الإصلاحات الاقتصادية بين الداخل والرهان الدولي    الحوثيون يهاجمون المبعوث الأممي ويهددون بإنهاء عمله في اليمن    الحكومة: لن نسمح بأي ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار ولا تساهل مع المخالفين    رفض عربي لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى".. واليمن يعتبره تحدٍ واضح لإرادة المجتمع الدولي    سريع يعلن عن عملية عسكرية في فلسطين المحتلة    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    خبير طقس يتوقع أمطار غزيرة إلى شديدة الغزارة مصحوبة بحبات البرد والبروق والرياح    إنصاف مايو: إجراءات البنك المركزي خطوة مهمة ويجب دعمها بموازنة وإصلاحات شاملة    قيادي حوثي يسطو على شقق سكنية تابعة لأوقاف إب    السامعي بسيطًا مثل الناس، نبيلاً كقضيتهم    حُكَّامُ السُّعُوديَّةِ والإماراتِ والأردنِ يواصُلونَ فتحَ الجِسرِ البريِّ للعدوِّ الإسرائيليِّ، ويمنعُون وصولَ الرَّغيفِ والماءِ والدَّواءِ إلى قطاعِ غزَّةَ !!! .    في سجون الأمن السياسي بمأرب: وفاة معتقل في اليوم الثالث لسجنه    قرار استثنائي سيظل كسيحا    عمرو بن حبريش.. من هضبة الوعود إلى هاوية الفشل    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    المقدم بن قصقوص المشقاصي يقدم استقالته من مؤتمر بن حبريش الجامع    الجنوب يخلع قفاز الصبر: كسر قبضة الفوضى وفتح معركة استعادة القرار    إجرام مستوردي الأدوية.. تخفيض أسعار أدوية خرجت من السوق قبل 25عاما    خريطة ما يسمى ب "إسرائيل الكبرى" وفق تصريحات نتنياهو (الدول العربية المستهدفة)    مطار تعز.. مشكلات التعويضات والتوسعة المتعثرة    بطولة سينسيناتي.. إيجا إلى ربع النهائي    تدشين مشروع أتمته الاعمال الإدارية بذمار    "عودة الأسطورة".. سعر ومواصفات هاتف Nokia 6600 5G كاميرا احترافية 108 ميجابكسل وبطارية    عبده الجندي: السعودية لا تريد لنا الخير ويكفي ما حدث في فتنة ديسمبر    موريتانيا تكسب بوركينا فاسو    «فيفا» يختار الحكمة السعودية ريم في مونديال الصالات    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    باريس يتوج بطلا للسوبر الاوروبي عقب تخطي توتنهام الانجليزي    الرشيد يسحق النور صبر ب14هدفاً في مباراة من طرف واحد    في بطولة " بيسان " تعز 2025 .. -"الاهلي" يتغلب على "التعاون" بثلاثية" تمنحه الصدارة وتعززحظوظه في العبور .؟!    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني    تواصل تزيين وإنارة مساجد الحديدة احتفاءً بذكرى المولد النبوي    صنعاء تدعو للاستعداد غدا لحدث عظيم !    اللواء الخامس دفاع شبوة يحيي ذكرى استشهاد مؤسسه    - الفنان اليمني أحمد الحبيشي بين الحياة والموت يا حكومات صنعاء وعدن والمخا ومارب    محافظ ذمار: من يفرّط برسول الله سيفرّط بفلسطين    النفط يستقر بعد بيانات عن تباطؤ الطلب الأميركي        لكم الله يااهل غزه    قرار غير مسبوق يخص حكام الليغا في الموسم الجديد    ضبط شخصين انتحلا صفة رجل المرور في منطقة معين بأمانة العاصمة    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    الأرصاد