيقية تهدد مقاومة الحزب تلك وهي التي تنشأ من داخله لا من خارجه، فمن خارجه تزيده الصعوبات صلابة، أما تلك التي من داخله فقد ظلت مصدر ضعفه الدائم منذ أن شغل بإنتاج وإعادة إنتاج الصراعات والأزمات داخله على النحو الذي شهده خلال السنوات الماضية.
لقد تمثل هذا فيما شهدناه خلال الفترة ما بعد المؤتمر بتجميد بعض منظمات الحزب في المحافظات والتي يعول عليها في تحريك نشاط الحزب، لقرارات الهيئات بل ورفضها والعمل خارجها في عمل تعبوي انقسامي ينم عن ضعف خطير في البنى الحزبية الداخلية والاحتماء بحائط الاختلافات التي زرعت داخل الحزب لغرض تبرير مثل هذا الوضع التفكيكي لبنى الحزب التنظيمية.
إن هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر قد أضعفت التواجد السياسي للحزب بين الجماهير، وصار يتحول يوماً عن يوم إلى نخب معزولة تحاور نفسها وتعيد نتاج الخلافات فيما بينها، ولأن الحوار لا يفضي إلى شيء فإنه يغدو بعفونة ماء النافورة الآسن الذي لم يستبدل لسنوات.
لقد حاولنا الفترة الماضية أن نعيد بناء جسور حزبنا مع الحياة السياسية ومغادرة العزلة التي فرضت علينا وقبلنا بها واستمرأناها بانتظار أن تأتينا الدعوة للعودة إلى الحياة السياسي من مكان ما، لكنني أقول لكم بإخلاص إننا اصطدمنا بعقلية الانتظار تلك والتي غدت تضخ الوهم إلى داخل الحزب بأن شيئاً ما سيتحرك من خارج نضال الحزب ليعيد تسوية الأمور على قاعدة أخرى غير قاعدة النضال السياسي وسط الجماهير ومع القوى السياسية الأخرى، وبهذا الصدد وقعنا وثيقة الإصلاح السياسي والوطني مع أحزاب اللقاء المشترك كبرنامج مشترك يمثل قواسم مشتركة لنضال هذه الأحزاب من أجل إصلاح النظام السياسي وحماية المشروع الديمقراطي ولم تكن هذه الوثيقة بديلاً لبرامج هذه الأحزاب الموقعة عليها، بل هي دعوة لنضالالمغامرة فعل يتلفع شكلياً بالجسارة لكنه منخور في داخله خاوي، لا يعبر عن نفسه إلا بالزعيق الذي ينتهي بالثرثرة والتهريج ولارتماء في أحضان النقيض مستسلماً لا يحور جواباً عن لماذا غامر ولماذا استسلم
مشترك يعيد التوازن للحياة السياسية.
ذلك التوازن الذي لا غنى عنه لتسوية الملعب أمام فرقاء الحياة السياسية، وترافق مع هذه الوثيقة التوقيع على اللائحة المنظمة لعمل اللقاء المشترك كتكتل سياسي معارض يناضل من أجل انتصار الديمقراطية وحماية المشروع الوطني وتحقيق التقدم لليمن.
وبذلك فقد مثلت هذه الخطوة قوة دفع للحياة السياسية لا يستهان بها، أما بالنسبة لحزبنا فقد أخرجته من حالة العزلة إلى ساحة أوسع للعمل السياسي والوطني، الساحة التي يستطيع أن يعرض فيها برنامجه طولاً وعرضاً دون تردد أو وجل، ودون نكوص عن خط مساره التاريخي الكفاحي الوطني وكانت بذلك أهم إنجاز يساهم الحزب في الوصول إليه مع بقية أحزاب اللقاء المشترك خلال المرحلة الماضية.
لقد برهن اللقاء المشترك من خلال نشاطه السياسي في الفترة المنصرمة على أن صيغة متقدمة في الحياة السياسية اليمنية استلزمتها ضرورات الانتقال بالعمل السياسي الوطني إلى مراحل متطورة يتمكن فيها من توفير الشروط الضرورية للنضال السلمي الديمقراطي المفضي إلى التداول السلمي للسلطة وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية في تقرير الطابع الديمقراطي لنظام الحكم وصولاً إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والقضاء على التخلف والظلم وتكريس العدالة الاجتماعية وإعادة بناء الإنسان اليمني من منظور إنساني وثقافي وعلمي يتناسق موضوعياً مع حاجة الوطن إلى مواكبة العصر والاندماج في عملية البناء المتسارعة التي يشهدها العالم والمنطقة من حوالينا.
