شدّدت «مجموعة العمل الاقتصادية» المنبثقة من «مجموعة أصدقاء اليمن» والتي يرأسها البنك الدولي، على أن التنفيذ الكامل للإصلاحات الاقتصادية أصبح حتمياً نظراً إلى اتّساع عجز الموازنة وتدهور الوضع المالي. وأوضح «التقرير الربعي لمجموعة العمل الاقتصادية» المقدّم للجنة التيسير في مجموعة أصدقاء اليمن، أن إجراء الإصلاحات ذات الأولوية سيكون له أثر على الشرائح الفقيرة والأكثر فقراً في المجتمع على المستويين القصير والمتوسّط الأجل، لافتاً إلى أن «هذه الإصلاحات ترتبط بأخطار ومضاعفات يجب أن تتنبّه لها الحكومة وتتطلّب جهداً مشتركاً منها ومن المانحين للتغلّب عليها». وانتقدت المجموعة في تقريرها تعاطي الحكومة اليمنية مع ملف الإصلاحات بخاصة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، إذ أشارت إلى «بعض القضايا التي كان يجب أخذها في الاعتبار». صدمة للرأي العام ولخّص التقرير تلك القضايا في انها «صدمت الرأي العام بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، لقناعته بأنه سيتسبّب في زيادة تكاليف المعيشة، وارتفاع الاستياء العام الذي قد يعترض سير عملية الإصلاحات الاقتصادية». كما «لم تجر الحكومة حملة إعلامية مناسبة قبل القرار أو بعده، فهي في حاجة إلى التواصل بوضوح مع الشعب حول دواعي هذا الإجراء، من طريق الاستفادة من الأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني ومن خلال الأنشطة المخصّصة لرفع الوعي». وأضاف إن الحكومة تحتاج أيضاً الى تفعيل إجراء شامل لحماية الفقراء وتخفيف أثر زيادة الأسعار على الشريحة الأفقر في المجتمع، وأن الآثار السلبية لرفع الدعم عن المشتقات تحتاج إلى إعادة النظر في زيادة الموارد المخصّصة لشبكة الأمان الاجتماعي وبرامج الدعم الاقتصادي الأخرى. وأظهر أن المؤشّرات زادت قليلاً عمّا كانت عليه في تموز (يوليو) الماضي، في ما يخص الحصول على تعهدات المانحين ومستويات الإنفاق، إذ بلغ مجموع التعهدات في اجتماع الرياض ومؤتمر المانحين في نيويورك 2012 وما بعدهما، 10.8 بليون دولار، تم تخصيص 10.1 بليون منها والموافقة على 4.7 بليون، في حين بقي مستوى الإنفاق متدنياً (43 في المئة) حتى آب (أغسطس) الماضي. وأشار التقرير إلى أن الوضع الإنساني يزداد سوءاً بسبب الزيادة في أسعار الوقود، والى حاجة ملحة لمعالجة الحاجات الإنسانية في اليمن والتي بلغت كلفتها خلال العام الحالي 592 مليون دولار، لمواجهة الحاجات الإنسانية ل 7.6 مليون شخص في توفير المتطلّبات الأساسية من الغذاء ومقومات التغذية الأساسية والصحة والمياه وخدمات الصرف الصحي وخدمات الحماية الأخرى. وتشمل الإصلاحات ذات الأولوية التي حضّت مجموعة العمل الاقتصادية على تنفيذها بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل، تنفيذ برنامج الحكومة في الإصلاح الاقتصادي (برنامج اليمن - صندوق النقد الدولي) وإجراءات التقشّف الاقتصادي، وإعداد خطة عمل تفصيلية لإصلاح قطاع الكهرباء، والشروع في ترتيب مهمة مشتركة بين الحكومة والمانحين لإعداد إطار لمساعدات المانحين وخطة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، ومتابعة وفاء المانحين بتعهداتهم وتسريع استخدامها في المشاريع ذات العلاقة، وتقديم اقتراح في شأن إعادة برمجة التعهدات المتعثّرة نحو برامج ومشاريع يمكن تنفيذها بوتيرة أسرع، وزيادة التمويل المخصّص لشبكة الأمان الاجتماعي. واقترح التقرير خطوات عمل لتحقيق مزيد من التقدم الاقتصادي المطلوب والمؤثّر على الاستقرار السياسي، أبرزها حاجة الحكومة اليمنية والجهات المانحة إلى عقد اجتماع على مستوى عال بحلول كانون الأول المقبل لمناقشة الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارات اجتماع أصدقاء اليمن. استكمال البنى التحتية وأكد إن «مجموعة أصدقاء اليمن تحتاج دعم استئناف حوار اليمن ومجلس التعاون الخليجي لدمج اليمن في اقتصادات دول المجلس، بما في ذلك دعم تمويل استكمال البنى التحتية الرئيسة من خلال ربط اليمن بشبكة الكهرباء ونظام الطريق السريع مع دول المجلس». ورأى أن التحرير الكامل لدعم الوقود سيتسبّب في الضغط على الموازنة على المدى القصير بسبب محاولة التغلّب على العجز فيها، وان من المهم للحكومة تقديم الدعم المباشر بخاصة لصندوق الرعاية الاجتماعية للفترة المتبقية من السنة لتخفيف أثر ارتفاع أسعار الوقود على الأشد فقراً من الشعب، إذ أنها التزمت توضيح ما سيتم صرفه من المبالغ التي كانت مخصّصة لدعم الوقود للصندوق لما بعد العام الحالي. وأضاف: «تسعى مجموعة العمل الاقتصادية لمصادقة الأسرة الدولية على توجّهها لدعوة المانحين لتقديم الدعم الفوري لصندوق الرعاية الاجتماعية». إعادة التخصيص وتابع التقرير: «ستحتاج لجنة التسيير لمناقشة اقتراح إعادة برمجة المشاريع المتعثّرة وإقراره خلال السنة أو السنتين المقبلتين. ويجب رفع اقتراح إعادة التخصيص من قبل مجموعة العمل الاقتصادية قبل الاجتماع الوزاري لأصدقاء اليمن المقبل في نيويورك، في شكل يوضّح هذه البرامج والبرامج البديلة ذات الأولوية والتي يمكن تنفيذها سريعاً». وأضاف: «سيتضمّن الاقتراح قائمة البرامج المستفيدة المحتملة ذات القدرة الاستيعابية الجيدة كبرنامج الأشغال التي تتطلب أيدٍ عاملة كثيفة وصندوق الرعاية الاجتماعية والصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة وبرنامج الطرق الريفية». كما سيتم تمويل خطة تشغيل الشباب والمشروع الوطني لإنشاء الطريق السريع الذي يربط اليمن مع المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي. وتضم «مجموعة العمل الاقتصادية» خمس مجموعات فرعية هي «البنية التحتية، والاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، والحكم الرشيد وإدارة المالية العامة، والحاجات الإنسانية، وبيئة الأعمال». وكانت «مجموعة أصدقاء اليمن» أقرّت في اجتماعها المنعقد في لندن نهاية نيسان (أبريل) الماضي، إعادة هيكلتها إلى ثلاث مجموعات عمل هي «السياسية والأمنية والاقتصادية».