يحذّر من استمرار هطول أمطار رعدية في عدة محافظات    عدن .. ادانة متهم انتحل صفة طبية ودبلوماسية ومعاقبته بالسجن ودفع غرامة    نائب وزير الأوقاف يتفقد سير العمل في مكتب الوزارة بعدن    القطاع الصحي يستعصي على النظام ويتمرد على تخفيض الأسعار    نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    مجلس وزراء الشؤون الإجتماعية يتخذ جملة من القرارات للإرتقاء بعمل القطاعات    مكتب رئاسة الجمهورية ينظم دورة تدريبية حول مهارات التفاوض واختلاف الثقافات .    وزير الصحة يطّلع على التجربة الصينية في التحول الرقمي والخدمات الصحية الريفية    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    فريق طبي مصري يستخرج هاتفا من معدة مريض    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    حملة ميدانية في مديرية صيرة بالعاصمة عدن لضبط أسعار الأدوية    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وطن اللاعيش
نشر في الوحدوي يوم 17 - 09 - 2005

حيث تتجلى سياسة الحكومة الإفقارية في أبهى صورها، يشهد منفذ حرض الحدودي أحداثاً مأساوية للغاية، يترجمها يومياً آلاف المواطنين أثناء محاولاتهم التسلل الى أرض الجوار، بحثاً عن لقمة عيش يقتاتونها، أو رصاصة يطلقها عسس الحدود، لتخلصهم من واقعهم الأليم·
محاولات متكررة للهروب من جحيم الفقر·· ووطن اللاعيش· لايهم أية أخطار أخرى قد تحدق بالرحلة؛ كون لا شيء أفظع من الشعور بالجوع·
الصورة ازدادت وضوحاً عقب إعلان الحكومة جرعتها الأخيرة، رغم علمها مستقبلاً بالنتائج التي ستترتب على ذلك·
لذا لا غرابة أن يصل عدد من تم إلقاء القبض عليهم في منفذ حرض، الى 04 ألف مواطن يمني، خلال شهر تقريباً·
المغامرة مليئة بالأهوال المروعة، وتخطي الأسلاك الشائكة مهمة محفوفة بالمخاطر·
أن تقدم على عمل كهذا، يعني أنك نصبت نفسك صيداً سهلاً لرصاص جنود الحدود، وقدمت نفسك أيضاً لقمة سائغة لإحدى الحيوانات المفترسة، إن لم تمت جوعاً وعطشاً وسط صحراء مترامية الأطراف إن أنت ضللت الطريق·
لكن الأمر يظل بنظر آلاف اليمنيين بداً لا مفر منه· ولا فرق بالنسبة لهم أن يموتوا جوعاً وقهراً داخل وطنهم، أو أن يموتوا على حدود البلاد·
وإن كانوا يفضلون الطريقة الثانية على أن يشاهدوا أطفالهم يتضورون جوعاً دون أن يستطيعوا تقديم شيء لسد ثورة أمعائهم الجائعة·
وبدلاً من أن تحرك هذه الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التي يعيشها المواطنون، ضمائر مسؤولي البلاد، تواصل الحكومة مسلسل استهتارها بحياة المواطنين ولقمة عيشهم· وتكتفي فقط بإرسال أجهزتها الأمنية الى هناك، لتلقف كل من يقع في يد شرطة الحدود، والزج به في غياهب السجون، دون ذنب اقترفه غير محاولته البحث عن لقمة عيش لم يجدها في وطنه·
ولأن مثل هذه المنافذ الحدودية تعد بنظر عدد كبير من رجال الأمن، مناطق استراتيجية لتحقيق أكبر قدر من الأرباح، فإن كل ما يهم هؤلاء هناك هو جباية المواطنين مقابل الإفراج عنهم من السجون التي يحشدون داخلها بعد رحلة عذاب سعودية يعيشونها منذ إلقاء الدورية السعودية القبض عليهم·