لقد كنا ولا زلنا ندرك أن مثل هذا الانتقال لا يمكن أن يتحقق في الواقع العملي إلا عبر ميزان سياسي ينهي حالة الخلل القائمة في الحياة السياسية وما رافقها من اختلالات اجتماعية، هذا الخلل الذي قادت إليه السياسات الخاطئة التي التزمت إضعاف أطراف العمل السياسي الأخرى، مقابل تكريس كل طاقات وإمكانات الدولة المادية والبشرية في اتجاه واحد لصالح الحزب الحاكم.
إن السير في هذا الطريق هو بمثابة تجسيد فعلي لحرب 1994م إن اقتلاع الحزب من جذره الوطني التاريخي هي المقدمة التي يعمل الكثيرون على بنائها بأحجار مختلفة والتي وإن بدت متباينة الألوان والأشكال إلا أنها موضوعياً تنجز مهمة واحدة
ونتائجها المأساوية، حيث أنتجت هذه الحرب وضعاً سياسياً واجتماعياً مختلاً راحت آلياته تعيد إنتاج المصالح على نحو مشوه مما قاد بالضرورة إلى إنتاج أدوات القمع الموازية في صورها المادية والمعنوية لمواجهة الأنين المتولد من هذه السياسات وهو ما جعل حزبنا يطرح قضية تصفية آثار الحرب كمهمة رئيسية على طريق تصحيح هذه السياسات بروح وحدة 22مايو وإعادة تشكيل الوعي بقيمة الوحدة الوطنية في حياة الإنسان اليمني بعد أن شوهته الحرب.
وبتوقيع وثيقة الإصلاح السياسي توسعت القاعدة السياسية والاجتماعية لهذا المطلب في إطار رؤيا شاملة لإصلاح نظام الحكم، الحامل السياسي للوحدة، وعلى الحزب في ضوء ذلك أن يطلق فعالياته للنضال من أجل تحقيق برنامجه السياسي مستنداً على أرضية سياسية مختلفة عن تلك التي كادت أن تغرقه فيها عزلته السياسية وترهقه بنتائج السير عليها الدعوات الانعزالية المتولدة من رحم الإحباط والاستسلام للهزيمة وما تخلقه من مناخات لتبرير تراجع الحزب عن خياراته الوطنية.
لقد نادى حزبنا بالحوار وجسد ذلك عملياً بتشديد المؤتمر العام الخامس للحزب على التمسك بالحوار مع كل أطراف العملية السياسي، ومن هذا المنطلق دعونا إلى الحوار مع كل الأطراف، وكانت حواراتنا مع المؤتمر الشعبي العام على قاعدة إنهاءعقلية الانتظار تضخ الوهم إلى داخل الحزب بأن شيئاً ما سيتحرك من خارج نضال الحزب ليعيد تسوية الأمور
الخصومة وتصفية آثار حرب 94م، قد فتحت نافذة لحوارات أشمل في الحياة السياسية تمثلت في الحوارات التي تجري اليوم بين المشترك والمؤتمر لإصلاح آلية إدارة الانتخابات وتوفير الشروط السياسية والإدارية والفنية لإجراء انتخابات تنقل الحياة الديمقراطية خطوة إلى الأمام. وحوارات حزبنا مع المؤتمر وإن لم تنته إلى نتيجة تذكر حتى اليوم إلا أننا نرى أن على حزبنا أن يتمسك بالحوار فقد بادرت هيئات الحزب القيادية بوضع مشروع لآلية هذا الحوار تجدون مفرداته في التقرير السياسي المقدم إلى دورتكم هذه.
أيها الأخوة..
إن كل المعطيات السياسية الراهنة تؤكد أن رياح التغيير قداللقاء المشترك صيغة متقدمة استلزمتها ضرورات الانتقال بالعمل السياسي الوطني لتحقيق التداول السلمي للسلطة وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية
أخذت تهب على المنطقة العربية بعد أن وصل النظام الرسمي العربي إلى طريق مسدود ولم يعد ينتج غير التخلف والفقر والحروب وما يتمخض عن ذلك من عنف وتطرف وإرهاب. ويضع هذا الوضع أمام قوى التغيير مسؤوليات جسيمة تتمثل في تشديد نضالها من أجل الحرية والديمقراطية وعدم المساومة مع الأنظمة بإصلاحات هشة لا تستهدف سوى إطالة عمر هذه الأنظمة وإفقار الشعوب، وإحباط نضالاتها من أجل التحرر والتقدم.
ولابد في سبيل ذلك من تعزيز النضال السلمي الديمقراطي وسط الجماهير وجعلها القوة الرئيسية في عملية الإصلاح من خلال الضغط السياسي وصناديق الاقتراع.