وفي أحد مشاهد مسلسل دولة الظلم والجبروت والتراجيدي، تعرضت المواطنة غاية سعيد حجوري، داخل سجن نيابة حرض، لابتزاز بشع ولاإنساني·
ألقت الشرطة السعودية، قبل أربعة شهور، القبض على غاية، عندما كانت تبيع زيت سمسم وسمن كعادتها، لتعود لأطفالها الثمانية بالدقيق والمتطلبات المعيشية·
حبسها حرس الحدود السعودي مع نساء يمنيات أخريات، ثم تم ترحيلهن جميعاً الى الجمارك اليمنية· وهناك حققت معها الأجهزة الأمنية لتتهمها بتهريب الأطفال والفياجرا وأشياء أخرى لم تستطع غاية أن تنطقها لجهلها بهذه المسميات الغريبة بالنسبة لها·
قالت المرأة: اتهموني بتهريب أطفال وفياجرا وكلام لا أفهمه، رغم أن جنود السعودية وجدوا معي صليط سمسم وسمن، ولا أملك غيرهما·
الأجهزة الأمنية هناك تركت العصابات المنظمة لتهريب الأطفال والفتيات، والتي تتواطأ معها جهات رسمية لإصدار وثائق مزورة، حسب تقارير رسمية ذكرت ذلك، لتتهم امرأة تقوم على أسرة وثمانية أطفال، بارتكاب جرائم كهذه، وتزج بها داخل سجن نيابة حرض·
مأساة المرأة لم تنتهِ هنا، إن لم تكن بدأت·
حيث تعرضت داخل السجن لعملية احتيال كبيرة نفذتها السجانة، وخسرت معها غاية مبلغ خمسين ألف ريال جمعته من قيمة أغنامها التي باعتها شراء لحريتها المزعومة·
وحسب غاية الحجوري، فإن السجانة أخبرتها أن تهمتها كبيرة، وأن عضو النيابة اشترط مبلغ خمسين ألفاً مقابل إطلاق سراحها·
خوف المرأة على أبنائها الثمانية الذين لايتجاوز عمر أكبرهم العشر سنوات، دفعها الى بيع كل أغنامها لجمع المبلغ وتسليمه للسجانة التي قامت فور استلامها المبلغ بإخراجها من السجن·
وما هي إلا يومان فقط حتى فوجئت المرأة بالعسكر يأخذونها وزوجها بالقوة، ويودعونهما السجن، بعد أن اتُّهم الزوج بتهريب زوجته من السجن·
ومنذ شهور مضت وغاية المرأة العاملة قابعة داخل غرفة مظلمة والأغلال على يديها ورجليها خوفاً من الهرب، دون أن يكلف أحد مسؤولي السجن نفسه مشقة مساءلة السجانة على ما أقدمت عليه، إن لم يكن الأمر تم بموافقة عليا· ليُطلب منها مرة أخرى مبلغ مائتي ألف ريال مقابل إطلاق سراحها، حسب قولها·
هذه قضية السجينة غاية سعيد حجوري التي قالت في رسالة بعثتها لالوحدوي إنها تضعها أمام ضمير المسؤولين·
وزادت: بعت كل الأغنام والدواب، ودفعت الخمسين ألف ريال· والآن لا أملك شيء·· أولادي مشردين، وأطفال لا حول ولا قوة لهم، فكيف سيكون مصيرهم·
واختتمت المرأة رسالتها بالقول: اذا ضاع أطفالي فهم في ذمة من تركوا هؤلاء الطغاة يحبسون ويقهرون المساكين دون رادع أو حسيب أو قانون·
وكم كانت محقة في ما قالته كون المسؤول الاول في البلد هو من تجب عليه حماية المواطنين من عبث وفساد المتنفذين·
المرأة الحُديدية ليست سوى نموذج واحد لعديد مواطنين في طول البلاد وعرضها·
ما أبشع ما تمارسه السلطة على مواطنيها·· وكم هي خطيرة هذه الممارسات على أمن البلاد وسكينتها وسلمها الاجتماعي·
وقد لاتدرك السلطة معنى ألا يجد المواطن لقمة عيش يقتاتها في الوقت الذي تصادر فيه حريته وتمتهن آدميته· لكن ما يجب على مسؤولي هذا البلد أن يدركوه، هو: إذا وصل المواطن الى حال كهذه، فأي شيء آخر يمكنه أن يخاف عليه؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.