إن إكساب العمل السياسي طابعه الشعبي بدلاً عن الطابع النخبوي الحالي هو مقدمة لا غنى عنها لانتصار الخيار الديمقراطي وإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية، إن إعادة الاعتبار للإرادة الشعبية المصادرة هو الذي من شأنه أن ينهي الحروب ويفض الاشتباك بين رذيلتي الاستبداد والإرهاب لنكتشف أن الفساد هو الذي يجمع بين الرذيلتين.
وهو الذي من شأنه أن يعيد تصميم وبناء العمل السياسي على قاعدة جماهيرية عريضة تحمله إلى الموقع الذي يستطيع من خلاله أن يحقق مصلحة الوطن ومصالح أبنائه دون تمييز لطبقة أو فئة أو جماعة أو أسرة أو طائفة.
وإزاء هذا الوضع المتغير الذي يزخر بانعطافات حادة تنتظر بلداننا ومنها اليمن، فإن على حزبنا أن يتأهب لخوض نضال سياسي يعيده إلى مجرى العمل السياسي كحزب تاريخي يمتلك من المقومات ما يجعله مؤهلاً بكل معنى الكلمة لحمل رسالته في البناء والتعمير وأداء دوره الوطني الذي ينتظره منه الناسحرب 1994م أنتجت وضعاً سياسياً واجتماعياً مختلاً راحت آلياته تعيد إنتاج المصالح على نحو مشوه مما قاد بالضرورة إلى إنتاج أدوات القمع الموازية
كحزب لا يمكن أن يعرف بين الناس إلا به.
وهذا يعني أن على هذا الحزب أن يغادر الجحور الضيقة التي صممها له الآخرون وراح هو بالمقابل يصغر نفسه إلى مستواها في استجابة غير واعية لهذا الفخ الذي سينتهي به إلى التلاشي.
عليه أن يغادر هذه الجحور إلى الساحات الأوسع، فهناك وفي هذه الساحات ينتظره العمل الحقيقي، حيث تصنع الحياة بأفئدة تعانق المستقبل وتحلم بالغد، في هذه الساحات سيحمل الحزب رسالته بإصلاح مسار الوحدة وتصفية آثار الحرب والانخراط في المشروع الوطني الكبير، أما البقاء في تلك الجحور فلا يعني سوى الموت المحقق.
لقد وضعتنا الظروف جميعاً في قيادة هذا الحزب واستلمنا معاً ميراثه المعقد، وفي نشاطنا السياسي سيظل هذا الميراث حمولتنا التي لا يمكن أن نفاخر فقط بما فيها من صور جميلة، لكن هناك الأعباء والأثقال الضخمة بكل تأكيد، وهناك ما قررته الظروف المختلفة والمحطات المتعاقبة، من اصطفافات وعلاقات وأمزجة..
علينا أن نقبل بكل ذلك على أن يكون الالتزام بقرار الهيئات هو المنظم لإيقاع حركتنا وعملنا.
وأن نتحاور.. نعم، ولكن ليس بالأسلوب الذي يتحول معه الحوارالمساومة مع الأنظمة بإصلاحات هشة لا تستهدف سوى إطالة عمر هذه الأنظمة وإفقار الشعوب، وإحباط نضالاتها من أجل التحرر والتقدم
إلى ثرثرة لا معنى لها.
إن هذا الحزب إذا أراد أن يصبح مؤسسة حية ومؤثرة في تفاعلها مع ما تمر به البلاد من منعطفات هامة فإن عليه أن يغادر الثرثرة الداخلية التي أدمنها على نحو لم تترك له مساحة ولو صغيرة للحوار مع الجماهير، فإذا اجتمعنا فلا نجتمع إلا مع أنفسنا، وإذا تحاورنا فلا نتحاور إلا مع أنفسنا.
وبالطبع فإن النتيجة المنطقية لذلك هي إننا لا نجد من نختلف معه إلا أنفسنا وعلينا أن نلاحظ أن موقعنا ومكانتنا كحزب يمكن أن يتراجع تجاه ما تزخر به البلاد من أحداث وأوضاع تقترب من حدود الأزمة ذلك أننا مشغولون بالخلافات الداخلية والتنابذ الذي يخرج الحزب من دائرة التفاعل مع قضايا الناس.
إن اللجنة المركزية مدعوة للوقوف أمام هذا الوضع، وإجابتها بوضوح على السؤال حول ماذا نريد من هذا الحزب سيترتب عليه إما الخروج بفعالية إلى ساحات العمل السياسي الواسعة وتجسيد طبيعة حزبنا كحزب جماهيري قولاً وفعلاً بالتلاحم مع الجماهير والعمل مع القوى السياسية الأخرى، أو مواصلة الانكفاء واستنفاذ ما تبقى من رصيد الحزب في معارك داخلية لن تفضي في نهاية المطاف إلا إلى الموت السريري لحزب ما كان يستحق منا أنقوده إلى مثل تلك النهاية المأساوية.
إنني كأمين عام استشرف الأفق الذي يتحرك نحوه هذا الحزب بعيدا عن القوى الاجتماعية التي تتطلع إليه باعتباره معبراً عن مصالحها أرى حركته تغادر مسرح الفعل السياسي المؤثر، بينما من موقعه كمعبر عن مصالح هذه القوى الاجتماعية لا يمكن للحياة السياسية أن تستغني عنه كميزان في الحياة السياسية التي تشكلت معادلاتها بفعل عوامل غير سياسية في معظم الأحيان.
فلماذا ينغلق الحزب على نفسه في حين أن الحياة السياسية تقدم له شروطاً لأن يغدو عنصراً فاعلاً في المعادلة السياسية.
وأصدقكم القول أنه بعد تأمل مع النفس ودراسة لشروط الخروج من المأزق الذي يتجه بالخروج نحو المجهول فإنني أرى أن يبدأ الإصلاح من الآلية التي تنظم تداول قيادة الحزب بدءاً برأس الحزب ورؤوس المنظمات الحزبية في المحافظات، بحيث يتم تداول هذه المواقع دورياً ولمدة لا تزيد عن دورتين للجنة المركزية بالنسبة الأمين العام (أي لمدة سنة) وثلاث دورات للجنة المحافظة بالنسبة لسكرتيري لجان المحافظات.
إن تحريك هذه المواقع على نحو دوري سيسمح بالتجديد وسينهي حالة الاتكالية وصناعة الأصنام وأكلها، وسيوفر الحوافز الضرورية لتفعيل الهيئات وكذا الشروط المناسبة للتعامل مععلى هذا الحزب أن يغادر الجحور الضيقة التي صممها له الآخرون وراح هو بالمقابل يصغر نفسه إلى مستواها في استجابة غير واعية لهذا الفخ الذي سينتهي به إلى التلاشي
هذه المواقع باعتبارها تأدية لمهام مؤقتة في سياق نشاط الحزب دون حاجة إلى تحويلها إلى موضوعات للصراع أو محاور للمواجهة وتصفية الحسابات.. كل واحد يؤدي في موقعه ويذهب، والمنصب الحزبي الوحيد الذي يرتبط بالمؤتمر هو عضوية اللجنة المركزية.
إنني اعتقد أن تحريك هذه المواقع سيولد فرصاً لاكتشاف طاقات جديدة في الحزب من ناحية وسيقتل روح الإتكالية برفع قيمة الهيئات في الحياة الداخلية للحزب.
سيقول البعض أن هذا يتعارض مع النظام الداخلي وأقول إن الحاجة متجددة والنصوص التي لا تصمد أمام ضرورات هذه الحاجة لا معنى لها.
إنني أدعوكم لدراسة هذا المقترح بمسئولية وأثق أنكم ستجدون فيه إجابة لعدد من الأسئلة المحيرة للوضع الذي وصل إليه الحزب.
ولتأكيد ذلك استسمحكم العذر أن أطبق هذا المقترح على منصب الأمين العام من نهاية هذه الدورة.
صدقوني أن الأخذ بهذا المبدأ سيخلق انفراجاً حقيقياً داخل الحزب ينهي حالة التوتر التي تسود أوساطه بسبب الاعتقاد بديمومة هذه المواقع.
دعونا نجرب أيها الأخوة ونحفظ حزبنا ونحتفظ بما تبقى من مناضلي حزبنا طالما قد فشلنا في استقطاب الجديد إلى هذا الحزب.
إن ذلك سيفتح بوابة إلى المستقبل وسيغلق وإلى الأبد دهاليزاللجنة المركزية مسئولة عن الحفاظ على هذا الحزب ليس كوديعة تاريخية، ولكن كمؤسسة سياسية مناضلة من أجل مستقبل اليمن
الارتداد إلى الوراء.
إن هذه اللجنة المركزية التي أولاها المؤتمر ثقته لقيادة الحزب هي المسئولة دون غيرها عن الحفاظ على هذا الحزب ليس كوديعة تاريخية، ولكن كمؤسسة سياسية مناضلة من أجل مستقبل اليمن وأجياله وهو ما يفرض عليكم أن تنظروا إلى هذه المؤسسة في حركتها لا في سكونها، إنها خلاصة تجربة آلاف المناضلين ومعهم جماهير واسعة من أبناء شعبنا الذي طالما تطلعوا إلى مشروعها الوطني وعملوا من أجل تحقيقه وعليكم مواصلة المشوار.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.